الخميس، 30 سبتمبر 2010

علاقة الشمس بالصلوات في القرآن الكريم

ـ يتعلق بالشمس والليل عموما قضية الصلوات :

قال ربنا {أقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } هذا وقت الزوال أي صلاة الظهر { إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} وهذا منتهاه وآخره بعد النصف منه وهو وقت الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولأن أوقات الظهر والعصر والمغرب والعشاء أوقات متوالية ليس بينهن فاصل ، الآخر يستلمها من الأول والأول يسلمها للآخر .
لكن الفجر جاء منقطعا وأفرده الله قال سبحانه { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } .

أكثر من ذلك تفصيلا ما قاله الله جل وعلا قال تبارك وتعالى يبين أكثر من ذلك في بيان قضية علاقة الصلوات بالشمس :

قال سبحانه وتعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }
في هذا تندرج الصلوات الخمس كلها أما بيان ذلك فإن الله جل وعلا يقول {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} قبل طلوع الشمس صلاة الفجر وقبل غروبها صلاة العصر{وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ } هذه صلاة العشاء { وَأَطْرَافَ النَّهَارِ } للنهار طرفان الطرف الأول وقت الزوال وهو وقت الظهر والطرف الآخر وقت الغروب وقت سقوطها وغيابها فهذا هو وقت المغرب فاندرجت بذلك الصلوات الخمس كلها .
//////////////////////////////////////////////////////////////////
من برنامج مجمع البحرين /حلقة "القمران " / للمغامسي
اقرأ المزيد...

الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

قوله تعالى { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ }/ هل شملت هذه الآية الصلوات الخمس ؟؟

/ يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة الروم :
{ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) }
هل شملت هذه الآية الصلوات الخمس ؟؟
ـ قال القرطبى : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ }
 ـ قوله تعالى : { فَسُبْحَانَ الله } الآية فيه ثلاثة أقوال :
 الأوّل : أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات .
 قال ابن عباس : الصلوات الخمس في القرآن ؛ قيل له : أين؟ فقال : قال الله تعالى : { فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ } صلاة المغرب والعشاء "وَحِينَ تُصْبِحُونَ" صلاة الفجر "وَعَشِيًّا" العصر "وَحِينَ تُظْهِرُونَ" الظهر ؛ وقاله الضحاك وسعيد ابن جبير.
 وعن ابن عباس أيضاً وقتادة : أن الآية تنبيه على أربع صلوات : [المغرب والصبح والعصر والظهر] ؛ قالوا : والعشاء الآخرة هي في آية أخرى في { وَزُلَفاً مِّنَ الليل } [ هود : 114 ] وفي ذكر أوقات العورة.
 الثاني : قال النحاس : أهل التفسير على أن هذه الآية { فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } في الصلوات .
 وسمعت علي بن سليمان يقول : حقيقته عندي : فسبحوا الله في الصلوات. لأن التسبيح يكون في الصلاة.
 والقول الثالث : فسبحوا الله حين تُمسون وحين تُصبحون ؛ ذكره الماوردِيّ، وذكر القول الأوّل ولفظه فيه : "فصلوا لله حين تمسون وحين تصبحون".
وفي تسمية الصلاة بالتسبيح وجهان :
 أحدهما : لِما تضمنها من ذكر التسبيح في الركوع والسجود.
 الثاني : مأخوذ من السبحة والسبحة الصلاة ؛ ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " تكون لهم سبحة يوم القيامة " أي صلاة .

 ـ قوله تعالى : {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} اعتراض بين الكلام بدؤوب الحمد على نِعمه وآلائه .
وقيل : معنى "وَلَهُ الْحَمْدُ" أي الصلاة له لاختصاصها بقراءة الحمد ـ والأوّل أظهرـ  فإن الحمد لله من نوع تعظيم الله تعالى والحض على عبادته ودوام نعمته ؛ فيكون نوعاً آخر خلاف الصلاة ، والله أعلم.
وبدأ بصلاة المغرب لأن الليل يتقدّم النهار. وفي سورة "سبحان" بدأ بصلاة الظهر إذ هي أوّل صلاة صلاّها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
 وقال الماوردى : قوله : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } وفي تسمية الصلاة بالتسبيح وجهان :
 أحدهما : لما تضمنتها من ذكر التسبيح في الركوع والسجود.
 الثاني : مأخوذ من السبحة ، والسبحة الصلاة ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " تَكُونُ لَكُم سَبْحَةٌ يَوْمَ القِيَامَةِ " أي صلاة.
وقوله : { حِينَ تُمْسُونَ } أي صلاة المغرب والعشاء ، قاله ابن عباس وابن جبير والضحاك.
{ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } صلاة الصبح في قولهم أيضاً.
{ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ } فيه قولان :
أحدهما : الحمد لله على نعمه وآلائه.
الثاني : الصلاة لاختصاصها بقراءة الحمد في الفاتحة.
{ وَعَشِّياً } يعني صلاة العصر.
{ وَحِينَ تَظْهِرُونَ } يعني صلاة الظهر.
 وإنما خصّ صلاة الليل باسم التسبيح وصلاة النهار باسم الحمد لأن الإنسان في النهار مُتقلب في أحوال تُوجب حمد الله عليها ، وفي الليل على خلوة تُوجب تنزيه الله من الأسواء فيها فلذلك صار الحمد بالنهار أخصّ فسميت به صلاة النهار ، والتسبيح بالليل أخصّ فسميت به صلاة الليل.
 والفرق بين المساء والعشيّ أن المساء بدو الظلام بعد المغيب ، والعشي آخر النهار عند ميل الشمس للمغيب وهو مأخوذ من عشا العين وهو نقص النور من الناظر كنقص نور الشمس ، فجاءت هذه الآية جامعة لأوقات الصلوات الخمس ، وقد روى سفيان عن عاصم أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس : هل تجد في كتاب الله الصلوات الخمس؟ فقرأ هذه الآية .
 قال يحيى ابن سلام : كل صلاة ذُكرت في كتاب الله قبل الليلة التي أُسري فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم فليست من الصلوات الخمس لأنها فُرضت في الليلة التي أُسرِي به فيها وذلك قبل الهجرة بسنة ، قال : وهذه الآية نزلت بعد ليلة الإسراء وقبل الهجرة .

ـ وفي البحر المحيط لأبو حيان : وقيل : المراد هنا بالتسبيح : الصلاة. فعن ابن عباس وقتادة : المغرب والصبح والعصر والظهر ، وأما العشاء ففي قوله : { وزُلَفاً من الليل } وعن ابن عباس : الخمس ، وجعل { حين تمسون } شاملاً للمغرب والعشاء.
{ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ } : اعتراض بين الوقتين ، ومعناه : أن الحمد واجب على أهل السموات وأهل الأرض.
 وكان الحسن يذهب إلى أن هذه الآية مدنية ، لأنه كان يقول : فُرضت الخمس بالمدينة.
وقال الأكثرون : بل فُرضت بمكة ـ وفي التحرير ـ اتفق المفسرون على أن الخَمس داخلة في هذه الآية.

ـ قال السيوطى : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ }
 ـ أخرج الفريابي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أدنى ما يكون من الحين بكرة وعشيا ، ثم قرأ { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون }.

 ـ وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أبي رزين رضي الله عنه قال : جاء نافع بن الأزرق إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال : نعم. فقرأ { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} صلاة المغرب ، وَحِينَ تُصْبِحُونَ } صلاة الصبح {وَعَشِيًّا } صلاة العصر {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} صلاة الظهر وقرأ " ومن بعد صلاة العشاء ".

 ـ وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جمعت هذه الآية مواقيت الصلاة { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} قال : المغرب والعشاء وَحِينَ تُصْبِحُونَ } الفجر {وَعَشِيًّا } العصر {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} الظهر. أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ، مثله.

 ـ وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن السني في عمل يوم وليلة والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدعوات عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم لم سمّى الله إبراهيم خليله الذي وفّى لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى { سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون })(1).
 ـ وأخرج أبو داود والطبراني وابن السني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من قال حين يصبح { سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون ، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون } أدرك ما فاته في يومه ، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته من ليلته )(2)

 ـ وأخرج أحمد والحاكم والضياء عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله اصطفى من الكلام أربعاً : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر فمن قال سبحان الله ؛ كُتبت له عشرون حسنة ، وحُطت عنه عشرون سيئة ، ومن قال الله أكبر ؛ مثل ذلك ، ومن قال لا إله إلا الله ؛ مثل ذلك ، ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه له ثلاثون حسنة ، وحُطت عنه ثلاثون سيئة ".(3)

 ـ ومن لطائف الإمام القشيرى فى الآية قال عليه الرحمة : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } مَنْ كان صباحُه لله بُورِكَ له فى يومه ، ومن كان مساؤه بالله بورك له فى ليله :
وإنَّ صَبَاحًا نلتقي في مسائه ** صَبَاحٌ على قلبِ الغريبِ حبيبُ
 شتّان بين عبدٍ صباحُه مُفْتَتَحٌ بعبادته ومساؤه مُخْتَتَمٌ بطاعته ، وبين عبدٍ صباحه مفتتح بمشاهدته ورواحة مفتتح بعزيز قربته!
ويقال: الآية تتضمن الأَمر بتسبيحه فى هذه الأوقات ، والآية تتضمن الصلوات الخمس ، وإرادةَ الحقِّ من أوليائه بأَنْ يجددوا العهدَ فى اليوم والليلة خمْسَ مراتٍ ؛ فتقف على بساط المناجاة ، وتستدرك ما فاتك فيما بين الصلاتين من طوارق الزلات . هذا والله أعلم . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ إسناده ضعيف.
2ـ أخرجه أبو داود والعقيلي وابن عدى من حديث ابن عباس وإسناده ضعيف. وقال البخاري : لا يصح.
3ـ صحيح الجامع
اقرأ المزيد...

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

هل تحب القرآن؟؟؟

لو سألت بعضهم : هل تحب القرآن ؟ لأجابك بنعم أحب القرآن ، وكيف لا أحبه ؟

لكن هل هو صادق في هذا الجواب ؟
كيف يحب القرآن وهو لا يطيق الجلوس معه دقائق ، بينما تراه يجلس الساعات مع ما تهواه نفسه وتحبه من متع الحياة.
ولتعلم هل أنت صادق في دعواك حب القرآن أم لا اعرض نفسك على هذه العلامات لتقيس بها حبك للقرآن وهل نحن فعلا نحب القرآن .
من علامات حب القرآن :
1-الفرح بلقائه .
2- الجلوس معه أوقاتا طويلة دون ملل .
3- الشوق إليه متى بعد العهد عنه وحال دون ذلك بعض الموانع ، وتمني لقائه والتطلع إليه ومحاولة إزالة العقبات التي تحول دونه.
4-كثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه فيما يشكل من أمور الحياة صغيرها وكبيرها.
5-طاعته ، أمرا ونهيا.
فعلى كل منا أن يعرض نفسه على هذه العلامات فإذا ما وجد تقصيرا سعى للتغيير وتحقيق حب القرآن.

ومن وسائل تحقيق حب القرآن :
1ـ الاستعانة بالله تعالى ، وسؤاله سبحانه أن يرزقك (حب القرآن) ، ومن ذلك الدعاء العظيم عن ابن مسعود _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" (السلسلة الصحيحة )
فيكرره كل يوم ثلاثا ، خمسا ، سبعا ، ويتحرى مواطن الإجابة ، ويجتهد أن يكون سؤاله بصدق ، وبتضرع ، وإلحاح ، وشفقة ، وحرص شديد أن يجاب وأن يعطى ، إن بعض الناس لا يعرف الإلحاح في المسألة إلا في مطالبه الدنيوية المادية ، أما الأمور الدينية فتجد سؤاله لها باردا باهتا ، هذا إن دعا وسأل .
2ـ القراءة عن عظمة القرآن مما ورد في القرآن والسنة وأقوال السلف في تعظيمهم للقرآن وحبهم له من الأسباب المعينة على حبه ، فإن من أهم الأسباب لعدم حب القرآن هو جهلنا بقدره وقيمته .
ـ أقول : ومما لا شك فيه أن إدراك عظمة وقدر من القرآن كلامه سبحانه جل في علاه يورث حب القرآن وتعظيمه في النفوس ، فيكون الإقبال على قراءته بنفوس مشتاقه محبة مما يعين على فهمه وتدبره وإدراك معانيه وقبول ما فيه من الأوامر والنواهي ، ألا ترى أن أحدنا إذا جاءته رسالة من حبيب له فإنه يقرأها بكل حواسه ، ويتمنى لو قرأ ما وراء حروفها ويتأمل في معانيها ويحملها على كل معنى يحبه ويوده.
ـ وقفـــــــة :
هل كلنا يفهم معاني القرآن حين يقرأه ؟
لا أظن أن الإجابة ستكون بنعم ، بل إن ما نجهله من معاني القرآن العظيم أكثر بكثير جدا مما نعلمه وجهلنا بمعاني كلمات القرآن وآياته تقف وراء أننا نشبع منه بسرعة بينما لا نشبع من المتابعات الرياضية ومتابعات الملاحق الرياضية والفنية و الأزياء و..و...الخ من الأمور الدنيوية لماذا ؟
لأننا نعرف معاني و مصطلحات هذه الملاحق لكن آيات القرآن لا نعرف معانيها فنشبع منها بسرعة .ولو عرفنا هذه المعاني لما شبعنا من هذا القرآن لأنه كلام ربي سبحانه وتعالى .
فنسأل الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يمنّ علينا بحبه وحب كتابه وأن يعلمنا منه ما جهلنا ويذكرنا منه ما نُسينا وأن يرزقنا تلاوته ءاناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مفاتح تدبر القرآن/ خالد بن عبد الكريم اللاحم .بتصرف
*رحلة التدبر/خالد الخليوي.بتصرف
اقرأ المزيد...

أسبـــــاب الـنــــزول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرآن الكريم قسمان :
قسم نزل بدون سبب وهو أكثر القرآن ،وقسم نزل مرتبط بسبب من الأسباب. ومن هذه الأسباب:
أ- حدوث واقعة معينة فينزل القرآن الكريم بشأنها
ب-أن يُسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء، فينزل القرآن ببيان الحكم

ـ فائدة العلم بأسباب النزول :

1ـ أن معرفة سبب النزول يعيننا على فهم الآية وإزالة الإشكال فيها وفي ذلك يقول الإمام الواحدي :
"لايمكن معرفة الآية دون الوقوف على قصتهاوبيان نزولها"

وقال ابن دقيق العيد : "معرفة سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن"
اقرأ المزيد...

السبت، 25 سبتمبر 2010

الـدرة القرآنيـة الثانية / مع قوله (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ )



قوله تعالى ( وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .
هذه الآية من سورة البقرة من الجزء الأول منه ، قال ربنا -جل وعلا-فيها (وَقَالُواْ) الضمير عائد إلى الفريقين ،اليهود والنصارى ( وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ) والمعنى أن اليهود تزعُم أن الجنة حصر عليهم ، وكذلك النصارى تزعُم أن الجنة حصر عليهم ، وليس المعنى أنهم يقولون جميعا إن اليهود والنصارى في الجنة ، لكن كل فرقة منهم تقول بدعواها ودلّ على هذا التقسيم الآيات التي بعدها ، قال الله -جل وعلا- (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ) فاليهود والنصارى كل منهما يُبطل دين الآخر قال ربنا (وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ)،أما اجتماعهم اليوم كما يُرى فهذا سياسيا ،فهذا لمصالح يرونها قائمة تفرضها عليهم أن يكون بينهم شيء من التوافق وارتباط المصالح ، أما الأصل العقدي فإن هناك تباينا كبيرا ما بين اليهود والنصارى ، اللهم إلا أن يكون ضد هل الإسلام يتفقون .
قال ربنا أن هناك دعوى منهم ، اليهود تزعُم أن النار محرمة عليهم وأن الجنة لهم ، وكذلك النصارى ، فقال -جل وعلا- ( وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ) ثم قال (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ) أي دعاواهم الباطلة ،وجاء بالضمير "تلك" وهو يُفيد البعد ، وهذا البُعد حِسا ومعنى ، أي لا يمكن أن يكون الأمر كما قالوا ، (قل) أي يا نبينا (هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) استل منها العلماء معنى وهو :أن كل من ادعى أمرا نفيا أو إثباتا يلزمه الدليل والبرهان (قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ولا يمكن أن يكون هناك برهان لديهم إلا من الله ، والله -جل وعلا- لم يقل يوما في كتاب من كتبه ، ولا على ألسنة أحد من رسله أن الجنة لا تكون إلا ليهود أو أن الجنة لا تكون إلا للنصارى .
ثم بيّن جل وعلا بعد أن أبطل دعواهم وأظهر أنه لابد من إقامة الحجة ولا حجة لديهم ،بيّن الطريق الموصل إليه فقال (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )، من حيث الصناعة اللفظية كلمة "وجه" هنا تحتمل معنيين :
الأول : (أَسْلَمَ وَجْهَهُ) الوجه : العضو المعروف وكُني به عن سائر الجسد ،وإنما خُصّ بالذكر لأن فيه موضع السجود ،وفيه -كما تقول العرب-تظهر أمارات العزة وأمارات الذل ، وعليه تظهر المشاعر ، هذا قول من قال إن المقصود بالوجه هنا (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ) الوجه : العضو المعروف.
الثاني : قال بعض أهل العلم أن الوجه هنا ليس المقصود به العضو المعروف ،وإنما المراد به المقصد ، أي أسلم قصده ونيته لله جل وعلا .
على أنه حتى القائلين بأن المراد بالوجه هنا هو العضو المعروف يقولون كذلك بأنه لابد من سلامة القصد وأن الإنسان لا يُريد بعمله إلا وجه الله .
قال الله جل وعلا (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ ) وأبهمه هنا لكنه أظهره في آيات أُخر (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا )، ثم قال (وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) لما كان الخوف دثارا وشعارا للمؤمنين في الدنيا نُجوا منه في الآخرة ، فالخوف من مقام الله ،الخوف من القدوم عليه، هو الذي يعتري المؤمن في حياته الدنيا ،لكن ذلك الخوف يُقابله الرجاء ،وما يجمع بين الخوف والرجاء محبة الله جل وعلا في القلب ،وتعظيمه .
/ ثم قال جل وعلا (وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) فنفى عنهم الحزن ،والحزن والخوف منتفيان في الجنة بالكلية ضمن أمور أُخر نفاها الله جل وعلا ،كالموت وكالجوع والعري والأسقام وغير ذلك ، هذه كلها منتفية في الجنة ، فالجنة دار جزاء،ولا يليق بدار الجزاء والثواب لعباد الله المؤمنين ن يكون فيها شيء يُكدر على أهل الجنة حياتهم ، ألا ترى لنبينا -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الجنة في قيامه عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف .
لما كسفت الشمس في عهده رأى -صلى الله عليه وسلم- الجنة ، قال العلماء :أتاه الله -جل وعلا- مدارك حتى رأى الجنة ، ثم قُرب له منها عنقودا من عنب لكن يديه الشريفتين صلوات الله وسلامه عليه لم تصل إلى ذلكم العنقود لأنه مُعدٌّ جزاء في دار الجزاء فلا يصح أن يكون طعاما لمن كان في دار عمل ، ثم لا يصلح أن يكون شيء لا يفنى طعاما لشيء يفنى وهم أهل الدنيا .
والمقصود من هذا : قال الله جل وعلا : ( وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) أما الحزن الذي يأتيهم فلا ريب أن من مصائب الدنيا ما يُحزن ، وقد صرح به -صلى الله عليه وسلم- عند فراق ابنه إبراهيم (وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون) ، وأصاب الصحابة -رضي الله عنهم- ما أصابهم من الحزن يوم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
إذا تبيّن هذا فإن الغاية العظمى من هذه الآيات بيان أن توحيد الله -جل وعلا- واتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هما السبيل الأقوم إلى رحمة الله العزيز الأكرم . إذا فُطر القلب على التوحيد ،ومُلأ هذا القلب توحيدا لله -جل وعلا- وإجلالا نجا . هذا معنى ( مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).
ثمة قرائن يعرف بها الإنسان أين هو من توحيد الله ، من أعظمها :
أنه لا في حال كرب ،ولا في حال رغبة ،ولا في حال نعمة ،يفزع إلى أحد غير الله يسأله ، ولا غير الله يشكره ،إلا من أمرنا الله جل وعلا بشكره، تراه يتوخى المواطن التي يُعظم فيها الله عز وجل ، ولما كان الله لا يُعظم في مكان أعظم من بيوته ، تراه مُحبا لبيوت الله ،كلما شيء يرى أنه سبب في زيادة الدين واليقين تراه يُحبه ، هذا من دلائل أن القلب أسلم وجهه لله .
في حديث البراء بن عازب عند البخاري -رحمه الله-: قال البراء -وهو يومئذ صبي - يُحدث عن أيام صباه ، قال :"أول من قدِم علينا -يقصد من المهاجرين- مصعب وابن أم مكتوم فأخذا يُقرأننا -أي القرآن- ثم قدِم علينا بلال وعمار وسعد ثم قدِم عمر في عشرين -أي في عشرين مهاجرا- ثم قدِم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " قال البراء -وهو يُمثل ذاكرة تاريخية لذلك العصر - قال "فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء كفرحهم بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى رأيت الصبيان والولائد يقولون:جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكأن هؤلاء الصبيان والولائد كانوا ينامون على يد أهليهم ،يخبرهم أهلوهم أن رسول لله صلى الله عليه وسلم سيقدم ، كما نحن قبل العيد بأيام ننبئ أبناءنا وبناتنا وصغارنا أن العيد سيقدُم ،فتراهم يترقبون هذا اليوم ،حتى إن الصبي الصغير الذي لا يعقِل من أبنائنا كل يوم يسأل : أهذا هو العيد ؟ يريد أن يفرح ، حتى يأتي العيد .
فكان الصبيان والولائد يُمنّون برؤية وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى اليوم الذي دخل فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، فذلك الفرح المنتظر أصبح واقعا يُرى فقالوا : جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ذلك الفرح الذي كنا نحلم أن نبدأه قد وقع .
ولا ريب أن فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمهم -رضوان الله عليهم- أن حياته بين أظهرهم زيادة في اليقين والدين إذ أصبحوا يرون مُحياه ويُصلون وراءه ،ويجلسون في مجلسه ، ويستمعون إلى مواعظه ، ويجاهدون خلفه ويأتمون بصلاته ، وهذه كلها -قطعا-من أسباب اليادة في الدين .
إذاً، فَرَحُ المؤمن الموحد إنما هو مرتبط بما يزيد من إيمانه ، بما يقربه من الله جل وعلا زُلفى ، يفرح إذا أتمّ صيام يوم ، أو قام ساعة من الليل ،أو أعطى مسكينا ، أو واسى فقيرا ،أو قام بأي عمل صالح يُقربه من الله ، هذا فضل الله ورحمته التي يفرح بها المؤمنون ،وهي من أعظم دلائل أن القلب باقٍ على توحيد الله - جل وعلا - .
هذا التوحيد مع بعثة نبينا -صلى الله عليه وسلم- لابد أن يكون مقرونا بسنته -صلى الله عليه وسلم- ، فلزوم السُنة مع التوحيد حتى الممات من أعظم دلائل رضوان الله جل وعلا على العبد .الثبات على الدين ولزوم سنة سيد المرسلين .
قدِم العلامة الشيخ تقي الدين الهلالي -رحمه لله تعالى - وهو من علماء المغرب ،مُتوفى علم 1407 هـ ،قدِم المدينة أيام عهد الملك عبد العزيز -غفر الله له ورحمه- وكان الملك يسمع عن علمه واتباعه للسنة فعرض عليهأن يوليه الإمامة في المسجد النبوي ، فوافق على شرط أنه إذا صلى بالناس لا ينقص عن عشر تسبيحات في الركوع والسجود ، لكن الملك عبد العزيز -غفر الله له ورحمه-علِم أن في ذلك مشقة على الناس فاعتذر له ،فلم يُكلفه بالإمامة ، هذا الأمر وقع على ملأ فقطعا كان هناك ممن أسرَّ أو أعلن ممن يُعادون الشيخ يرون أن هذا رياء ، لكن السنون طُويت والأيام تعاقبت وعُمِّر هذا الشيخ الصالح حتى تجاوز التسعين .قابلت أحد تلاميذه الخاص اسمه الشيخ عبد الرحمن المغربي من أهل المدينة وهذا الشيخ عبد الرحمن مكث ست سنين آخر أيام الشيخ تقي الدين في المغرب مُلازما له ،فحدثني أن الشيخ تقي الدين بقي محافظا على التسبيحات العشر في الركوع والسجود لايُنقص منها لا في فرض ولا في نفل ولا في صلاة ليل حتى مات على ذلك ،وهو قد جاوز التسعين وضعُف وهذا قطعا ، ضعُف بدنه ومع ذلك حافظ على الشيء الذي قاله في الملأ .
التوحيد والسنة أن تكون عبادتك لله في الخلا أشد من عبادتك لله في الملأ ،ولهذا قالوا إن من مُثقلات القرآن قول سُفيان في تفسير قول الله -جل وعلا- {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } أن العدل أن تستوي سريرة المؤمن وعلانيته ،والإحسان أن تكون سريرته أفضل من علانيته .
نسال الله العافية ، والعلم عند الله .
اقرأ المزيد...

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

فوائد من تفسير سورة آل عمران للشيخ بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ 1ـ



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
هذه فوائد اقتطفتها من تفسير الشيخ بن عثيمين ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ ضمن سلسلة فوائد
أعتزم جمعها من تفسير الشيخ رحمه الله تعالى .

وستكون الفوائد في هذا الموضوع من سورة آل عمران من الآية (118ـ 128)

فبسم الله نبدأ :


ـ تصدير الخطاب بالنداء يدل على أهميته والتنبه له .
وتوجيهه للمؤمنين له ثلاث فوائد :
1ـ الإغراء على الامتثال كأنه يقول : إن كنت مؤمنا فافعل كذا وكذا.
2ـ أن امتثاله من مقتضيات الإيمان لأنه لا يُخاطب الشخص بوصف ثم يوجه إليه حكم متعلق بهذا الوصف إلا كان ذلك دليلا على أن امتثال هذا الحكم من مقتضيات الإيمان ، لأنه لا يصح أن توجه لفاسق كلمة تتعلق بالمؤمن .
3ـ أن الإخلال به نقص في الإيمان ،إذا وجه لهم الخطاب ولم يمتثلوا .
وهناك فائدة عظيمة إذا وُجه الخطاب للمؤمنين كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

"إذا سمعت الله يقول : (يأيها الذين ءامنوا ) فأرعها سمعك فإما خير تؤمر به أو شر تُنهى عنه.

ـ المكر والكيد ثابت لله تعالى في مواطنها بخلاف الخيانة فإن الله لا يُوصف بها لأنها صفة ذم بكل حال .

ـ قوله تعالى (والله وليهما):
ولاية الله تعالى تنقسم إلى : عامة وخاصة ، فالولاية العامة التي هي بمعنى التدبير،تدبير الشؤون،أما الولاية الخاصة فهي بمعنى العناية،أي تقتضي العناية .
هذه الولاية لا شك أنها خاصة لأن الإنسان إذا همّ بعصية أو بالذنب ثم حصل له من عند الله ما يمنعه عنه فهذه ولاية خاصة ولا شك.
وكثيرا ما يهُمّ الإنسان بالذنب أو بترك الواجب فيجد في قلبه إذا همّ بفعل المحرم إنحلالا عن هذه الهمة وعُدولا عنها ، هذه ولاية من الله ،أو أحيانا يهُمّ بترك الواجب فيُقيض الله له من يعينه عليه حتى يفعله.

ـ التوكل هو صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به وفعل الأسباب الذي أمر بها. فلا يكفي أن تصدق الاعتماد على الله حتى يكون في قلبك ثقة بأن الله سيعينك ويكفيك كما قال تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)،ولا يكفي أيضا أن تعتمد على الله وتثق به حتى تفعل الأسباب التي أمر بها ، لأنك إن لم تفعل الأسباب التي أمر الله بها كنت متواكلا لا متوكلا.
ويُذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له : إن قوما من أهل اليمن جاءوا حجاجا وليس معهم زاد فقالوا: نحن المتوكلون ، فقال إنهم ليسوا بمتوكلين ولكنهم متواكلون ، بمعنى أنهم مفرطون مهملون.

ـ إتخاذ البطانة من نواقص الإيمان بناء على القاعدة ـ ما كان الإيمان مقتضيا له فإن فواته يكون نقصا في الإيمان ـ .

ـ (قد بيّنا لكم الآيات ) الآيات التي بيّنها الله تعالى قسمان :
آيات شرعية وآيات كونية
وبيانه لها إما بالمشاهدات الحسية أو بالتأملات العقلية ، فالآيات الشرعية تكون بالتأملات العقلية ، والآيات الكونية بالمشاهدات الحسية التي قد تكون طريقا إلى التأملات العقلية।


ـ العدو هو من سره مساءتك وساءه مسرتك.

ـ أن الله سبحانه وتعالى قد يُملي للظالم حتى يتمادى في ظلمه وطغيانه حتى إذا ظن أنه قد بلغ القمة حطّ به إلى أسفل السافلين فصار ذلك أشد وأعظم ، وقد نبه الله على ذلك في سورة آل عمران فقال (وليُمحص الله الذين ءامنوا ويمحق الكافرين ) مع أنه في ذلك الوقت كان الظفر للمشركين في أُحُد لكن جعل الله ذلك سببا لمحقهم ، لأنهم إذا شموا رائحة النصر إزدادوا في طغيانهم ثم قووا ثم تكون النكبة.

ـ كلما قوي الإيمان قوي التوكل على الله لقوله تعالى (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) بناء على قاعدة معروفة وهي
"أن ما عُلّق على وصف يقوى بقوته ويضعف بضعفه"


ـ أسباب النصر خمسة :
1ـ الإخلاص لله تعالى لقوله تعالى (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ) الآية
2ـ إقامة الصلاة
3ـ إيتاء الزكاة
4ـ الأمر بالمعروف
5ـ النهي عن المنكر لقوله تعالى ( ولينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز* الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر )الآية

ـ شكر النعمة يكون بالقلب واللسان والجوارح.
ـ أما شكر القلب فأن تعتقد أن هذه النعم من الله فضلا منه ومِنة وأنه ليس لك منها إلا فعل السبب الذي أُذن لك فيه فلا تكن كما قال القائل (إنما أوتيته على علم عندي ) بل قل أُوتيته بفضل الله ورحمته حتى وإن كان من عملك .
ـ وشكر اللسان أن تُثني على الله ، لا أن تقولها فخرا على عباد الله ، بل تُثني فتقول : الحمد لله الذي أعطاني كذا وكذا لقوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث).
ـ والشكر بالجوارح يكون بالعمل بها في طاعة الله عزوجل ، ولاسيما فيما يتعلق بهذه النعمة بخصوصها فليس من الشكر إذا رزقك الله مالا أن تشتري به دخانا تشربه لأن هذا استعانة بنعمة الله على معصية الله ، أو تشتري به آلة لهو تتلهى بها فإن هذا ليس من الشكر ، بل الشكر أن تجعل النعمة مُعينة لك على طاعة الله عز وجل .


ـ الملائكة هم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور ووجه لهم عبادات وأعمالا يقومون بها لا يعصون الله بها ويفعلون ما يؤمرون ، فليس عندهم استكبار تكون به المعصية ، وليس عندهم عجز يكون به تخلف الفعل ، بل هم سامعمون مطيعون قادرون على تنفيذ أمر الله بخلاف البشر، فإنه يكون عندهم استكبار فيعصون الله ويكون عندهم عجز فلا يقدرون على تنفيذ أمر الله ، أما الملائكة فعندهم قوة لا يعجزون عن امتثال أمر الله وعندهم انقياد تام فلا يعصون الله تعالى.


ـ عزة الله تعالى ثلاثة أنواع :
1ـ عزة القدر : أي الشرف والسيادة والفضل كقولك هذا الشيء عزيز وجوده ، أي أنه منفرد بالصفات الكاملة عن غيره.
2ـ عزة القهر : أي الغلبة يعني أنه غالب ومنه قوله تعالى (فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب )أي غلبني فيه . فالله
تعالى له الغلبة فهو غالب لكل شيء .
3ـ عزة الامتناع : أي يمتنع أن يناله السؤ سبحانه أو النقص وهو مأخوذ من قولهم أرض عزاز أي صلبة قوية لاتؤثر فيها المعول.


ـ (الحكيم) حكم الله ينقسم إلى قسمين:
1ـ حُكم كوني لا يتخلف فيه المحكوم أبدا ومنه قوله تعالى (فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي)أي حكما كونيا.
2ـ حُكم شرعي : كقوله تعالى في سورة الممتحنة ( ذالكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )

ومنه قوله ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )
وفي كل منهما حكمة ، فما من حكم كوني أو شرعي إلا وهو مقترن بالحكمة لأننا قلنا أنه مأخوذ من الحكم والإحكام .
فالحكم الكوني لابد أن يكون له حكمة وكذلك الشرعي ،ثم إن الحكمة قد يُراد بها أن وقوع الشيء على هذا الوجه حكمة والغاية منه حكمة ، فتكون الحكمة في صورة الشيء وفي الغاية منه.
فكون الصلوات على هذا الوجه حكمة تتعلق بصورة العمل ، والغاية منها حكمة تتعلق بالمراد من هذا العمل وكل هذه الأقسام داخلة في قوله (الحكيم )


ـ ربط العزة بالحكمة يفيد معنى ثالثا غير المعنى المستفاد من الحكمة على انفراد ومن العزة على إنفراد ، وذلك لأن العزيز قد تغلبه العزة حتى يتصرف تصرف الطيش والسفه كما قال تعالى ( وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم )
لكن عزة الله عز وجل لا تخرج عن الحكمة ، لن يفعل شيئا على وجه السفه وإنما يفعله على وجه الحكمة.

ـ أن من منّ الله عليه بنعمة كان ذلك موجبا لتقوى الله .

ـ أن تقوى الله من شكر الله لقوله تعالى (لعلكم تشكرون ) فالتقوى من الشكر ، بل هي الشكر حقيقة لأن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، والشكر هو القيام بطاعة المُنعم بالقلب واللسان والجوارح .

ـ كان عليه الصلاة والسلام يُدخل الأمل في قلوب أصحابه عند اشتداد الأزمات ومن ذلك :
ـ عندما خافوا من إمداد المشركين بعضهم بعضا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلآف من الملائكة ) الآية .
ـ ولما أُخبر أن بني قريظة نكثوا العهد في عام الأحزاب أرسل لهم من يقص الخبر ، وقال للرسول إذا أتيتم فألحنُوا لي لحنا ، أي أخبروني بهذا إشارة ، لأنهم إذا جاءوا ووجدوا اليهود قد نقضوا العهد ثم أخبروا الرسول أمام الناس سيلحقهم الفزع والخوف .
فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه أن بني قريظة نقضوا العهد باللحن الذي أرشدهم إليه ، قال : أبشروا .
ـ وكذلك عندما كانوا يحفرون الخندق واعترضتهم صخرة شديدة عجزوا عنها جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه فجاء ونزل في الخندق وأخذ المعول فضربها ضربة انقدح منها شعاع قال في الأولى أضاءت منه قصور كسرى وفي الثانية قصور الروم وفي الثالثة قصور اليمن ( صنعاء ) فقال : أبشروا ، مع أن الله قال عنهم في تلك الحال ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم )الآية.

ـ ينبغي أن نُدخل باب الأمل على الناس والمقدر سيكون سواء أدخلنا باب الأمل الذي سينشطهم ويُدخل عليهم السرور وينسيهم الغموم أو أدخلنا عليهم باب المروعات والمقبضات.
ولا يكون إدخال الأمل إلا حينما يتعلق القلب بالله عز وجل وتنقطع الحيل إلا من عند الله سبحانه وتعالى.


ـ الربوبية نوعان : عامة وتقتضي التدبير والمُلك وهي في قوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين)
والخاصة : وتقتضي مع المعنى العام التثبيت والإعانة وكف الشرور وما أشبه ذلك ، كقوله تعالى( ألن يكفيكم أن يُمدكم ربكم )الآية ، وقد اجتمع النوعان في قوله تعالى عن سحرة فرعون الذين منّ الله عليهم بالإيمان ( قالوا ءامنا برب العالمين *رب موسى وهارون )،الأولى عامة والثانية خاصة.

ـ أن من نعمة الله على العبد أن يكون الذي يتولاه من الملائكة ، لأن الملائكة تُعين على الخير بخلاف الشياطين فإنها تُثبت على الشر .


ـ قاعدة في أسباب النزول :
إذا وجد لنزول الآية سببان ولم يمكن الترجيح فلا مانع من أن يتعدد السبب فيكون لنزول الآية سببان ،أي أنها نزلت بعدهما جميعا فيكون الأمران سبب لنزول الآية .

ـ توبة الله على الكافر أن يهديه للإسلام ، وتوبة الله على الفاسق أن يرده عن الفسق إلى الطاعة.


ـ توبة الله على العبد قسمان :
توبة سابقة ، وتوبة لاحقة وتوبة العبد متوسطة بينهما .
والتوبة السابقة مذكورة في قوله تعالى ( وعلى الثلاثة الذين خُلفوا ) الآية ( تاب عليهم ) هذه التوبة السابقة ومعناها التوفيق للتوبة ، أما التوبة اللاحقة فهي قبول التوبة وهي مذكورة في قوله تعالى ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) الآية
وتوبة العبد تكون بينهما .

ـ تم بحمد الله ـ















اقرأ المزيد...

الدرة الأولى / سورة المرسلات


الدرة القرآنية الأولى : سورة المرسلات ورد في سورة المرسلات حديثان جليلان لذلك اخترناها
الأول :حديث ابن مسعود ، والآخر حديث ابن عباس ، فأما حديث ابن مسعود فظاهره أنها من أول ما أُنزل فإنه أخبر كما في الصحيحين أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار في منى -وهذا ظاهره أن هذا في أول أمر الدعوة فأنزل الله -جل وعلا- على نبيه سورة المرسلات ،قال ابن مسعود"وإنا لنأخذها عنه -أي السورة- رطبة من فيه -صلوات الله وسلامه عليه- فإذا ابتدرتنا حية فقال : اقتلوها ، لكنها توارت " الذي يعنينا من هذا المقام أن السورة من أوائل ما أُنزل على رسولنا -صلوات الله وسلامه عليه- .
على المقابل جاء حديث ابن عباس يخبر أنها من آخر ما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن ابن عباس حبر هذه الأمة قرأ هذه السورة وأمه أم الفضل تسمع قراءته ، فلما سمعت أم الفضل -أمه- ابن عباس قالت : يا بني لقد أذكرتني بقراءتك لهذه السورة قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنها من آخر ما سمعت نبينا -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها في صلاة المغرب .
أما ما جاء فيها : فإن الله أقسم فيها بقوله { وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا *فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا *وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا *فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا *فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا *عُذْرًا أَوْ نُذْرًا *إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ }ـ العلماء في بيان هذا القسم على أقوال :ـ فأقوال ظاهرة الضعف مثل قول من قال : إن المُقسم به هنا المراد به : الرسل ، وهذا بعيد.
لكن جمهور العلماء أو أكثر العلماء من المفسرين بين حالين : هل المراد الرياح أم المراد الملائكة .
ـ فبعض العلماء قال : ربما كان القسم في الأول بالرياح ، لأن قول الله -جل وعلا- {وَالْمُرْسَلاتِ}أول ما يُستذكر المرء {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } وقوله -جل وعلا- {وَالْعَاصِفَاتِ} يأتي قوله -جل وعلا- {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } فالمفردات اللفظية تُعين على أن يكون المقصود هو الرياح .
- آخرون قالوا : إن المقصود بهذا القسم هم الملائكة فإن قول الله -جل وعلا- {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} لا يستقيم مع الرياح .
فالمسألة تنازعها العلماء ، والذي يظهر -والعلم عند الله- أن قول من قال : إن جميع المقسم به هنا يعود على مُقسم به واحد وهم الملائكة ، لعل هذا أرجح لأسباب منها :- أنه لا يوجد في الآيات قرينة تدل على أن هناك فصلا بين هذا الذي أقسم الله - جل وعلا - به ، أي من الصعب أن يُقال إن المُقسم به في أول الآيات الرياح ، والمُقسم به في آخر الآيات الملائكة وإن قال هذا بعض العلماء الأجلاء ، وجعلوا إن التناسب بينها اللطافة والخِفة ، وهذا يُقبل كرأي ، لكنه صعب جدا قبوله .
قلت : إننا نُسلم أو نقبل أو نرجح -بتعابير لك أن تختار منها- أن نقول : إن المراد بالقسم هنا كله قسم بالملائكة الكرام فيكون معنى قول الله -جل وعلا- {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} أي مُرسلة بالعُرف أو متتابعة ، وقوله -جل وعلا- :{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} تعصف بأجنحتها ، كما تنشر هذه تحتمل عند أهل العلم ثلاثة أقوال :ـ إما الاحتمال الظاهر وهو أن الملائكة تنشر أجنحتها.
- أو أن الملائكة تأتي بالنذر ،بالقرآن ، بالوحي ، وفي هذا نشر للميت من موته وبعثه بالعلم ،وليس المقصود الإحياء الجسدي .
- ومنهم من قال : إن النشر هنا بما تنشر من الوحي على الأنبياء .وهذا كله تقبله الآية .
ـ أما قوله - جل ذكره -{فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} فلا ينبغي التردد في أن المقصود به أن الملائكة تُلقي الوحي على أنبياء الله جل وعلا .
- {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} هذا من إقامة الحُجة وإيضاح المحجة من الله -جل وعلا- على خلقه.
ـ {إنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} يكاد يُجمع أهل التفسير على أنه جواب القسم . لما قال الله {إنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} فقهنا عِظم هذا اليوم ، مالذي يُوعدون ؟ ما كانت قريش -وهي المخاطب الأول بالقرآن- تُكذب بشيء أعظم من تكذيبها بأنه لا بعث ولا نشور{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}فجواب القسم {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} .
لكننا لا نستطيع أن نقطع أو نجزم لأن الخلاف في المسألة قديم بين السلف من الصحابة والتابعين ، لكن ما اختاره النسفي في تفسيره أن المقصود بالقسم واحد وهن طوائف من الملائكة منها ما يُرسل بالعُرف ، ومنها من يعصف عصفا ، ومنهم من ينشر نشرا ومنهم من يُلقي ذكرا .
- نلحظ في هذه السورة يكثُر {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } فهذه الآية تكررت كثيرا ، لها نظائر في القرآن كما في سورة الرحمن باديء الرأي أمر ظاهر جلي ، وفي سورة الشعراء شيء يسير من هذا {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ*وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }.
أما لمَ جاء هذا ؟ فينبغي أن يُعلم أن القرآن نزل بلغة العرب ولغة العرب من تدبرها وعلِم أساليبهم في الكلام وجد أنهم في بعض أحوالهم يصنعون هذا كما نجده ظاهرا في شعر مهلهل ربيعة ومن شعر الحارث بن عُباد : "قربا مربِط النعامة مني"، النعامة اسم فرس للحارث وهو اعتزل حرب بكر وتغلب في الأول فلما سمع أن مهلهل ربيعة قتل ابنه وقال : "بؤ بشسع نعلي كُليب "اضطره ذلك ليدخل الحرب والمعركة فذكر أبياتا طويلة موضع الشاهد منها كرر فيها قوله قرِبا -يُخاطب غُلاميه - مربط النعامة مني ، أي قربا فرسي حتى أدخل رحى المعركة ، إذا هذا ماضٍ على سنن العرب في كلامها ، لكن قال بعض العلماء : إننا ننظر إلى قول الله -جل وعلا- {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ثم ننظر في الذي قبله فيكون التكذيب عائد إلى ما قد ذُكر من قبل ، مثلا قال الله - جل وعلا :
{أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ*ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ *كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ *وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } إذا ويل للمكذبين أننا لم نُهلك الأولين {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءمَّهِينٍ *فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ *إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ *فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ *وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ويل يومئذ للمكذبين بأننا لم نخلقكم من ماء مهين ، وهذا ظاهر يمكن أن تقيس عليه الآيات ، وهذا عندي أجمل في التعبير ويمكن أن يُحتمل أن يكون التكذيب عاما ولا تعارض بين الرأيين، والقاعدة في التفسير : أنه إذا كان هناك رأيان لا تعارض بينهما يمكن جمع الآية عليهما .
- الله - جل وعلا - قال في هذه السورة المباركة:{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ } نقف عند كلمة "مهين" :
بعض أهل التفسير يقول : إن مهين هنا بمعنى حقير من المهانة ، الذلة ، الحقارة ، لما عُرف عن المني . والحق أن هذا بعيد ، لأننا لا بد أن نفقه سياق الآية ، سياق الآية ذكرها الله -جل وعلا- في سياق الامتنان ، المنة على عباده ، والله -جل وعلا- لا يمتن على عباده بمثل هذا ظاهرا بيّنا، فقوله تعالى {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ } استفهام يُراد به التقرير ، وهذا الاستفهام الذي يُراد به التقرير صعب أن نقول إن "مهين " هنا مقصود به الحقارة ، وإنما المراد به على الصحيح عندنا ،واختاره كثير من العلماء من قبل أنه بمعنى(ضعيف)، فإن قيل : أين هذا من اللغة ؟نقول : بل هذا في القرآن فإن الله - جل وعلا - ذكر ما دار من حوار بين فرعون وموسى عليه السلام وجاء فيه أن فرعون كان يقول {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ } أي ضعيف ، ومعلوم أن كلمة ضعيف بحسب ما تنسبها إليه،فلما تقول إنسان ضعيف في شخصيته قد يكون قوي البنية لكنك تقصد ضعفا معنويا، وعندما تقول ضعيف في ماله قد يكون فصيحا بليغا لكن لا مال ولا عقار له ، وهكذا بحسب استعمالها في اللغة ، هذا الذي يترجح من معنى قول الله - جل وعلا- {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ } .
- { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } بالاتفاق هو الرحم ، والضعف هنا أن هذا الماء قابل لأن يتطاير ، قابل لأن يتشتت ، قابل لأن يضيع ، قابل لأن يهلِك ، فأوجد الله - جل وعلا - في الرحم ما يحفظه ، ثم قال ربنا { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } ولا ريب أن الله - جل وعلا - أعظم من قدِر وأجلّ من مَلَك ولا أحد يخلق غيره .
ـ قال ربنا في السورة المباركة { أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا*أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا } أحياء على ظاهرها وأمواتا في باطنها ،فهي تجمع الأحياء على ظهرها وتجمع الموتى في باطنها ولا يقدر على هذا إلا الله ويؤيده ما قاله الله في طه :{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } وقال -جل وعلا- :{ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } .
- مما ذكره الله تعالى في هذه السورة أن قال {هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ *وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } القارئ لهذه الآية يُشكل عليه الأمر إذا قرأ قول الله - جل وعلا - {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } فهذه الآية أثبتت النطق ، في حين أن آية المرسلات نفته ؟ لما سُئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن هذا قال "إن القيامة مواقف فثمة مواقف يؤذن لهم فيها بالحديث والكلام والنطق وثمة مواقف لا يؤذن لهم فيها بالحديث ولا بالنطق " هذا جواب الحبر ، فبعض العلماء من المفسرين قال : "إنه يؤذن لهم فينطقون ، لكنهم ينطقون نطقا لا ينفعهم ، ومادام لا ينفعهم فكأنهم لم ينطقوا" وهذا جواب جيد لكن جواب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أكمل لمقام رضوان الله تعالى عنه وعن أبيه في علم التفسير .
- في السورة المباركة { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ*كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ } اختلفوا في معنى هذه الآية ، فرجح ابن جرير وهو إمام المفسرين وأكثر المفسرين يأخذ عنه - وقد قيل عن كتابه إنه لم يُؤلف في الإسلام مثله - اختار أن المراد الإبل السود ، وابن جرير ينزع دائما إلى أنه يأخذ في القرآن بمقتضى ظاهر كلام العرب على أن الجمال لا تُعرف إلا الجمال والإبل المعروفة ، و"صُفر" العرب تُسمي الشيء الأسود أصفرا ، هذا منحى ابن جرير في التفسير ، وبعض العلماء قال إن المقصود قطع النحاس ، وبعض العلماء - ويُروى هذا عن ابن عباس- أن المقصود بها حبائل السُفن المفتولة ، والعلم عند الله-
- خاتمة المطاف في هذه الوقفات من سورة المرسلات عند قوله - جل وعلا -: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}
والمراد : القرآن فلا حديث أكمل من كلام الله ، وسنضرب بيانا واضحا في هذا الشأن : مرتبة المقام المحمود أعلى المنازل على الإطلاق لا أجلّ منها ولا أعظم ، كتبها الله لنبينا صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد - جل ذكره - أن يُخبر ما السبب ، ما السبيل - بعد رحمة الله - لنيل هذا فقال {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } وأنت أيها المبارك فما بالك بغيرها، فالقيام بالقرآن في الليل هو القنوت المحمود ، طول القراءة بالقرآن في الصلاة في الليل هو أعلى المقامات وأشرفها الموصل لأعلى المنازل التي يهبها الله -جل وعلا- لعباده .
اقرأ المزيد...

التدبـــــــــــــــــــر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تعريف التدبر لغة :
تدور مادة الكلمة حول أواخر الأمور وعواقبها وأدبارها ، فالتدبُّر هو : النظر في عواقب الأمور وما تؤول إليه.
قال الزجاج : " التدبر : النظر في عاقبة الشيء "
وقال الزمخشري: " تدبُّر الأمر : تأمُّله والنظر في إدباره وما يؤول إليه في عاقبته ومنتهاه ، ثم استعمل في كل تأمل؛ فمعنى تدبر القرآن : تأمل معانيه وتبصر ما فيه"

وقال الشوكاني: " يقال تدبرت الشيء : تفكرت في عاقبته وتأملته ، ثم استعمل في كل تأمل ، والتدبير : أن يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته"/ملتقى أهل التفسير.

أما عن معنى تدبر القرآن فهو : التفكر والتأمل لآيات القرآن من أجل فهمه ، وإدارك معانيه ، وحكمه ، والمراد منه والخضوع لأوامره واليقين بأخباره

لماذا التدبــــــــــــر؟


تدبر القرآن امتثالا لقول الحق تبارك وتعالى في كتابه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }وفي قوله {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} وكذلك في قول الله عز وجل { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }

والتدبر أمر عظيم أهمله المسلمون في العصور المتأخرة ولعل هذا هو أحد أسرار تخلفهم في هذا العصر ، فعندهم كتاب عظيم لكنهم لا يفهمونه ولا يعقلونه ولا يُخالط قلوبهم ولا يغير حياتهم . فعلينا أن نعيش مع القرآن ونهتم به تدبراو تذكرا و أتعاظا وعملا.
وقد أثنى الله تعالى على المتأثرين بكلامه جل وعلا وذكر لهم صفاتا وأحوالا منها :
قوله ـ سبحانه ـ {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } [(83) سورة المائدة]
ـ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [ (2) سورة الأنفال ]
ـ {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ (124) سورة التوبة]
ـ {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [107-109 :سورة الإسراء]
ـ { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*} [(58) سورة مريم]
ـ {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [(73) سورة الفرقان]
ـ {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [(53) سورة القصص ]


ـ {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [ (23) سورة الزمر]


وفي المقابل ذم الله حال من هجر تدبر القرآن ولم يفقه القول في مواطن عدة وبصيغ مختلفة في كتابه الكريم :

ـ {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }
ـ {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }
ـ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }
قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ :

"ما تضمنته هذه الآية الكريمة من التوبيخ والإنكار على من أعرض عن تدبر كتاب الله ، جاء موضحاً في آيات كثيرة...ومعلوم أن كل من لم يشتغل بتدبر آيات هذا القرآن العظيم أي تصفحها وتفهمها ، وإدراك معانيها والعمل بها ، فإنه معرض عنها ، غير متدبر لها ، فيستحق الإنكار والتوبيخ المذكور في الآيات إن كان الله أعطاه فهماً يقدر به على التدبر.

وأخيـرا فإن للتدبر علامات وصفتها وجلتها لنا الآيات السابقة ألا وهي :

1- اجتماع القلب والفكر حين القراءة ، ودليله التوقف تعجبا وتعظيما.
2- البكاء من خشية الله.
3- زيادة الخشوع .
4- زيادة الإيمان ، ودليله التكرار العفوي للآيات.
5- الفرح والاستبشار.
6- القشعريرة خوفا من الله تعالى ثم غلبة الرجاء والسكينة .
7- السجود تعظيما لله عز وجل .
فمن وجد واحدة من هذه الصفات ، أو أكثر فقد وصل إلى حالة التدبر والتفكـــر ، أما من لم يحصل أياً من هذه العلامات فهو محروم من تدبر القرآن ،ولم يصل بعد إلى شئ من كنوزه وذخائره ،قال إبراهيم التيمي :"من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق ألا يكون أوتي علما لأن الله نعت العلماء فقال :{قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [(107-109) سورة الإسراء].
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم.

ـ إن كل يوم يمر بك ولا يكون لك نصيب ورزق من هذه العلامات ، فقد فاتك فيه ربح عظيم ، وهو يوم حري أن يبكى على خسارته.
ـــــــــــــــــــــ
*مَفاتح تدَبّر القرْآن وَالنّجاح في الحَياة/د.خالد بن عبْد الكريم اللاحم
*تدبر القرآن /سلمان بن عمر السنيدي
*موقع ملتقى أهل التفسير





اقرأ المزيد...