الخميس، 25 أغسطس 2011

الحلـقــ الأولى ــــة / لنجعل أنفسنا ظرفا وطرفا لكلام ربنا


سأعود معكم إلى القرآن حياة ، برنامجنا في هذه السنة معكم أيها الأحبة ، عن هذا الكتاب العظيم ، نريد أن نعود إلى كتاب الله .. لا من اجل أن نتلوه أو من اجل أن نستمع إليه .. نحن ولله الحمد والمنة ما منا إلا وهو يفتح في كتاب الله ويقرأ (آلــمـر * تلك آيات الكتاب ) .. وما منا إلا ويستمع بإذنيه إلى القرآن ، هل هذا يكفي ؟؟
أبدً لا يكفي ، ما الذي نريده من كتاب الله ؟؟ وما الذي يريده كتاب الله منا ؟؟
هي جملة واحدة اذكرها لكم ، أرجو منك أيها الفاضل ، وأرجو منكِ أيتها الفاضلة أن تحفظوا هذه الجملة كما تحفظون أسمائكم ، هي : "اجعل نفسك ظرفا ، ثم طرفا ، لكتاب الله" اجعل نفسك أيها المبارك ، وأيتها الفاضلة ، لنجعل أنفسنا أول ما يكون ظرفا لكلام ربنا ، ثم بعد ذلك نجعل أنفسنا طرفا لكلام الله عز وجل . أعيدها حتى تحفظ جيداً.. اجعل نفسك طرفا ، ثم ظرفا لكلام ربك . كيف يكون هذا ؟
أقول لك ما جئنا من أجله ، وما سجلنا هذا البرنامج ، وما جلسنا مع كتاب الله عز وجل إلا من أجلِ أن نتعلم كيف نجعل أنفسنا طرفا ، ثم ظرفا لكلام ربنا سبحانه وتعالى .
-القرآن لن يكون حياة لأي واحد منا في كل أموره .. لن يكون حياة ؛ حتى يجعل نفسه أولا هو الذي يُخاطب الآن . من الذي يخاطبه ؟ .. إنه الله .
- لنجعل أنفسنا طرفا مع كتاب ربنا ، الله سبحانه وتعالى هو الذي يتكلم ، ليس أحداً منا ، ربنا جل وعلا هو الذي أنزل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، ربنا جل وعلا هو الذي انزل: ( آلـم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) ، الله عز وجل هو الذي أنزل سبحانه وتعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) ، الله جل وعلا هو الذي أنزل هذا الكتاب العظيم ، إذا كان كذلك ؛ فلا بد أن نستشعر أن الله عز وجل هو الذي يخاطبنا الآن ، ثم بعد ذلك نجعل أنفسنا ظرفا لكلام ربنا ، تنزل القرآن لابد وان يكون الواحد منا ظرفاً لـآياتهِ ، لأوامرِه ، لنواهيه ، لوعدِ ، ووعيدِ هذا الكتاب العظيم . إذا كان كذلك ؛ فعندئذٍ سنجعل القرآن حياة .
- دعني أعطيك آلية معينة تستطيع من خلالها أن تجعل نفسك طرفا ثم ظرفا لخطاب ربك ، كيف هذا ؟؟
-اجعل القرآن طرف ؛ الله عز وجل هو الذي يتحدث معك الآن ، أريد منك شيئاً واحد أيها المبارك ، لتستمع بقلبك ، لتقرأ بقلبك ، نعم أنت تقرأ بلسانك ، أنت تستمع بأذنك ، لكن هذا لا يكفي ، لابد أن تحرك جارحة القلب مع القرآن ، ولذا الله عز وجل يقول ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) ثم ماذا قال ؟ (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) القضية قلب ،
هل هذا القلب الآن عليه قفل أو لا ؟ليست القضية أذن ، وليست القضية لسان ، في الأصل هناك قلب ؛ ولذلك كيف تجعل نفسك طرفا مع كلام ربك ؛ حينما تقرأ أنت في كلام الله ، حينما تصلي فتسمع كلام الله ، والله عز وجل يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) الله ينادي وأنت واحد من هؤلاء الناس ، فالله يناديك ؛ كيف تستمع لهذا العظيم - تبارك سبحانه - الذي يناديك / هنا القضية !
- أن تجعل نفسك طرفا لكلام ربك أو لا ؛ لابد من ذلك حينما تستمع في مثل قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) هنا كيف تستمع بقلبك ؟! بجوارحك ، بكل كيانك ؟! إلى ندآء ربك وهو يقول لك (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) لماذا نتقيك يا الله؟ قال (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) هل شاهدنا بأعيننا كيف حينما تزلزلت الأرض قي بحر اليابان ، كيف حصل بالناس ، كيف تلك الأمواج طالت في السماء ثلاثين متراً ، وكيف أصبحت السيارات كاللعب ، تحملها الأمواج بينها وتقذفها يمنة ويسرة !! هنا الله يقول لك
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) .حينما تستمع إلى الندآء بذلك الاسم المحبب ، (يا أيها الذين آمنوا ) هنا لابد أن ترعى هذه الآيات وأن تعطيها سمعك سلمك الله ، فهكذا تجعل القرآن طرفا بينك وبين الذي تكلم به- جل وعلا - إن فعلنا ذلك ، شعرنا معنى أن "القرآن حيــاة" .
- عرفنا كيف نجعل القرآن طرفاً ؛ فتعال نتعلم كيف نجعل القرآن ظرفاً لنا في حياتنا ؟!
كيف ظرفاً ؟ .. بمعنى أن نجعل قلوبنا ، وجوارحنا ، وأسماعنا ، وأبصارنا ، وألسنتنا محل لتنزل الوحي ، مثل ما تأتي بكأس فتملأه بالمآء أو العصير ، نفس القضية ؛ اجعل جوارحك ، اجعل بدنك ،قلبك وكلك ظرف لكلام ربك ، الوحي ينزل عليك فيملاء هذا الظرف الذي هو أنت ، فتعال سلمك الله
كيف نستطيع ذلك ؟- حينما يتنزل القرآن فتأتي الأوامر والنواهي ؛ استقبلها أخي - سلمك الله - وهناك مثل آخر عند السلف جيد ، يقول "اجعل القرآن مرآة لك في حياتك ، كلما جآء شي في الحياة ، ارجع إلى القرآن وانظر هل القرآن يقول لك إن هذا الأمر صح أو غلط ؟ كما تريد أن ترتب هذا الشماغ ، أن تلبس الثوب ، أن تجمل الوجه من خلال المرآة ، أنت تجمل حياتك ، أقوالك ، أفعالك من خلال القرآن .
-اضرب لك مثلاً ..
حينما تقرأ قول الله عز وجل (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) أنت الآن تأمر نفسك بالصلاة ؟.. نعم ؛
لكن الآية في أن تأمر أهلك بالصلاة ، تأمر والديك ، أهلك ، إخوانك ، زوجتك بالصلاة ، لديك ولد عمره 10 سنوات أكبر من هذا ؛ لابد أن تأتيه في صلاة الفجر فتوقضه ، يا فلان هيا للصلاة ، فتبدأ تأمرهم بالصلاة ، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) ما قاموا ؛ فاصطبر ، مرة ، ومرتين ، وثلاث ؛ تقول تعبت ، مللت ، لا يوجد شي اسمه مللت ولا تعبت ، فاصطبر عليها حتى تعينهم على أداء فرض الله . هنا جعلنا القرآن مرآة لنا في مثال واحد في هذه الحياة ، والأمثلة كثيرة جداً .. كما قال الله عز وجل : ( وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) .
أعجبني فكرة بعض الشباب لما قاموا يجمعون الماء ، ويجعلونه في أماكن ، مثلا ظل ، تحت شباك ،تحت شجرة ، بجانب بناية ؛ من أجل أن الطير إذا مر يشرب من هذا المآء ، يا الله ما أجملها من أخلاق ( وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) حتى للطير ، حتى للقط ، حتى للكافر ، حتى للملحد ، حتى للكبير ، للصغير ؛ فكيف إذا كان هذا الإحسان لمسلم ؟!
كيف إذا كان هذا الإحسان لقريب ، لوالد ، لزوجة ، لأخ ، لأخت ، لولد ، لابنه
( وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )لو جعلنا هذه الآية مرآة لنا في كل حياتنا ؛ أصبحت حياتنا حسن في حسن .
---------------------------------
/ مصدر التفريغ : منتديات عقد النور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق