السبت، 27 ديسمبر 2014

من هدايات سورة العلق

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
 الآيات الخمس الأولى من هذه السورة هي أول ما أُوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاءت بمعاني عظيمة وكريمة تدل على حقيقة هذا الدين وأن مبناه على العِلم والتعلم والقراءة قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) وهذا يدل على أن هذا الوحي الذي أُوحي إلى رسول الله وهذا الدين الذي نزل من عند الله أنه أعظم كرامة نزلت من عند الرب سبحانه وتعالى على عباده وأعظم تحفة ينبغي أن يفرح العباد بها لأنه قرنها بوصفه الأكرم.
 ثم قال (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) ولا شك أن القراءة مربوطة بالقلم ولذلك عندما نتأمل هذا الكتاب وهو القرآن العظيم نجده يُقرأ ويُكتب وأكثر أسمائه تداولا القرآن والكتاب (ذلك الكتاب لاريب فيه) لأنه يُكتب والقرآن لأنه يُقرأ، ولا يمكن لأحد أن يتعلم هذا الوحي إلا بوسيلتين القراءة والكتابة، القراءة بأن يقرأه على شخص مُتقن وإمام معروف في باب تلاوة القرآن وأن يوافق ذلك المقروء المكتوب ولذلك لابد من هذين الشاهدين في ضبط القراءة أو ضبط القرآن الكريم.
 قال بعد ذلك (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى) "كلا" هنا بمعنى حقاً لأن "كلا" تأتي بمعنى حقاً وتأتى بمعنى الردع والزجر، فإذا كان الذي قبلها أمر مُنكر كان بمعنى الردع والزجر وإذا كانت بداية كلام جديد فإنها تكون بمعنى حقاً والمعنى الذي جاءت به في هذه الآية يقول الله فيه (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى) هذه هي طبيعة الإنسان كلما راء نفسه قد استغنى فإنه يُصاب بالطغيان ولاحظوا أنه لم يقل "كلا ان الانسان ليطغى اذا اغتنى أو إذا أصابه الغِنى" بل قال (أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى) يعني إذا رأى نفسه قد استغنى عن الله سبحانه وتعالى وعن مدده وكرمه ورأى أن هذا المال أو هذا الخير الذي بيده قد جمعه بنفسه فلا بد أن يُصاب بالطغيان، وأنت أيها الإنسان ينبغي لك أن تنظر فكل ما عندك من نعِم الله إنما هي نِعم من الله عليك ينبغي أن تنسبها إلى الله وألا تنسبها إلى أحد من عباده وأن تعلم أنها جاءتك بفضل من الله ولا تشكر عليها أحد سوى الله جل وعلا ولذلك قال (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) يعني تذكّر أيها الإنسان أنك وما معك وما بيدك وما أُثّلت كلكم راجعون إلى الله جل وعلا وأن هذه الأشياء التي تعتدُّ بها وتفخر بها بين الناس لن تكون بيدك يوما ما فلماذا تفخر بها ولماذا تستعلي وتطغى بها على عباد الله !!
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا بكلامه ويعلمنا تأويل كتابه إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على محمد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق