الاثنين، 13 أبريل 2015

الدرس (٦) من تفسير سورة النور - وقفات مع الآية الثانية/ د.ناصر العمر


نواصل مع سورة النور هذه السورة العظيمة ولازلنا في الآية الثانية أيها الإخوة كما قال الله جل و علا :
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) واليوم لا أدري هل نستطيع أن نكمل الآية الثانية أو لا وكما قلت مراراً ليست العبرة كم نأخذ بل كيف نأخذ و كيف نتلقى العلم ، الأسبوع الماضي ذكرت ما يتعلق بالتفسير التحليلي للآيتين وسبب النزول.
 اليوم أقف وقفة أخرى تتعلق في موضوع الزنا وأثر الزنا لأن الله جل وعلا قال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة وََلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) وثبت الرجم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الآية التي نُسِخت لفظاً ولم تُنسَخ حُكماً ( والشيخ والشيخة إذا زنيا ) - يعني الرجل و المرأة - ( فارجموهما البتة نكالاً من الله و الله عزيز حكيم ) فقط هذه مما نُسخ يقول العلماء لفظاً ولم تُنسخ حكماً لأن النسخ كما تعلمون على أحكام قد تُنسخ لفظاً وحُكماً وقد تُنسخ لفظاً لا حُكماً أو حُكماً لا لفظاً كما هو معروف . بادئ ذي بدء في موضوع ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) وقلنا في سورة المائدة : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) هنا قدم ( السَّارِقُ ) وهناك قدَّم ( الزَّانِيَةُ) ذكر أحد الأخوة قبل المغرب أرسل لي هو الآن موجود معنا في الدرس قال : كنت أعمل في دار ملاحظة ووجدت أنه في دار ملاحظة الشباب الذين هم من أعمار ثمان سنوات إلى عمر ثمانية عشر سنة - تسمى دار الأحداث - أكثر الجرائم التي وقع فيها هؤلاء الأحداث هي السرقة عند الذكور و بالنسبة للفتيات دار الملاحظة للفتيات أيضا أكثر ما وقعن فيه الجرائم اللا أخلاقية. فسبحان الله هنا يؤكد ولا شك هذا يبين وإلا هذا حكم الله.
 هناك قدَّم ( السَّارِقُ ) في الرجل و قدّم ( الزَّانِيَةُ ) في المرأة وبيّنت هذا سابقاً فلذلك أقول هذه عقوبة بالرجمٌ للمحصن وبيّنا من هو المحصن في الأسبوع الماضي والجلد والتغريب لغير المحصن جلد مائة وتغريب عام له أحكام عظيمة فهو يؤدي كما قلنا إلى حفظ الأنساب وصيانة الأعراض وهذا من المقاصد العظيمة -كما تعلمون- من الضرورات الخمس المحافظة على العِرض والنسل هذه الضرورات الخمس أيها الإخوة مما أجمعت الشرائع عليها كلها -الشرائع- أقصد السماوية التي نزلت من عند الله جل وعلا وإلا فدين الله واحد ، لا نقول الأديان السماوية أيها الإخوة لاحظوا نقول : الدين واحد (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) فدين الله واحد من آدم إلى أن يبعث الله الأرض ومن عليها فالدين واحد لا نقول أديان سماوية، ما فيه أديان سماوية فيه دين واحد ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) لكن في شرائع سماوية ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) وهذا يقتضي منا تحرير الألفاظ يا أحبتي لأن الإعلام الآن يكرر الأديان السماوية أنا لا أقول أنه لا يجوز تماماً قد يوجد له تخريج لكن الأفضل كما قال عز وجل : ( لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) أن نتجنب الألفاظ المبهمة ولذلك أذكر في مؤتمر البحرين فوجئت -الذي كان في نصرة النبي صلى الله عليه و سلم- أنهم قالوا : لو يصدر ميثاق باحترام الأديان والأنبياء فقمت وعلّقت وقتها وقلت كيف نحترم الأديان ؟ نحن لا نحترم إلا ديناً واحداً وهو دين الإسلام أما بقية الأديان كيف نحترم الدين البوذي والدين الهندوسي والأديان الوثنية والأديان المحرفة لا يجوز أن نحترمها والإحترام هو عمل قلبي لكن أما احترام الأنبياء فلا شك لكن ممكن أن نقول مراعاة أتباع الأديان  لتحقيق المصلحة ودرء المفسدة ( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فهنا فرق بين مراعاة المصلحة ونقول إحترام الأديان وإصدار ميثاق كما طالب البعض احترام الأديان لا .. لا يمكن ، نحترم ديناً واحداً ولكن مراعاة أتباع الأديان والحوار معهم ودعوتهم للإسلام وعدم التعدي عليهم هذا نعم. فهذه إشارة سريعة.
 فأقول : نعم فحفظ الضرورات الخمس جاءت في كل الشرائع السماوية ومنها الحفاظ على العِرق والنسل يتعلق بموضوعنا هنا نعم هذه العقوبة التي قد يقول البعض يا إخوان أنها عقوبة قاسية وهي خاصة الرجم وأذكر -مع كل أسف- أنه عُقِد مؤتمر في الرياض لبعض وزراء العدل في بعض الدول الإسلامية هو المؤتمر تبع وزارة العدل هنا قبل سنوات لوزارات العدل في الدول الإسلامية فوزارة العدل في المملكة قدمت ورقة جميلة تبين فيها أثر تطبيق شرع الله على استتباب الأمن وإقامة الحدود فيحدثنا أحد الإخوة يقول: جلس فلان مع وزير من وزراء العدل في دولة إسلامية -سماها لن أسمها- قال : كيف تطبيق الحدود ؟ بيّن لي ؟ يقول قال له - كذا -أعطيكم العبارة و اسمحوا لي على تجاوزي شوية في اللفظ أنقلها كما هي - يقول له قلت : إذا مثلاً إنسان زنا وهو غير مُحصن يُجلَد مائة جلدة ، قال : ماشي - قال هكذا ماشي وكان معه ورقة - يقول : إذا كان مُحصناً يعني متزوجاً وقد تزوج زواجاً شرعياً فيُرجَم ، قال : لا .. لا هذه كبيرة .. كبيرة لا .. لا ، يقول : فمشيت معه قلت له : كيف السارق ؟ قلت : السارق إذا ثبت عليه تُقطَع يده، قال : لا .. لا كبيرة هذه كبيرة. نعم يا إخوان نعم هذه حقيقة وهذا واقع في دول القانون الوضعي ، الغرب هو الذي أشاع هذه ، وهذا الذي قلت لكم قبل قليل نعم لا نرضى أن يحكم أوروبي أو غيره لكن حتى بعض أهل البلاد الإسلامية أسوأ قد ربّاهم الأوروبيون والغربيون والأمريكيون فهم أسوأ منهم علمانيون يحاربون شرع الله. فإذاً انظروا إلى هذه الحقائق وفقاً لتقرير المركز الوطني الأمريكي تصوروا يا إخوان هذا التقرير قبل اثني عشر عاماً وليس اليوم حالات الحمل التي سجلت بوزارة الصحة لديهم أو المركز ستة ملايين ومائتين وستة سبعين ألف حالة منها ثلاثة ملايين وتسعمائة وستين ألف انتهت بمولود حي هذه حالات الحمل فقط ليست حالات الزنا حالات الحمل التي سُجلت وإلا هناك حالات لم تُسجل ولم يُعلم عنها، فأكثر من ستة ملايين حالة حمل في سنة واحدة الذي ولد مولود حي قرابة أربعة ملايين، حالات إجهاض مليون وثلاثمائة ألف وزيادة وفقدان الجنين بدون إجهاض أكثر من مليون والعجيب أيضاً -سبحان الله .. لا إله إلا الله- وجدوا وهنا الحكمة البالغة أنه يُرجَم المحصن ويُجلد الغير مُحصن وجدوا أن النساء المتزوجات في الغرب هن أكثر النسب التي وقعت في الزنا والحمل أكثر من البنات -حتى في الغرب- اللاتي لم يتزوجن فهنا تكون العقوبة ملاءمتها لتساهل بعض المتزوجات في ذلك وكذلك أفادت الدراسة أن ستة ملايين حالة منها ثلاثة ملايين وزيادة كانت حالات من نساء متزوجات ومليونين وقليل كانت من نساء غير متزوجات ، نسبة المواليد من غير أزواجهن من النساء المتزوجات 74% أما غير المتزوجات وكانت نسبة المواليد سِفاحاً 49% بينما الذين قُتِلوا إسقاطاً 39% .
و في جريدة الشرق الأوسط -أيضا- قديماً أيضاً نشرت تقريراً هذا التقرير نشر عام 1980 يعني قبل قرابة 21 سنة يعني 1400 التقرير في 15/7/1400 بدقة أن 75% في أوروبا من الأزواج يخونون زوجاتهم حتى لا يُفهَم أننا نتكلم عن المرأة فقط 75% من الأزواج يخونون زوجاتهم  ولذلك العقوبة بالرجم مُعتبَرة لأنه يقع من غير المتزوج أكثر كما في هذه النسب ، وكذلك وجدوا أن منظمة الصحة العالمية تقول أن هناك ستة وأربعين مليون امرأة تُجهض سنوياً لا يلزم أن يكونوا طبعاً من الزوج أو من غير الزوج فلذلك لما تكون العقوبة يقولون أنها رادعة هذه حقائقكم وستأتي حقائق أعظم أن ما يدخل في اختلاط الأنساب ومن خيانات كلها توضح لماذا ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه ) فهذه مسألة.
 ولهذا أيضاً أقول مسألة أخرى عندما يأتي اليهودي أو النصراني و يقول : لماذا ترجمون ؟ نقول له : أنت يهودي ؟ قال : نعم أنا يهودي على شريعة موسى وهو يكذب طبعاً مُحرّفة لكن نناقشه بعقله ونقول للنصراني : أنت نصراني على شريعة عيسى عليه السلام؟ يقول لك : نعم طبعاً - وهي شريعة محرّفة لكن الجدال أحياناً لابد من مراعاة هذا ( قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) الحوار و الجدل له أسلوب ، لا يعني القبول بما يقول لكن من باب إفحامهم.
 نقول : في شريعتكم في التوراة هو الرجم موجود كما في الحديث الصحيح واللفظ للبخاري في حديث عبدالله بن عمرو قصة اليهوديين الذي جيء بهما وهو حديث معروف ولذلك أنكروا ذلك حتى دلّهم عبدالله بن سلام أنه موجود في التوراة أنهما يرجمان فرجمهما النبي صلى الله عليه و سلم بل نقول لهم أنه في سِفر التثنية الذي بين أيدينا اليوم الفصل الخامس من الفقرة عشرين ما نصه يقول : وإذا كان الأمر صحيحاً - يعني الزنا- و لم توجد عذرة للفتاة يُخرجون الفتاة إلى باب بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قُباحة في بني إسرائيل بزناها في بيت أبيها .
 وفيه أيضاً في اثنين وعشرين في سفر التثنية إذا وُجِد رجل مضطجع مع امرأة زوجة بعل يُقتَل الإثنان الرجل المضطجع مع المرأة ، وهكذا أمامي نصوص كثيرة من التوراة الموجودة الآن تبين أن الرجم موجود وأمامنا الحديث الصحيح لسنا بحاجة لكن من باب التأكيد ، ولكن هؤلاء يجحدون وينكرون كما جحد أسلافهم ففضحهم عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه . وكما تعلمون أن في صحيح البخاري في ما يتعلق بالزنا عن عمرو بن ميمون قال : (رأيت في الجاهلية قِرْدةً اجتمع عليها قِرَدَة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم) حتى القِرَدة ترجم الزاني من بني جنسها وهذا في صحيح البخاري والقصة طويلة .
مراعاة البشر يقول يسأل سائل وهذه من الحكم وأشار إليها ابن القيم -رحمه الله- عجيبة يقول : "في السرقة تُقطَع اليد وفي الزنا غير المُحصن -غير المتزوج- يُجلَد البدن ولا يُقطَع الذكر" قال في حكمة عجيبة قال : "في السرقة تُقطَع اليد لأنها هي التي امتدت في السرقة ولا يُقطَعُ الذكر لأن الله جل وعلا يريد بقاء النسل يُطَهر من ذنبه و يبقى النسل ولو قُطِع ذكره لانقطع النسل بينما قد تُقطَع يد السارق و يبقى يتكسب" ثم ذكر هذا الذي قلت سبب عجيب ، قال : "أما جلد الجسم -البدن- من ظهره لأن البدن هو الذي يتلذذ في الزنا غالباً البدن يتلذذ كل البدن بالزنا فيُضرَب ، أما السرقة فتجد أن السارق -غالباً- أن بدنه مرتعد وخائف وغير متلذذ في أثناء السرقة وإنما اليد هي فقط التي تسرق وإلا تجده خائف وجِل فهي لا تتلذذ، البدن لا يتلذذ فكانت العقوبة لليد ولذلك لما قال أحد المعارضين لحكم الله :
 يد بخمس مئين عسجد وُديت ** ما بالها قُطعت في ربع دينار
 وُديت - يعني دية - الآن لو تُقطَع يد إنسان خطأً فإن ديتها كما تعلمون نصف الدية ، فيقول : كيف نصف الدية قد تبلغ إلى مائة ناقة الآن أو أكثر بحسب الآن الجديد الدية الآن وصلت لأربعمائة ناقة الآن فمعناها قيمة اليد لو قطعها إنسان، تعدى على إنسان وقطع يده -هذا إذا كان خطأً أما إذا كان متعمداً فهذا حكم آخر- بأكثر من مائتي ناقة ، لكن لو يسرق بما قيمته -كما تعلمون- بربع دينار تُقطَع فهذا يقول يعترض يقول:
 يد بخمس مئين عسجد وُديت ** ما بالها قُطعت في ربع دينار
 فردَّ عليه الآخر قال :
 عزّ الأمانة أغلاها وأرخصها ** ذِلّ الخيانة فافهم حكمةَ الباري
 لما كانت أمينة كانت غالية بهذه الدية ولما كانت خائنة فهي ذليلة لابد أن تُبتر من الجسم فهذا قال الفرق أيضاً من الحكمة في السرقة تقطع اليد وفي الزنا يجلد أو إذا كان مُحصناً يرجم والرجم مرة أخرى ليس بقطع الرقبة كما تلاحظون يُرجَم بالحجارة جميع أطرافه تضرب رأسه وبدنه وقدمه حتى يموت قالوا : "لأن البدن كله تلذذ بهذا الجماع" غالباً و هذه حكمة عظيمة جداً استنبطها ابن القيم وغيره رحمهم الله ، إذاً هذه مسألة مهمة .
وقفنا عند قوله تعالى : ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه ) قيل أن الرأفة : هو ترك إقامة الحدود ، وقيل : الرأفة هي الشدة بما يوجَب لا بما يضر -كما بينا في الأسبوع الماضي- والأمر يسير وقد اتضح .
هنا قال ابن القيم : "وليس المنهي عنه الرأفة الطبَعية" علّق أحد الإخوة في ضبط الألفاظ قال : "استخدام كلمة الطبيعية غلط" .. لماذا؟ قالوا : إن الصحيح أن نقول طَبَعي لأن في الطبيعة نسبة إلى الطبيعة لما نقول : طبيعي الطبيعة المخلوقة ولا يُنسَب شيء هنا للمخلوق فعندما نقول الطبعية فهي نسبة للطبع البشري . فهناك خلط بينهما فإذا قلت الطبيعية فقد أخطأت ، وإذا قلت الطبعية فقد أصبت لأنك نسبت إلى الطبع الذي يكون للإنسان وأخلاق الإنسان ، أما الطبيعية فتكون للخلْق والله أعلم.
هنا قبل الأخير من أكثر ما أشاع الزنا من المنظمات الدولية هو حماية الزناة كما في مؤتمر الإسكان الذي عُقِد في مكسيكو عام ألف وأربعمائة وأربعة وقدم دعماً مالياً لأصحاب الخيانات وغير المتزوجين وطالب تقديمهم بالسكن على المتزوجين في الدول التي وقّعت على هذا الأمر حتى يقول لا يضيعوا ! كيف لا يضيعوا وهم يجدون هذا الأمر وقدموا لهم ضمانات ، فمؤتمر المرأة بكل أسف هذا الذي يُسمى مؤتمر الإسكان وعُقِد في بكين وعُقِد في القاهرة وعُقِد في عدد من الدول ووقعت عليه الدول وبعضها تحفظت على بعض بنوده كما حدث -على حسب علمي- المملكة وبعضها لم تتحفظ ، يدعو فعلاً إلى إشاعة الفاحشة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) فمن المنظمات الدولية التي تحمي هؤلاء هذه ، ولذلك كما تعلمون في مؤتمر -مع كل أسف- شاركت فيه وزارة التربية كما هو في التقارير المعروفة اختلاط رجال و نساء حتى أنهم كانوا يقدمون الواقي الذكري -أكرمكم الله- في هذا الملتقى وهذا معروف ومنشور وصدر بيان من العلماء في هذا مُثبت بالحقائق فهناك بعض المنظمات الدولية تشجع على هذا الفجور وعلى الزنا وعلى الإختلاط بين الجنسين وهذا له خطورته كما لا يخفى .
 ( فِي دِينِ اللَّه ) في حكم الله -كما قلنا- وهناك من يريد أن يُبعد حكم الله جل وعلا ، الآن تُطرَح قضايا ما يسمى بالعقوبات البديلة وهي موجودة في الغرب أنا لا أدخل في تفاصيلها لكن هناك من يحاول أن يبعد حكم الله جل وعلا وخاصة في الحدود فليجب أن ننتبه لهذا الأمر وأنه لا يحكم الناس إلا دين الله جل وعلا ولا يطمئن الناس إلا بدين الله جل وعلا ولذلك سمّى الله جل وعلا : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) وهو حكم الله جل وعلا كما في سورة يوسف وغيره .
( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ذكرت هذا ولكن قيل: من الحكمة إظهار الحدود وتطبيق الشرع ردع من تسول له نفسه عندما يراه المؤمنون غير عندما يراه الفسقة إغاظة الظالمين الذي يحادون في حكم الله جل وعلا ، الحذر من التساهل في الإخفاء فإن الإخفاء قد ربما لا يؤدي إلى الزجر ففيه زيادة النكال والزجر إلى غير ذلك من الأسباب والله أعلم .
 قال بعض العلماء : لعل من الحكمة أيضاً أنه ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ليسوا من الكافرين قالوا : حتى لا يُشاع وهذا عند الكفر ولهذا استنبط منها بعض الفقهاء أنه لا تصوَر إقامة الحدود كالجلد أو الرجم قالوا : لأن تصوريها وبثها عند الكفار قد يكون فتنة لهم فمن الحكمة منع التصوير بل بعضهم حرمها أن تصور أو أن تشاع حتى لا يقال أنها تخوف الناس لأنها تتناقل وقد يُستَغل السذج والضعفاء الذين لا يعرفون هذا الدين أنه دين الشدة والوحشية فلا يكون من الحكمة هذا من قول العلماء وهذا دليله : ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ولا يشهدهم الكفار. هذا استنباط جميل تدبري، فلا تُنشَر.
بعض الإخوان هداهم الله في بعض اللقطات لا لا أخص في هذه القضية يتساهلون في النشر وقد تكون فيها إشاعة للفاحشة قد يكون لها آثار، قد يكون فيها طعن، قد يكون فيها أسباب يجب أي صورة يراعى فيها هل تصلح تُنشر أو لا في ظل الواقع الإعلامي اليوم الذي ترون ليس كل صورة مناسبة، التشهير ببعض الأشخاص أحياناُ قد يقعون في خطأ، إنسان وقع في خطأ ليس معروف من سيرته أبداً ثم يفاجأ بأنه يصور وينشر في العالم هذا لا يجوز يا إخوان وليس من العدل ويجب أن يُعرَف الفرق بين هذا وغيره، إذا كان إنسان عُرِف بتقواه وبحسن معاملته للناس وأخطأ في موقف معين "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" فيُنشَر أمام الناس ويُجرَّح ويُشهَّر به وهو خطأ واحد وقد يكون له ما يبرره ، أنا لا أدافع عن الخطأ لكن تساهل -مع كل أسف- بوسائل التقنية اليوم ولا ينتبه الناس لخطورة هذا الأمر وتحريمه ، كل حالة لها ما يناسبها، فصورة تُنَشر ويساعد إنسان في نشرها قد يكون لها آثار نفسية وعلى المؤمنين وعلى الأمة لأني ألاحظ بعض الشباب يتساهل في هذا الأمر ويحسب أنه يحسن صنعاً وهو لا يُحسن صنعاً في الحقيقة بل يسيء ، الستر في بعض القضايا مطلوب شرعاً وتختلف الأحوال والله أعلم .
نقف عند هذه الآية وفي الدرس القادم بإذن الله نكمل الآية الثانية لأنه نريد أن نأخذ آيةً آية .
 نسأل الله أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الفجار، يحمي بلادنا من أولئك الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا عبر وسائل عدة في التحرُر واختلاط الرجال والنساء ودعم هذه البرامج في السفر وغيره والابتعاث -مع كل أسف- غير المنضبط فلابد أن نحمي بلادنا وأهلنا ونساءنا وأن نتقي الله جل وعلا حماية لهم ولأعراضنا وأعراض المسلمين أما أولئك ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) فلنتقِ الله جل وعلا ، أسأل الله أن يحفظنا وإياكم وأن يوفقنا وإياكم لحج بيته الحرام ، وعلى من وُفِق للحجّ أن يسثمر هذا الحج، أن يحجّ الحج الشرعي حجة النبي صلى الله عليه وسلم وأن يستغل أو يسثمر الفرصة للدعوة إلى الله وبخاصة إخوانه الذين يأتون من خارج البلاد ، ليست الدعوة أن يلقي كلمة قد يوزع شريطاً أو كتاباً أو يحسن ويساعد فقيراً أو ضعيفاً والذين لم يُكتب لهم الحج أن يستثمروا هذه الأيام في طاعة الله وفي عبادته وأوصي أيضاً بصيام عشرة الأيام وهي التسعة الأيام وإن كان البعض مع كل أسف قال : لم تُشرَع .. لا لأن الحديث الصحيح : ( ما من أيام العمل الصالح فيه أحب إلى الله من الأيام العشر ) ولاشك أن الصيام أفضل الأعمال الصالحة ، وقد ورد عن حفصة مرفوعاً للنبي صلى الله عليه و سلم و لكن فيه مقال ولكن حتى و إن كان ضعيف فهو من العمل الصالح ، القُربات كثيرة وأن يحيي شعيرة التكبير المقيد والمطلق وأن يستثمر البعض هذه الإجازة لمن لم يحجّ في قضاء ما يحتاجه من أقارب وأهله وخدمة المسلمين في كل مكان . أسأل الله أن يوفقنا وإياكم وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين وأسأل الله جل وعلا أن يُقِرّ أعيننا بانتصار المسلمين والمجاهدين في كل مكان وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم وأستغفر الله وأتوب إليه وعذراً. ونلتقي على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق