السبت، 11 أبريل 2020

وقفات مع سورة فاطر من دورة الأترجة


/ قوله تعالى : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً)
- بعض الناس يدّعي عداوة الشيطان وهو مطيعٌ له، كما قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- قال: "يا مفتري يا كذّاب تزعم أنك عدو لإبليس في العلانية وأنت تطيعه في السر!"
- لو اتخذ الشيطان عدوا لأخذ له العُدة والاستعداد كاستعداده لعدوه الكافر تحسبا لأي لحظة يهجم عليه فيها.

/ قوله تعالى:  (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً..)
 الرياح ثمان: أربعٌ منها عذاب وأربعٌ منها رحمة :
  فالعذاب في : القاصف والعاصف والصرصر والعقيم
 والرحمة في الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات.

/ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ)
قال جماعة من السلف: "هم المراءون بأعمالهم يمكرون بالناس يوهمون أنهم في طاعة الله وهم بغضاء إلى الله عز وجل"
 يراؤون بأعمالهم وهذه الصفة أكثر ما تكون في المنافقين كما قال الله (يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:142] فالآية عامة في المشركين والمنافقين وغيرهم وأول من يدخل في هذه الآية هم المشركون ولهذا قال تعالى (لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) أي يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنُهى لأنه ما أسرّ عبدٌ سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، ما أسرّ أحد سريرة إلا كساه الله رداءها إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

  / قوله تعالى : (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ)
 من العلماء من قال: إن الزيادة زيادة حقيقة فيكون الآدمي له أجلان ، أجلٌ تعلَمُه الملائكة ، وأجل مغيّب في علم الله ، فإذا وصل رحمه -والله عالم بحقائق الأمور هل سيصل أو لم يصل- فإذا وصل رحمه جاءته الزيادة التي كتب الله، مثال: إنسان افرض إن الله كتب عمره تسعين سنة إذا وصل رحمه وعمره ستين سنة إذا لم يصل رحمه ، فالملائكة لا تعلم العمر المعلّق الذي هو التسعين إنما تعلم العمر الستين فإذا قيل لهم إذا وصل الرحم أوصلوه للتسعين وإذا لم يصل الرحم فأوصلوه للستين فهذا يسمونه الأجل المعلق أو العمر المعلق.
وقيل: إن طول العمر وقصره إنما هو بحسب البركة فقد يعيش الإنسان عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو خمسين سنة ويكون كأنه عاش مئات السنين نظراً لما نفع الله تعالى به من أمور الخير والعلم والعمل والدعوة إلى آخره، وبعض الناس تسعين سنة ومئة سنة ولا كأنه عاش إلا عشر سنوات أو خمس سنوات نظراً لقصر ما عمل من الصالحات والخيرات وما إلى ذلك. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "خيركم من طال عمره وحَسُنَ عمله وشرّكم من طال عمره وساء عمله".

/ قوله تعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
 قال ابن عباس: الذي يعلمون أن الله على كل شيء قدير.
قال ابن مسعود: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية.
وقال عمر: كفى بخشية الله علماً.
والمقصود بالعلماء هو العاملون بعلمهم.
- وقال سفيان الثوري عن بعضهم: كان يقال العلماء ثلاثة:
- عالِمٌ بالله عالِمُ بأمر الله
- وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله
- وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله
 فالعالم بالله وبأمر الله الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض
 والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض
 والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى الله
 وخيرهم أوّلهم، وشرّهم آخرهم.

 /  من أسماء الله (الشكور)  وهو الذي يشكر القليل من العمل ويضاعفه لصاحبه حتى يكون أضعافاً مضاعفة.

/ قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ )
قال ابن كثير: "الصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأمة هو المفرِّط في بعض الواجبات المرتَكِب لبعض المحرمات.
  (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) وهو المؤدّي للواجبات التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات ويفعل بعض المكروهات.
 (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) وهو الفاعل للواجبات وللمستحبات التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات.
- جاء عن ابن عباس في الآية قال: "هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورّثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يُغفر له، ومقتصدهم يُحاسب حساباً يسيراً، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب".

- قال إبراهيم التيمي: "ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن يكون من أهل النار، لأن أهل الجنة قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ)، وينبغي لمن لم يُشفِق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة، لأنهم (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)".

/ قوله تعالى : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)
كان مسروق يقول: "إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حِذره من الله عز وجل".
وجاء عن ابن عباس: "أن العمر الذي أعذر الله فيه لابن آدم في قوله (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) هو ستون سنة" وهذه الرواية عن ابن عباس هي الصحيحة -كما يقول ابن كثير- لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (أعذر الله إلى امرئ أخّر أجله حتى بلّغه ستين سنة). 
- قال عليه الصلاة والسلام (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلّهم من يجوز ذلك).

/ قال الضحّاك: قال محمد بن كعب القرظي: ثلاث من فعلهن لم ينجُ حتى ينزل به - يعني ينزل به هذا الشر وهذا الضرر- من مَكَر أو بغى أو نكث، وكلها في القرآن. 
المكر قال الله هنا (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)
والبغي (إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) 
والنكث (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ).
-----------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق