الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

الدرس (٢٠) من تفسير سورة النور / دروس من قصة الإفك

د. ناصر العمر 

..  نواصل مع ( بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) مع هذه الدروس العظيمة من قصة ومن حادثة الإفك وهي مليئة جداً ولكن بنيت دراستي على الاختصار كما ترون .
من هذه الدروس :
/ أن من حلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليُكفِّر عن يمينه كما في الحديث الصحيح ( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ ) أي لا يحلف وقد حلف أبو بكر فرجع عن يمينه وكفَّر عن يمينه.

/ ذكر العلماء وجوب الحجاب لأنه صفوان بن معطَّل السُّلَمي رضي الله عنه قال : فوجد عائشة نائمة قال : كنت أعرفها قبل الحجاب فعرف أنها هي فاسترجع رضي الله تعالى عنه ، فنقول : إذا كان الحجاب مفروضاً على أمهات المؤمنين وهن أمهات للمؤمنين فمن باب أولى أن يكون الحجاب على غيرهن فبُعد التهمة هذا دليل قال العلماء : قياس الأولى .
/ اهتمام النبي عليه الصلاة والسلام بأمر الجهاد والغزو وهذا الذي تحتاجه الأمة اليوم والجهاد على نوعين أيها الإخوة : جهاد طلب وجهاد دفع ، وهذا الذي أوقع البعض في اللبس لأننا نحن نحسن النية في بعض من تكلم عن الجهاد في سوريا وقال : إنه ليس جهاد أو قال إنه فتنة قد يكون من الأسباب أيضاً أن يقول أين الراية ، في باب جهاد الطلب لابد من وضوح الراية، أن تكون الراية واضحة راية إسلامية واضحة، أما في باب الدفع - أيها الإخوة - دفع العدو فكل من استطاع أن يقاتل فليقاتل ، كيف يعتذر ؟ كما بالأمس يتحدث الأخ من حِمص ويقول : ولو تركناهم ما تركونا ، فإذاً لابد من الدفاع هنا هذا من الجهاد لا شك في ذلك، يدافعون عن أنفسهم .. عن أعراضهم .. عن أموالهم فلنُفرِّق بين هاتين المسألتين لأن هناك -مع كل أسف- هناك من يروِّج بعضهم بحسن نية وبعضهم بسوء نية -وهم كثيرون- أن هذا فتنة، أن هذا كذا ما لنا دخل فيما يحدث واعتزلوهم .. هذا غير صحيح، هذا غير صحيح ثم يستدل باعتزال سعد رضي الله تعالى عنه وبعض الصحابة كأسامة و أبي بكرة. هذا قتال بين الصحابة وهذا قتال بين نُصيريين كفرة مجرمين وبين مسلمين وهذا يقول الصحابة اعتزلوا الفتنة ؟ سبحان الله!! ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ) ما يمكن هذا الأمر، هذا خلل ولبس .. نعم. الأمة لن يعود لها عِزها إلا من هذا الجانب .
وهنا أيها الإخوة حتى أوضح نقطة مهمة جداً بعض الناس يقول : أين التفاؤل ؟
 إذا كانت حادثة الإفك مع مرارتها وقسوتها وشدتها يقول سبحانه وتعالى : ( لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) ما يحدث في الشام الآن والله فيه من الخيرات الشيء العظيم ، كما أن الإفك قدر كوني ليس مقصوداً لو علِم النبي صلى الله عليه وسلم أن عائشة ليست في الهودج لما تركها، ولو الصحابة توقعوا أنها غير موجودة لمّا حملوا هذا الهودج، لكن لله حكمة ليتحقق الخير.
 فما يحدث لإخواننا في الشام قدر كوني لكنه أيضاً فيه من الخير العظيم ، من الخير :
هل أحد سيكشف حزب اللاة كما تكشفه الأحداث الآن ؟ يا إخوان قبل الأحداث كانت صور هذا - عدو الله - زعيم الحزب في كثير من بيوت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وبالذات في الشام ، الآن يمكن لأحد أن يترك صورته بعدما فعل وتآمره مع النصيريين ومع إيران ؟ إيران التي فُتِن فيها بعض المسلمين بل بعض الجماعات الإسلامية فُتنوا بإيران حتى أني قلت لكم أول ما قامت الثورة هناك من يقول هذه من ستعيد الخلافة الإسلامية ، الآن تأتي الأحداث تكشف ما لا يستطيع العلماء أن يفعلوه مهما حاولوا بكشف النظام الإيراني، النظام النصيري، حزب اللاة، العراق، لا يمكن أن يكون مثلما يحدث في الشام أمام العالم هذا نصر عظيم في الحقيقة صحيح فيه دماء، طيب والدماء ؟ كما قال أحدهم بالأمس في إحدى القنوات الفضائية : ألا ترى الدماء ؟
 قلت : الجواب سآتيه من سورة القتال اسمعوا سورة القتال سورة محمد : ( وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) ولكن يا رب هؤلاء القتلى ( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ) وهذا ليس معناه أن نتساهل في الدماء ولكن هذه حكمة الله البالغة، أهم شي أن يكون قُتِل مسلماً مدافعاً عن دينه وعقيدته فلا ضرر عليه من القتل وهذا كلام الله جل وعلا، فلذلك قراءة الأحداث والتفاؤل ، قلت : هؤلاء الحزب عدو لله - حزب اللاة - الذي قلت لكم فُتِن فيه دعاة علماء وليسوا عامة، دعاة يكتبون بياناً وتأييداً وأن الوقوف معه من أوجب الواجبات ونصر للأمة والملة في حاضرها ومستقبلها. تعالوا الآن مستقبلها - إذا قبِلنا ما يتحدثون عنه سابقاً- أي مستقبل؟؟ هذا نصركم ودعمكم لحزب اللاة وتقويتكم له انظر ماذا يفعل بالمسلمين، ناقشناهم قبل صدور البيان ما قبِلوا منا وبعد صدور البيان ما رضوا ، جاءت الأحداث هل يستطيع أحد منهم الآن أن يدافع عن هذا الحزب، لا نشك في صدق هؤلاء فيمن معهم من صدقهم وإخلاصهم لكنهم أخطأوا وعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يستغفروا من هذا الخطأ العظيم المنهجي دعم هذا الحزب المجرم الذي عُرِف انحرافه وجريمته قبل أحداثهم مع اليهود ، أما كونه وقع قتال الفيتناميين كان معهم قتال مع الأمريكان، صحيح الفيتناميين مظلومون وقضيتهم عادلة، وجنوب أفريقيا وثنيون قتالهم مع الدول *** ليس مجرد القتال مبررا ً لأن نزكي من يقوم به إذا لم يكن على منهج وعلى أصول فهذا هو الفرق أيها الإخوة.
نعم.. اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم واهتمامه بالجهاد كما في هذه القضية - قضية الإفك - حادثة الإفك سببها أنهم كانوا خرجوا للجهاد ، الأمة بدون جهاد لا شيء، المفوضات وغيرها والتعلق بالأمم المتحدة، قلت وأقول وسأظل إذا انقطعت القلوب إلا من الله جل وعلا جاء النصر ( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا ) من معه؟ معه قوة؟ معه سلاح؟ (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) فمن كان مع الله ومعه الله فلا يخف ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) فإذا انقطعت القلوب إلا من الله يأتي النصر ( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) الآن فيه قتل، فيه ظلم، فيه تهجير ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ) لاحظ "الرسول" (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ) هدئ بالك ( أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) لاحظوا المؤمنون يقولون : ( مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ) الآن هناك من يثير في الشام اليأس وطالت المدة هل ممكن أن تنتصروا ؟ ثم يبدأ يلقي اللوم على غيره ، لا يا أخي ثباتهم أكثر من سنة بل تتصاعد الأرقام هذا انتصار، قبل أن أُدخل إليكم رسالة أتتني أن الآن بدأ النصيريون يتنازلون من الشروط والجيش الحر يتشدد في الشروط فقط يطلب النصيريون أن الجيش الحر يوقع على عدم القتال ويوقفون القتال ويرفض الجيش الحر ، قِلة مستضعفة في الشام لا يملكون إلا أدوات بسيطة وهؤلاء معهم أضخم الآلات الإيرانية التي تملك المُفاعل النووي والسلاح الرهيب الذي يملكه حزب الشيطان والنصيريون ومع ذلك سنة لم يهزموهم ، لما قال قوم هود عليه السلام : ( مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ ) قال العلماء ومنهم الشيخ ابن سعدي رحمه الله : "أن من أعظم آيات هود أنه يقول : اجتمعوا الي كلكم ثم افضوا الي ولاتنظرون وما استطاعوا أن يفعلوا فيه شيء" قومه بالآلاف كفار ويتحداهم وحده مع أن عاد قوم هود أُعطوا من القوة - كما تعلمون - كما بيَّن الله جل وعلا قوتهم العجيبة جداً من أقوى ما مر من الأمم ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) وقوة عجيبة ومع ذلك يتحداهم وحده ويقول لهم : اتفضلوا تقدموا ( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ) استعدوا ومع ذلك لم يستطيعوا أن يفعلوا فيه شيء، قال هذه تكفي آية، هذه آية من أعظم الآيات.
 فكذلك هؤلاء أكثر من سنة الآن بل تتزايد الأرقام والخسائر ويثبتون ويقدمون الدماء، هذا إنتصار يا إخواني ، بسطاء لا يملكون شيئاً، خذلان من كثير من الدول بل مؤامرات وقليل من وقفت بتصريحاته أو مواقف يسيرة لا تتكافأ مع المعركة وهم ثابتون نسأل الله أن يثبتهم .. آمين .
إذاً أيها الإخوة هنا لا مجال لليأس ولا مجال لبث للتشاؤم ولا مجال للنظرة السوداء ولكن علينا أيضاً أن نعيد النظر في واقعنا، المعاصي قد تخذل أصحابها، اختلاف القلوب، التفرُّق ، وهذا ما ركّز عليه المؤتمر أيضا، لأنه إذا اختلفت القلوب ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) وإذا كان حدث من الصحابة شيء من ذلك ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) مع أنهم جزء من الرُماة وليسوا الرماة كلهم، والرماة كلهم جزء من الجيش وتقع الهزيمة على الجميع ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) يجب أن نعالج مشكلاتنا من القرآن. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعني بالجهاد ويربي أصحابه على الجهاد صلى الله عليه وسلم ، والحديث ذو شجون عن هذا الأمر .
/ أيضا النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولا صحابته الكرام ، ولو كان يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام ما مشى وهو يحسب أن زوجته معه وهي ليست معه وهي من أحب النساء إليه ، نعم .. مشى الجيش وهم لا يعلمون، مشوا فترة ونامت وهم لا يعلمون فلو كان يعلم الغيب النبي صلى الله عليه وسلم لعرف أنه فقَد زوجته ، الصحابة لو كانوا يعلمون الغيب لن يحملون الهودج على أن فيه عائشة وليست فيه عائشة ، ماذا نقول عن الأولياء أنهم يعلمون الغيب ؟ خرافات تعشعش في صدور الأمة لأن الآن مع كل أسف فكر التصوف ينتشر الآن ويزعمون عن أولياء أنه سقط عنهم التكليف وأنهم يعلمون الغيب وأنه العلم من لدن إلى غير ذلك ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ( فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ ) يأتيه الغيب وإلا ما يعلم الغيب وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف إدعاء أن الولي الفلاني يعلم الغيب، لأن موضوع التصوف - كما قلت - في تهامة ذهبنا ووجدنا هناك أُناس - مع كل أسف - بدأ ينتشر عندهم هذا الأمر ويرون أن الولي يدير الكون يعني أعطوه الألوهية - والعياذ بالله - فموضوع التصوف خطير والسكوت عنه أخطر يجب أن ننتبه الآن ، في السابق عن هذا الأمر نسمع بها أكثر مما نراه لكنه الآن منتشر بدأ عبر قنوات فضائية، عبر أدوات، عبر الأحباش، عبر غيرهم، والأمر يحتاج إلى جِد . فإذا الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب .
/ أيضاً من تلك الدروس في هذه الوقفات: رعاية الله لأوليائه، فعائشة رضي الله تعالى عنها لما جاءت للمكان ما وجدت أحد ألقى الله عليها النوم ، والنوم للأولياء يكون في الازمات نعمة ( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِنْكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ) هؤلاء لا يحتاجون أمنة ( يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ) فنزول النوم في الأزمات نعمة وتفيد صاحبها .
/ كذلك من نِعم الله جل وعلا على السيدة عائشة وهي كثيرة جداً أنها لم تعلم عن الحادثة إلا في أيامها الأخيرة ، شهر كامل لا تعلم وهو وجود المرض عندها فهذه نعمة أخرى أيضاً ، المرض في ظاهره بلاء لكن هنا في هذه الحالة نعمة أنه حماها من أن تعلم ماذا يحدث فما علمت إلا في الايام الأخيرة وما بين علمها - كما قلت الأسبوع الماضي - ونزول براءتها إلا أيام يسيرة، هذه رحمة من الله بها.
 ولهذا فأقول للإخوة من واقع تجربة وقلتها لكم مراراً في سورة الليل هذه السورة العجيبة وكل سور القرآن ولاشك ، هذه الأقسام العجيبة ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ) سمعت أحد المشايخ أكثر من مرة ولديه مشاريع - وقلت لكم هذا الكلام وأعيده- لأنه ربما البعض لم يسمعه يقول : "عندما سمعته وأنا أحفظه من ابتدائي قبل سنوات كنا في مجلس فقرأ احد المشايخ قراءة جميلة يقول : فكأني لأول مرة أسمعها يقول : والله إني ما عانيت من مشكلة إلا وتنحل فقط أتذكر هذا ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ ) أي عطاء - كما فسر العلماء ومنهم الشيخ عبدالرحمن السعدي وغيره - أي عطاء ليس المال فقط ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ ) الله ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ )
في رحلتنا هذه واجهتنا مشكلات والله يا إخوان لولا ضيق الوقت وليس من المناسب ذكر بعضها لأنها حساسة كيف انفرجت وكيف انحلت تتعجبون ، لأن الذين ذهبوا - أسأل الله أن يصحح مقاصدنا ونياتنا- ما قصدوا إلا أعطوا عطاء يبحثون عما عند الله جل وعلا فيسرهم الله لليسرى مع العقبات الشديدة التي كادت أن تقع .سبحان الله.
 إذاً كلما كنت مع الله جل وعلا ستجد الحل، فيا إخوتي الكرام خذوا هذا منهج أقسام عظيمة جداً ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ ) بعد هذا القَسَم العظيم بل عدة اقسام ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ) فانت مُيسر فقط اضبط الثلاثة شروط: أنك تعطي عطاء تريد وجه الله، وتؤمن بوعد الله فهذا وعد من الله أنه سييسر لك الأمر .
 فيقول الأخ : لا أذكر مشكلة صغرى أو كبرى واجهتني إلا انحلت، هذا لا يعني أنه لا يواجه مشكلات هو يواجه مشكلات لكن تنحل يقول: لأني أستحضر هذه الآيات بيقين وصدق ، وأكثر من مرة واجهت هذا الشخص قضايا حساسة والله انتهت يا إخواني بشكل عجيب ولا نعلم أحياناً كيف انتهت إلا أنها من الله ، فلذلك عائشة رضي الله تعالى عنها يسّر الله لها هذا الأمر بل للنبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك . 
/ عداوة المنافقين وحقدهم على المسلمين وهذا لا يحتاج الئ المزيد من البيان و الإيضاح فمرارً سنتحدث عنه وما نزال . 
/ مشي الأجنبي أمام المراة كما فعل صفوان وكما ذُكِر عن موسئ عليه السلام وهذا من الحكمة، فإذا كان الإنسان في مثل هذه الحالات أن لا تمشي المرأة أمامه لأنها فتنة ، أنها فتنة ولذلك إذا كنت أخي الكريم حتى وأنت تطوف في البيت ورأيت بعض النساء يطفن وربما مظهرهن قد يفتن حاول أن تُسرع وتجعل المرأة إن استطعت وأنت تسعى خلفك لأن الشيطان سيُشغلك بها، فالمرأة فتنة ولذلك لاحظوا تركيز الأعداء من المنافقين وأمثالهم الآن على موضوع المرأة يريدون أن يدخلوها في كل مجال لأنهم يعرفون كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم وحذّر، أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، الآن الفتنة كما ترون وأحوال عظيمة بدأت في توظيف المرأة في غير مجالها في غير اختصاصها شيئاً فشيئاً ثم يبدأ الاختلاط ثم يحدث ما هو أعظم من ذلك نسأل الله السلامة والعافية.
 ولذلك على الإنسان أن لا يأمن حتى قال بعض السلف : "والله لو استأمنوني على عجوز شمطاء ما أمنت على نفسي" ، بل قال بعض السلف : " لا تدخل على امرأة وإن كانت عجوزاً بحجة أنك تريد أن تعلمها كتاب الله" لا تأمن نفسك - طبعاً يقصد خلوة - لأنه هنالك من يبرر لنفسه بشيء، تساهل الناس في هذا الأمر وتساهل الرجال - مع كل أسف - ووقعت فتن نسأل الله أن يحمينا ويحمي بلاد المسلمين منها .
/ البهتان جسر يقود المرء إلى هلاكه فهلك - تقول عائشة - هلك من هلك في شأني ( وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ) فإذا رأيتم الفتن فابتعدوا عنها ، لا تقل أريد ان ادخل الفتنة وأنجوا منها .. لا ، الأولى أن تبتعد عنها .
 وأختم بقصة ذكرها لي شيخنا الشيخ محمد العجلان -رحمه الله - مدير جامعة الإمام - سابقاً - وكان يحضر معنا هذا الدرس مع أنه هو من أفضل المشايخ الذي علموني الفقه فالدرس الذي أمامكم هو أثر من آثاره - رحمه الله - وكان يحضر الدرس لأن بيته قريب من المسجد وأذكر ما كان يخرج من الدرس حتى يصلي العشاء إذا وافق وكان موجوداً .
 فذكر لي قصة في بيته قبل سنوات وهو توفي قبل أشهر - رحمه الله - وأسأل الله أن يغفر له وأن يرحمه بعد مرض طويل ، يقول:
 أن عمرو بن العاص ومعاوية وهو معروف عنهم أنهم من أذكياء العرب قال احدهما للآخر - كل واحد قال للآخر من باب أنهم من قبيلة واحدة كما تعلمون فقبيلتهم واحدة من قريش - فكل واحد منهما قال للآخر : أنا أذكى منك - كما يكون بين الزملاء من مسامرة ليس مفاخرة - قال : إذا كنت أذكى مني قال : كل واحد منا يذكر لنا قضية تدل على أنه ذكي ، قال معاوية - ومعروف عن معاوية ذكاءه رضي الله عنه لاشك - قال : ما وقعت في مشكلة إلا تخلصت منها بذكائي - وهذا طبعاً من توفيق الله لاشك في ذلك - ما وقعت في مشكلة - إلا بدهائه تخلص منها - معروف- لئلك بقي أربعين سنة حاكماً ويقول : بيني وبين العرب شعرة إن جروها أرخيتها وإن أرخوها جررتها . وهذا من ذكائه، وله قصص في الذكاء عجيبة قال : ما وقعت في مشكلة إلا نجوت منها .
 وقال عمرو رضي الله عنه : أنا القضية التي ستوقعني في مشكلة لا أقرب منها ، قال له معاوية : أنت أذكى مني . قال : الذي أحتاج إلى أن أنجوا منه لا أقربه أصلاً، وهذا صحيح.
 فلذلك أنا أقول للشباب لا يقل سأدخل في قضية ثم أنجو منها، الله سبحانه وتعالى قال : ( فَاجْتَنِبُوهُ ) لما ذكر الزنا اجتنبوه ، الاجتناب غير الترك، امشي من الجانب الثاني إذا كان هو في الشارع هذا امشِ أنت من الشارع الآخر فاجعل بينك وبينه مسافة، فكذلك الفتن. فعائشة تقول هنا : فهلك من هلك في شأني - لأنه وقع في الفتنة نسأل الله السلامة مع أن بعضهم من الصحابة رضوان الله عليهم ، والعصمة لمن عصمه الله.
 وبعض الشباب هداهم الله الآن يتساهلون في هذا الأمر يدخلون مواقع معينة ثم شيئاً فشيئاً ثم قد يقع في الفتنة والبلاء عبر مواقع وعبر قنوات أو الجوال أو غيره ثم يُدمِن هذا الأمر مع أن البداية ما كانت هكذا، ما كان يقصد هذا الأمر وربما كان لديه شي من القصد الحسن وكذلك بعض الفتيات تبدأ بداية ربما ما كانت تتصورها تقول (** ) عن نفسي مكالمة أو غيرها وفي النهاية - والعياذ بالله - إنهاء أخلاقها - فض بكارتها - هذا واقع الأمر مع أنك لو سألتها عن البداية ما كانت تتوقع أن تصل لهذا الأمر. اجتناب الفتن ومواقع الفتن حتى يسلم الإنسان ونقول اللهم سلم سلم .
 أقف عند هذا الحد أسأل الله أن يحفظنا وإياكم ولا تنسوا إخوانكم من الدعاء وبالذات إخواننا في الشام وفي فلسطين وفي كل مكان ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وصلى الله على سيدنا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق