الاثنين، 30 نوفمبر 2015

الدرس (١٣) من تفسير سورة النور - وقفات وتأملات/ د.ناصر العمر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ..
 نواصل مع سورة النور السورة العظيمة أيها الإخوة..
 هذه السورة اسمحوا لي أن أعيد طرحها بطريقة أخرى :

/ اسمها سُور وقد وقفت وتأملت في بعض ما ورد فيها وأُعطي بعض الدلالات التي أقتصر عليها هذا اليوم.
 ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ) كل سُوَر القرآن اسمها سورة إلا هذه، القرآن بدأها بسورة قال العلماء: السُور هو البناء العظيم المرتفع الشاهق الحصين ، ابتداء سورة إذاً هي محيطة مرتفعة البنيان مُحصّنة الأركان.
 ( أَنْزَلْنَاهَا ) من الله عز و جل ( وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) 
/ ثم قال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) أنا لا أريد أن أعيد ما قلته سابقاً أبداً إنما هو عرضٌ آخر حتى نربط ما يأتي بهذه القاعدة، وهي تأملات وقفت معها وتدبر بعد الدروس التي مرت على أن نواصل في آيات اللعان بإذن الله في الدرس القادم لأن الوقت لا يتسع.
أضع ارتباط: وجدت فيها عجب يا إخوان هذه السورة إذاً هي سُور تحمي من ماذا ؟ لما تأتي لبلدة عليها سور عظيم أكيد أنهم وضعوا هذا السور ضد عدو من الأعداء خوفاً من أن يقتحم هذه المدينة كما كانوا في السابق يضعون أسوار عظيمة وشاهقة قوية، بعض الأسوار رأيناها في بعض المدن قد يكون لها إلى قرابة سبعمائة سنة..ستمائة سنة ولم تسقط حتى أنا لم أرها ولكن رأيتموها وعرفتم عنها في الخوارق ما يسمى بسور الصين العظيم سور عجيب جداً -كما يذكر من رآه و كما في الصور- فهو سور على الصين مسافته طويلة جداً ، إذاً هذه السورة سُور سورة عن ماذا ؟ ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) حتى لاتتسلل الفاحشة لهذا المجتمع وحتى لايقع الزنا ، أنتم تعلمون لو كان سوراً عظيماً لنقل مساحته لعدة كيلوهات وارتفاعه مئآت الأمتار ولكن فيه فقط فرجة تُركَت مترين في مترين ربما لا تعادل واحد من مائة ألف من مساحة السور وتُركَت ودخل منها العدو، أو نقطة ضعيفة أو بناء قصير، ولذلك الذين يهاجمون دائماً -سابقاً- الأسوار يبحثون عن نقطة ضعيفة إما فُرجة أو يكون في السور ضعفاً فيهدمونه أو يكون قصير فيقفزون من خلفه إذا لم يُحكَم، ما فائدة أن تُحكِم البناء كله وتترك عدة أمتار غير محكمة ، جاءت هذه السورة لتحمي المجتمع من الجريمة..من الفاحشة..من الزنا بشيء عجيب كيف ؟ لما بين أنها سورة وسورة عظيمة -وتصوروا المشهد معي- عندما قال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) جاء بأشد الأمر وليس بأيسره أن النهاية تكون الزنا جاء بما يحمي من الزنا جاء بالقذف أولاً إقامة الحد حتى قطع دابر من يزني ثم القذف وهو إقامة الحد على من يقذف بدون بيّنة ودون شهود ثم انتقل إلى اللعان وهو الذي يقع بين الزوجين -وقد لا يرى أحد إلا الزوج- كله حماية لهذا المجتمع الطاهر النقي حتى لا تقع فيه الجريمة.
 / ثم يعرض قصة الإفك وهي من أعظم وأشد ما مرَّ في تاريخ النبوة كما يأتي إن شاء الله.
/ ثم بيَّن دور المنافقين ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ) هؤلاء المنافقون موجودون على مر التاريخ هم شر البلاء هم العدو فاحذرهم ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) بعد أن عرض قصة الإفك ، الآن الذين يتحدثون عن قضية مسائل في الاختلاط لهم أهداف بعيدة جداً و يعرفون آثارها ، اسأل الهيئات مثلاً عما يتعلق ببيع مستلزمات النساء ماذا حدث بعد أن حدثت اسألوا الهيئات لا تسألوني أنا كيف بدأت هنا بدأ الخلل ، الاختلاط لما وُجِد في بعض المؤسسات والشركات حتى تُعلِن إحدى الصحف قبل أيام أن شركة كبرى بحاجة إلى موظفات في مكان مُختلط صراحة -هذا موجود مُعلن ما هو سر- ماذا يعني هذا ؟ أمور تؤدي إلى الفاحشة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ) هم لا يتحدثون عن قضية بيع المستلزمات النسائية ولذلك فضحهم بعض من عرفهم كما ثبتت في قصة ماريوت -هذا الكاتب جزاه الله خيرا ووفقه وسدده- لما فضح بعض تصرفاتهم قامت الدنيا عليه لماذا ؟ لانه كشف المستور لأنهم ممن يريد أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
/ ثم تتواصل الآيات، عزل ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) يجب العزل الحسي والمعنوي لأنه قد يكون في مجتمع لا تُقام فيه الحدود فيُبتلَى المجتمع بهؤلاء من الخبيثون والخبيثات يجب ان يُعزَلوا حساً ومعنى حتى لا يتأثر السور الذي يريد أن يُبنَى للمجتمع .
/ ثم يأتي غضّ البصر لأنه حتى قضية البصر <نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء> تبدأ بنظرة وهو سهم من سهام إبليس ، البعض يتساهل فجاء غض البصر ليس الإغماض لأنه لو أغمض الإنسان ما استطاع أن يمشي..أن يطوف..أن يدخل السوق، وليس فتح البصر كما يقع من البعض ينظر إلى كل ما حرم الله، فهي مرحلة أو منزلة بين منزلتين حماية لهذا المجتمع لأن النهاية بعيدة (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ). ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ) و المرأة إذا رمت بخمارها من رأسها على صدرها ما الذي يحدث ؟
تكون أيضا غطت وجهها ، فهذا يستلزم ذلك غالباً فهي حماية لها.
/ ثم يأتي بعد ذلك ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِن ) لاحظوا هي تخفي الخلخال معناه أن ثوبها طويل أصلاً لكن تضرب بقدمها بعض الحركات يُسمَع صوت الخلخال لأنه بمعنى أن ثيابهن كانت طويلة وليس الآن لنصف الساق أو أرفع من ذلك مع كل أسف ثم تأتي ختام الآية سبحان الله في هذه الآية ( قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ) والله تهزّ وتأتي بعدها ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) ثم ( قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ) و ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ) ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِن ) لأنه أيضاً ضرب القدم كما تفعل بعض النساء -هداهن الله- تمشي الآن بالكعب العالي أو غيره يؤثر الصوت هنا تعرف معنى الآية ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ) نعم أقدامهن عندما تضرب المرأة الآن بالكعب العالي كم يؤثر أشد من لو تراها ولذلك يقول بشار وهو كفيف -بشار بن برد- :
 يا قوم أُذني لبعض الحي عاشقة ** والأذن تعشق قبل العين أحياناً
 فيريد أن يغلق هذا قال : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أمر عظيم لو قرأت آخر الآية وأنت لم تقرأ ما قبلها تصورت أنه كان يتكلم عن الزنا، عن القذف وهو يتكلم فقط عن غضّ البصر ووضع الخِمار على الصدر لأن البعض تفتن حتى أقاربها بكشف صدرها أو بالمشي لذلك ( وَتُوبُوا ) تهزك هزّ.. حماية لأن هذا السور لو فيه نقطة ضعيفة يمكن ينفذ العدو منه، يمكن ينفذ الفاحشة منه ، لو تساهلنا في غصّ البصر، لو تساهلنا في لبسهن للحجاب، لو تساهلنا في مشي المرأة أو صوت المرأة هذا مجرد مشي المرأة فتنة فكيف بصوت بعض الأخوات -أنا لست هنا في مقام أن يقال أن صوت المرأة عورة أو ليس عورة هذا له ضوابط وله كلام آخر- لكن لا شك أن بعض الأصوات ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) يقال لأمهات المؤمنين وهن زوجات النبي صلى الله عليه و سلم الذي مستحيل أن يفكر أحد بنكاحهن في الأصل، حرّم الله ذلك ومع ذلك الذي في قلبه مرض قد يتأثر بصوت أمهات المؤمنين فكيف بغيرهن ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) فيحمي المجتمع.
/ وتتواصل يريد حماية يذكر الزواج لا تتعذر بالفقر ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه ) ثم يذكر الاستعفاف.
 ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض ) إذا امتلأ قلبك من النور لا يمكن أن تنظر ، إخواني أحبتي رأيت رجلاً في مدينة من المدن عمره فوق الثمانين الآن رأيته قد جاء يزور أحد المشايخ -أحد الصالحين- في المستشفى هذا قبل سنوات فقال لي شخص : تعرف هذا ؟ قلت له : لا ، فقال الرجل : هذا رجل معروف في مدينته التي هو فيها لا يرفع طَرفه عن الأرض أبداً يمشي هكذا خوفاً من أن تقع عينه على محرَّم، ثم رأيته بعد ذلك في المقبرة وإذا هو كذلك ، يحدثني أحد الإخوان قال : في يوم من الأيام ذهب به ابنه لزيارة أحد الأقارب فمرّ مع حي من الأحياء و كان هذا الحي يكثر فيه شيء من آلات اللهو والمعازف تعرفون المدن يكون في بعض أحياءها ما يختلف عن الأحياء الأخرى والأب لا يعرف الأحياء ولا يرفع رأسه إلى الآن يقول لما دخل ابنه، دخلت الحي أبي لا يعلم في السيارة قال : توقف قف أشعر بوحشة في قلبي ارجع ارجع هذا الحي فيه مشكلة يقول : و الله لا يعرف الحي و لا يعرف إسم الحي و لا شيء عن الحي يقول : ارجع ارجع، أشعر بظلمة..أشعر بظلمة ارجع.. ارجع.. ارجع دور شارع ثاني .
 نعم إذا امتلأ القلب بنور الله هنا يحميه الله، ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض ) إذاً نور الله موجود في السماوات و الأرض أنت في الأرض إذا لم ينفذ النور إلى قلب فلان أو فلان معناه يوجد حاجب
 شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي ** فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ ** ونورُ الله لا يؤتاه عاصي
 ولذلك أي إنسان أي مسلم -خاصّة إذا أعطاه الله شيء من النور- إذا رأى امرأة وأصرّ على رؤيتها ليست النظرة الأولى التي قد تكون رغماً عنه < لك الأولى وليست لك الثانية> قد يُركِّز يشعر بفترة في قلبه -وحشة- هذا الذي قذف الله في قلبه شيء من النور والإيمان يشعر بوحشة  تتضائل بقوة إدخاله النور والعبادة لذلك ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) تريدون علاج السُور ألا تلاحظون الآن الأسوار المحصنة أو أسوار بعض القصور عليها أنوار غير عادية لماذا ؟ لأنه إذا كان في مكان ظلمة يمكن أن يقفز من يريدها بالطريق الذي فيه ظلمة، فهذه الأسوار مُضاءة ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ) مضاءة بنور الله، نور كـ (***) واضح نور السماوات والأرض، كل مكان في الأرض وفي السماوات موجود فيه إلا من حجبه، هو حجبه عن نفسه هذه مسألة أخرى .
/ ثم تواصل الآيات ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ) كم تأثير المساجد على حماية المجتمع والتسبيح لما يُسبِّح الإنسان دائماً وهو يمشي ويستغفر (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون ) الاستغفار.
/ ثم يذكر الكفار ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ).
/ ثم يعود مرة أخرى للمنافقين لأنهم أساس الفساد أشد من اليهود والنصارى والكفار والمشركين ( وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا ) نعم هؤلاء أيضاً المفسدون يكونون داخل السور أحياناً ، في أيام الحرب الإسبانية قال القائد العسكري -كانت حرب أهلية في أسبانيا- يقول الملك للقائد العسكري: "كم عندك من فرقة ؟ قال : عندي خمس فرق ، فلما جاء الصباح وذهب يشاهدهم فما رأى إلا أربع فرق قال : هذه أربع فرق أين الفرقة الخامسة قال داخل الصف ، هذه تعادل أربع فرق" نعم ولذلك خطورة المنافقين كانت أشد من اليهود والنصارى لخطورة أمورهم فجاء القرآن مرة أخرى في هذه السورة التي هي نور تكشف الواقع يُبين خفايا نفوسهم، وسبحان الله هذا ما نراه اليوم إذا كان الحقّ لهم بدأوا يتكلمون عن هيئة كبار العلماء يتكلمون عن القضاء ويثنون وهكذا، وإذا شعروا أن الأمر ليس لهم كما حدث في قصة شاتم الله و رسوله سابّ الله و رسوله فإذا هم صُمّ، بل هناك من يشكك ويقول أنتم ضد الحرية وأنتم وأنتم ( وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُو نَ) فيكشفهم القرآن حتى نميزهم داخل الصف لا نميزهم بأسمائهم ليست هذه القضية نميّزهم من صفاتهم وهذا والله من أشد ما يعانون أن يُمَيَّزوا بصفاتهم أيها الإخوة أن يتلبس أحد منهم بصفة النفاق أو العلمنة أو أن يكون ليبرالياً تعريتهم -كما قلت قبل قليل- كما عراهم القرآن وفي هذه السورة نور وضعت كاشف على كل خلل صغير أو كبير حتى على قضية غضّ البصر، على قضية حركة القدم، على قضية تغطية الصدر، على قضية المنافقين، على قضية الكفار ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض )، نور.. نور يتلألأ ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ).
/ ثم يواصل يأتي بالاستئذان -قبل- جاء معنا في استئذان البيوت التي ليست لنا.
/ ثم بعدها في آخر السورة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّات ) أقف أمام هذه الآيات سبحان الله .. كيف ؟ الله سبحانه و تعالى حدد لنا أنهم يدخلون على آبائهم أو أهلهم إلا في ثلاثة أوقات كما بيّنها الله عز وجل في سورة النور لابد أن يستأذنوا ، العجيب في الآية حدد ارتفاع البلوغ أي سن أقل ما حدده يمكن يكون سن عمره سنتين يجب ان يستأذن يمكن يكون عمره ثلاث سنوات يجب أن يستأذن لماذا ؟ لأنه ثبت أنه هناك بعض الأطفال عمره سنتين أو ثلاث سنوات يُدرِك تماماً ما يراه من أبيه وأمه وقال ( لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُم ) أي من أولادكم لأن بعض الناس قد لا يتورعون من آبائهم ويدخل على الأب والأم ربما يكون في وضع غير مناسب ، هو يتصور أن هذا الطفل الذي عمره سنتين أو ثلاث لا يفهم وهذا غير صحيح وثبت بالأدلة أن هناك أشخاص بل ربما لو جلستم مع بعض وسألتم بعضاً وتقول : ما هو أصغر سن الآن تذكره في قضية من قضاياك الاجتماعية ربما بعضهم يذكر لك أنه يذكر بعض القضايا الإجتماعية لا تتعلق في موضوع العورات وعمره سنتين أو ثلاث سنوات بالتفصيل، وأنا شهِدت واقعة فإذا رجل يُكلِّم خالته قال : يا خالة هل كنتم تسكنون البيت الفلاني - أنا موجود حاضر عند هذا الرجل - قالت ما شاء الله تذكر ؟ قال : نعم ألم يكن بيتكم إلى جهة الجنوب؟ قالت : نعم ، قال : هل كان عنده حوض ماء ؟ قالت : نعم ، قالت : تدري كم كان عمرك ذلك اليوم ؟ قال : لا ، قالت : سنتين ونص، لأني طلعت من البيت وعمرك سنتين ونص . يعني كان يذكر البيت واتجاهه والحوض الذي عنده وعمره سنتين ونصف، طبعاً يذكر هذا الكلام وعمره فوق الأربعين في ذلك اليوم وهو يتحدث عن هذه القضية. إذاً ممكن الواحد منا ابنه عمره سنتين أو سنتين ونصف، ثلاث سنوات يذكر أشياء.
 أذكر واحد آخر كان يجلس عند خال له -وأنا موجود- قال : يا خال هل تذكر يوم من الأيام ذهبت أو سافرت مع والدتي إلى المدينة الفلانية ؟ قال : ما شاء الله عليك نعم ، قال : هل كانت والدتي حاملة بأختي فلانة ؟ قال : صحيح ، قال : السيارة شكلها كذا كذا ؟ قال : صحيح ، بينه وبين أخته ثلاث سنوات يعني الآن هو يذكر الحادثة قبل أن تولد أخته بالتفصيل ولذلك قال في القرآن : ( و الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُم ) لم يقل من سنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس الله أعلم، يتفاوت الأطفال أحدهم يدرك عمره ثلاث سنوات وأحدهم يُدرِك وعمره أربع سنوات، أحدهم يُدرِك سنتين، لا أقدر أقول أقل لكن وارد، هذه دقة عظيمة ( مِنْكُم ) لذلك الواحد قد يحتاط من أولاد الجيران ولو كانوا صغار ولكن لا يحتاط  ولا يحذر من أولاده -من أطفاله- ربما قد ينامون معه ، أنا لا أقول لا ينام الأطفال معه لكن إذا ناموا لا بد أن يلتزموا بضوابط الأدب لا يقول الأولاد لا يدرون..لا يفهمون ، هذا صحيح .
يحدثني والله أحد المشايخ يقول : أحد المشايخ جاءه ابنه -صغار- قال : كيف جيت أنا و أختي ؟ قال له : رحت أنا وأمكم إلى أهلكم ورحنا وجينا وفعلنا، يقول : التفت الطفل على أخته قال : نعلمهم وشلون جينا أو نخليهم في عماهم ، نعلمهم وشلون جينا - يعني وشلون وُلدنا - أو نخليهم في عماهم -في جهلهم- والله يحدثني أحد المشايخ يا إخوان. إذاً الشرع يعلمنا هذا الأدب العظيم، إلى هذا الحد يعلمنا الأدب حماية للمجتمع على طهارة المجتمع لأن الطفل لو ينشأ وقد تساهل بهذه الأمور لا تدري ماذا يحدث .
/ بعد ذلك ثم سبحان الله ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا ) كبار في السن ليس فيهن جمال ولا يرجون نكاحا لاحظوا (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) انظر الشروط يمكن تكشف وجهها لكن الأفضل بعد أن لا تفعل ذلك إذا كان هذا في المرأة كبيرة في السن غير الجميلة ليست تشتهي الرجال ولا تتزين ومع ذلك الأفضل أن تحتجب ، ماذا نقول عن الفتيات والبنات ؟ حقيقة معنى عظيم كله لحماية المجتمع مرة أخرى فلا نتساهل في هذه الأمور لا نقول امرأة كبيرة ولذلك أمهاتنا وجداتنا كيف حفاظهن على الحجاب عجيب والله أيها الإخوان!! بل ( وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ) لا تكشف بل بعضهن من الحياء لا تكشف لزوج ابنتها وهو محرم لها إلى الآن كله حياء والله وإن كان لا يضر هذا لأنه محرم لها يجب أن تكشف له، لكن أقول : الحياء كيف يكون. تأتي السوق.
  ثم يأتي الأكل لاحظوا عندما قال : ( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا ) عُد واقرأ الذي ذكر، ما ذكر أحد غير المحارم ، لا أن يدخل إنسان على غير المحارم يأكل مع الفتيات ويأكل مع المرأة أو زوجة أخيه أو فلانة لا لا لا، كلهم من المحارم أو الرجال، كله حماية لهذا المجتمع يبقى السور عظيم فيه هذا النور الكاشف.
/ و أخيراً ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) تحذير شديد لأن أي خلل يمكن يوجِد فيها فرجة يمكن أن يدخل العدو وهذا كله أمر الله الذي ورد في سورة النور ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أمر عظيم شديد.
 ( أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض ) الملك لله لا تقل كذا وتدخل عقلك فيما لا ينفع ولو كان لك عقل لما اعترضت على أمر الله جل وعلا ( أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ) فهو يعلم سبحانه وتعالى ولهذا جاءت هذه السورة في ذلك . لذلك تواصلنا في موضوع اللعان أو غيره كله حتى لا يكون أي فرجة في هذا السور العظيم، حتى يُحصّن المجتمع ويبقى على نقاوته وطهارته وصفائه والتزامه بأمر الله ورسوله . هنا تُحمَى الأمة والمجتمع ويُحمى البيت ، إذا لم تستطع أن تحمي المدينة أو المجتمع فاحمِ بيتك لأن البعض قد يقول : ليس لي الأمر الآن، احفظ بيتك، (احفظ الله يحفظك) احفظ أسرتك احفظ عائلتك بهذه الضوابط التي ذكرها الشارع، ذكرها الله جل وعلا، اجعلوا النور دائماً في سورة النور واضح جلي هنا يوفَّق الإنسان، هنا يُحمَى الإنسان ( احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك) هذه سورة لها دلالتها لها أسوار (نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) .
 أسأل الله أن يهدينا وإياكم، أسأل الله أن يهدينا لنوره وأن ينور قلوبنا وقلوبكم وأن يحفظ بلادنا وبلادكم ويوفق ولاة أموركم ، اللهم ارفع البأس عن إخواننا في الشام..اللهم ارفع البأساء عنهم اللهم..أرنا في بشار وحزبه ما أريته لموسى في فرعون ، اللهم يارب أرنا فيهم عجائب قدرتك اللهم فإنهم لا يعجزونك سبحانك أنت عظيم كريم جبار قوي، اللهم عليك بهم اللهم أقر أعيننا بانتصار الإسلام ورفع البلاء عن المظلومين ، اللهم ارفع البلاء عن إخواننا في فلسطين، اللهم احمِ المسجد الأقصى من عبث اليهود الظالمين، اللهم ارفع البلاء عن إخواننا في العراق وفي أفغانستان وفي كل مكان ، اللهم ارفع البلاء عن كل المظلومين أينما كانوا .
 ألحوا على الله يا إخوان فلعل منكم -وأنتم كثير بإذن- الله كم فيكم مستجاب الدعوة وهذا ما نحسنه الظن فيكم وغيركم من إخوانكم المسلمين يجيب الله دعوته كما كان إصبع محمد بن واسع يعادل جيشاً كما كان رحمه الله .
 أسأل الله أن ينصر دينه ويُعلي كلمته ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

----------------------------------------
الشكر موصول للأخت (^_^ ) على تفريغها للحلقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق