الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات، أما بعد:
ن/ يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "قوله (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا اتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين* قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون* قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين* قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقرة تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسق الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون * وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون * ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإنّ من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون )، أي واذكروا ما جرى لكم مع موسى عليه السلام حين قتلتم قتيلا فادارأتم فيه أي تدافعتم واختلفتم في قاتله حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد لولا تبيين الله تعالى لكم يحدث بينكم شر كبير فقال لكم موسى عليه السلام في تبيين القاتل (اذبحوا بقرة) وكان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره وعدم الاعتراض عليه ولكنهم أبوا إلا الاعتراض فقالوا (أتتخذنا هزوا) فقال نبي الله عليه السلام (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه وهو الذي يستهزئ بالناس، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاؤه بمن هو آدمي مثله وإن كان قد فُضل عليه فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه والرحمة لعباده فلما قال لهم موسى ذلك علموا أن ذلك صدق فقالوا (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) أي ما سِنها؟ قال (إنه يقول إنها بقرة لا فارض) أي كبيرة، (ولا بكر) أي صغيرة، (عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون) واتركوا التشديد والتعنت، (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها) أي شديد، (تسر الناظرين) أي من حُسنها، (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقرة تشابه علينا) فلم نهتدي إلى ما تريد (وإنا إن شاء الله لمهتدون* قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول) أي مذللة بالعمل، (تثير الأرض) أي بالحراث، (ولا تسق الحرث) أي ليست بسانية، (مُسلَّمة) من العيوب أو من العمل، (لا شية فيها) أي لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم، (قالوا الآن جئت بالحق) أي بالبيان الواضح وهذا من جهلهم وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة فلو أنهم اعترضوا أي بقره لحصل المقصود ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله تعالى عليهم، ولو لم يقولوا إن شاء الله لم يهتدوا أيضا إليها، (فذبحوها) أي البقرة التي وصفت بتلك الصفات، (وما كادوا يفعلون) بسبب التعنت الذي جرى منهم، فلما ذبحوها قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها أي بعضو منها إما بعضو معين أو أي عضو منها فليس في تعيينه فائدة، (فضربوه ببعضها) فأحياه الله تعالى وأخرج ما كانوا يكتمون فأخبر بقاتله وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله تعالى الموتى، (لعلكم تعقلون) فتنزجرون عما يضركم"
ت/ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأصلح لنا إلهنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام أما بعد: قول الله جل وعلا (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) هذا الخطاب لا يزال موجها إلى بني إسرائيل يُذكرون بأحوال وأعمال أسلافهم، وفي هذه القصة ما كان عليه أسلافهم من التعنت وكثرة الجدال، وأيضا محاولة التفلت من الأوامر، أوامر الله سبحانه وتعالى فيقول جل وعلا:
(وإذ قال موسى لقومه) أي: واذكروا يا بني إسرائيل حين قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، اذكروا هذه القصة والحالة التي كان عليها آباؤكم عندما أخبرهم موسى عليه السلام أن الله يأمرهم أن يذبحوا بقرة، وذبح البقرة له تعلق بقصة القتيل الذي ادّارؤا فيه، اختلفوا كل يذُب عن نفسه قتله، وكل ينفي عن نفسه قتله، فاحتكموا إلى موسى عليه السلام فقال: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)، هم الآن قضيتهم قضية ماذا؟ قضية كشف من القاتل، وكل يرمي على الآخر، وكل ينفي عن نفسه (ادرأتم) كل يتبرأ من القاتل، واشتد الأمر بينهم عظم الخطب فجاؤوا إلى موسى قال بعضهم لبعض لا تختلفوا عندكم نبي اسألوه، فلما سألوه قال: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) قالوا:
تسخر منا، تستهزئ بنا، هذا كلام لا يقوله عاقل عندما يسأل أحد العقلاء والفضلاء فكيف إذا كان المسؤول نبي مرسل من رب العالمين - وهم يعرفون ذلك- هذا لا يليق بعقلاء الناس فكيف يصفون نبيا بذلك (قالوا أتتخذنا هزوا) يعني تسخر، تستهزئ بنا.
● (أتتخذنا هزوا) فيها ثلاث قراءات:
●هُزُوا
●وهُزُؤا
●وهزْءًا
والمراد: أي هل تستهزئ؟ هل أنت تسخر؟ تتخذنا هزوا؟ قال عليه السلام (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) هذا فعل الجهلاء، فعل السفهاء، (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) يعني هذا أمر من الله سبحانه وتعالى أن تذبحوا بقرة، فبدأوا التعنت وكثرة الجدال لما قال لهم إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، لو أخذوا أي بقرة لكفتهم وحصل بها المقصود لكنهم شددوا فشدد الله عليهم.
(قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) هذا السؤال الأول: (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) وهو السؤال عن السن هل صغيرة أو كبيرة؟ هل سنها صغير أو سنها كبير؟ (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي)
(قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر) الفارض: المُسنة الكبيرة، والبكر: الصغيرة، فقال (إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر) ليست مُسنّة كبيرة ولا أيضا صغيرة وإنما (عوان بين ذلك) أي وسط بين الكبيرة وبين الصغيرة، وهذا السن هو أقوى ما يكون في الدوام، الصغيرة ما زالت في ضعف الصغر، والكبيرة في ضعف الكِبر والهرم، والوسط هي في السن التي تكون أقوى ما تكون فيه الدابة، (قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك) يعني وسط بين الكبيرة والصغيرة.
(فافعلوا ما تؤمرون) افعلوا ما أمركم الله به، فما اكتفوا، جاءوا بسؤال ثان: (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها) عرفنا السن نريد الآن تبين لنا اللون، ما لونها (ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها* قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) (فاقع لونها) قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أي: شديدة الصفرة"
(تسُر الناظرين) أي لجمالها تسر الناظرين، يعني من ينظر إليها لجمالها وحسنها وصفاء لونها (فاقع لونها تسر الناظرين) أيضا ما اكتفوا بذلك جاءوا بسؤال ثالث (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي)، السؤال الأول: كان عن السن، والثاني: عن اللون، والثالث: ما هي؟ ما كفت الصفات التي تقدمت قالوا والبقر كثير واشتبه البقر نريد صفة مميزة، نريد صفة مميزة بيّن لنا، (ادع لنا ربك يُبين لنا ما هي) وهذا السؤال الثالث: كان عن هذه البقرة هل هي عاملة أو سائمة؟ هل هي تعمل في الحرث والسقي أو أنها سائمة لا تعمل؟ (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقرة تشابه علينا)، (إن البقرة تشابه علينا) يعني يريدون صفات أخرى لأن الصفات التي تقدمت البقر كثير فيريدون شيئا مُميزا لهذه البقرة، ما كان مطلوبا منهم ماذا؟ أن يبحثوا عن بقرة تميزت بصفات معينة أو صفات دقيقة، ولهذا كما قال أئمة السلف: "لو أخذوا أي بقرة كفتهم وحصل بذلك المقصود"
(قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقرة تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون) نفعهم الله بهذه الكلمة (إن شاء الله) ولهذا كما قال غير واحد من السلف: "لو لم يستثنوا لما بُينت لهم) لما وجدوها، لكن قالوا: إن شاء الله، وهذا فيه أيضا أهمية تعليق الأمور المستقبلة بالمشيئة (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) فنفعهم الله بهذه الكلمة، ولهذا قال غير واحد من السلف: "لو لم يستثنوا ما بيُنت لهم ولما هُدوا إليها" لكنهم قالوا (وإنا إن شاء الله لمهتدون) لمهتدون إلى ماذا؟ إلى بقرة بهذه الصفات المحددة التي هم غلظوا وشددوا على أنفسهم في تحديدها فكان الأمر سهلا فأصبح شديدا.
(قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث)
(لا ذلول تثير الأرض): أي غير مذللة للحرث، لحرث الأرض، ليست ذلولا تثير الأرض أي تقوم بأعمال الحراثة، كانت يستفاد من البقرة في ذلك (لا ذلول تثير الأرض) أي: ليست مذللة للحراثة.
(ولا تسقي الحرث) أي: غير مُعدة لسقي الزرع، هل هي الآن عاملة أو سائمة؟ سائمة، ليست عاملة، ليست ذلول لم تُذلل، قال لهم: لم تذلل لإثارة الأرض، وأيضا لم تذلل للسقي - سقي الزرع - فهي ليست مذللة للحراثة ولا مذللة للسقاية، إذا ليست متخذة لعمل.
(مسلمة) أي خالية من العيوب مسلمة، سالمة من مسلمة يعني سالمة من العيوب.
(لا شية فيها) يعني ليس فيها علامة لون آخر غير اللون الذي ذكر لكم صفراء فاقع لونها، ليس فيها علامة أخرى مثل لون آخر، يعني يدخل على لون الصفرة -على لونها - فليس فيها علامة من لون غير اللون الذي ذُكر لكم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم" وقال هذا المعنى غير واحد من أئمه السلف، فحاصل هذه السؤالات أنها سؤالات تعنت ضيقوا بها الخناق على أنفسهم وشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وإلا لو ذبحوا أي بقرة لكفتهم.
(قالوا الآن جئت بالحق) هذه كلمة قبيحة، كلمة سيئة، وهذا من أقبح جهلهم وظلمهم وسفههم يقول لنبي يخبر عن الله عز وجل يقول: (الآن جئت بالحق) يعني الذي كان يقولها قبل ذلك ماذا يكون؟
(الآن جئت بالحق) قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "وقبل ذلك والله قد جاء بالحق" انظر العلم، فرق بينه وبين الجهل، يعني الآن لما قرأ هذا الإمام هذه الكلمة (قالوا الآن جئت بالحق) أزعجته، أليس كذلك؟ أزعجته كيف يقال الآن جئت بالحق فحلف رضي الله عنه قال: (وقبل ذلك والله قد جاءهم بالحق) فهذه كلمة قالها هؤلاء كلمة سيئة، من أقبح جهلهم وظلمهم.
(فذبحوها) فعلوا ما أُمروا به، ذبحوها متى؟ من بعد ما أكثروا المراوغة والتهرب ادع لنا ربك ما هي، ادع لنا ربك ما لونها، ادع لنا ربك ما هي، البقرة تشابه، تهرّب ومراوغة، وجدال، وتعنت، فذبحوها بعد هذا كله وما كادوا يفعلون (وما كادوا يفعلون) يعني قاربوا ألا يتمكنوا من الفعل، لماذا؟ لأنهم ضيقوا على أنفسهم، تضيقا واسعا.
يأتي هنا أخبار كثيرة عن بني إسرائيل كيف حصلوا على البقرة، وعند من حصلوا عليها، وتأتي روايات مختلفة يعني وجدوها عند رجل كان بارا بوالده برا عظيما، وقيل وجدوها عند امرأة ذات أيتام، فلما علم من أرادوها منه أنها هي التي لا يحصل مقصودهم إلا بها باعها عليهم بأغلى الأثمان، فقيل: وما كادوا يفعلون لغلاء ثمنها، وقيل: ما كادوا يفعلون لأنهم صعب عليهم العثور عليها بهذه الصفات. فعلى كل حال يعني مثل هذه الروايات يأتي إعراض الشيخ عنها في كلامه، إعراضه عن هذه الروايات وليس من ورائها كبير أهمية في فهم المعنى، المعنى واضح والمقصود الذي في الآية واضح. قال: (فذبحوها وما كادوا يفعلون).
قال: (وإذ قتلتم) أي واذكروا يا بني إسرائيل إذ قتلتم، من القائل؟ هم يخاطبون بذلك والمعني أسلافهم، أولوهم (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها) اختلفتم فيها، صار بينكم خلاف شديد في من القاتل، كل يبرئ نفسه، وكل يلقي بالتهمة على الآخر، وكاد أن يقوم بينهم شيء عظيم مقتلة فاحتكموا إلى موسى عليه السلام (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون) مخرج ما أخفيتموه من هو القاتل، وتعيين القاتل، (والله مخرج ما كنتم تكتمون) أي كاشف من هذا الذي قتل القتيل.
(فقلنا اضربوه ببعضها) ببعض ماذا؟ الضمير عائد على البقرة، (فقلنا اضربوه ببعضها) فعرفنا أنهم احتكموا في قضيتهم إلى موسى فأخبرهم أن الله يأمرهم بأن يذبحوا بقرة، تعنتوا وجادلوا إلى أن ذبحوا بقرة، وما كادوا يفعلون ذلك لأنهم شددوا على أنفسهم، حينئذ قال لهم موسى عليه السلام (اضربوه ببعضها)، (اضربوه) أي القتيل، (ببعضها) أي: البقرة، البعض هنا من البقرة أي عضو منها، يأتي في أخبار بني إسرائيل يعني أشياء كثيرة لا حاجة إليها لأن المقصود، والمعنى المقصود، والمعنى واضح حتى وإن لم يعرف هذا البعض أهو يدها، أو عظم منها، أو لسانها، ذُكرت أقوال كلها مأخوذة من الروايات عن بني إسرائيل، (فقلنا اضربوه ببعضها) أي: فسيُحيه الله إذا ضربته ببعضها، سيحيه الله سبحانه وتعالى وسيخبركم من قتله، قال الحسن البصري رحمه الله: "فضربوه ببعضها فقام حيا -على أِثر الضرب- فقام حيا فقال قتلني فلان ثم مات" لم يزد على ذلك، أحياه الله وعيّن القاتل ومات، لم يزد على ذلك (فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى).
(ويريكم آياته لعلكم تعقلون) الآن في قضية إحياء الله الموتى: أراهم هذه الآية العظيمة الباهرة، هذا رجل قتل صار ميتا فأحياه الله وهم يشاهدونه، وقام من بعد موته وتكلم وقال الذي قتلني فلان، أحياه الله، فهذه آية وبرهان على إحياء الله للموتى.
وسورة البقرة جاء فيها خمسة مواطن جاءت فيها آيات على إحياء الله سبحانه وتعالى الموتى منها:
هذه القصة قصه القتيل
● ومنها: ما تقدم (ثم بعثناكم من بعد موتكم) تقدمت معنا نعم
● ومنها: قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم
● ومنها: قصة الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها (قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه)
● وأيضا القصة التي بعدها، قصة الطيور الأربعة التي أحياها الله عز وجل لإبراهيم (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم).
قال (كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) هنا إضمار، إضمار كلام يدل عليه السياق، مثل ما تقدم في أثر الحسن البصري "ففعلوا" أي ففعلوا ذلك، ضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبرهم بالذي قتله. هنا لطيفة يحسُن الإشارة إليها:
بنو إسرائيل حصل لهم فتنه فيما يتعلق بالبقرة والبقره يقال أنها من أبلد البهائم يعني دابة فيها بلادة شديدة ويضرب بها المثل في البَلاَدة، يعني إذا أرادوا وصف شخص ببلادة قالوا أبلد من بقرة، بليدة يعني. ففُتنوا في هذه الدابة التي هي من أبلد البهائم مرتين: مر معنا أنهم ماذا صنعوا؟ عبدوها، اتخذوها معبودا لهم، مرت معنا (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) اتخذوها معبودا فجاء هذا الابتلاء يأمركم أن تذبحوا بقرة وهم يذكرون أنهم في وقت مر كانوا يعبدون بقرة، يعبدون عجلا، فتأتي هذه الفتنة أيضا موقظة لهم، هذه بقرة، دابة تستعمل في حراثة، تستعمل في سقي الزرع، تستعمل في أشياء، يعني سخرها الله للعباد تنفعهم بها، فهذه موقظة لهم، هذه البقرة الآن تؤمرون بذبح بقرة انتبهوا قبل وقت عبدتم أنتم بقرة واتخذتوها معبودا من دون الله، من دون الله العظيم الرب لهذا الكون سبحانه وتعالى، ففتنوا في البقرة مرتين. وهذه القصة التي هنا، قصة البقرة بها سُميت السورة سورة البقرة.
قال (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) يعني بعد هذه الآيات الباهرة، الموقظة للقلوب أعظم الإيقاظ.
(من بعد ذلك) كل هذه الآيات العظيمة الباهرة قست قلوبكم، الأصل أن الآيات ماذا تصنع؟ توقظ القلب وتلينه وتجعله يُقبِل، هؤلاء العكس قست قلوبكم من بعد هذه الآيات، (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) أي من بعد كل هذه الآيات العظيمة الباهرة، (فهي كالحجارة) حتى صارت في القسوة كالحجارة، (أو أشد قسوة) (كالحجارة أو أشد قسوة) يعني شبهوها بالحجارة تصيبون، شبهوها بما هو أقسى من الحجارة تصيبون، صارت قاسية أشد ما يكون قسوة. وذكر الحجارة ولم يذكر الحديد مع أن الحديد صلابته أقوى من الحجارة لكن الحديد يلين ألنا لداوود الحديد، فالحديد يلين بالنار، الحجارة لا.
قال (كالحجارة أو أشد قسوة) يعني سواء وصفتموها بقلوبهم بأنها كالحجارة تصيبون أو قلتم هي أشد من الحجارة أيضا تصيبون لشدة القسوة التي كانت عليها أو صارت إليها قلوب أولئك القوم قال (فهي كالحجارة أو أشد قسوة) ثم ذكر أمورا عن الحجارة تبين أن الحجارة خير منهم، وأفضل منهم قال:
(وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار) ينفرج ويخرج الماء ينبع، (وإن منها لما يشقق) يتصدع، الشقق يتصدع فيخرج منه الماء، (وإن منها) أي الحجارة (لما يهبط من خشيه الله) يسقط من الجبل العالي منحدرا إلى الأرض من خشية الله.
(فذبحوها) فعلوا ما أُمروا به، ذبحوها متى؟ من بعد ما أكثروا المراوغة والتهرب ادع لنا ربك ما هي، ادع لنا ربك ما لونها، ادع لنا ربك ما هي، البقرة تشابه، تهرّب ومراوغة، وجدال، وتعنت، فذبحوها بعد هذا كله وما كادوا يفعلون (وما كادوا يفعلون) يعني قاربوا ألا يتمكنوا من الفعل، لماذا؟ لأنهم ضيقوا على أنفسهم، تضيقا واسعا.
يأتي هنا أخبار كثيرة عن بني إسرائيل كيف حصلوا على البقرة، وعند من حصلوا عليها، وتأتي روايات مختلفة يعني وجدوها عند رجل كان بارا بوالده برا عظيما، وقيل وجدوها عند امرأة ذات أيتام، فلما علم من أرادوها منه أنها هي التي لا يحصل مقصودهم إلا بها باعها عليهم بأغلى الأثمان، فقيل: وما كادوا يفعلون لغلاء ثمنها، وقيل: ما كادوا يفعلون لأنهم صعب عليهم العثور عليها بهذه الصفات. فعلى كل حال يعني مثل هذه الروايات يأتي إعراض الشيخ عنها في كلامه، إعراضه عن هذه الروايات وليس من ورائها كبير أهمية في فهم المعنى، المعنى واضح والمقصود الذي في الآية واضح. قال: (فذبحوها وما كادوا يفعلون).
قال: (وإذ قتلتم) أي واذكروا يا بني إسرائيل إذ قتلتم، من القائل؟ هم يخاطبون بذلك والمعني أسلافهم، أولوهم (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها) اختلفتم فيها، صار بينكم خلاف شديد في من القاتل، كل يبرئ نفسه، وكل يلقي بالتهمة على الآخر، وكاد أن يقوم بينهم شيء عظيم مقتلة فاحتكموا إلى موسى عليه السلام (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون) مخرج ما أخفيتموه من هو القاتل، وتعيين القاتل، (والله مخرج ما كنتم تكتمون) أي كاشف من هذا الذي قتل القتيل.
(فقلنا اضربوه ببعضها) ببعض ماذا؟ الضمير عائد على البقرة، (فقلنا اضربوه ببعضها) فعرفنا أنهم احتكموا في قضيتهم إلى موسى فأخبرهم أن الله يأمرهم بأن يذبحوا بقرة، تعنتوا وجادلوا إلى أن ذبحوا بقرة، وما كادوا يفعلون ذلك لأنهم شددوا على أنفسهم، حينئذ قال لهم موسى عليه السلام (اضربوه ببعضها)، (اضربوه) أي القتيل، (ببعضها) أي: البقرة، البعض هنا من البقرة أي عضو منها، يأتي في أخبار بني إسرائيل يعني أشياء كثيرة لا حاجة إليها لأن المقصود، والمعنى المقصود، والمعنى واضح حتى وإن لم يعرف هذا البعض أهو يدها، أو عظم منها، أو لسانها، ذُكرت أقوال كلها مأخوذة من الروايات عن بني إسرائيل، (فقلنا اضربوه ببعضها) أي: فسيُحيه الله إذا ضربته ببعضها، سيحيه الله سبحانه وتعالى وسيخبركم من قتله، قال الحسن البصري رحمه الله: "فضربوه ببعضها فقام حيا -على أِثر الضرب- فقام حيا فقال قتلني فلان ثم مات" لم يزد على ذلك، أحياه الله وعيّن القاتل ومات، لم يزد على ذلك (فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى).
(ويريكم آياته لعلكم تعقلون) الآن في قضية إحياء الله الموتى: أراهم هذه الآية العظيمة الباهرة، هذا رجل قتل صار ميتا فأحياه الله وهم يشاهدونه، وقام من بعد موته وتكلم وقال الذي قتلني فلان، أحياه الله، فهذه آية وبرهان على إحياء الله للموتى.
وسورة البقرة جاء فيها خمسة مواطن جاءت فيها آيات على إحياء الله سبحانه وتعالى الموتى منها:
هذه القصة قصه القتيل
● ومنها: ما تقدم (ثم بعثناكم من بعد موتكم) تقدمت معنا نعم
● ومنها: قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم
● ومنها: قصة الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها (قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه)
● وأيضا القصة التي بعدها، قصة الطيور الأربعة التي أحياها الله عز وجل لإبراهيم (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم).
قال (كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) هنا إضمار، إضمار كلام يدل عليه السياق، مثل ما تقدم في أثر الحسن البصري "ففعلوا" أي ففعلوا ذلك، ضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبرهم بالذي قتله. هنا لطيفة يحسُن الإشارة إليها:
بنو إسرائيل حصل لهم فتنه فيما يتعلق بالبقرة والبقره يقال أنها من أبلد البهائم يعني دابة فيها بلادة شديدة ويضرب بها المثل في البَلاَدة، يعني إذا أرادوا وصف شخص ببلادة قالوا أبلد من بقرة، بليدة يعني. ففُتنوا في هذه الدابة التي هي من أبلد البهائم مرتين: مر معنا أنهم ماذا صنعوا؟ عبدوها، اتخذوها معبودا لهم، مرت معنا (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) اتخذوها معبودا فجاء هذا الابتلاء يأمركم أن تذبحوا بقرة وهم يذكرون أنهم في وقت مر كانوا يعبدون بقرة، يعبدون عجلا، فتأتي هذه الفتنة أيضا موقظة لهم، هذه بقرة، دابة تستعمل في حراثة، تستعمل في سقي الزرع، تستعمل في أشياء، يعني سخرها الله للعباد تنفعهم بها، فهذه موقظة لهم، هذه البقرة الآن تؤمرون بذبح بقرة انتبهوا قبل وقت عبدتم أنتم بقرة واتخذتوها معبودا من دون الله، من دون الله العظيم الرب لهذا الكون سبحانه وتعالى، ففتنوا في البقرة مرتين. وهذه القصة التي هنا، قصة البقرة بها سُميت السورة سورة البقرة.
قال (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) يعني بعد هذه الآيات الباهرة، الموقظة للقلوب أعظم الإيقاظ.
(من بعد ذلك) كل هذه الآيات العظيمة الباهرة قست قلوبكم، الأصل أن الآيات ماذا تصنع؟ توقظ القلب وتلينه وتجعله يُقبِل، هؤلاء العكس قست قلوبكم من بعد هذه الآيات، (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) أي من بعد كل هذه الآيات العظيمة الباهرة، (فهي كالحجارة) حتى صارت في القسوة كالحجارة، (أو أشد قسوة) (كالحجارة أو أشد قسوة) يعني شبهوها بالحجارة تصيبون، شبهوها بما هو أقسى من الحجارة تصيبون، صارت قاسية أشد ما يكون قسوة. وذكر الحجارة ولم يذكر الحديد مع أن الحديد صلابته أقوى من الحجارة لكن الحديد يلين ألنا لداوود الحديد، فالحديد يلين بالنار، الحجارة لا.
قال (كالحجارة أو أشد قسوة) يعني سواء وصفتموها بقلوبهم بأنها كالحجارة تصيبون أو قلتم هي أشد من الحجارة أيضا تصيبون لشدة القسوة التي كانت عليها أو صارت إليها قلوب أولئك القوم قال (فهي كالحجارة أو أشد قسوة) ثم ذكر أمورا عن الحجارة تبين أن الحجارة خير منهم، وأفضل منهم قال:
(وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار) ينفرج ويخرج الماء ينبع، (وإن منها لما يشقق) يتصدع، الشقق يتصدع فيخرج منه الماء، (وإن منها) أي الحجارة (لما يهبط من خشيه الله) يسقط من الجبل العالي منحدرا إلى الأرض من خشية الله.
(وما الله بغافل عما تعملون) أي مطلع عليكم.
والختم بقوله (وما الله بغافل عما تعملون) أي مطلع عليكم وعلى قلوبكم وعلى أحوالكم وستُجزون وتعاقبون على هذه الأعمال.
قال الشيخ رحمه الله تعالى: "واذكروا ما جرى لكم مع موسى عليه السلام حين قتلتم قتيلا فادّأراتم فيه) أي تدافعتم واختلفتم، كل يرمي التهمة على الآخر حتى تفاقم الأمر وعظم الخطب وكاد لولا تبيين الله لكم بهذه البقرة التي أمرتم بذبحها وضربه ببعضها، لولا تبيين الله لكم يحدث بينكم شر كبير، فقال لكم موسى في تبيين القاتل اذبحوا بقرة، كان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره وعدم الاعتراض عليه لكنهم أبوا إلا الاعتراض والتعنت فقالوا (اتتخذ هزوا) تسخر، تستهزئ بنا، يقولون هذا لنبي فقال (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) الجاهل هو: الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه، وهو الذي يستهزئ بالناس، أما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاؤه بمن هو آدمي مثله وإن كان قد فُضل عليه فتفضيله عليه يقتضي منه الشكر لربه والرحمة لعباده"
انتبهوا هذا كلام عظيم جدا، والشيخ ابن سعدي رحمه الله عليه له في التفسير وفي غيره لفتات تربوية عجيبة ينتزعها من الآيات، فعنده حس تربوي عجيب وفقه في التربية عظيم جدا قال:
والختم بقوله (وما الله بغافل عما تعملون) أي مطلع عليكم وعلى قلوبكم وعلى أحوالكم وستُجزون وتعاقبون على هذه الأعمال.
قال الشيخ رحمه الله تعالى: "واذكروا ما جرى لكم مع موسى عليه السلام حين قتلتم قتيلا فادّأراتم فيه) أي تدافعتم واختلفتم، كل يرمي التهمة على الآخر حتى تفاقم الأمر وعظم الخطب وكاد لولا تبيين الله لكم بهذه البقرة التي أمرتم بذبحها وضربه ببعضها، لولا تبيين الله لكم يحدث بينكم شر كبير، فقال لكم موسى في تبيين القاتل اذبحوا بقرة، كان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره وعدم الاعتراض عليه لكنهم أبوا إلا الاعتراض والتعنت فقالوا (اتتخذ هزوا) تسخر، تستهزئ بنا، يقولون هذا لنبي فقال (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) الجاهل هو: الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه، وهو الذي يستهزئ بالناس، أما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاؤه بمن هو آدمي مثله وإن كان قد فُضل عليه فتفضيله عليه يقتضي منه الشكر لربه والرحمة لعباده"
انتبهوا هذا كلام عظيم جدا، والشيخ ابن سعدي رحمه الله عليه له في التفسير وفي غيره لفتات تربوية عجيبة ينتزعها من الآيات، فعنده حس تربوي عجيب وفقه في التربية عظيم جدا قال:
"من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاؤه بمن هو آدمي مثله وإن كان قد فُضل عليه"
وإن كان يرى أنه مثلا أفضل منه لا يستهزئ به، بل يحمد الله الذي فضّله عليه، ويرحم هذا الذي فُضل عليه.
" فلما قال لهم موسى ذلك علموا أن ذلك صدق" أنه فعلا مأمورين بذبح بقرة فقالوا (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) أي من حيث السن ما سنها؟ (قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض) أي ليست كبيرة، (ولا بكر) أي ليست صغيرة، (عوان بين ذلك) أي وسط بين ذلك، (فافعلوا ما تؤمرون) واتركوا التشتيت والتعنت، دعوكم من هذا التشتيت والتعنت افعلوا ما تؤمرون ما امتثلوا، اعادوا السؤال قالوا (ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها*قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها) أي شديد - مثل ما تقدم في الأثر عن ابن عباس "شديدة الصفرة" تسُر الناظرين من حسنها أي تسر من نظر إليها من حسنها وجمالها، فما اكتفوا أيضا بذلك (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) ما هي؟ السؤال هذا نوع ثالث الآن، الأول عن السن، الثاني عن اللون، الثالث هل هي عاملة أو سائمة ما هي؟ قالوا (ما هي إن البقرة تشابه علينا) فلم نهتدي لما تريد (وإنا إن شاء الله لمهتدون) قال غير واحد من السلف "لو لم يعلقوا الأمر بالمشيئة لما اهتدوا"
(قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول)
(لا ذلول) أي: مذللة بالعمل تثير الأرض بالحراثة ولا تسقي الحرث، أي ليست بسانية، والأظهر في المعنى (لا ذلول تثير الأرض) ليست ذلولا تثير الأرض، فنفى عنها ذلك، نفى عنها أنها تثير الأرض يعني لم تذلل لإثارة الأرض، وأيضا لم تذلل لتسقي الحرث، فهي ليست مذللة للعمل لا في إثارة الأرض ولا في سقي الحرث، مسلمة من العيوب أو مسلمة من العمل، مسلمة من العمل لا ذلول أي لا ذلول أي ليست مذللة بالعمل تثير الأرض بالحراثة، ولا تسقي الحرث أي ليست بسانية وإنما هي مسلمة، وأيضا مسلمة من العيوب أو من العمل، (لا شية فيه) أي لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم صفراء فاقع لونها.
(قالوا الآن جئت بالحق) أي بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم وإلا فقد جاء بالحق أول مرة مثل ما مر معنا في القَسَم من عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فلو أنهم اعترضوا أي بقرة لحصل المقصود، ما معنى اعترضوا أي بقرة؟ أخذوا أي بقرة لحصل المقصود ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم ولو لم يقولوا إن شاء الله لم يهتدوا أيضا إليها. (فذبحوها) أي البقرة التي وصفت بتلك الصفات، (وما كادوا يفعلون) بسبب التعنت الذي جرى منهم، قال: فلما ذبحوها (قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها أي البقرة، أي بعضو منها إما بعضو معين يكون عينه موسى لهم، أو عضو منها ولم يعين لهم شيئا، (اضربوه ببعضها) قد يكون سمى لهم عضوا وقد يكون لم يسمِ لهم عضوا، يعني خذوا جزءا منها واضربوه بها دون أن يعين. قال الشيخ: "فليس في تعيينه فائدة" يعني لنا في فهم المعنى، (فضربوه ببعضها) ابن كثير رحمه الله عند هذا الموضع قال: "لو كان في تعيين البعض فائدة -أي لنا- لبيّنه الله" فضربوه ببعضها فاحياه الله وأخرج ما كانوا يكتمون فأخبر بقاتله، قال قتلني فلان، وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى قال جل وعلا (كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) أي تعقلون عن آيات الله آياته فتنزجرون عن كل ما يضركم.
نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا وأصلح لنا شأننا كله وهدانا إليه صراطا مستقيما .. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وإن كان يرى أنه مثلا أفضل منه لا يستهزئ به، بل يحمد الله الذي فضّله عليه، ويرحم هذا الذي فُضل عليه.
" فلما قال لهم موسى ذلك علموا أن ذلك صدق" أنه فعلا مأمورين بذبح بقرة فقالوا (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) أي من حيث السن ما سنها؟ (قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض) أي ليست كبيرة، (ولا بكر) أي ليست صغيرة، (عوان بين ذلك) أي وسط بين ذلك، (فافعلوا ما تؤمرون) واتركوا التشتيت والتعنت، دعوكم من هذا التشتيت والتعنت افعلوا ما تؤمرون ما امتثلوا، اعادوا السؤال قالوا (ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها*قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها) أي شديد - مثل ما تقدم في الأثر عن ابن عباس "شديدة الصفرة" تسُر الناظرين من حسنها أي تسر من نظر إليها من حسنها وجمالها، فما اكتفوا أيضا بذلك (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) ما هي؟ السؤال هذا نوع ثالث الآن، الأول عن السن، الثاني عن اللون، الثالث هل هي عاملة أو سائمة ما هي؟ قالوا (ما هي إن البقرة تشابه علينا) فلم نهتدي لما تريد (وإنا إن شاء الله لمهتدون) قال غير واحد من السلف "لو لم يعلقوا الأمر بالمشيئة لما اهتدوا"
(قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول)
(لا ذلول) أي: مذللة بالعمل تثير الأرض بالحراثة ولا تسقي الحرث، أي ليست بسانية، والأظهر في المعنى (لا ذلول تثير الأرض) ليست ذلولا تثير الأرض، فنفى عنها ذلك، نفى عنها أنها تثير الأرض يعني لم تذلل لإثارة الأرض، وأيضا لم تذلل لتسقي الحرث، فهي ليست مذللة للعمل لا في إثارة الأرض ولا في سقي الحرث، مسلمة من العيوب أو مسلمة من العمل، مسلمة من العمل لا ذلول أي لا ذلول أي ليست مذللة بالعمل تثير الأرض بالحراثة، ولا تسقي الحرث أي ليست بسانية وإنما هي مسلمة، وأيضا مسلمة من العيوب أو من العمل، (لا شية فيه) أي لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم صفراء فاقع لونها.
(قالوا الآن جئت بالحق) أي بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم وإلا فقد جاء بالحق أول مرة مثل ما مر معنا في القَسَم من عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فلو أنهم اعترضوا أي بقرة لحصل المقصود، ما معنى اعترضوا أي بقرة؟ أخذوا أي بقرة لحصل المقصود ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم ولو لم يقولوا إن شاء الله لم يهتدوا أيضا إليها. (فذبحوها) أي البقرة التي وصفت بتلك الصفات، (وما كادوا يفعلون) بسبب التعنت الذي جرى منهم، قال: فلما ذبحوها (قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها أي البقرة، أي بعضو منها إما بعضو معين يكون عينه موسى لهم، أو عضو منها ولم يعين لهم شيئا، (اضربوه ببعضها) قد يكون سمى لهم عضوا وقد يكون لم يسمِ لهم عضوا، يعني خذوا جزءا منها واضربوه بها دون أن يعين. قال الشيخ: "فليس في تعيينه فائدة" يعني لنا في فهم المعنى، (فضربوه ببعضها) ابن كثير رحمه الله عند هذا الموضع قال: "لو كان في تعيين البعض فائدة -أي لنا- لبيّنه الله" فضربوه ببعضها فاحياه الله وأخرج ما كانوا يكتمون فأخبر بقاتله، قال قتلني فلان، وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى قال جل وعلا (كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) أي تعقلون عن آيات الله آياته فتنزجرون عن كل ما يضركم.
نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا وأصلح لنا شأننا كله وهدانا إليه صراطا مستقيما .. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
جزاكم الله خيرا.
---------------------------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق