الأحد، 2 يونيو 2013

القبض والبسط -٢-



الحمد لله على فضله والصلاة والسلام على أشرف رسله وخير خلقه و بعد..
 نستأنف ما كنا قد بدأناه في الدرس السابق حول مفردتي البسط و القبض ، وتحدثنا -بحمد الله- إجمالا عن البسط ، والآن نتحدث عن القبض .
 القبض : الأصل ما يكون ، ما يُجمع بالكف ، تقول قبضت السيف أي بكفي -بيدي- ، وقد جاء هذا المعنى في القرآن ، قال الله عز وجل في خبر السامري : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) وهذا حررناه تفصيلا في لقاء سابق فلا حاجة لإعادته ، لكننا نستشهد به هنا على أن القبض يكون بالكف .
وقد يكون القبض أمرا متوسعا ، كما في البيع و الشراء ، فتشتري دارا فتُسأل عنها فتقول : قبضتها . ومعلوم أن الدار لا تُقبض بالكف ولا باليد لكن تٌقبض بأن تُسلَّم بطريقة معهودة معروفة فتسليم كل شي والقبض عليه بحسبه وهذا ظاهر ، ولغة القرآن غالبة سنتحدث عن القبض عموما .
يُكنى بقبض اليد عن البخل و الشّح كما يُكنى ببسط اليد عن العطاء ، والله يقول : (وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) ما معنى حسير ؟ منقطع . فالإنسان إذا أنفق ماله كله لأول سائل .. جاءك أول سائل أعطيته كل ما عندك وكانت نسبة الفقر عنده إلى درجة معينة ، بعد أيام جاءك سائل أشد حاجة ولم يبقَ لديك شيء تعطيه إياه فيقع في قلبك حسرة وتلام من السائل كونك لم تبقِ له شيء ، هذا من معاني قول الله : ( وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) وقيل أن الحسير هو المنقطع ولهذا سُمي وادي محسّرٍ بوادي مُحسّر لأن الفيل انقطع فيه ، وأظن هذا بينته في العام الماضي لكن هذا لا علاقة له الآن بالموضوع .نعود لما نحن فيه ..قلنا (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) .
/  يأتي القبض في التعبير عن أفعال الله -جل ذكره- قال ربنا : (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا*ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا) وهذا ظاهر .
لكن قلنا أن القبض باليد يُكنى عنه بالبخل ، في اللقاء الماضي قلنا لما نزل قول الله : (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) قسّمنا الناس إلى ثلاثة ، قلنا إن القسم الأول هم اليهود ، والقسم الثالث هم الصحابة وفي مقدمتهم أبو الدحداح ، ما القسم الأوسط ؟ قلنا أن المنافقين  قبضوا أيديهم ، خلّد الله ذلك .. قال الله عز و جل : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ) ثم قال : (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) أي لأنهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا قبضوا أيديهم ، ومن علم أنه سيلقى الله وأن الله سيثيبه سينفق قطعا ، ولهذا تجد في القرآن أنه يُقرن ما بين الإنقاق والحكمة ، وقلما تجد رجلا شحيحا بخيلا لديه حكمة .
 نعود إلى القبض في القرآن في غير هذه المواطن ، من الآيات التي ورد فيها ذكر القبض في غير اليد بمعنى الأخذ و العطاء ، لكن جاءت في البيع و الشراء ، قال الله جل ذكره : (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) نأتي للآية : "إن" هذه شرطية  وهي حرف، (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا) البيوع لها صور ثلاث ، تَستوثق البيع بشهود وكتابة (وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ) (وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ) أنا أتكلم عن البيع الذي إلى أجل ،هذه حالة .
 الحالة الثانية : لا يوجد كاتب ، من حقك أن تعطي زيدا أو عمرا عينا وهو لم يعطك مالا ، أنت تبيعه إلى أجل فتحتاج إلى توثيق حقك وهذا من أبسط حقوق نفسك عليك ، جاء الإسلام بالرهن بأنك ترهن شيئا ، تطلب ممن بعته أن يرهن شيئا عندك فإذا ردّ إليك مالك رددت إليه العين -واضح - رددت إليه العين فأخذ العين و أنت قبضت المال ففي حالة فقد الكاتب و الشهود يكون الرهن ، قال الله تعالى : (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) .. هذه الحال الثانية .
الحال الثالثة : أنت تثق فيمن تبيعه إلى أجل ، تقول لا أحتاج كاتب ولا أحتاج شهودا ولا أحتاج رهنا أنا أثق فيك واضح الآن.
 في آية المداينة تكلمت عن البيع في حال الكتابة والشهود (وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ) (وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ) انتهينا منها ، هنا الآية تتكلم عن أن يضع الإنسان رهنا عند من يشتري منه ، لكن قول الله : (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ) لأن الغالب أن الكتّاب لا يوجدون في السفر فجاء الرهن كبديل ، لكن لا يمنع أن يكون هناك رهنٌ وقت الإقامة والحضر خلافا لمن قال بخلاف ذلك لكن لا أحد يعمل بهذا القول الآن لوجود السنّة الصحيحة ، والسنّة الصحيحة تقول : إن أنسا -رضي الله عنه تعالى وأرضاه- كما عند البخاري في الصحيح قال : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفّي و درعه مرهونة في ثلاثين وسْقا من شعير عند يهودي ، قوتا لأهله) . وهو عليه الصلاة والسلام لو ذهب لأبي بكر ، إلى عمر ، إلى عثمان إلى علي ، إلى الصحابة كلهم لأعطوه ، لكنه فعله في آخر عمره حتى لا يقول أحد إنه منسوخ ، فيدل الحديث على جواز التعامل تجاريا مع اليهود والنصارى ، ويدل الحديث على أنه يمكن أن تتعامل مع يهودي مع وجود مسلم لأن المدينة كانت تزخر بكرام الناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- ، والنبي -عليه الصلاة و السلام- يعلم أن اليهود أكَلَةُ ربا لكن ذلك لا يمنع من التعامل معهم ، المهم أن العقد الذي بينك و بينهم عقدٌ مباح ، أما هو كافر ، ربوي ، يهودي ، نصراني ، لا علاقة لها ، المهم في العقد نفسه ، و لو جعلت عقدا محرما مع مسلم ، مع إمام مسجد فالعقد محرم .. واضحٌ الآن ، وإلا الله أنزل على نبيّه : (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا*وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) هذه كلها في اليهود ، ومات -صلى الله عليه و سلم- ودرعه مرهونة عند يهودي ، وجه الشاهد : أن الرهن لا يلزم أن يكون في السفر، يكون في السفر ويكون في الحضر .
قال أصدق القائلين : (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) فلابد من قبضه ثم يتم البيع فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا)  هذه الحالة الثالثة : أن الرجل واثق من أخيه لا يريد  ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) لا يُعقل ولا يُقبل أن الرجل يثق بك ولا يطلب شهودا ولا يطلب عقدا ولا يطلب رهنا ومع ذلك تأتي أنت وتخونه ، فهذا من أقبح الصنائع ، تُنكر تجحد ائتني بشهود، ائتني بكتابة ، تؤكل سُحت ، قال -جل وعلا- : (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) إنما يُخوّفُ المؤمنون باللّه ، ثم قال : (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ) الآن عقلا هل يوجد ذكر للشهادة في هذا ؟ لا يوجد ذكر للشهادة ، و ربنا يقول : (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ) أيُّ شهادة ؟ 
تنبه : لو أني أنا صالح اشتريت من نايف إلى أجل وقال لي : أنني لا أحتاج كاتبا ولا شهودا ولا رهنا ، وأعطاني الشيء الذي أريده وبقي المال الذي يريده ، واتفقنا إلى شهرين ومضت الأيام ، نايف أخبر غيره بالقصة وجئت أنا سليم الصدر أخبرت سلطان وأخبرت سلمان ومضى سلطان وسلمان -ذهبا- ، ثم بعد ذلك -الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم- تغيرت أنا ، جاءني نايف يطلب حقه ، قلت أنا : ما في شهود ولا كتابة ولا أحد ، وليس لك عندي رهن ، هو يطلب المال ولا يوجد رهن ، ضاع حق من ؟ حق نايف ، سمع سلطان وسلمان بالخبر -وهم أصلا ليسوا شهود- فيأتون للوالي -للقاضي- الذي ذهب إليه فيقولون : في يوم كذا و كذا نحن لم نرى المسألة لكن أخبرنا فلان أنه اشترى بأجل من نايف كذا وكذا وكذا وأنه وثق به ولم يطلب منه رهنا ولا كتابة ولا شهودا ، فتصبح هاتان الشهادتان تنفعان من تضرر ، هذا معنى قول الله : (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) وعبّر بالقلب لأن الجوارح تبعٌ له ، (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وأعظم من أن يؤنبك قلبك -كما يقول الناس- يؤنبك ضميرك أن تعلم أن الله مطلعٌ عليك ، والله يقول ونقول مرارا : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ) .. الآن ظاهرٌ المعنى ، جملةً الشاهد منه قول الله تبارك و تعالى : (فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) .
يأتي سؤال : ما الشيء الذي يُرهن ؟ ما الشيء الذي يجوز أن يُرهن ؟
نقول في الجواب : كل شيء جاز بيعه جاز رهنه ، "كل" هذا من ألفاظ العموم ، جاز بيعه جاز رهنه إلا شيئا واحدا، المصحف ، يجوز بيعه عند الجمهور ، لكن لا يجوز لأحد أن يرهن المصحف ، كتاب الله أجلُّ من ذلك .. واضح ، كل شيء جاز بيعه جاز رهنه إلا المصحف يجوز بيعه لكن لا يجوز رهنه ، كتاب الله أعظم و أجلُّ من ذلك .المقصود هنا قول ربنا جل ذكره : (فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) .
/ جاء الشرع عموما في آياتٍ ، في الأحاديث النبوية الصحيحة أن الناس يتقوا الله -جل وعلا- في المعاملات ، وهي على حالين : ذكرنا ثلاث منها و هي في البيع إلى أجل، بقينا في البيع الذي بغير أجل، كما يحصل الآن تذهب أنت إلى المتجر تشتري هذا سماها الله (تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) فهذه يصعُب ، يشُقّ على الناس أن يُكتب وأن يؤتى بشهود (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ) وقال ربنا : (تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) ولهذا الفقهاء حتى في مسألة الزكاة يفرقون ما بين المال المُتربّص والمال المُدار الذي يُستخدم ، فمثلا: إنسان عنده متجر كيف نقول له يزكيه ؟ نقول له كل عام قوّم ما في المتجر ، ثم إذا قوَمته أخرج ربع العشر زكاة .. ظاهر ، لأن مافي المتجر تجارة تُدار ، لكن إنسان عنده أرض فالأرض ليس شيئا يُباع يوميا ، قد تجلس الأرض سنين لا تباع فكيف يزكيها ؟ نقول له أن الصواب الصحيح متى ما بعتها و لو بعد عشر سنين أكثر أقل المهم من بعد سنة لأنه قبل سنة لا توجد زكاة ، بعد سنة إذا أردت أن تكون من عروض التجارة ، جعلتها من عروض التجارة ،بقيت سنين لم تُبَاع متى ما بعتها تُزكى لعام واحد ، قال أصدق القائلين : (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) وسُمّي السفر سفرا لأنه يُسفِر عن أخلاق الرجال ، وقد نسبوا -وأظنه للشافعي- :
سافر تجد عوضا عمن تفارقه = وانصب فإن لذيذ العيش في النَصبِ.
يقولون إن معالي الأمور لا تُنال إلا بالمشقة والتعب وكثرة الأسفار خاصة في الزمن الأول ، وكلما رام الإنسان أمرا عظيما تعب في حصوله ، يقول المتنبي :
 وإذا كانت النفوس كبار = تعبت في مرادها الأجسام .
 كلما كان الشيء الذي يطلبه الإنسان عظيما يتعب بدنه ، وأكثر الأشياء تحتاج إلى أن الإنسان ينتقل من مكان إلى مكان :
 إني رأيت وقوف الماء يفسده = إن يجري طابَ وإن لم يجرِ لم يطبِ .
والآخر يقول :
 إن العلا حدثتني وهي صادقة = فيما تُحدّث أن العزَّ في الُنقلِ .
لو أن في شرف المأوى بلوغ مُنىً = لم تبرح الشمس يومآ دارة الحملٍ .
فإن أردت نجاحآ أو بلوغ مُنىً = فاكتم أمرك عن حاذٍ ومنتعلِ
 واضحٌ . نحن استطردنا أدبيا حتى نخرجك من عالم السآمة .
 / (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا)  نأتي للكتابة :
 الكتابة تكون بالقلم ، وقد أقسم الله بالقلم في كلامه العظيم ، قال تبارك و تعالى : (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) ويقولون أن القلم أحد اللسانين ، والقلم أول ما خلق الله ولهذا قال بعض العلماء أن قول الله : (وَالْقَلَمِ) مردّهُ يعني العهد هنا -الألف و اللام- إلى القلم الأول ، وقيل بيد الكاتبين ، قال ربنا : (وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا) الأمانة ضدها الخيانة ، و سيأتي إن شاء الله في لقاء تام حول الخيانة ، ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ  وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ) الكتمان ضده الإفشاء ، بعض الأشياء حقها أن تُعلَم ، وبعض الأشياء حقها أن تُكتم ، لكن من استودعك سرا فحقه عليك أن تحفظ له سره وتكتم عن الناس خبره ، ويقولون إن اثنان لا داعي لتسميتهما في الزمن الأول انتصر أحدهما على الآخر أو ظَفر أحدهما و لم يظفر الآخر حتى لا يُعرفا ، فقال الآخر -من انتصر ، من غلب- : غلبته لأنني كنت اكتم أمري و كان يذيعه يشيعه -والعلم عند الله- والعرب تقول :
كل سر جاوز الإثنين شاع = وكل علمٍ ليس في القرطاس ضاع .
 وقلت مرارا أوافقهم في الأولى ولا نوافقهم في الثانية ، قال الله : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) . و العلم عند الله وصلى الله على محمد وآله ، والحمد لله رب العالمين .
---------------------------------------------------------------
الشكر موصول لمن قامت بتفريغ الحلقة سلمت يمينها وبُورك فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق