السبت، 4 أغسطس 2012

سورة المدثر : اسمها / نزولها / موضوعاتها


د. زيد: بسم الله، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام الله على المشاهدين الكرام وعليك.
 سورة المدثر أولاً لم تُعرف بغير هذا الاسم عند أهل الفن أما في تاريخ نزولها كلام طويل لكن الراجح والله أعلم من مجموع الروايات أنها ثاني سورة نزلت.
السورة الأولى هي سورة "اِقرأ" التي نُبئ بها النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول لقاء بينه وبين جبريل عليه السلام من خلال هذه السورة ثم نزلت بعد ذلك سورة المدثر. لكنني أود أن أسترعي انتباه المشاهدين الكرام إلى قضية غاية في الأهمية وهي حينما نقول أن هذه السورة نزلت في كذا ونزلت في سنة كذا إنما لا نريد السورة كلها في الغالب يُراد بذلك مطلعها ولكن السور - كما لا يخفى عليكم - نزلت متفرقة ، عامة سور القرآن نزلت على دفعات. فهذه السورة كغيرها من السور، بداية نزولها كانت بعد الوحي ويمكن القول أنها نزلت في أواخر ذي القعدة وهذا توجيه الطاهر بن عاشور - هذا المحقق رحمه الله رحمة واسعة - حيث قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الوحي عليه في رمضان ثم الرواية التي تقول إن كفار قريش قد اجتمعوا وقالوا إن الناس قادمون عليكم في الموسم القريب فماذا أنتم قائلون لهم؟ فالموسم في الحجّ وفي رمضان فواضح أن اجتماهم كان قبل الحج فربما يكون في ذي القعدة إذا أضفنا إلى هذه الفترة فترة فتور الوحي وهي عبارة عن أسابيع قليلة جداً فيكون نزول هذه السورة بعد سورة العلق التي نتكلم عن مطلعها فقط. وهذه أول سورة فيها الأمر بالتبليغ والقيام بأمر الدعوة والإنذار.
 د. الشهري: ويكون الحديث الذي ذُكر عن جابر رضي الله عنه أنها هي أول سورة نزلت مطلقاً يكون المقصود فيها أنها نزلت في الدعوة.
 د. زيد: نعم، الحديث في البخاري صحيح
 د. الشهري: ما هو موضوع سورة المدثر الذي تدور عليه آياتها؟
 د. زيد: موضوعها هو الأمر بالقيام بالدعوة للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل من جاء بعده من أمته ممن هو أهل لذلك. هي نقطة الانطلاق، الأمر بالانطلاق والأمر بالقيام (قُمْ فَأَنذِرْ) يا أيها المدثر قُم . والمدثر هنا ليس لزاماً أن يراد بها ذاك المعنى الحقيقي، صحيح حصل منه تدثر وحصل منه تزمّل في لحظة ما لكن لا يُفهم أن السورة نزلت عليه وهو مدّثر إنما تلبس بهذا الوصف فصار مدّثراً ، والمدّثر هو المتغطي لكن هنا الآية هذه تشير إلى المتغطي بالدثار لكنها في حقيقة الأمر لها أبعاد نحن نقف مع دلالات الآيات ونفتح المجال لهداياتها.
هذه دعوة لكل مدّثر بماله وعياله وصحته وراحته وانشغاله يتدثر الإنسان بها فتحول بينه وبين القيام بالدعوة. فهو نداء للجميع لكل هؤلاء: قُم أيها المدثر بهذه الأثقال قُم فأنذر.
  د. الشهري: هذه بداية ممتازة جداً. دعنا نتوقف مع أبرز هدايات السورة طالما تتحدث عن الإنذار وأنها هي أول سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وكلفته بالقيام بأعباء الدعوة للغير مطلقاً .
  د. زيد: السورة مرتبة ترتيباً دقيقاً : أمرٌ بالإنذار يتبعه أمرٌ بالصبر يتبعه كذلك الحرص على نقاء السريرة ثم بعد ذلك الاستعداد لمواجهة الأعداء ثم تحذير هؤلاء الأعداء وتخويفهم ثم بعد ذلك يظهر مشهدان مشهد أهل النار ومشهد أهل الجنة فهذه السورة لخصت القصة من أولها إلى آخرها منذ أن قال أول كلمة (قُم) إلى أن استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
 د. الشهري: منهج متكامل
 د. زيد: سورة متكاملة جداً من أولها إلى آخرها مقدمة ، ثم في وسطها بيان للوسائل والعقبات والمساعدات ثم بعد ذلك الخاتمة بالجنة أو النار . 
______________________________
برنامج التفسير المباشر 1433هـ - سورة المدثر
 مصدر التفريغ / موقع إسلاميات (بتصرف يسير)

هناك تعليق واحد: