أيها الأحبة جئتكم اليوم من أجل أن نجعل سورة البقرة حياة .. هذه السورة العظيمة الطويلة الكبيرة في كتاب الله عز وجل يعني الواحد منا لما يريد أن يقرأ في القرآن أول ما يقرأ في سورة الفاتحة ثم ينتهي منها يبدأ في قراءة (الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) الآن أنظروا معي إلى عدد هذه الصفحات في سورة البقرة كل هذه عدة صفحات لسورة واحدة يعني عندنا الآن - سلمكم الله - إذا أردنا أن نعدها من الصفحة الثانية إلى التاسعة و الأربعين هذه كلها آيات لسورة واحدة , طيب هذه السورة كيف نجعلها حياة ؟!
هذا هو السر الذي لابد أن ندركه جيداً ليس السر أيها الأفاضل أبداً أن نقرأ سورةالبقرة في بيوتنا هكذا هذاً , وليست البركة أبداً أن نفتح المسجل ليقرأ سورة البقرة من أول السورة إلى ختامها و نقول والله قرأنا في بيوتنا سورة البقرة . الخير و البركة الفضل و النعمة الأجر و السعادة في سورة البقرة أن نقرأها ونفهم كيف نجعل سورةالبقرة حياة ؟
ولذالك نريد أن نستمع بقلوبنا قبل أذننا لهذه السورة ثم نعيش معها ونعرف جيداً كيف تجعل لنا في هذه الدنيا حياة , وتكون لنا نور في قبورنا ، وتكون لنا في الجنان رفعة .
أيها الأفاضل هذا السورة إذا أردنا أن نتحدث عنها ،عن مقصودها ، مع طولها تدور حول مقصود واحد , تقول لي ماذا تتحدث عنه سورة البقرة ؟ أقول لك هي في موقف الإنسان من الوحي كل سورة البقرة من أولها إلى أخرها تتحدث عن موقف الناس من وحي رب العالمين أنت ما هو موقفك من سورة البقرة ، أنا ما هو موقفي من سورة البقرة ، الثاني والثالث ، الصغار والكبار ، والمسلمون والكفار ما موقفهم من هذا الوحي العظيم ؟ هذا الذي تتحدث عنه سورة البقرة
تعال إلى أولها لتدرك هذه الحقيقة ، الله - عز وجل - حينما سمى هذه السورة سماهاباسم البقرة لم هذا الاسم ؟
لو تأملت في داخل السورة ستجد أن الله - عز وجل - ذكر اسم البقرة في قصة موسى عليه السلام مع اليهود عليهم من الله ما يستحقون ، ماذا جرى في هذه القصة ؟ (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً) أمر من موسى يبلغ عن الله فيقول أن الله يأمركم يا بني إسرائيل أن تذبحوا بقرة ماذا ردوا عليه ؟ (قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) قال لهم (أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) نبي الله و تؤمنون أنه نبي لله و هو من أولى العزم من الرسل ويبلغكم عن الله ثم تقولون له (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) قال (أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) إي والله أعوذ بالله أن يكون نبي لله من الجاهلين .
نزلت سورة البقرة لتقول لأمة محمد - صلى الله عليه و سلم - إياكم ثم إياكم أن تكونوا مع أوامر سورة البقرة كما كان اليهود مع أوامرنبيهم موسى - عليه السلام - .
سورة البقرة حياة كيف هذا ؟!
حينما تبدأ الآن و تقرأ في آياتها العظيمة ستقرأ في مطلع السورة ، أو تستمع إليها أثناءالصلاة أو استماع خارجي و إذ بالله - عز وجل - يقول لك: (الم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) إذا لابد أن تنتبه هنا القرآن هدى لمن للمتقين تريد أن تهتدي بكتاب الله ، تريد أن تحيا بالقرآن لابد أن تكون من المهتدين هؤلاء هم الذين يستفيدون و يحيون بالقرآن حياة كاملة.
وحينما تستمر وأنت تقرأ في هذه الآيات العظيمات أول ما يقابلك في مطلع السورة أن يضرب الله لنا مثلاً عظيماَ بل مثلين عظيمين ، المثل الناري والمثل المائي :
/ أما المثل الناري : فضربه الله عز وجل ليبن حال الناس ومواقفهم من الوحي الذي أنزله إليهم فيقول الله - عز وجل - أخي أنت تقرأ الآن في سورة البقرة قف قليلاً أنظرماذا يقول الله .. الله يقول لي و لك (مَثَلُهُم) .. مثل من ؟ مثل الناس في مواقفهم من هذا القرآن العظيم فيقول الله: (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) هناك أناس لم يؤمنوا بالقرآن حقاً ، نزل عليهم بل هم طلبوا أن يهديهم الله عز وجل بكتاب ويرسل إليهم رسول فأنزل الله الكتاب (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) يريد أن يرى بعينيه يريد أن يستضيء ، أن يبصر، أوقد النار قال الله عز وجل: (فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) أضأت وبدوا يبصرون ذهب الله بهذا النور لمَ ؟ لأنهم حينما استمعوا للقرآن استمعوا ثم أعرضواعن القرآن ، استمع إلى القرآن في الصلاة كيف استمع؟ يستمع إليها وقد أعرض عن تدبر آياتها ، استمع إليها ولم يستشعر أنه المخاطب بها ، الله يضرب المثل هنا (فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) ثم ماذا؟ (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ) .
يا قارئ القرآن ، يا مستمع القرآن لا تكن كحال هذا الإنسان أضاء ما حوله بالقرآن ثم أعرض عنه فأظلمت الدنيا من حوله .. هذا مثل عظيم ضربه الله عز وجل في مطلع سورة البقرةهذا هو المثل الناري .
/ تعال لنفهم المثل المائي في كتاب الله عز وجل الذي بدأ القرآن به من أجل أن يوضح لنا كيف يجب أن نعيش مع هذه الآيات العظيمات يقول الله عز و جل : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) ماذا يريد الله عز وجل من هذاالمثل في هذه الآية العظيمة في مطلع سورة البقرة كيف موقفنا من وحي ربنا كيف نستمع إلى هذا القرآن ؟ القرآن فيه وعد ووعيد ، فيه تهديد وتخويف ، فيه رجاء ورحمة ، فيه آيات تنزلت من أجل أن تجعل العبد لا يعصي ربه العظيم سبحانه وتعالى ، من أجل أن تجعل العبد يرجوا ربه الكريم في كل أحواله فقال الله عز وجل أوهذا الوحي (كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء) ماء نزل كصيب كثير ماء نزل من الله عز وجل فيه من البركة ، فيه من الخير ، فيه من النعمة ، فيه من الفضل والمنة على عباده يحتاجون إليه. (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء) هذا الصيب فيه ماذا ؟ فيه ظلمات ربنا جل وعلا دخل في هذا القرآن في محكم آياته من المتشابه ما يكون فيه ظلمة مع أنه هو النور ولكن من أراد الهدى سيجده ومن أراد الظلمة سيجدها. (فِيهِ ظُلُمَاتٌ) ثم قال (وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) الرعد صوت ترتعد منه القلوب والبرق نور يضيء في السماء هذا كله في كتاب الله ؟؟
نعم فمن أراد أن يهتدي بالقرآن سيهتدي ومن أراد أن يضل بالقرآن سيضل , قال الله عز وجل وأنت تقرأ في هذا المثل العظيم يحكي ما الذي يجري من أحوال الناس مع هذه الآيات التي يتلونها في سورةالبقرة ماذا يكون من موقفهم كيف سيكون من أحوالهم ؟؟ (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ).
يا أيها الفاضل اتقِ أن تكون هذه الآيات التي تتلى على مسامعك ، أن تكون هذه الآيات التي أنزلها الله عز وجل عليك بالنسبة لك ظلمة مع أنها في أصلها إنما هي نور على نور .
--------------------------------------
/ مصدر التفريغ : منتديات عقد النور (بتصرف يسير)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق