الثلاثاء، 27 يناير 2015

من هدايات سورة العاديات

د. محمد بن عبد العزيز الخضيري


 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه...
  هذه السورة العظيمة افتُتحت بأقسام من الله سبحانه وتعالى، وكثرتُ الأقسام تدل على أهمية ما يُقسَم عليه فقال الله عزوجل (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً)
 والمُقسم عليه (إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)
 هذا القسم أو هذا المُقسم عليه يُراد منه تأكيد حقيقة ينبغي لكل إنسان أن يعرفها وهي أن الإنسان بطبعه جحود وعليه أن يقاوم هذا الجحود الذي عنده (كنود) بمعنى: جحود وكفور بنعم الله عزوجل.
 ولعل سائل يسال :ما علاقة الأقسام بالعاديات التى هى الخيل؟ وفي قولٍ عند بعض المفسرين أنها الجمال لكن القول بأنها الخيل أولى وأقرب إلى ألفاظ هذه الآيات والأوصاف المذكورة .
نقول لأن الخيل تتميز بأن صاحبها إذا اعتنى بها وفت معه في وقت الشدة فهي تكِرُ وتفِرُ وتُدافع عن صاحبها وتدخل فيما ميادين الموت وهي تعلم بالهلكة لكن وفاء مع هذا الذي كان يُعلفُها ويرعاها ويقوم عليها. هذا الحيوان ردّ الجميل وقام بالواجب ووفَى لمن أحسن إليه رغم انه مُقبل على الموت.
 فأنت أيها الإنسان ماهي كرامتك عند الله!! ماذا أعطاك الله من النعم!! (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) [إبراهيم:٣٤] فلماذا أنت مع هذه النِّعم وهذا الإكرام وهذا التفضيل على سائر المخلوقات دائماً تبدو جحوداً .. كفوراً بنِعم الله عزوجل، من حين ما تُصاب بمصيبة أوتنزِل بك ملمة أو تتغير عليك الأحوال وإذا بك تسئُ الظن بالله سبحانه وتعالى وترى الأمور وقد اسودت في عينيك وكما قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) [سورة المعارج] وهذا لاشك كله من كفر النعمة.
 فعلى الإنسان أن يستيقظ لهذا الأمر وأن يقاوم ما استطاع في أن يكون دائماً وأبداً شاكراً لنِعم الله، مُتحدثاً بما أفاء الله عليه من النِّعم سواء كانت هذه النِّعم في بدنه، أو كانت في ولده وأهله، أوكانت في ماله، أوكانت في وطنه، أوكانت في عقله وفِكره، أو كانت في دينه، أو كانت في دراسته وعِلمه، أو في أي شئ من نِعم الله التي لا يمكن لأحد أن يُحيط بها عدّاً ولا يحصاها.
 على الإنسان دائماً أن يشكر الله وشكر الله عزوجل يكون:
أولاً: بالاعتراف بهذه النِّعم وتِردادِها على القلب وذِكرها بين الفينة والأخرى ولو أن الإنسان اضطر إلى أن يكتبها ويُسجل ما يعِنُّ له منها لكان ذلك مما يُحمد للإنسان ليشكر نعمة الله سبحانه وتعالى فيعترف بها في قلبه ويعلم أنها من عند الله جل وعلا وأنها ليست بجِده ولا قوته ولا من والده ولا من دولته ولا من أحد من الخلق وإنما هي من الله وحده .
الثاني: يتحدث بها بلسانه وقد مر بِنَا في سورة الضحى أن الله سبحانه وتعالى أمرنبيه بأن يُحدِّث بنِعم الله عليه بعد أن ساق تلك النِّعم قال (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فعلى الإنسان أن يتحدث بنِعم الله ويذكرها ويُثنى على الله سبحانه وتعالى بها، إذا قيل له -مثلاً- كيف أصبحت يافلان يقول أنا بخير .. أنا بنعمة من الله سبحانه وتعالى.
  والأمر الثالث: شكرها بالجوارح وهو أن يعمل بها بطاعة الله ويُسخِّرها لطاعة الله.
  أسأل الله أن يجعلني وإياكم مِمن يشكر نعمة الله ولا يجحد شيئا منها.
اقرأ المزيد...

قلوب أصلحها القرآن (٧)

فأين القرآن إذاً؟
 هاهو الإمام أحمد عليه رحمة الله في مجلسه وبين تلاميذه، ويأتي سفيه من السفهاء فيسبُّه ويشتمه ويقرعه بالسب والشتم، فيقول طلابه وتلاميذه: يا أبا عبد الله ! رُدّ على هذا السفيه. قال: لا والله! فأين القرآن إذاً؟ (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً) .
كان بإمكانه –رحمه الله – أن يرد عليه ،وما منع طلابه الانبراء له بردٍ هو ما اعتادوا عليه من عِلمهم السابق بمنهج الشيخ –رحمه الله- في عدم مُماراة هذا الصنف من الناس امتثالاً لهذه الآية العظيمة!!
 [قصص معاصرة وقع لأصحابها تدبر في القرءان الكريم وعظةٌ بآياته]
اقرأ المزيد...

قلوب أصلحها القرآن (٦)

 إحصاء شديد!
 عن البراء بن سليم قال : سمعت نافعاً يقول: ما قرأ ابن عمر هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة إلا بكى:
 (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ) ثم يقول :إن هذا لإحصاء شديد..
اقرأ المزيد...

قلوب أصلحها القرآن (٥)

(عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ)
 كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعيش مع القرآن في كل حركاته وسكناته،ومن ذلك أنه مرّ بدير راهب فناداه: يا راهب فأشرف فجعل عمر ينظر إليه ويبكي فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا؟
 قال ذكرت قول الله –عز وجل-في كتابه (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً) فذاك الذي أبكاني
اقرأ المزيد...

دورة غرس القيم القرآنية / د. صالح الدقلة

الجزء الأول:


بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ...
حياكم الله أيها الأحبة أنا أتشرف حقيقة أن أكون بين أهل القرآن وأهل الله وخاصّته -بإذن الله تعالى- وأتشرف كذلك أن أتحدث عن قضية تتعلق بالقرآن.
حيا الله الإخوة والأخوات جميعا وأشكر الله عز وجل الذي يسّر وقدّر هذا اللقاء ، ثم إني أشكر كل من له دور ظاهر أو غير ظاهر في هذه الليلة وفي هذه الدورة البسيطة جدا. ........
بعض الذين يجلسون أمامي قُراء وبعضهم مُقرئين وبعضهم ممن يمنح الإجازات، وبعضهم طالب عِلم، وبعضهم عالم في فنِه، وبعضهم من شيوخي وبعضهم من أساتذتي وبعضهم من أفاضل الزملاء الكِرام، أنا مضطر إني أتحدث هنا كما لو كنت أُعلِّم حتى لو كانت المعلومة واضحة بالنسبة لكم أنا في هذا الموقف مطلوب مني أن أشرحها كما لو كنت أشرحها للمرة الأولى، ولذلك أنا أستبيحكم عذرا في الطريقة التي ستسمعونها .. في التبسيط الذي ستسمعونه حتى لا يظن أحد أننا لا نحترم عقلا أو لا نُراعي سنا أو عِلما أو فضلا لأحد.
نقول هذه الدورة البسيطة بدأت قبل خمس سنوات (....) مدتها خمسون دقيقة وكان هناك حضور مثل هذا الحضور ، انتهينا منها ثم فقدت هذه الدورة وضاع الجهاز -الكمبيوتر- ثم اكتشفت أن أحد الحاضرين ألحّ عليّ وأجبرني أن أعطيه نسخة وأنا كنت حريص ألا أعطيه لأنها كانت أول مرة تُقدم وتحتاج إلى ... فتذكرته واتصلت به فأعاد إليّ السيدي، فادعوا له يا إخوان لأنه من يسّر لنا أن تعود هذه الدورة مرة أخرى ، أسأل الله أن يُعينه على أمر دينه ودنياه . تطورت بعد ذلك وأصبحت حقيبة تدريبية لمدة ثلاثة أيام -تطبيقية- (...) على نفس الحقيبة .....
/  القيم القرآنية يا إخوان استراتيجيات معناها مُنطلقات، استراتيجيات معناها طُرق، استراتيجيات معناها قواعد، استراتيجيات معناها أشياء تراعيها، عندما نقول ماهي استراتيجيتك في التعامل مع الناس؟ تقول: أنا أعذر الناس كلهم، يعنى منطلقي .. قاعدتي في التعامل مع الناس الإعذار، الآخر ما هي قاعدتك في التعامل مع الناس؟ قال قاعدتي في التعامل مع الناس: شعرة معاوية.
هذه قاعدة، هذا مُنطلق يُسمّى في العصر الحاضر استراتيجية يعني مُنطلق ننطلق منه. استراتيجيتك في حفظ المال؟ قال: قائمة على التوفير، آخر قال لا، قائمة على مصدر آخر أنا أحب آتي بمصدر آخر لأوفر المصدر الذي معي . قاعدتك .. منهجك.
فاستراتيجية معناها: منهج دائم .. طريق دائمة.
/ عندنا أيضا استراتيجية غرس أو تدريس أو تعليم أو إرساء أو تعزيز القِيَم القرآنية.
 ما المقصود بالقيم؟ هي المعاني العميقة المتعلقة بالمفاهيم والأشياء والقضايا. مثال: إنسان يملك جرة فخّار قيمتها (١٥) ريال يعني ثمنها ليس غاليا، لكنه في يوم من الأيام دخل البيت فوجدها مكسورة، كسرها أحد أولاده، فشنقه بقدميه، وأعلن في البيت حظر التجول وكاد أن يطلق الزوجة، وأصبح الرعب يدبّ في البيت واحتاجوا في الحقيقة إلى قوات حفظ السلام في المنزل لأن الجرة انكسرت أتى الجيران وقالوا له: يارجل اتقِ الله في السوق عشرات الجرات، نعطيك ببلاش ولا تسوي لنا القلق هذا في البيت من أجل جرة قيمتها (١٥) ريال، قال: قيمة الجرة ليس (١٥) ريال، قالوا: كم؟ قال: ولا ألف ولا ألفين ولا عشرة ولا مئات ولا ألوف ولا ملايين، قالوا: ماهذه الجرة!! من ايش مصنوعة!! قال: هذه الجرة الشيء الوحيد الذي بقي لي يذكرني بالوالدة رحمة الله عليها لأنها كانت تشرب منها في أيامها الأخيرة، الماء كنت أسقيها فلم يبقَ شيء لا من الملابس ولا من الأشياء يُذكّرني بالوالدة إلا هذه الجرة وقد تبرع أحد الأولاد بكسرها.
الآن كم قيمة الجرة؟ قيمتها مادية أم ماذا؟
إذا قيمتها معنوية، قيمة هذه الجرة هو المعنى المتعلق بها. فهذه قيمة ، قيمة هذه الجرة هو المعنى الذي ارتبط بها.
الصنم حجر .. ارتبطت به معاني وصل إلى درجة الألوهية عند الكفار والمشركين، قيمته عندهم إله. فكل شي له عندك معنى كبير هذه قيمته.
 فقط الأشياء؟ لا، حتى الأفراد، ما معنى قيمة الأفراد؟
تقول: فلان ماذا يعني لك؟ يقول فلان هذا حياتي كلها ، يكتب أحدهم كتابة لابنه -مثلا- يقول: يعدل حياتي كلها، يكتب لأمه .. لزوجته لأيا كان يعدل حياتي كلها. هل فعلا يعني حياتك؟ الحقيقة أنه شيء معنوي يتعلق بالأفراد، فبعض الأفراد له منزلة كبيرة عندك، هذه قيمته عندك (.....)
 إذا الأفراد والأشياء أخذت قيمة عند الناس، ماذا بقي؟ المفاهيم والقضايا والمواضيع
 الحرية ماذا تعني لك؟
العدالة ماذا تعني لك؟
 الحياء ماذا يعني لك؟
 الأمان؟ الراحة ماذا تعني لك؟
 هذه المعاني لها قيمة عند أناس ولها قيمة أعلى عند أناس ولها قيمة أقل عند أناس، إذا قيمتها عندك يعني موقعها في نفسك.
 إذا ما القيمة؟ شيء معنوي يرتبط بالأفراد والأشياء -مثل الجرة- والمفاهيم ....
هل في القرآن مفاهيم عميقة متعلقة بالأشياء؟
هل في القرآن معاني عميقة متعلقة بالأفراد؟
نعم، النبي -مثلا- .. المؤمنون .. إبراهيم .. الرسل.
هل هناك معاني عميقة متعلقة بالمواضيع والقضايا؟
نعم، مثل: التوحيد والإيمان .. التضحية .. الجهاد .. الصدقة. إذا داخل القرآن فيه قِيم، نحتاج نأخذ هذه القِيم ونُعلِّمها.
/ القرآن نفسه أليس له منزلة في النفس؟ 
المصحف شيء له منزلة، القرآن كآيات ليس شيئا حسيا، فلذلك له منزلة في النفس، له قيمة. إذا عندنا قيمتان:
١- قيمة متعلقة بذات القرآن، منزلة القرآن أنه مصدر التشريع، منزلة القرآن أنه كلام الله، منزلة القرآن أنه نص مُنزّل مُحكم، منزلة القرآن أنه مُسلَّم به، منزلة القرآن أنه نور .. أنه هدى .. أنه فرقان .. أنه نجاة .. أنه .. أنه ... الخ
٢- قيم قدمها القرآن.
إذا القرآن بذاته قيمة وقدّم قيم فمطلوب منا أن نعلم الناشئة ماهو القرآن لترتفع قيمة القرآن عندهم، ومطلوب منا أن نعلم الناس الذي تعلمناه من القرآن، فتعلمنا في القرآن: البر والإحسان والصلة، وتعلمنا في القرآن التوحيد والإيمان، وتعلمنا في القرآن الإيثار، وتعلمنا في القرآن العمل الصالح، وتعلّمنا في القرآن قضايا كثيرة نريد أن نعلِّمها لهؤلاء الناشئة .
إذا عندنا الآن نوعين من أنواع القِيم، إذا مُدرِّس القرآن .. مُحفِّظ القرآن الذي شرّفه الله عز وجل بهذه المنزلة -وأقولها وأنا أحسّ بما أقول- (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) تعرفون ما معنى (خيركم)؟ أي: أحسنكم
 تعرفون ما معنى أحسنكم؟ يعني أعلاكم
 تعرفون ما معنى أعلاكم؟ يعني أغناكم
تعرفون ما معنى أغناكم؟ يعني أفضلكم
تعرفون ما معنى أفضلكم؟ يعني أميزكم
 كل عبارات التفضيل تأتي تحت كلمة (خيركم) من تعلّم القرآن وعلّمه. وهذا شرف.
هذا الشرف الكبير الذي مُنِحت إياه تريد أن تنقله إلى الآخرين، فنحن عندما نأتي لنتعلّم القرآن قبل أن نتعلم مافيه، نتعلمه هو ونُعلم الآخرين، ما القرآن؟ هذا هدف ضعه نصب عينيك الآن، المشرفون على الحلقات من لديهم برامج تربوية أحد الأهداف هذا أن القرآن نفسه يصبح ذا قيمة، يصبح يُحب، يصبح يُشتاق إليه، يُصبح يُكرّم، يُرفع .. يُقدّس .. يُجلّ.
س: كيف يُقدس القرآن؟ وكيف يُجل؟ وكيف يُعظّم؟ وكيف يُحب؟
- أنا أكون قدوة في التعامل مع القرآن فحين يراني أتعامل مع القرآن بطريقة معينة يبدأ يشعر أن هذا الشيء ذا قيمة.
- أقدم عن القرآن معلومات. عندما أعطي معلومات عن سيارة وأقول تتوقف كل قليل وإذا اتجهت يمين اتجهت يسار وإذا حمّلتها أي حِملٍ بسيط انطفأت . هذه المعلومات عن السيارة تعطيها قيمة عالية أم نازلة؟
- ترديده لأن ترديد معانيه يُعرِّف به.
طيب الآن المعلومات لما نعطيها عن السيارة بهذه السورة رفعنا قيمتها وإلا نزّلناها؟
أعطيت معومات عن سيارة سرعتها كذا .. داخلها تكييف .. فيها جهاز ..... والخرائط ....الخ تشعر أن هذه السيارة بقيمة، من أين أتت هذه القيمة؟ حينما أعطيتك عنها معلومات.
 لما أعطي عن القرآن معلومات وآتي بالمعلومات التي قالها القرآن عن نفسه، والمعلومات التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم عن القرآن، والتي قالها العلماء عن كتاب الله، والتي لمسناها نحن عن القرآن، فأصفه .. أصِفه .. ماذا يحصل للقرآن في داخل القلب؟ مساحته في القلب تتسع.
وأحد من الأهداف المطلوبة ممن يُعلِّم القرآن الكريم أن يتحدث عن كتاب الله.
 مرة واحدة؟ لا، مرتين؟ لا، ثلاث؟ لا،دائما. في فترات تخوّلهم بالحديث .. في الجلسات .. بالإشارات .. بالمثال. المهم في كل يوم يتلقى الطالب معلومة عن كتاب الله، فتزيد قيمة هذا الشيء. هذا النوع من القيم يتعلق بالقرآن.
 النوع الثاني من القيم: الأشياء التي داخل القرآن .. المعلومات داخل القرآن، هذه تتعلق بالقرآن وتتعلق بقضايا أخرى، الصلاة (....) فيه كلام داخل القرآن عن الإيمان لا علاقة له بالقرآن، له علاقة بالإيمان. وفيه قِيم أُخرى.
عندنا نوعان من القيم الشرعية التي اعتنى بها القرآن الكريم ، القيم الأولى التي قلناها تتعلق بالقرآن (.....) هذا القيم التي عالجها القرآن .. تكلم عنها القرآن .. أعطانا فيها القرآن معلومات منها: العبودية .. التوحيد .. البِر .. الصدق .. الاجتماع .. الزهد ....الخ كلها قضايا تكلم عنها القرآن الكريم.
هذه القضايا هي أهداف، هذه القضايا هي مواضيع نتداولها مع المتربين.
نعيد التسلسل:
أنواع القيم التي تناولها القرآن نوعين: عندنا تتعلق بالقرآن الكريم نفسه، ماهو هذا القرآن نريد أن يرتفع داخل قلوب العباد.
داخل القرآن هناك نوعان من القِيم :
- نوع هي المتعلقة بالقرآن -ذكرناها قبل قليل- القداسة .. النور .. الهداية .. الشفاء .. التعبد ، تتعلق بالقرآن.
- داخله نوعان: قيم اعتنى بها القرآن وهي التوحيد والتسليم والتعظيم والحب. انظروا إلى القِيم التي داخل القرآن كم نوع.
هناك منطلقات وقيم شخصية لمُعرِّف القرآن .. لمعلم القرآن .. لمن يُدرِّس القرآن، يعني لو درّس القرآن أو درّس غير القرآن يحتاج هذه القيم، وهناك قِم تخصّ القرآن نفسه. إذا الانطلاقات العملية التي يتولّد من تفعيلها معنى له قيمة لدى (....) .
إذا عندنا نوعان من القيم: نوع يتعلق بك أنت .. بجسمك .. بكيانك .. بقلبك .. بشعورك، يعني الأمانة -مثلا- الصدق فقط معلم القرآن وإلا أي واحد يعلم الخير؟ يعني معلم القرآن ومعلم أي خير. هناك قيم لا، نستخدمها عندما نُدرِّس القرآن لكن عندما  نُدرِّس شيئا آخر قد نستخدمها وقد لا نستخدمها تُسمى إجرائية يعني تطبيقية.
  من الاستراتيجيات الشخصية: الإخلاص والصدق.
 عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى المدينة ليُعلم الناس الإسلام، وكان مصعب رضي الله عنه يدعو الناس إلى الإسلام، ويقرأ عليهم القرآن، وأسلم معه أُسيد بن الحضير، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة غضبوا غضبا شديدا وأرادوا أن يكفوه ويمنعوه ويطردوه فأتى سعد بن معاذ إليهم وهم في حائط من حوائط المدينة، فلما رآه أسيد بن الحضير -لم يقل أين استراتيجيات صالح الدقلة ولا شيء، ما طلب من هذه الأمور ولا حاجة- لما رآه سيد في قومه .. مسؤول ، لم يقل يبغى له شوية ابتسامة ومراعاة ومجاملة، هي صح وليست خطأ، هذا مطلوب لكن واحد عنده عشرين مفتاح يجربها وعنده مفتاح ذهبي يفتح كل شيء سيستخدم المفتاح الذهبي.
  فلما رآه قال لمصعب: يا مصعب هذا سيد الأوس - يقصد سعد بن معاذ- فاصدُقِ الله فيه. مامعنى فاصدق الله فيه؟ إذا أخرجتها أنت صادقة لله، أوصلها الله كاملة، أنت ليس مطلوبا منك أن تُوصل الرسالة لمن أمامك هذا ليس شُغلك، أنت شُغلك أن توصل الرسالة  صحيحة وصادقة إلى الله، فإذا قبلها الله أرسلها إلى من يُحب وحرم منها من لا يحب.
  جهاز الجوال الذي معك الآن إذا الاشتراك مقطوع، هل تستطيع أن ترسل رسالة للذي بجانبك الآن؟ هو بجانبك كتفه ملاصق لكتفك، ويده بيدك، لكن لا تستطيع أن ترسل له رسالة عبر هذا الجوال إلا إذا كان بينك وبينه برج اتصال، إذا انقطع الاتصال بينك وبين البرج لا تستطيع أن تُرسل رسالة حتى للجوال نفسه، يجب أن تسدد وتجدد اتصالك مع الشركة وتمكنك الشركة بعد ذلك من إرسال الرسالة، فإذا أرسلت الرسالة بشكل جيد إلى الشركة، أخذتها الشركة ثم أرسلتها إلى المقصود فإذا المقصود مُشترك وصلته الرسالة وإذا لم يكن مشتركا لا تذهب إليه الرسالة.
 أنت عندما تأتي لتغرس القيم القرآنية فإنك تُخرج من عندك رسالة لكن لا ترسلها لمن أمامك، إياك أن تُخطئ وتتوقع أن الرسالة تذهب لمن هو أمامك، هي تذهب -إلى المركز- هي ترتفع الله عز وجل -ولله المثل الأعلى- فإذا قبلها الله منك -لأنك مشترِك-  لأنك صادق .. لأنك مخلص، بعد ذلك الذي ستصل إليه الرسالة فإن كان الله يحبه أوصلها إليه -هذا مُشترِك- وإذا كان لا يحبه فلا تصل إليه، إذا وصول الرسالة لاحقا ليس شُغلي ولا شُغلك، شُغلك أنك تُرسلها وتُرسلها صح ، نُرسلها لله. كم من الناس ينكر المنكر وهو يريد إزالة المنكر ولكن يستشعر في داخله غلبة أهل الباطل، هذا صح، لكن الأفضل منه الذي ينكر المنكر ويستشعر في داخله أني أقوم بأمر الله ولعل الله يقبلني، هل قبلني الله الآنا أم لم يقبلني؟ هل رضي عني في هذا الإنكار أم لم يرضَ عني؟ بعد ذلك يفعل الله في صاحب المنكر هذا ما يشاء، {يهدِي الله لِنُورهِ من يشَاء}.
أيها الأحبة:  لا تتعب نفسك، ولا تحضر دورات، ولا تقرأ كتب إذا كانت هذه الاستراتيجية مُنعدمة. الذي يقف أمامكم لا أدعي أنها موجودة عندي أنا مثلي مثل الناس، خذها مني اتركني في حالي، فأرسلها صادقة، تكلم مع هذا الطفل أو مع هذا الطالب أو مع هذا القارئ وأنت تقف على آية وتعلِّق عليها أو تشرحها أو تعلمها أو تقرأ حكما من الأحكام ليتقن به تلاوة كلام الله عز وجل وأنت تتكلم استشعر أن الله عز وجل يراك ويسمعك، فإن قَبِل منك فُزت، وإن لم يقبل منك فوالله لو قرأ القرآن بعدك آلاف الناس ما نفعوك، ووالله لو حفِظ منك آلاف البشر ما كان ذلك ينفعك بشيء يوم القيامة {وَقَدِمنَا إلى ماعَمِلُوا مِن عَملٍ فَجعلنَاهُ هبَاءً منثُورا}.
 الإمام مالك -رحمة الله عليه- كان يُملي على تلاميذه المُوطأ فقال أحد التلاميذ: يا إمام سمعت عن ثلاثين موطأً تُكتب في الأمصار-
-يعني في البلدان لأن الخليفة طلب أن يكتبوا كتابا موطأ يعني سهل للناس- فأين يكون موطؤك من بين ثلاثين موطأ؟، قال: "يا بني اكتب فما كان لله يبقى" تعرفون موطأً غير موطأ الإمام مالك؟!، الباحثون عندما سألتهم قالوا: نعرف 4 أو 5 مخطوطات مفقودة ولم تُحقق في متاهات ودهاليز مكتبات العالم، أما موطأ الإمام بن مالك فمتدوال الآن في العالم كله، وما ذاك إلا لأن الله قبِله.
 اجتهادك وجهادك وسؤالك لنفسك وتربيتك لها ودعاؤك ينصب على عبارة واحدة: "اللهم اقبلني وسددني واهدني" عندها يتحقق هذا الجانب وهذا المعنى وهذه القيمة العالية عندك هي قيمة الإخلاص والصدق مع كتاب الله ومع التلاميذ الذين يدرسون الشرف، شرف لماذا؟
 الله عز وجل اختار الأنبياء واصطفاهم وشرّفهم بهذا الاصطفاء، هو ليس اكتساب بل منحة من الله، علِم الله مافي قلوبهم فجعلهم صُفيه، ثم علِم الله مافي قلوب أناس آخرين فجعلهم خلفهم في الطابور -جعلهم أصحاب الأنبياء- ثم جاء بعد الأنبياء أُناس فيهم خير فشرّفهم الله وجعلهم في صف أتباع الأنبياء، فالدعوة إلى الله وتعليم كلام الله شرف، لماذا نقول شرف؟ لأنه ما دمت تعرف أنه شرف فإنه لن يرضى الله لهذا الشرف أي واحد، علينا أن نذهب ونتأكد أننا جاهزون لهذا الشرف، فالنظرات والغدرات والفجرات لا تؤهل لهذا الشرف، والرياء والسُمعة والإهمال ومقاصد الدنيا لا تؤهل لهذا للشرف، وسيبقى الإنسان على المنبر فترة من الزمن لكن يكتشف في الأخير أن يأتي من يزيله عن هذا الشرف، لأن الشرف الحقيقي أن تُلقن القلوب والآذان كلاما تكلّم به العظيم الجبار، وأذِن لك أن تتكلم به بما يليق بك أنت كبشر، وأذِن لك أن تعلمه، أي شرف أكثر من هذا!! أي شرف أنك تستلم رسالة من رجل عظيم ويعطيك إياها ويقول اذهب علّم الناس كلامي هذا!! لا تترك أحدا إلا وتعطيه، بل تلتقط صورة لك مع الورقة لتُبيّن للناس انظروا فلان ماذا قال لي.
 أحد الشباب وجدته  يتصور مع تمثال مارجريت تاتشر في بريطانيا -تمثال من الشمع مارجريت تاتشر أصبحت شنا يابسا- والتمثال لازال موجودا وذهب يتمشى وتصوّر بجانب التمثال ولم يترك أحدا لم يُره الصورة انظروا إليّ بجانب تمثال مارجريت تاتشر.
السؤال: أنك إذا عظّمت شيء تشعر بالشرف إذا التقيت به أو احتكيت به أو اقتربت منه .
الشرف العظيم أن يأذن لك الله أن تقول الحمدلله رب العالمين، ولو لم يأذن لك والله ما ينطق بها لسانك.
 العمل على ثلاث مراتب:
الأولى: من يعمل خوفا ورجاء، وهذه مرتبة صحيحة طلبها الشرع وتعبّدنا الله بها فخوفنا من النار ورغّبنا في الجنة دلالة على أن الله يريد أن نسير إليه بالخوف والرجاء وهذه منزلة تُنجي صاحبها.
 هناك أُناس خافوا من الله وأحبّوه ورجوا الله عز وجل {يَرجُون رحمَتهُ ويخَافُون عَذابَه} لكن ليس هذا فقط، عندهم منزلة أعلى بقليل، يقول: عندما أنا أعمل من أجل الجنة والنار، أنا فعلا أعمل من أجل الجنّة والنار، ولا يمكن أن يُقدِّم الله سلعة ونزهد فيها لا يجوز، ولا يمكن أن الله يُخوّفك وتحتقر هذا التخويف -والعياذ بالله- فلا بد أن تخاف من الله ولا بد أن ترجوه ولكن معها منزلة أعلى أنك عندما تعمل فقط من أجل الجنة والنار فإنك تعمل عملا صحيحا ولكن من أجل شيء لك عند الله، أنت تطلب شيء من عند الله، يارب أنت وعدتني الجنة وأنا أريدها، يارب وعدتني أن تنجني من النار فأنا أستنجزك الوعد، أنت تطلب شيء عند الله، هذا صحيح لكن هناك أناس لهم طبقة أعلى يعملون ليس فقط للشيء الذي يريدونه من الله، يعملون لِما لله عندهم، الآن أنت تعمل لِما لك عند الله وتعمل لِما لله عندك، ما معنى مالله عندك؟ {أَلَم نَجعَل لهُ عَيْنيْن} تريد أن تُقدم شيء مقابلها، {ولِسانًا وشَفتَين} تريد أن تقدم شيء مُقابلها، ألم يهدك الله {أَلَم يَجِدكَ ضالاً فهَدَى}. إذا هي مرحلة الشكر أنني أعمل لأوفي حق ربي ولن أوفيه، النبي عليه الصلاة والسلام ضمِن الجنة وأمِن النار، رسول الله قام حتى تفطرت قدماه، قالوا: أوليس قد غُفر لك ماتقدم من ذنبك وماتأخر! قال: (أفلا أكون عبدا شكورا) مامعنى شكورا؟ أنا أعبد الله لأنه هداني، أن أعبد الله لأنه أنطقني .. خلقني.
هل هناك منزلة أعلى؟ نعم ، أنك لا تعمل فقط في حدود الحلال والحرام، ولا تعمل فقط في مسألة الشكر -وهذه منزلة عالية- ولكن في هذه المنزلة منزلة أعلى أنك تعمل محبة لله، مثال: نقول لأحدهم هذا العمل جائز، يقول: صح جائز لكن الذي يحبه الله ماذا؟، تقول: هذا العمل. قال: أنا أفعل الأحوط، لماذا يفعل الأحوط؟ ليس لكي يسلم من النار فقط ، لأنه أحب إلى الله.
عبدالله بن عمر كان يلبس النعال السِبتية -نوع من الجلد- قالوا: إنك تُديم لبس النعال السبتية لماذا؟ قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها فأنا ألبسها. أنا أحببتها لأن رسول الله يحبها، وأحب الناس الدبّاء لأنه كان يحبه ويتتبعه، وأحبوا العسل لأنه كان يُحبّه، وأحبوا صلاة الليل لأنه يُحبها، وأحبوا الصلاة وجعلوها قرة للعين لأنها قرة العين.  فما يحبه الله نحبه.
 وهذا الفرق بين المرأة التي تلبس العباءة المخصّرة وتقول: عندي فتوى، بس تريد الفتوى حتى تسلم من النار فقط، لكن أخرى تلبس عباءة فضفاضة تقول: أنا لأن الله يحب هذه فأنا ألبسها. تربيتك لنفسك على هذه المنزلة تُبعدك عن الشبهات وتجعلك تتقلب في درجات المحبة.
 أين الشرف؟ الشرف أن يأذن لك الله عز وجل أن تفعل ما يُحب، ويأذن لك أن تقترب، هذا شرف، تحسس هذا الشرف تلمّسه، تعلمون لماذا أقول شرف؟ حتى لا تتركوه، لو وجدت مصدر رزق أفضل فاذهب لكن لا تترك هذه الخدمة، هذه المهنة، قدِّمها ولو تبرع، قدِّمها ولو تطوع، قدِّمها ولو عمل ثانوي، لا تخلع هذا القميص إذا ألبسك الله قميص تعليم الكتاب لا تخلعه، فهو شرف.
 الثانية: الرفق والرحمة.
 نحن نتوقع أننا سنربي الناس فقط بأساليب التقريع والتعليم وهذا صح وهذا خطأ، لابد من وعاء الشفقة والرحمة حتى يتعامل مع توجيهاتك أنها رحمة، ويتعامل مع عقوباتك أنها رحمة.
 في مُدِّرس لازال حي يرزق اسمه حسن الثقفي كان زميلا لنا في أحد المدارس الابتدائية -كبير في السن- هذا المدرس انتقل من مدرسة إلى مدرسة كان مدرِّس في مدرسة عمر بن عبد العزيز الابتدائية وانتقل إلى ابتدائية جبل النور وكيل وجلس في جبل النور شهر أو شهر ونصف -فترة من الزمن- وذهب إلى المدرسة الأولى ليأخذ غرضا له، حين دخل المدرسة يقول أحد المعلمين: حين دخل المدرسة ارتجت المدرسة كلها وانفلت الطلاب من بين أيدينا، وين رايحين؟ قالوا: أستاذ حسن جاء، فامتلأ الحوش بالطلاب واللي يتعلق بثوبه، واللي يتعلق بيده، واللي من يحضنه، واللي يسلم عليه، واللي ....، يقول: أحد الطلاب أتى فقال له الأستاذ حسن: يا ولدي سامحني فأنا كنت أضربك، قال الطالب: لا يا أستاذ (عصاتك حلا). مامعنى عصاتك حلا؟ يعني ماتؤلم؟ بلى تؤلم لكن الألم على الجلد ليس على القلب؛ لأنه وهو يضرب طاقة الشفقة مُحيطة بالمكان، وهو يضرب شعور الشفقة إرسال واستقبال بينه وبين الطالب، لم يشعر الطالب أن هذا الضرب من حقد، لم يشعر الطالب أن هذ الضرب لأنه ملّ منه، لم يشعر الطالب بأن هذا الضرب لأنه نفذ صبره، بل شعر أن هذا الضرب من شدة الحرص ، نقدر - يا إخوان- نرسل هذه الرسالة للمُتعلم حتى حينما نوجهه .. نأمره .. ننهاه هذا معنى مهم، قيمة مهمة يجب أن تتمثلها في نفسك؛ لأنها قيمة شخصية لك أنت ليس للطالب.
القيمة الثالثة: القبول.
 الاستراتيجيات الإجرائية: يعني العملية، التي تستخدم مع الطالب أثناء التدريس حتى ترفع في قلب الطالب القيم التي في القرآن، لو قرأت مثلا قول الله عز وجل: {والآخِرةُ خيرٌ وأبْقَى}، تريد أن ترفع من قيمة الآخرة عند الطالب، تستخدم هذه الطرق 17 وفيه غيرها لكن تستخدم واحدة منها لترفع من قيمة الآخرة.
 1- استراتيجية زيادة الوعي: قال تعالى:{ يَاقَومِ لا أَسألُكم عليهِ أَجرًا إِن أجْرِيَ إلا على الذي فَطرَنِي أَفلا تَعقِلُون} مامعنى هذا الكلام أيُها الأحبة؟ إذا أردت لهذا المعنى أن يكبر في قلوب الناس يجب أن تعطي عنه وعيًا حتى يعي القضية بالشكل غير الشكل الذي كان يعيه.
 يتوقع كل الناس أن الرسل جاؤوا من أجل السيادة، وأن الرسل جاؤوا من أجل أخذ أموال الناس {يُريدُ أن يَتَفضّل علَيكُم ليُخرِجكُم من أَرضِكُم فَمَاذا تأْمُرون} وفي الآية الأخرى {وتكُونَ لكُمَا الكِبريَاءُ في الأرْض} ويظن البعض أن هؤلاء جاؤوا ليجمعوا المال، ويأخذوا كرائم الأموال، هذه الشبهة كانت تدور بين المدعوين في الأمم السابقة الذين يدعونهم الأنبياء، اِحتاج الأنبياء إلى أن يعطوا معنى إيجابيا عن رسالتهم، فهذه الرسالة ينظر لها أنها جباية، وينظر لها أنها أخذ وسيادة؛ فلابد أن يُعطى معنى عنها، إذا مالذي يحصل؟ نزيد في الوعي، الذي ليس لديه وعي كامل في الموضوع نزيد في وعيه، فذكروا هذه العبارة وترددت على لسان كثير من الأنبياء، {يَاقومِ لا أَسْألُكم عَليْهِ أجرًا إلا المَودّة في القُربَى} وغيره من الآيات التي تعرفونها، فيتصحح الوعي، عندما يتصحح وعيك بقضية معينة قيمتها لديك تنقص أم تزيد؟
 الذي يتوقع أن الصلاة كُلفة، هل يحتاج أن يُعطى معلومات عن الصلاة ليرى أنها ليست كُلفة؟
 الذي يتوقع أن الدين والتقى همّ وغمّ وحُزن ألا يفترض أن يُعطى معلومات في قيمة التُقى ليرتفع عنده ويرى أنها ليست بهذه الصورة؟
 الذي يرى أن قراءة القرآن وحفظه لا تُمثل أي مستقبل أو أي فائدة بل هي ضغط .. بل هي تعب .. بل هي طفش ...الخ ألا يحتاج معلومات ترفع من هذا الوعي لديه حتى ينظر للقضية من زاوية أخرى؟ هذا معنى زيادة الوعي.
 - ما الأدوات التي نستخدمها من أجل زيادة الوعي؟
1- التبرير: حين تبرر عمل فأنت تزيد من الوعي بهذا العمل.
 مثال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في بيته، وجاء أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وطرق الباب، قال: أأدخل؟ أنا الأشعري، فلم يُجبه أحد، قال: قد لا يعرفون أن اسمي الأشعري، فقال مرة أخرى: أأدخل؟ أنا أبو موسى، فلم يُجبه أحد، قال: قد يمكن لا يعرفوني باسمي ولا باللقب يمكن يعرفوني باسمي الصريح، فقال مرة أخرى: أأدخل؟ أنا عبدالله بن قيس، فلم يُجبه أحد، انصرف، فخرج عمر من بيته وهو منصرف -انصرف للتو-  فتبِعه، قال: أنت الذي استأذنت؟ قال: نعم، قال: لمَ لمْ تنتظر؟، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الاستئذان ثلاثًا، فإن أًذن لك وإلا فارجع"، عمر لم يسمع هذا الحديث، قال عمر: والله لا أدعك حتى تأتي عليه ببيّنة -كانت الأحاديث في تلك الفترة لم تُدوّن، لم يُكتب بعد- فأمسك عمر بتلابيب أبي موسى بقوة وأخذ يسحبه إلى مجتمع الصحابة، وصل إلى مجلس من مجالس الصحابة، قال: حدثهم بالذي حدثتني به، قال: آالله - يعني أسألكم - سمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الاستئذان ثلاثا، فإن أُذِن لك وإلا فارجع"، فشهدوا كلهم أنهم سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارسله -تركه-.
 الآن انتهى الموقف، ما الذي بقي؟ التبرير، لِم أخذت بتلابيبي؟ ولِم أتيت بي إلى جمع الصحابة؟ ولما سألتني هذا السؤال؟ هل تشك بي؟ هل تتهمني؟ هل .. هل .. هل ....الخ
 هو الآن يعي القضية بشكل، أنا أريده أن يعيها بشكل آخر، قال: يا أبا موسى، أما إني لا أتهمك ولكني أردت ألّا يتجرأ الناس على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الآن موقع حديث النبي من نفوسنا ماذا يصبح؟ موقع الرواية والنظر فيها؟ زاد بالتبرير.
احفظ، قرأ الطالب  قراءة خاطئة، صوبت له، أعاد نفس الخطأ ..صوبت له، أعاد نفس الخطأ ..صوبت له، ماذا تتوقعون شعور الطالب الآن، ما الذي يدور بينه وبين نفسه؟ (خلاص طفشت، تعبت، أنت معقد أنت مشدد ....) هذه كلها أحاديث داخلية
 قال المعلم: يابني، هذا كلام الله، أريدك أن تقرأ القرآن كما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا بإمكاني أن أقول لك قُم الآن وانصرف، لكن هل يرضيك أن أدرِّسك خطأ؟ أنا أريد أن أدرِّسك بشكل صحيح، أنا تعلمت صح ويسعدني إنك تتعلم صح وقد تصبح أفضل مني. هذا التبرير- يا أخوان- يعطي لهذه الطريقة من التدريس -طريقة التكرار التكرار والمعاودة والمعاودة والضغط والزيادة- يعطي لها معنى إيجابيا بعد أن كان لها معنى سلبي، كانت لا قيمة لها وأصبحت الآن لها قيمة.
 2- الشرح: شيء لم نكن نفهمه وليس له عندنا أي معنى فلما شُرِح فهمناه وزاد معناه عندنا واتضح، أي آية من الآيات يقرأها الطالب ويمر عليها لا يدري ما معناها فلما تُشرح له، يتأملها .. يفقه ما فيها تزيد هذه القيمة.
 ولهذا أثناء التدريس -إذا تيسر- للمُقرئ أو للمُعلم أن يقف عند الآيات التي يرى بأن الطالب بحاجة إليها ويشرحها شرحا بسيطا ويذهب، هذا الشرح يزيد من قيمة هذه الآية، ومن قيمة المعاني التي فيها.
 3- الاستدراك اللفظي: أن تستدرك على قضية ما بلفظ من الألفاظ.
 مثال: عندما قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام "ما شاء الله وشئت"، قال: بل قل ماشاء الله وحده أجعلتني لله ندا؟
لما نستدرك يبدأ معنى التوحيد وجناب التوحيد يحضر في القلب لأنه فيه تنبيه حول القضية، فيه استدراك حول هذه القضية، فيه ملاحظة حول هذه القضية، هذه من الطرق التي تساعد في زيادة الوعي.
أتاني -يا أخوان- ولي أمر شاب وقال: ولدي مريض عنده سكر وتعلّم التدخين فزادت صحته سوءًا، هل هناك طريقة ليترك التدخين؟قلت له: هناك طريقة، أن يموت، بعد أن يموت لا يدخن ولا سيجارة، هذه الطريقة الطريقة الوحيدة ليترك التدخين. قال: لا، يعني مافي طريقة ما في أسلوب ليتركها وهو حي؟، قلت: ولدك لديه الرغبة؟ قال: هو راغب جدا، لكنه لا يستطيع، قلت: أحضر وسيطا بيني وبينه؛ لأنني لا أستطيع متابعته بصراحة، أحضر مرشد له وأنا أتابع المرشد، يكلمني من فترة إلى فترة، أما الولد فيحتاج متابعة دائما وأنا لا أستطيع، فأحضر معلما من المعلمين وأحضروا الشاب فسألته: ماذا تعرف عن التدخين؟، قال: التدخين يضر بالصحة والتدخين ...والتدخين.....والتدخين... وأخذ يتحدث، قلت: تتوقع أن هناك شيء آخر عن التدخين أنت لا تعرفه، قال: أتوقع أن هذا كل شيء عن التدخين، من المحاضرات، وممن أتونا في المدرسة، وتحدثت عنه وحدة الصحة المدرسية و جاءنا جمعية مكافحة التدخين، إذا وعيه بالتدخين محدود رغم أنه سمِع هذه كلها. قلت: طيب أنا سأطلب منك شيئا واحدا، تكتب لي مضار التدخين في ورقة، كتبها في ورقة على جنب، قلت: أبغى منك شيء ثاني، أن تحولها إلى محاضرة وتلقيها على زملائك بالمدرسة، بس بشرط حين تنهي المحاضرة يُخرج الطلاب مافي جيوبهم من سجائر ويرمونها، قال: ما أتوقع، قلت: تحدى نفسك، الآن هل راح يقدم محاضرة عادية؟  سيقدم محاضرة متعوب عليها، سيبحث ويقرأ ويبحث في النت ويسأل ويأتي بمقاطع، في ذهنه يريد الناس أن يتوقفون عن التدخين الآن،أمامه تحدي. قال: طيب يعني حاليا ماهو وضعي مع الدخان؟، قلت: أنت استمر دخن خذ راحتك.  فعندما انتهى من كتابة وجمع المعلومات وأتى بها، قلت: ضعها في عرض بوربوينت، وضعها في عرض بوربوينت خلفيات عادية، قلت: ضع خلفيات لها علاقة بالكلام، ففعل، قلت: مقاطع الفيديو علّق عليها تعليق مؤثر وإن لم تعرف استعن بغيرك، ما الذي حصل يا أخوان؟ يقول: ما كنت أتوقع أن التدخين بهذه الخطورة وأن التدخين بهذه الصورة. قيمة التدخين عند الشاب بدأت تنزل.
 إذا لما زاد وعيه بالقضية، زادت قدرته وشجاعته في أن يترك التدخين، طبعا هناك أشياء أخرى غير هذه القضية حتى ترك التدخين القصة لم تنتهي لكن أنا أريد التركيز على جانب الوعي.
 لذلك جين تأتي شركة من الشركات تريد أن تبيع منك جهاز تعطيك عنه معلومات حتى يرتفع الوعي، فلما يرتفع وعيك بهذا الشيء تبدأ بالاهتمام. الحملات التوعوية - توعوية يعني تزيد من وعيك-.
 فزد وعي الطالب بالاستدراك .. بالوعي .. بالتبرير .. بالشرح .. بزيادة المعارف والمعلومات.
 4- إثارة التفكير: أي قيمة، أي معنى عند الإنسان له شِقين: شق منطقي -عقلي-، وشق شعوري وجداني.
 الآن رابط منطقي ما معناه؟ أنا أحب المكرفون هذا الذي أمامي، ياما ألقيت عليه كلمات ويا ما صفقوا لي الطلاب وياما وياما ... فأحببته، هذا أي رابط؟ وجداني.
وهناك رابط منطقي ماهو الرابط المنطقي بينك وبين هذا؟ أنه يُبلِّغ صوتي، أنه يجعل الصوت واضح، أنه ينقل المعرفة، هذه جوانب منطقية عقلية كل واحد يوافقك عليها، أنتم يمكن لا تحبون المكرفون هذا، لكن توافقونني على أنه ينقل الصوت، على أنه ينقل المعرفة، توافقوني على أنه ضروري للمحاضرات، فأنتم تُقيّمونه منطقيا أنا واياكم مشتركون، لكن قد تحبونه محبة عادية، أما أنا فأحبه حبا جمّا لأنني 24 ساعة عنده -مثلا- لو كنت طالب في الإذاعة يعني.
 طيب إذا أتيت أنت تريد أن تزعزع قيمة، هي مربوطة بشنكارين: الشنكار الأول: منطقي، الشنكار الثاني: وجداني، إذا أردت أن تزعزعها تفك ماذا؟ الشناكير فتسقط، القيمة التي كانت ممسوكة بالرابط الوجداني تجعله يكرهها، والقيمة التي كانت مربوطة بالرابط المنطقي تجعله يقتنع أنها لا يستحق، السؤال كيف؟
 مثال: آلهة الكفار الرابط الوجداني عميق، الليل والنهار وهم يمجدونها ويقدسونها ويتوارثون حبها ويقتربون منها ويمارسون لها الذل حتى تعلقوا بها وتُصاغ حولها الأساطير والخرافات والقصص والخزعبلات حتى أصبحت هذه الآلهة شيئا عميقا في النفوس، لكن منطقيا هل عندهم جواب؟، لو سألناه: ليش تحب هذه؟ عندهم جواب؟ {إِنا وَجدْنَا آبَاءَنا على أُمة وإنا على آثارِهِم مُقتدُون} بس هذه اللي عندهم{إِنا وَجدْنَا آبَاءَنا على أُمة وإنا على آثارِهِم مُقتدُون} وجدنا أهالينا يفعلون ذلك ففعلنا مثلهم. معليش بس ليش تعبد؟ لا يملك جواب.
 حين نطرح سؤال يثير التفكير، فإن القيمة تخرج للضوء، والقِيم الساقطة إذا خرجت للضوء تحترق -إن صح تسميتها قيمة- أما القيمة الأصيلة إذا خرجت للضوء تبرق، الآن هو يعبد هذا الصنم تعال نخرج إلى الضوء ونسأل سؤال: {يَا أبتِ لمَ تعبُد ما لا يَسْمعُ ولا يُبصِر ولا يُغنِي عنكَ شيئا} ؟ انتبه: لا يسمع، ولا يُبصر يعني هو ناقص، لا يغني عنك شيئا يعني ليس له عليك أي فضل، هناك بعض الناس أخلاقه سيئة لكن قدم لك معروف تحترمه لمعروفه، وفيه شخص لم يقدم لك أي معروف لكن تحترمه لأخلاقه، فليس فيه من صفات التميُّز شيء، وليس فيه من العطاء شيء، فلماذا تعبده؟ انتهى البحث لا يوجد جواب منطقي لأن السؤال منطقي فلابد أن يكون الجواب منطقي، يوجد جواب لكنه غير منطقي بل جواب وجداني أي علاقة شخصية {إِنا وَجدْنَا آبَاءَنا على أُمة وإنا على آثارِهِم مُقتدُون} لكن هذا الجواب يعلم - أبو إبراهيم عليه السلام- أنه ليس هو الجواب المناسب للسؤال.
 فإذا عجز الإنسان عن القوة المنطقية ولم يجد قوة منطقية لجأ إلى السلطة {قَالَ لإن لَم تَنتهِي لأرْجُمنّك} -لا عاد أسمع منك هذا الكلام مرة ثانية- . انظروا يا إخوان كيف عاطفة الأبوة؟ عميقة صح؟ وانظروا إلى العاطفة التي بينه وبين الأصنام من ضخامتها وعمقها ورسوخها أنه مستعد ليس فقط أن يقتل ولده إنما يرجُمه {وَاهْجُرنِي مَليّا}.
جاء  إبراهيم الآن ليؤسس القاعدة المنطقية الصحيحة لعبادة الله، أما الذي يعبده إبراهيم {قال هُوَ الذِي يُطعِمنِي ويَسْقِين وإذَا مرِضتُ فهُو يَشْفين والذِي أَطمعُ أن يَغفِر لي خَطيئتِي يَومَ الدين} عندما تنزع صفات التفرد وصفات التميز وصفات الاحترام من أي شيء، تسقط قيمته، وعندما تخلع حُلة التميز وحُلة الاحترام والتفرد وصفات الكمال على أي شي تزيد قيمته!! فحينما أسأل سؤال مثير للتفكير هذه الاستراتيجية تجعل الإنسان يعود إلى القواعد التي أسس بها قِيمَه فيُعيد النظر فيها، فقط هذا كل مافي الموضوع.
 تُدخن؟ ليش؟ ما الفائدة؟ من وافقك على هذا؟ من أكثر المدخنين؟ ما الذي يجنيه المدخنون؟ ما الذي ستنتهي إليه بعد التدخين؟ ما الذي ستخسره إذا تركت التدخين؟حتى لو أجابك أجوبة حيدة -يحيد عن الجواب- الجواب يقوم في الداخل، ليش لازما أن يخبرك بلسانه جوابا يقنعك، أهم شيء أن يقوم في داخله حوار مُقنع له هو، أو مُحرج له هو، أو قاهر له هو.
 قلنا إذا أردت أن تغرس قيمة أو تُناقش قيمة اطرح سؤال مُثير للتفكير لأن القيمة لها شقين: منطقي ووجداني، عندما نهُزّ الجانب الوجداني فإن الإنسان ينتفض لا يتحمل كمن يدغدغك فلا تتحمل، ولكننا لا نتجه إلى الجانب الوجداني نتجه إلى الجانب المنطقي فنطرح سؤال فإذا سقط الجانب المنطقي أصبحت القيمة عارية من المنطق، ومهما حاول الإنسان أن يُبررها يجد في نفسه الخواء والضعف يقول الله عن فرعون () ظلما للنفس لأن الظلم ماهو؟ المنطق العادل في الداخل يعرفه فيُجنِبه والكفر جحود وتغطية.
إذا إثارة التفكير، السؤال الذي يثير التفكير يجعل الإنسان يُعيد النظر في كل ما يمكن قوله.
  الآن عندما تُدرِّس آية أو تقرأ آية من آيات الله عز وجل وتأتي -مثلا- إلى قول الله عز وجل في سورة التكاثر: {أَلهَاكُم التَكاثُر، حَتى زُرتُم المَقابِر} طيب سؤال كذا، التكاثر يُلهينا حتى نزور المقابر، وين المشكلة؟ ما المشكلة أننا انشغلنا بتكاثر الأموال والأولاد وما لدينا من أشياء حتى جاء الموت؟ يضطر الطالب والمُتربي أن يبحث عن جواب، ايش المشكلة؟
 فيها فائدتان:
الأولى: أن يستنهض كل خبراته فيُعطيك إياها وهذا معناه أنه جنّد كل معلوماته من أجل الجواب، أصبح طرفا في القضية، أصبح شريك.
الثاني: إذا لم يجد جوابا جاءه شعور بالحاجة إلى جواب، يصبح جاهزا لك.


الجزء الثاني:


اﻵن حين تأتي تُدرِّس آية من القرآن أو آيات من كتاب الله -عز وجل- وتأتي مثلا إلى قول الله -عز وجل- في سورة التكاثر ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) طيب سؤال: التكاثر يلهينا إلى أن نزور المقابر ما المشكلة؟ ما المشكلة أننا انشغلنا بتكاثر اﻷموال وتكاثر اﻷوﻻد وتكاثر ما لدينا من أشياء حتى جاء الموت، مالمشكلة؟! يضطر الطالب .. يضطر المُتربي أن يبحث عن جواب، ما المشكلة؟ فيها فائدتان:
الفائدة اﻷولى: أنه يستنهض كل خبراته ويعطيك إياها وهذا معناه أنه جنّد كل معلوماته من أجل الجواب، أصبح طرف في القضية .. أصبح شريك.
الثاني: إذا لم يجد جوابا جاءه شعور بالحاجة إلى جواب .. يصبح جاهز لك.
 تقول تدري ليش؟ ﻷن التكاثر يُلهينا عن اﻵخرة فيأتي الموت ونحن مُفلسون من شيء آخر وهو العمل الصالح.
اﻵن قيمة العمل الصالح ماذا حصل فيها بعد السؤال، وقيمة التكاثر في الحياة الدنيا ماذا حصل لها بعد السؤال.
وبهذه الطريقة يصبح السؤال المثير للتفكير حجة قوية تقوم في الداخل.
/ من أساليبها التساؤل (لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا) [سورة مريم : 42]
/ من أساليبها طلب المقارنة بين شيئين (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ ۗ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [سورة النحل : 17]  فقط اسأل نفسك من يعطي مثل من لا يعطي؟ من ينصحك مثل من لا ينصحك؟
 قبل فترة كنت في اﻹصلاحية، شباب أبرياء -حقيقة- ليس في وجوههم وجه مجرم أبدا -وإن كانوا مُسجلين في السجلات أنهم مجرمون- فسألتهم سؤال واحد مقارنة فقط بين الذين كنتم تحبونهم وأنتم خارج السجن والذين كنتم تتضايقون منهم؟
قالوا باختصار شديد كنا نتضايق من المطاوعة .. نتضايق من المدرسين .. نتضايق من إمام المسجد .. نتضايق من البرامج التوعوية هذه وﻻ نريد البرامج الجادة التي في التلفاز .... ونتضايق من بعض الرسائل التي تأتينا وفيها فائدة، ﻻ نريدها. ممتاز.
كنتم تحبون ماذا؟ كنا نحب كذا .. وكذا .. وكذا، كنا نحب فلان وفلان.
سؤال: أتيتم هنا، من أتاكم؟ من زاركم؟ من قدِم إليكم؟ من سأل عنكم؟ من ضحى بوقته من أجلكم ؟ من كنتم تحبونهم أو من كنتم تتضايقون منهم.
طيب أنا سألتكم من كنتم تحبون ومن كنتم تكرهون اﻵن سأسألكم سؤال من الذي يكرهكم ومن الذي يحبكم؟ من المُهتم بكم ومن المطنشكم.
ما الذي تحدثه هذه المقارنة في النفس؟ فيه معاني كثيرة ما كان لها قيمة في النفس ارتفعت، وفيه معاني كانت كبيرة في النفس انخفضت. الذي ﻻ يتقن السؤال ﻻ يتحكم في الحوار، تقول القاعدة الحوارية: من تحكم في السؤال تحكم في الحوار.
/ منها طلب الجواب: أريد جوابا، قل لي لماذا، أجبني، برر .. علل.
عارفين ايش الجواب يا إخوان، التعبير كلفة، ما معنى كلفة؟ لو قلت لك اﻵن كُل سهل تأكل أم ﻻ؟ سهل تأكل لكن لو قلت لك اطبخ .. فمن السهل عليك أن تفهم قضية معينة لكن صعب أنك تُعبر عنها وسأعطيكم دليلا اﻵن:  تعرفون ما هذا؟ -رفع العقال من رأسه- هل يوجد منكم أحد ﻻ يعرفه؟ الذي ﻻ يعرف يقول ﻻ أعرف.
سؤال آخر : لو وجدتم هذا العقال في قصة .. في حكاية وأتى اسم العقال تتلخبط عليك الرواية بسبب اسم العقال؟
لو وضعنا العقال مع مجموعة ملابس وقلنا اخرج العقال من بينها هل يصعب عليك أنك تتعرف عليه؟ إذا أنت تعرفه وتعرف أبعاده وتعرف استخداماته وتحيط بشكله وهيئته وأنت كذلك ﻻ يلتبس عليك هذا اللفظ إذا استخدمته لكن لو طلبت من أحدكم اﻵن أن يعرف العقال، من يعرف العقال تعريفا ﻻ يدخل فيه شيء غير العقال،  من عنده القدرة؟ تعريف جامع .. مانع . أرأيتم أن التعبير كلفة شيء فاهمينه لكن لسنا قادرين على التعبير عنه.
عندما تأتي إلى إنسان عنده شبهة، عنده لوثة .. عنده قضايا غير واضحة فقط اطلب منه الجواب عندما يدخل إلى جيشه في الداخل، يدخل إلى المؤتمر الداخلي، يدخل إلى فريق العمل الذي عنده يقول ما رأيكم نريد أن نجيب على سؤال الرجل؟ قالوا ليس لدينا شيء قال أف لكم ولما تعبدون من دون الله ليس لديكم شيء أجل أنا كنت على اعتقاد غير صحيح مادمت لا أستطيع اﻹجابة.  إذا اﻹفحام الداخلي ليس اﻹفحام أنك تقهر الشخص أو تغلبه ﻻ..ﻻ، أن يصل هو إلى هذه الدرجة .. يستنتج هو بنفسه أنه وصل إلى درجة أنه لا يوجد جواب غير الذي تقوله أنت.
لن أطيل في هذه اﻷمور ﻷنه باقي أمامنا أربعة عشر.
/ من استراتيجيات عرض القيم الاستراتيجية: الدعوة المباشرة للقيمة لماذا؟  ﻷن هذا يعطيها سِمة اﻷهمية.
 اﻷمر المباشر
(..يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [سورة لقمان : 13]
(وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [سورة لقمان : 18]
هذه الدعوة المباشرة والتأكيد عليها واﻹعلان عنها والتنبيه هذا يعطيه قيمة ﻷنه معناه أنه مهم إذا تكرر هذا زادت اﻷهمية.
/ منها: تطلب الفعل ..افعل ..افعل ..، أو تطلب الترك (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا )
أو الندب حبذا .. ليت .. لو .. يحسُن بك .. جميل أن تفعل. هذه العبارات تكرارها عبر فترة زمنية طويلة يؤدي إلى إحياء ونُضج بعض القيم.
 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران : 102]  ﻻ شك أن منزلة التقوى بعد سماع اﻷمر بها ترتفع وتزيد.
ملاحظة: لم أكثر في موضوع الدعوة المباشرة إياكم أن تستنتجوا من هذا أن الدعوة المباشرة أسلوب ضعيف أو تستنتجوا من هذا أن الدعوة المباشرة -كما يقول بعض الناس- ﻻ تأتي اﻷمور بشكل مباشر هذه قديمة، لا أبدا لكن ﻷنه تبقى عندي الكثير وﻷنها واضحة بمعنى تطبيقها سهل فتستطيع أن تأمر وتنهى بكل سهولة لكن إذا أردنا أن نتكلم عنها بالتفصيل لها مُلابسات، عندما تأمر متى تأمر وكيف تأمر وبم تأمر؟  وعندما تنهى عما تنهى وكيف تنهى وما الطريقة التي تستخدمها في مسألة النهي، وكثير من التعاليم الشرعية عبارة عن دعوة مباشرة -أمر ونهي- .
/ اﻹشادة والتهويل: لما ذكر الله هذه الفئة المباركة من أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم- ﻷمته قال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [سورة الفتح : 29]  حين تُشيد بشيء ....
انظروا يا إخوان حين يأتي معلق كرة القدم ويقول اللاعب اﻷولومبي .. اللاعب الذي كذا .. الذي تاريخه كذا.  هذه اﻹشادة ماذا تصنع في قلوب الناس؟ نحن قلنا أن القيمة تتعلق بثلاثة أشياء: اﻷفراد والأشياء والقضايا.  اﻵن القيمة تتعلق بالفرد قيمته .. منزلته .. ثمنه في قلوب الناس ماذا يصير؟ إذا حين أتحدث عن الشمائل المحمدية ونُشيد بها منزلة النبي في القلوب ماذا يحصل لها؟
  حين نشيد بالقرآن (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة : 2] ونقف عند ذلك الكتاب ونشيد بصفات ومميزات هذا الكتاب العظيم ماذا يحصل في القلوب؟
الصلاة حين يُشاد بالصلاة وما حوله  ونتحدث بعبارة كأنك تفخمها وتكبرها ... كأنك تُعليها، فاﻹشادة تجعل من أمامك يشعر أنك تتحدث عن شيء عظيم فيشاركك الشعور بالعظمة، ولما تهون من شيء ( بئس ما فعلوا ) ( لبئس ما كانوا يفعلون )  بئس الرجل ..  بئس كذا .. بئس كذا، هذه العبارات التهوينية هي التي تقلل من شأن اﻹنسان  .
مثال: حين يبدأ الحج ويأتي الحجيج بعض الناس -للأسف الشديد- يقول الله يعين بدأ الزحام .. جاءك الحجاج من كل مكان .. الدنيا كلها حجاج، هذه العبارة إشادة وإﻻ تهوين؟ ماهو السلوك المتوقع من المتربي تجاه الحجيج؟ أقل ما فيها أن يسقط اﻻحترام، لكن حين تشيد تقول: الحمد لله .. جاء وفد الرحمن، وصل وفد الله، دعوة إبراهيم اليوم يظهر أثر من آثار استجابتها، القلوب التي تحِن إلى بيت الله وصلت اليوم إلى هذا البيت العتيق، حنت له القلوب ورأته اليوم العيون. بماذا يشعر ولدك أو أخوك أو من يجلس معك؟ أن الحاج هذا نعمة عظيمة وصل لهذا البلد، ضيف كريم.
إذا من أساليب اﻹشادة التمني: لما تتمنى، يقول تمنى يا أمير المؤمنين، قال: أتمنى أن يكون لي ملئ هذا البيت رجال مثل أبو عبيدة استعملهم في سبيل الله. لما تتمنى يكون عندك مثل أبو عبيدة معناه أن أبو عبيدة زادت قيمته ومنزلته.  انظر إلى اﻷماني التي نتمناها اليوم..
سؤال: ما القيم التي نغرسها بالتمني؟ الله يرزقكم مليون ريال، قولوا آمين. هذه الأماني التي نتمناها فتزيد قيمتها في قلوب الناس.
  لكن هل سمعنا في يوم من الأيام دعوة لأحد بأن يرزقه الله علماً نافعاً و كررناها، أو يرزقه الله عز و جل أن يفتح له فتحاً مبيناً، أو ينزل في قلبه نوراً، أو يهديه هداية تُوصله إلى رضوان الله سبحانه و تعالى ؟
 أمانيك التي تتمناها تجعل من حولك ترتفع قِيمهم حول قضايا معينة من خلال الأمنية فتمنى الشيء الذي تبغى طلابك أن يتعلمونه .. تمنَّ ؟ أمنيتي أن كنت عشت مع الإمام فلان ، ليش ؟ هذا من القُراء المشاهير من قصصه يا أولادي كذا و كذا و كذا ، بأمنيتك هذه جعلت له رمز من رموز النجاح ينتمي إليه يتمنى أن يكون مثله .. يسير إليه، مجرد أنك تمنيت ، أتمنى فقط أن لو كنت كذا و كذا وكذا الأمنية هذه تغرس قِم .
من أساليب التهوين: التعوذ (اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و الجبن و البخل و غلبة الدين و قهر الرجال) و تعوذوا من عذاب القبر هذا التعوذ يُشعرك أن الشيء الذي تعوذنا منه شيء أيش ؟ شيئاً ليس ذا قيمة أو ذي قيمة .
الاستياء: من مظاهر الاستياء بالوجه أو بالتعابير فتمعّر وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم، فتلوّن وجهه، فاحمر وجهه رأينا كراهة ذلك في وجه النبي عليه الصلاة والسلام ، هذا الاستياء الولد لما يكون حولك أو الطالب لما يكون حولك مثلاً ويجي و يقول : يا أستاذ أنا ما اقدر ابغى أمشي في مباراة أبغى أشوفها و يظهر على وجهك الاستياء قبل ما تجاوب يعيد النظر في كلامه قال : طيب بسمع وبمشي أول كان بيمشي على طول الحين بيسمع ويمشي ، فشعر أن هذا العمل نزلت قيمته لما رأى الاستياء في وجهك .
المقارنة : خلونا نعمل مقارنة هنا شوفونا نقرأ أول شي الذي هنا:
المقارنة : هي إظهار فرق غير مدرَك بفرقٍ مُدرَك إظهار فرق غير مدرَك بفرقٍ مُدرَك ، وش معنى هذا الكلام يا إخوان ؟ من يجاوب ، وأسأل الله لنا و له المغفرة ؟ المقارنة من أجل إظهار فرق غير مُدرك يعني في شيئين بينهما فرق بس مو واضح أقارنه بشيء فيبان أيش ؟ فيبان الفرق ويصير واضح .. طيب.
 مثال ذلك : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ) الفرق بين الميت و الحي يدركونه الناس أو لا يدركونه، لكن ما هو الفرق الذي لا يدركونه ؟ الفرق بين المؤمن والكافر ، الكفار ما يدركون الظُّلَّال، ما يدركون فقال ترى الفرق بينك أيها الكافر وبين من شهد أن لا إله إلا الله وبين من شهد أن محمداً رسول الله مثل الفرق بين اللي حي والذي ميت فهو يعرف الفرق بين الحي والميت ؟ فيكتشف أن بينه وبين المسلم فرقاً كبيراً كالفرق بين الحي والميت والظلمة والنور (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .
 من أساليب المقارنة : التصنيف لما تصنف الأشياء الصنف الأول .. الصنف الثاني .. الصنف الثالث، تأتي المقارنة ، أصحاب اليمين بعدين السابقون و أصحاب الشمال هذا التصنيف يُبين لك الفوارق الكبيرة بين هذه المعاني كلها ، فالمقارنات التي يُحدِثها المُربي بين الأشياء تساعد المُتربي فينتبه إلى هذا الشيء فتزيد قيمتها أو تنزل قيمتها .
 من المقارنات مثلاً : قارنوا لي بين السائح في العالم و الوافد إلى بيت الله الحرام. مثلاً شوفوا هذه المقارنة من حيث:
١- الغرض: الغرض من الزيارة للسائح في العالم أيش الغرض ؟ غالباً اللهو و الترفيه وكذا صح أو لا ؟ والغرض من زيارة بيت الله ما غرضه ؟ إقامة ركن من أركان الإسلام ، أيهما أكرم ؟ عند أي واحد .. واحد غرضه رشيد وواحد غرضه لعب .
٢ - الوضع المادي : غالب الذين يأتون من الوافدين ما هو وضعهم المادي ؟ غالب الذين يروحون يتمشون أحد أمرين يا غني يا مبذر إما غني أو مبذر طفران ما عنده شيء راح أخذ له دين ومشى.
٣- السلوك الأخلاقي: غالب الوافدين إلى بيت الله سلوكهم الأخلاقي أيش هو ؟ الغالب -دعك من الشواذ واحد أو اثنين- الغالب المحافظين. غالب السلوك الأخلاقي غالب يعني البخل الغالب إلا من رحم الله.
٤- طيب أماكن الانتشار: أين يتواجدون أو يوجدون الوافدون بيت الله غالباً ؟ إذا دورت حاج وين تلاقيه ؟ ******* الكلام نفسه أين تجد الحاج ، طيب وين تحصل أغلب السواح ؟ المتاحف الأندية المعابد الملاهي الليلية و الشواطئ.
٥- العمل اليومي : ماذا يفعل الوافد لبيت الله يومياً ؟ يطوف .. يصلي، أقل ما فيها نايم ، هذا أخس شيء .. أسوأ شيء اللي مره كسلان. طيب بعد ذلك العمل اليومي للسائح في العالم ؟ أكل .. تجول .. نوم .. تسوق .. لهو .. إسراف وربما *****.
٦- سبب الرحلة : القادم إلى بيت الله ماسبب الرحلة ؟ نداء من الله و دعوة إبراهيم عليه السلام شوفوا الشرف أيها الإخوة ، سبب الرحلة إلى الخارج : من أجل المتعة وتلبية دعوات الشركات السياحية وغالب الشركات السياحية ما دعتك عشان تُكرمك، دعتك عشان تأخذ منك كم قرش.
٧- الهدف من استقباله: لما نستقبله نحن ما الهدف ؟ نخدمه نتقرب إلى الله بهذه الخدمة، لكن هناك الهدف من استقبالك الاستغلال أو الاستحواذ على ما في الجيب أو حل مشكلات اقتصاد البلد ، كل دول العالم تحل مشكلات البلد بالسياحة.
٨- من يرعى حقوق الوافد إلى بيت الله ؟ الله جل وعلا ، يعني يا إخوان لما نغلط على حاجّ سندخل في معركة مع الله، ندخل في قضية مع الله. من يرعى حقوق السائح في العالم ؟ قوانين ترعاه لتستفيد منه فقط .
٩- ما عقوبة من يضايقه: من يضايق الوافد إلى بيت الله وما عقوبة من يضايق السائح ؟
١٠- أشهر من عمِل هذا العمل: الوفود إلى بيت الله الأنبياء والرسل ، هناك أشهر من عمِل هذا واحد حقق رقم قياسي في ابتلاع المسامير، وواحد حقق رقم قياسي في الصعود إلى مدري فين، والثالث حقق رقم قياسي أنه مرة واحد دخل في مسبح ولا فيه ولا قطرة ماء -الظاهر ما هو صاحي- و قفز من فوق الخشبة والمسبح فاضي فقط انكسرت رقبته هذا كل ما حصل ومات. أغلب من يذهب مجموعة من الفارغين الذين يحققون الأرقام القياسية.
 الآن هذه المقارنة الآن تخلي نظرتك للحاجّ كيف ؟ إذاً المقارنة بين الأشياء وسيلة من وسائل رفع القيمة أو زيادة منسوبها في القلب .
 / الترتيب : لما ترتب الأشياء فأنت تعطي شيئاً أهم من شيء هذا يُحسس الناس بالقيمة فلما يقول : أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله قيمتها في النفس أعلى ، لما نقول بعدها الصلاة تحس أن قيمة الصلاة أعلى من قيمة الزكاة، لا أقصد الزكاة كقيمة الزكاة ليست قيمة لكن قيمتها عندك، معناها عندك، ثمنها عندك، منزلتها عندك أعلى .
/ النِّسَب : لما تضع نسبة كذا.. نسبة كذا .. تتبين قيمة الشيء أو ضعفه .
/ الوصف : الغرض من الوصف إعطاء تصور ، الله وصف الجنة وقال : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) .
/ المهارات المساندة في تقديم المعلومات: لما تقدم معلومات عن الشيء هذا يُسمى أيش ؟ وصفاً له، لما نقدِّم معلومات عن الشيء وصفاً له فالمعلومات عن الجنّة وصف لها و المعلومات عن النّار وصفٌ لها ، المعلومات عن الإيمان وصفٌ له ، المعلومات عن الأنبياء وصف لهم هذه من الأوصاف، ثم بعد ذلك إذا صورت الحال لما يصور الله عز و جل حال الناس في جهنم -والعياذ بالله- (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) أو يصور حال القيامة ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ) هذا الوصف يا إخوان يزيد من موقع الشيء في نفسك يا يرفعه، يا يُنزله ، فلما يصف الله عز و جل ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) ( سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) إلخ الآيات هذا يزيد من شعورك بهوان الحياة في المعصية وهوان النفس على الله عز وجل يوم القيامة إذا عصته، ولما يصوِّر الله عز وجل المؤمنين وأن الملائكة تتلاقاهم ( سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) هذا الوصف يا أحبتي لطريقة الاستقبال يُشعرك بأنك ينتظرك شيئاً عظيماً فتعظُم الطاعة في قلبك ويَعظُم الطريق إلى الجنة في نفسك . اخواني  الوصف هذه مهارة رائعة لمن يتقنها و يتعلمها إذ يعرف كيف يصف الأشياء ويتلمس جوانبها ، والقصائد الشعرية التي تصف الأشياء يعني مجنون ليلى ما طار عقله من جمال ليلى ، ليلى عادية جداً يعني جمالها يمكن ما يطلع على 60% و لكن انجن من أيش؟ من الوصف كان يصف يصف يصف صار يصف شخصية غير ليلى أصلاً يصف شخصية لو بتطبقها على ليلى ما تطلع ولا حاجة ولكن من كُثر ما وصف هذا الشيء تعمّق في نفسه وعظُم في نفسه حتى سيطر عليها فأفقده صوابه أفقده قدرَه.
اللهم صلي على محمد ، من يقرأ أسماء الله و صفاته ماذا يحصل في قلبه؟ جاوب ماذا يعظُم في قلبه ؟ يعظُم في قلبك الله .
طيب احنا نعرف في الكمبيوتر أنه في صورة دقتها ضعيفة وفي صورة دقتها متوسطة وفي صورة دقتها عالية واضح هذا تعرفونه ، الصورة التي دقتها ضعيفة تقدر ترسلها بالبريد الالكتروني، تقدر ترسلها بالبلوتوث، تقدر ترسلها بالواتس، لكن الصورة التي دقتها عالية قد أيش يقعد الجهاز يحمل فيها ؟ جاوبوا شباب ؟ يطول صح أو لا ؟ تطفش أحياناً وما تم تحميل الصورة ، الصورة التي دقتها عالية تأخذها على سي دي أو تأخذها على هارديسك أحياناً .
 عندما تقرأ أسماء الله ومعانيها لأنه من أساليب رفع القيمة الشرح تقرأ شرح المعاني، معاني أسماء الله كلمة الله في قلبك أيش يصير في الدقة فيها؟ إذا قلبك اثنين جيجا ترى ما يشيلها إذا قلبك ثلاثة جيجا ما يشيلها يبغالك قلب مفتوح لدرجة أنك تشعر أنه لا يوجد في الحياة شيء يمكن أن يُقارَن مع الله إطلاقاً ، مثل واحد جبت له شاحنة قد أيش كبرها ما عمره شافها في حياته فصار ينظر للسيارة التي عنده يقول وش احنا ماعندنا ولا حاجة، احنا مساكين ، بعض الأبراج التي عند الحرم كنا نشوفها الله أيش هذا ؟ لما جاء برج الساعة صرنا نشوف الأبراج التي جنبها كأنها عُلب كبريت.
 إذاً لما أنت تزداد من قراءة ما وصف الله به نفسه في القرآن -أنتم قراء- اقرؤا المصحف بهدف .. بشعار أبحث عن ماذا قال الله عن نفسه ، وأنا أتحدى -والذي يجد غير هذا التحدي يأتي يقل لي بيوم من الأيام ترى التحدي حقك طلع غلط - اتحدى إن استطعت أن تُكمل سورة البقرة ليش ؟ لأنه مستحيل؟ مو مستحيل بس يبغالك وقت عشان تسوي داون لود، عشان تسوي تحميل ما تقدر على طول على طول (تهنق) يحصلوك ناشف ولهذا لما قال الله عز وجل تأملوا الكون وأمرنا أن نتأمل الكون ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ ) أيش ؟ ( هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) أيش ؟ ( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ) ما عاد يقدر يتحمل لكن مع المِران مرة واثنين وثلاثة لما تأخذ عن الله معلومات وصفات يزيد إيمانك فيزيد الهارديسك عندك ويزيد الجيجا تأخذ أكثر حتى أعظم من تلقى عن الله علماً عن الله النبي صلى الله عليه و سلم النبي وهبه الله هذا العلم في قلبه من لدن حكيم عليم، ونحن إذا تقدمنا خطوة في الهداية التي باختيارنا يعني أنت باختيارك قرأت، أنت باختيارك صليت، أنت باختيارك دعيت باختيارك...، منحك الله هداية مو من اختيارك .. منحة ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا ) يعني مشوا في الهداية ( زَادَهُمْ ) أيش ؟ ( هُدًى )، ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ) أيش ؟ ( آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ) بس تقدم فزاده الله هدى ليش الهدى الزايد هذا ؟ عشان يقدر يتحمل بقية المعاني لدرجة أن بعضهم يمشي في الطريق الناس من جنبه لا يُحس فيهم تدرون ليش ؟ لأن الخلفية حقت العين كلها الله ما عاد يشوف شيء، تقول له فلان الفلان مدري ايش اسم التاجر الفلاني ؟ لا يدري عنه شيء ، تجي تقل له : يا اخي عندي عمارة دورين صراحة جنب الحرم والله يطيح عقالك وأنت تتفرج فيها ، قال : جنب برج الساعة ؟ قال له اسكت اسكت لأنه يعرف ... ، تجي تقول : فلان ترى جبار فلان ترى يخوف، يضحك يقول أنتم تعرفون الجبار ؟ أنتم ما تعرفون الجبار أنا الذي أعرف الجبار ، يقول هذا المؤمن -ليس أنا- المؤمن الذي يعرف الله.
 يجي يقول له فلان غني ، يقول : أنتم يا مساكين أنتم تعرفون الغني!! والله ما تعرفون الغني أنا أعرف الغني بس روحوا  اقرأوا عن الغني بتشوفون من الغني.
 أحبتي من اليوم كلما تكلم الله عن نفسه بشيء فكّر ليش الله قال لك هذا الكلام ؟ أيش يبغاك تعرف عنه ؟ وشوف جرب .
النتيجة الأولى: أنك تزداد هدى.
النتيجة الثانية : أنك تكتشف كل أمر في الشريعة سهل عليك، ليش سهل عليك ؟ أنا اعطيك مثال : يأتي شخص مُتعب مرهق مُنهك فيقف أمام رجل جبار قال : قف ، قال : طيب ، طيب كان متعب قبل شويه ليش وقف ؟ الخوف الرصيد الذي في القلب من الخوف والإجلال لهذا الرجل يُخرِج كل طاقتك، فلما يعظُم الله في قلبك ويقول لك الله عز و جل : ( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) بكل سهولة تقوم،
ولما يقول لك الله عز و جل : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ) تلقاك من الساعة تسعة في صلاة الجمعة في الصف الأول من الساعة تسعة أو من سبعة.
 ولما يقول الله عز و جل : ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ) تجدك تترك الفواحش مو بس تتركها تكرهها ، في واحد يتركها ويتمناها هذا مأجور لكن تتركها و تكرهها لأن كرهها الله فكرهتها، تصبح التعليمات عندك كلها مُستطاعة تصل إلى الدرجة التي قلناها قبل شوية محبة الله لأنك لما تعرف صفات الله تحبه ، مجنون ليلى لما قعد يوصف في ليلى عشقها وهي بشر.
 فلما تأخذ أوصاف رب العالمين فإنك تحبه وتُجلّه وتُعظِّمه وتتقرب إليه ، إذاً الوصف يا إخواني لأي شيء يجعله يتمدد في القلب الوصف لأي شيء أوصاف ، ولذلك بعض الناس يجي يوصف حاجة معينة يجي يقول لك سالفة سمعتها كثير لكن لما تسمعها منه تحس أن لها طعم ثاني لأنه يوصف يوصف يوصف يعطي أوصاف.
 توقَّف عند بعض المعاني والقيم أعطاها أوصاف، أعطاها أشكال تحدث عنها ، إملأ أذهان طلابك بها، تكلم عنها كثيراً فإنه كما يقولون -كثر النق يغلب على السحر- كثر الكلام يخلي الإنسان تُسيطر عليه المعلومة حتى ما يجد.. ولهذا الذي يصلون في الصلاة ليش يسرحون لأن الله مو كبير عنده، لأن صورة الله -الصورة مش الله- صورة صغيرة ، تتغير النقطة قدامك تُشغلك ؟ لا تشغلك لكن لو قدامك لوح كامل ما تشوف شيء مغطي عليك، لما يصير الله  يملأ كل كيانك أنت تصلي الناس تتحرك ما أنت داري عنهم، تسمع صوت برى ما أنت فاضي بس مجرد ما تسمع كلام الله توقِّف، كلام حبيبك المحبوب اﻷول.
/ التجاهل : قال الله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) هم ايش سألوا ؟ هم سألوا عن الهلال ليش يصير صغير وبعدين يصير نص وبعدين يصير بدر ليش ؟ فتجاهل هذا السؤال اسمه الأسلوب الحكيم و اتجه إلى جواب أهم قال : الهلال هو ميقات للناس وللحج، مواقيت للناس في أيامهم في صيامهم ومواقيت للناس بمعنى دخول وخروج الحج واكتمال السنة القمرية هذا أهم ، لما يجيك ولدك ويقول : يا بوي شف هذه السيارة قلت : خليك من السيارة وش عندك اختبار بكرة ؟ يشعر بأن الاختبار أهم من من السيارة ، لما تتجاهل قضية تنزل قيمتها و بالتالي القضية التي تلفت النظر إليها تزداد هي قيمتها .
من أساليب التجاهل:
- تغيير السياق يتكلم عن شيء تغير الموضوع أنت السياق هذا من أسلوب التجاهل لكن لا تفعلها إذا تعرف أنها تؤدي إلى آثار سلبية يعني تجي عند أبوك كبير في السن أو إنسان على قد تفكيره أو تجي عند مُعلم أو إنسان عادي بسيط ما يعني بذاك المستوى سألك سؤال مالك فيه ولا لك علاقة فيه قال لك : المباراة اليوم اللي في الشرائع بين مِين ومين ؟ فالآن أنت لا تفهم بهذه الأمور شيء بإمكانك تقول لا أعرف وانتهى لكن إذا أردت أن تُعلِّمه .. إذا كان تحت تربيتك .. إذا كان تحت مسؤليتك يمكنك أن تسأله سؤال ثاني : طيب أنا بجاوبك لكن لو أنا سألتك أنت سؤال كمان تجاوبني ؟ أنا ما أعرف المباراة بين مين ومين، هذا جوابي أنا ما أعرف لكن لو أنا سألتك شيء ثاني تجاوبني ؟ سؤال بسألك سؤال الحين سؤال : كيف نخشع في الصلاة -مثلاً- ؟ اعطيني فكرة، أي فكرة. ما عرف الجواب ساعده ودلّه على فكرة وقل له تفكّر في الآيات التي نقرأها ، الآن لما لفت النظر من موضوع الرياضة إلى موضوع الصلاة ارتفعت قيمة الصلاة والخشوع فيها .
 -تقديم سؤال : أنك تسأل عن الشيء وتتجاهل الشيء بسؤال قال : يا رسول الله متى الساعة ؟ وش كان الجواب ؟ وماذا أعددت لها ؟ الأهم وش أعددت لها، فترتفع قيمتة العمل للآخرة أعظم من قيمة أنك تعرف متى الآخرة ، يعنى معنى أنك تعرف متى الآخرة هذا المعنى مو مهم المعنى الأكبر والأهم ماذا أعددت للآخرة بمجرد تغيير السؤال .
واحد حب يغير المسار بأسلوب التجاهل هذا لكن الظاهر أنه تدرب تدريب خطأ -بس ما حضر عندي- المهم فيسولفون كان يبغى يزور واحد أبوه مريض يبغى يزور أبوه لكن نسي  بكرة .. بعده .. بكرة .. بعده، فقابل الرجل هذا الذي أبوه مريض ونسي موضوع الأب الآن نسيه ومعهم واحد ثالث، يتكلمون وما يتكلمون الثالث هذا -أكرمكم الله- عنده غنم في البادية وعنده راعي والراعي عنده حمار يتنقل عليه في البادية لأن الحمار -أكرمكم الله- في البادية يمشي كويس -يعني دفع رباعي ولا ساهر يمسكه ولا شيء- المهم فذلك جالس يتكلم فقال : والله أني مشغول هذه اليومين، الراعي كان معه حمار ومرض ومات الحمار فيعني الحين تعب ورايح الآن أشوف له حل، طبعاً لما جاب طاري المرض والحمار ومدري ايش هذا الرجل وش تذكر ؟ تذكر أبو الثاني هذا الذي مريض قال : على طاري الحمار وش أخبار أبوك ؟ هذا الأسلوب في تغيير السياق لا يبني قيمة هذا بيخليك تتمردس أكرمكم الله جميعاً .
/  تحديث المعنى: كلمة تحديث معروفة الآن مع الإنترنت والكمبيوتر نعرف وش معنى تحديث تجديد ، ماذا تُحدِث تجديد المعنى ؟ تزيد من الكثافة الحسية، نشرح ما معنى الكثافة الحسية.
 ( قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) كم مرة تكررت ؟ ( قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) بعدين قال : ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) بعدين قال : (ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) ( تَسْتَطِعْ ) و ( تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) هذه خمسة الظاهر .
 الآن ننتقل لنقطة ثانية :
 لما أكرر الشيء مرة واثنين وثلاثة وأحدِّثه وأُذكرك فيه وأذكرك فيه تزيد قيمته ، ما معنى كثافة حسية ؟
 الكثافة الحسية : لما تجي تضرب بوية في الجدار تأخذ الحركة الأولى البوية باهتة تعطي الوجه الثاني صارت البوية أيش ؟ أكثر كثافة .. أكثر كثافة ، الكثافة الحسية لما تكتب بالقلم خط واحد .. خطين .. ثلاثة .. أربعة .. خمسة ستة .. يصير القلم من كثر ما تحط خطوط صار أسود مو أزرق صح كثافة مضبوط.
 لما تحدِّث المعنى .. تحدث المعنى، صلِ يا ولدي الصلاة طيبة ترى ، صلي الصلاة فيها خير ، مرة ثانية صلِّ الصلاة فيها خير حفظت القرآن الله يوفقك اهتم بكتاب الله أكثر، ها انتبه كتاب الله تنساه ، هذا تكرار، تحديث القضية والتذكير بها يُحدِّثها يزيد من كثافتها يعني تصير الكلمة تمر تروح .. تجي وتروح تجي لكن مع أيش ؟ مع مسايسة المُتربي حتى لا يتضايق فتحديث المعنى وتذكيره يخليك تزيد من الحوار الداخلي ، مما روي عند البيهقي أو عند الطبراني -والله لا أدري راجعته ونسيتها- لكن حديث خُوات بن جبير المعروف حينما جلس مع النساء يتحدث في سفر وأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال : خُوات - يعني وش مقعدك بين الحريم- رضي الله عنه و أرضاه - فقال : يا رسول الله ندَّ لي جمل - ند يعني شرد - هو ما شرد لا جمل ولا شي بس غلط فقال : ندَّ لي بعير فأنا ألتمسه - أي أسأل عنه- ماشي ، عرف النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ما هو بجواب - فلما مشوا في الطريق وجده يمشي معهم قال : خُوات ماذا فعل شِراد جملك ؟ - شخبار البعير- فاستحى سكت، فمشوا وصلوا المدينة فرأه النبي صلى الله عليه و سلم قال : خُوات ما فعل شِراد جملك ؟ - وش سوى الجمل - يقول : فاستحييت من رسول الله صلى الله عليه و سلم حياءً عظيماً فعزمت أن لا أُصلي في مسجده وأن أصلي في مسجد قومي -يعني موغضب استحي أن أواجهه - يقول فبقيت أياماً فاشتقت إلى الصلاة في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فتحينت لحظةً وقتاً ليس بوقت صلاة -يعني ما أحد في المسجد- فأتيت بعد صلاة العشاء فدخلت أو بعد صلاة ما فدخلت لأصلي وليس في المسجد أحد فأحس بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فعلمت أنه في المسجد وأنا في الصلاة فعزمت أن اطولها حتى يخرج قال : فدنا مني قال : خُوات طوِّل ما بدا لك فلن أنصرف حتى تنصرف - قاعد لك - قال : فصليتها خفيفة فسلّم - عاد تخيل هذه التسليمتين كيف تكون عاد .. النبي في إحدى الجهتين لا شك- قال : فلما التفت إليه قال : خُوات ما فعل شِراد جملك ؟ تشوفوا الإحساس يا اخوان كيف يزيد يزيد بالقضية قال : يارسول الله والله ما شرد منذ أسلمت - يعني ما شرد إيماني منذ أسلمت - و لكني امرء أريد الزواج فأعجبني حديث النساء - ابغى اسمع طاري النساء يجيبوا طاري واحدة يمدحونها أو يوصفونها واروح أخطبها- يعني ما كان في النفس شيء مع أنه لا يجوز ومع ذلك القلب كان سليم ، الخطأ سلوك خطأ ، والذي أقصده أنه لم يكن يريد ما يريده أهل السوء ومع هذا كله قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا خطأ ليس صحيحاً ما بالك بمن يريد السوء -والعياذ بالله- المهم أنه ( قال : والله ما شرد منذ اسلمت ، فدعى له النبي عليه الصلاة و السلام فيقول والله ما عاد لمثلها ) يعني ما عاد يقول لي هي بعد كذا وحصلت الرسالة. استخدمها إذا وجدت أنها لطيفة وتنفع مع المتربين لتذكيرهم ببعض القيم.
/ منها إعادة الموضوع
/ منها تنويع المصدر: ما معنى تنويع المصدر؟ أتكلم اليوم عن أهمية مثلاً غضّ البصر وبعد فترة تجي آية تمر على آية فيها غضّ البصر تطلب من واحد من الطلاب يشرحها كم مصدر الحين ؟ مرة أنا ومرة الطالب، مرة أنا ومرة آية، مرة ثالثة يوم من الأيام أحصِّل مطوية فيها غضّ البصر وأحطها في المسجد أتركها يأتي الطلاب فيقرأونها مصدر أيش ؟ ثالث ، مصدر رابع يمكن قصة عن واحد ما غضّ بصره أو كذا أو تاب أو وقع في الفاحشة بسبب إطلاق بصره فخليه يذكر لنا القصة هذه والطلاب يسمعون فيتنوع المصدر هذا من أساليب الكثافة الحسية .
/ أيضاً الربط بما سبق تقول : كما ذكرنا سابقاً، تذكرون كذا .. تذكرون كذا.. فهذا يحدث المعني و يزيد من رصيده في النفس .
/ ذكر الجزاء : عندما تذكر عقوبة أي شيء فإن منزلته تنزل وعندما تذكر مكافأة أي شيء فإن منزلته ماذا يحصل فيها ؟ تعلو وتزيد القيمة ، فخلع قيمة الجزاء على قيمة الأداء ، الأداء له قيمة عادية فلما نحط الجزاء عظيم ترتفع قيمة الأداء يزيد الأداء .
 من يضع في ذهنه أن يربي الشباب والطلاب على معنى من المعاني فعليه أن يتعلم هذه الأساليب لأنه واجبة، إذا كان تعليم القرآن واجب فالطريق إليه واجب ، وعشان أطمنكم هذه كلها مشروحة في كتاب ثلاثة أجزاء .
 المكافآت يا إخوان أسلوب وتعظيم الأجر أسلوب من أساليب رفع أيش ؟ القيمة لكن أنا أفضِّل تعظيم الأجر على المكافآت ليش ؟
لأن لو بغيت مكافأة طالب في ابتدائي كم تعطيه مكافأة كم قيمتها ؟ خمس ريالات .. عشرة ريالات، والثانوي كم تعطيه ؟ لعبة بعشرة ريالات .. نفيخة ؟ لازم تعطيه شيء غالي وتستمر في هذا الموال. لكن لما تربيهم على أن يتذوقوا المكافآت المعنوية، المكافآت المعنوية ما تغلِّق وهي الرُقي الحقيقي للإنسان لأنه مثل الأجر .
 من القيم من أساليب الاستراتجيات سحب القيمة على مجالات أخرى:
( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
( قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ )
ما معنى هذا ؟ أني أربط القيمة بقيمة أعلى منها ،أنت تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أنت تبايع الله، أنت تقتلنا .. تقضي على الحياة الدنيا طيب أيش المشكلة ؟ ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) أنت تقضي على هذه الدنيا ولكن الآخرة أعظم .
 لما تربط القضية عند الطالب بشيء أعظم يستهوِن الأمر الأول ، وهذه من الأساليب ، لما تقول : يا ولدي - على سبيل المثال - أنت تفكر أنك لما تقرأ القرآن أنت بس تقرأ وخلاص ؟ أنت تُردد كلام الله ، أنت تفكّر وأنت تقرأ القرآن أنك تقرأ وانتهينا ؟ أنت ترتقي في الجنة ، هذا الربط بالمعاني الأكبر يجعل من القراءة شيئاً آخر. أنت لما تصلي يا و لدي تفكر أنك تقرأ و بس ؟ مَلَك يضع فمه على فيك ويتلقى منك كلام الله .
/ ربط القيم ببعضها
/ استثمار قيم الابتداء: يمكن ما نشرحها الآن لأنها طويلة، لا يمكن لأن فيها فصل في الكتاب كامل مو فصل تقريباً باب من أبواب هذا الموضوع .
/ العمل : من أساليب غرس القيم العمل ، تطلب منه تطبيق شيء إذا طبّقه مرة .. مرتين .. ثلاثة يألفُه .. يحبه .. يتعود عليه ولهذا تلقى بعضكم الحين صح إنه كبير لكن يحِن لبعض أنواع الآيس كريم التي كان يشتريها من البقالة بنص ريال، صح أنه ما يملي عينك الحين نص ريال لكن تحِنّ له ليش ؟ لأنك مارسته زماناً طويلاً فأصبح جزء من ذكرياتك .
مُروا أبناءكم بالصلاة - من أيش ؟ لسبع صح - و اضربوهم عليها ) يعني من سبع إلى عشر أيش فيه ؟ صلِّ صلِّ ، يصلي ويصلي ويصلي ويصلي ويصلي ويصلي وتشتغل الصلاة بعدين أوتوماتيك ، إذاً ممارسة العمل تجعل له قيمة وله إِلف عند الإنسان.
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ) مرة واحدة نقضوا الميثاق مرة ثانية نقضوا الميثاق مرة ثالثة نقضوا الميثاق ماذا حصل ؟ ( جَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً).  ويقول الله عز وجل عن المنافقين (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ ) من وين جاء النفاق هذا ؟ قال : ( بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ ) مارسوا الخلف مرة و اثنين و ثلاثة ( لايزال الرجل يصدق يصدق و يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتَب عند الله صدِّيقاً ) فتعويد الطلاب على بعض الأعمال، إرشادهم إلى بعض المهارات، إرشادهم إلى بعض العبادات، إرشادهم إلى بعض السلوكيات كالابتسامة والترحيب والتواضع وغيرها يألفون هذه الأعمال .
/ الحث على السنن أو إشاعة روح الاستمتاع بالعمل أنك تتكلم عن العمل بوصف جميل يتلذذون بهذا العمل يتلذذ بكونه في الشمس مثلاً يطوف، يتلذذ بكونه الآن يعطي مما عنده الفقير، الناس ما يتلذذون بالعطاء يتلذذون بالأخذ فأنت تعطيهم لذة أخرى تتحدث عنها بشكلٍ آخر فيتلذذون بكونهم يعطون، يتلذذون بكونهم يجوعون فيصوم، يتلذذ بكونه يُحرَم فيُؤثِر .
/ ذكر المنة و الميزة إظهار سر القيمة (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) و في آية أخرى (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) طيب ( وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ) أيش ؟ ( هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) فهذه الطريقة ماهي ؟ إظهار أحسن ما في الشيء فلما تقول الصلاة الوقوف بين يدي الله عز وجل أحسن ما فيها الوقوف بين يدي الله ليس مجرد ركوع ، الصيام تقول : ترى الصيام ما هو فقط ترك الطعام والشراب ( الصيام جُنَّة كجُنَّة أحدكم من القتال ) ( الصدقة برهان ) ( الصلاة نور و الصدقة برهان و الصيام جُنَّة ) هذه العبارات تأخذ من الشيء أجمل ما فيه وتشرحه وتُبيّنه فتزيد القيمة وتذكر المِيزة التي في الشيء .
/ إكتساب القيمة من الرصيد الذهني للرمز الربط بالرموز ، يريد الله عز وجل أن يُعظِّم معنى الصبر في قلب النبي عليه الصلاة والسلام فربط برمز من رموز الصبر ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) ولما أوذي النبي عليه الصلاة والسلام تذكر هذا الدرس فقال : ( رحم الله أخي موسى أوذيَ بأكثر من هذا فصبر ) فلما تقول : تعلَّم كفلان، تعلَّم كالصحابي فلان .. كالإمام فلان .. كالمقرئ فلان .. كالشيخ فلان، تصلي... فهذه الرموز التي نتحدث عنها فلذلك شباب احنا عندنا اليوم فقر في الرموز في أذهان أبناءنا تحفظ في ذهنك عشرات من رموز العزة أو رموز العلم أو رموز الشجاعة أو رموز العطاء أو رموز الوفاء، شخصيات كثيرة في التاريخ لكن ولدك ما يعرف منها ولا واحد عندنا فقر .. نُدرة، فتبغى كيف يتعلم القيم وما يعرف أمثلة عليها ما يعرف رموز لها، لكن اسأله عن اللعيبة يعرف اسماءهم اسأله عن المغنيين يعرف أسماءهم حتى لو ما يغني حتى لو ما يسمع أغاني، اسأله عن أصحاب الأرقام القياسية في العالم الذين يحققون إنجازات ، اسأله عن هذا الذي رمى نفسه من فوق هذا آخر واحد الذي ايش اسمه ؟ فيليبس المهم اسألهم يعرفون كل التفاصيل طبعاً لا أقول معرفتهم بهذا الشيء مُحرم. . لا، لكن المشكلة أنهم ما يعرفون غيره، ما في الذهن ، الرموز -يا إخواني- عبارة عن أدوات تحرك السلوك فلما يصير ما عندك أدوات إلا هؤلاء هنا بسلوكك يتجه نحوه، عندما يكون عندك في ذهنك هؤلاء الرموز ولذلك تكلم يا أخي عن هؤلاء الناس، ما هو لازم تلقيها خطبة سولف فقط عن عبدالله ذي البجادين يوم جاء ما عليه إلا طمرين، جردته أمه من كل شيء حتى أصبح عريان ، لما تشوف مثلاً واحد لابس مثلاً فوطة أو لابس إحرام تقول : هذا يذكرني بعبد الله ذي البجادين تعرفون عبدالله ذي البجادين ؟ ما تعرفوه ؟ لا هذا أسلم و أمه أخذت ملابسه كلها فما بقى معه إلا طمرين يعني أيش طمرين يا أولادي ؟ يعني قطعتين قماش واحدة ستر بها أسفل الإزار واحدة أخذها على كتفه وجاء إلى النبي عليه الصلاة و السلام فرحان أنه مسلم ، شوفوا سبحان الله شوفوا يا أولادي ما فكّر الملابس ما فكّر بالذي أخذته أمه فرحان أنها تركتها يروح للنبي عليه الصلاة و السلام فلما رآه قال عليه الصلاة و السلام : ( أنت ذو البجادين في الجنة ) متى مات ذو البجادين ؟ مات في إحدى الغزوات في غزوة تبوك وهو في الطريق وهو في الجيش عسكّر الجيش فناموا فمات في الليل ، يقول عمر : فقمت فلم أجد النبي في فراشه ولم أجد أبا بكر في فراشه أوأظنه ابن مسعود العفو ابن مسعود يقول : لم أجد أبا بكر في فراشه ولا عمر ولا النبي عليه الصلاة والسلام فتلمست أماكنهم فوجدتها باردة فعرفت أنهم قاموا من فترة طويلة فذهبت فوجدتهم يُلحِدون رجلاً قد مات وإذا هو عبدالله ذي البجادين ، يقول : مات عبد الله ذي البجادين والنبي عليه الصلاة والسلام يدخله إلى اللحد و يقول : اللهم إني أمسيت وأنا راضٍ عنه فارضَ عنه، يقول ابن مسعود : فتمنيت أني صاحب القبر . إذاً عبدالله ذي البجادين لازم يعرفه أولادك .
يعرفون شيء -أولادك- عن أبي بصير مثلاً!! يعرف شيء أولادك عن عبدالله بن عباس ورحلة طلبه للعِلم!! يعرف أبناؤنا شيء عن عمر بن عبدالعزيز!! التاريخ مليان أنا ما باقعد اتذكر، التاريخ مليان. يعرفون شيء عن ناس في الحي مشهورين بالعبادة، تمر بالسيارة : أنت شايف الرجل الكبير في السن تقول : هذا ما قد دخلت المسجد إلا وهو وراء الإمام، شوف يا ولدي عمره سبعين وأنا عمري ثلاثين مثلاً -أنا طبعاً بالنسبة لي أنا أقل من عشرين- يقول : عمره سبعين وأنا عمري أقل من عشرين ومع ذلك ما عندي القوة أنا ما أعرف من فين القوة الغريبة من فين القوة ؟ خلِّ ولدك يشارك معك يعرف رمز من رموز الطاقة ، القوة يا ولدي ما هي في الأبدان ولا في العضلات القوة في الروح بس وش اللي يقوي الروح ؟ اللهو لا يقوي الروح، رسائل الواتي أب هذه والنكت ٢٤ساعة لا تقوي الروح، الذي يقوي الروح كلام الله .. الطاعة .. العبادة .. الذِّكر هذا الذي يقوي الروح . وقس عليها رموز كثيرة .
 تمر من عند واحد من عند عِمارة مدري قد ايش أربعة أدوار : تعرف عمارة مين هذه ؟ هذا فلان معروف، هذا من أكبر تجار مكة طيب أنا وش بتستفيد من هذا الرمز ؟ أنت تعطيه هذه المعلومة تُعظِّم الدنيا في قلبه لأنك عظمت رموز الدنيا، الرجل قد يكون فاضل قد يكون من أهل الخير لكن ماني محتاج أعرف عنه شيء الآن، أنا الآن ربيني على الأهم ، لما أصير تاجر بعرفه من غير ما تقل لي ، بعض الناس عندهم أخبار بشكل يومي عن مشاهير اللهو أكثر مما عنده أخبار -ولو في الشهر مرة- عن مشاهير الطاعة والعبادة والذكر والإحسان .
/ تمثُّل القيم : عندما تتمثلها أنت تصبح رمز لمن معك، وكذلك سرد سِير النماذج البشرية هذه من أساليب الربط بالرموز حتى تتعمق في قلوب الطلاب و النشئ .
/ إصدار الأحكام : حلال .. حرام .. خطير .. سيء .. ما هو جيد .. مقيت .. ممتاز ..
هذه الأحكام تعطي قيمة أو تنزل قيمة فلما يأتي إنسان وأنت تمشي -مثلاً- فلان فصل تقول : ما هو جيد، والله ما مهو جيد ما هو طيب أن الواحد يبتعد عن دراسته وعن دراسة وقراءة القرآن ، أصدر حكم على العمل قل : ما هو جيد ، حتى يعلم الناس أن هذا السلوك غير جيد ، حكم على السلوك مش على صاحب السلوك ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ) ليش ؟ ( إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ) أصدر عليه حكم بأنه فاحشة (وَسَاءَ سَبِيلًا ).
 إنكار المنكر هو أحد الوسائل التي تصدر عليه حكماً بأنه خطأ .
إبداء الرأي عن الشيء : أنا رأيي في كذا أنه غير جيد، رأيي في كذا أنه غير صحيح هذا يُسقِط القيمة أو يرفع القيمة وإصدار الأحكام.
/ من استراتيجيات عرض القيم: تكوين قيمة للسلوك مستنده الغرض الشخصي واستثمار الرصيد الشخصي .. ما معنى الرصيد الشخصي ؟
الرصيد الشخصي : أنك تَعظُم في قلوب طلابك عشان لو قلت لهم يا أولادي أنا أحب هذا الشيء يحبونه لأنه لك رصيد
 تعظُم في قلوب أبنائك عشان إذا قلت لهم أنت ليش تزعلني. . تراك تزعلني الحين قال : لا لا تزعل ، لأن رصيدك أيش ؟ رصيدك عالي . جحا كان عنده ولد مزعج .. مؤذي إذا نام معه في الليل يقعد يرفس ويدف البطانية وفي البرد وحالته حالة مجنن أبوه وفي يوم من الأيام ايش قال له أبوه زعل الولد فقال لأبوه : تزعلني والله ما عاد أنام معك قال : فكة. لأنه ليس له رصيد شخصي.
 فلابد أن تُعوِّد نفسك بينك وبين طلابك بالوفاء والتعاون ما يجعل لك رصيد شخصي ولكن لا يكون منزلتك في قلبه أعظم من القرآن و لا أعظم من الله ليش ؟ لأن بعض المربين يخطئ -وقليل هذا نادر- يخطئ يصبح أعظم في قلب الطالب أعظم من المعنى الذي يريده .. من الدين .. من الإسلام .. من القرآن .. من الله عز و جل فلما هو يتجاهل هذا الطالب ويهتم بطالب ثاني ينتكس الطالب الأول طنشني .. ماعاد صار يعطيني وجه .. أكلمه ماعاد يرد عليَّ .. نسانا، خاصة إذا كبروا شوية وما عاد يحتاجونه ويبغى يشوف غيرهم ولذلك عظِّم في قلبه الله ، وكعب بن مالك لما هجره النبي عليه الصلاة و السلام لم يرتدّ عن الإسلام لأن الله كان أعظم في قلبه ، فكيف نصنع هذا ؟ ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ) ومن عيسى لما يقول ( مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ) ؟ نحن فداءك نحن فداءك يا رسول الله ، من يبايعني على الموت ؟ استخدم رصيده الذي يحب محمد يبايعه.
 فلذلك حُسن العِتاب تستثمر فيه رصيدك الشخصي
 أيضاً حُسن خلقك يخلي لك رصيدك الشخصي
 الإحسان يخلي لك رصيد شخصي
 تبني علاقة حسنة هذا يخلي لك رصيد شخصي .. شعبية يعني .
/ منح الهوية : هذه آخر واحدة ، الهوية يقول الله عز و جل : ( كُنْتُمْ ) أيش ؟ ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) أنتم هويتكم .. نمطكم من أنتم ؟ الهوية تأتي بجواب من أنت ؟ من أنتم ؟ امنح الهوية ، أنتم أهل الله وخاصته .. أنتم أصحاب القرآن .. أنتم حملة كتاب الله .. أنتم من جمع النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يُوحى إليه، هذا الوصف الذي يعطيه تميُّز عن غيره يجعله يترفع عن المعاصي يترفع أنه ينزل .
 واحد قبل فتره يقول : ولدي حسيت أنه يعني أخذ له شفطة أو شفطتين من المعسل ، فسألت الولد سؤال : في أحد في عائلتكم يدخن ؟ قال : لا ، قلت : في العائلة تتوقع إنه في حد ممكن أنه يدخن ؟ قال : لا ، قلت : عائلتكم لو حد جاء يخطب من عندكم يتردد أم مجرد ما يقولوا العائلة الفلانية يقولوا والنِّعم ؟ قال : لا والله يقولوا : والنِّعم ، احنا الذين نتردد ونسأل عنه ونشوف - ممتاز - قلت : قد أحد من عائلتكم في يوم من الأيام سوى فضيحة كذا مقتوه الناس ؟ قال : أبداً ، أبوك وجدك لهم قيمة في المجتمع محبوبين ؟ قال : نعم ، إذاً إمام المسجد يحترم جدك ؟ قال : نعم ، يحترم أبوك ؟ قال : نعم ، قلت : يعني أنت الآن من هذه الأسرة ؟ قال : نعم ، قلت : يصلح أنك تشيش وأنت من هذه الأسرة ؟ ما تشوف أنك أنت فوق شوية ؟ يا أولادي والله وهو جواري وأنا جالس فوق السيارة وأنا أطالع في عيونه وهو يبكي ، ليش تبكي ؟ قال : يا أبو زياد أنا سويت حاجة ما أحد يسويها ، احتقر السلوك اللي سواه ، حسِ إنه نزل .. حسّ إنه نزل، اثرني فوق وأنا ما ادري.
 لذلك الشيطان إذا بغى يغوي بني آدم يا شيخ قدها خربانة خلاص ، يعني أيش ؟ خليك زي العالم أنت بايعها أنا منتهي *** قدام .. الريوس مفصول .. ينزلك ينزلك ينزلك علشان تقبل المعصية.
 أنت ارفع طلابك تدرون من أنتم ؟ أحفاد محمد .. أحفاد أبو بكر .. أحفاد عمر.
 تدرون من أنتم ؟ شوفوا الذين خدموا الإسلام طوال سنين - أعطيهم قصة كيف جُمع القرآن كيف كُتِب، كيف وُضعت النقاط ، الروايات كيف ضُبِطت، كيف كُتِب فيها، كيف ضُبِط التجويد، كيف كُتِب -خليهم يحسون بهذا الجو- شفتم هؤلاء كلهم النخبة هذه التي عملت هذا العمل أنتم أحفادهم ، ترى ما أنتم ناس طبيعيين ، هذا الانتماء الديني يعطي الإنسان العز ، يقول ابن القيم : "دنو الهمة يفتح على الإنسان باب المعصية -دنو الهمة يقبل أي شيء- وعُلو الهمة يجعله يترفع عن المعصية " قال عليه الصلاة والسلام : (ولا يزنين) ، قالت هند بنت عتبة : وهل تزني الحرة؟! أنا ماني متصورة حرة تزني مستحيل ، شيء غير لائق .
/ تشكيل صفة مميزة للطلاب.
/ تعميق المنهج: لما أتكلم عن منهج الإسلام .. منهج السنة وتاريخه يتعمق المنهج.
/ الثناء الإيجابي على الطالب من فترة إلى فترة .
 الإعجاز : الإبهار وتحدي القيم المخالفة ( قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيم ) الله عز وجل يعطي الأنبياء معجزة لماذا ؟ ليُبهروا بها الناس فيُحسون أن هذا عنده شيء غير عادي لأن مسألة الوحي مسألة عادية أو غير عادية ؟ ما حتصدق أنه يشوف وحي من السماء ، أظهر لنا شيء قدامنا غير عادي عشان نصدقك أن الوحي غير عادي يأتيك ؟ نبغى شيء محسوس عشان نصدق بالذي هو غير محسوس فيعطون إبهار.
 فالمعلم إذا عنده علم واسع يُبهر طلابه أو لا يبهرهم ؟ سعة العلم تُبهر طلابك، لما يرونك أنك متعلم تبهرهم فتصبح مُميز عندهم فيحترمونك .
جودة اللغة لما يرون اللغة عند الإنسان فإنه يُحترَم  هذا يُبهر.
إتقان العمل لما يشوفوك تتقن عملك و تتقن أداءه فإنك تُبهر وبالتالي يقبلون منك أيش ؟ القيم .
أحبتي الكرام انتهينا من الجزء الثاني من الدورة و جزاكم الله خيراً و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . 
اقرأ المزيد...

السبت، 24 يناير 2015

وقفات تدبرية مع قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)

د. ناصر العمر




سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الرحمة المهداة والصفوة المجتباة صاحب الوجه اﻷنور والجبين اﻷزهر صاحب الخلق العظيم الذي أدّبه ربه ورباه وزكاه (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) [سورة القلم : 4] .
نقف هذه الوقفة أيها اﻷحبة بين جزئين بعد أن انتهينا من جزء عم وسنواصل في اﻷسبوع القادم بإذن الله مع جزء تبارك ابتداء من سورة المرسلات.
أحببنا هذه الوقفة مع هذا الموضوع العظيم، هذا الموضوع الذي نحتاجه دائما وأبدا وتبرز أهمية هذا الموضوع من خلال عوامل عدة وأسباب كثيرة منها:
/ استجابة ﻷمر الله جل وعلا (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [سورة الحشر : 7] وكيف نأخذ ما أتانا به وننتهي عما نهانا عنه إن لم نعرف أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: ... نأخذ هذا الموضوع طاعة لله جل وعلا الذي أمرنا بالاقتداء به والتأسي به (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة) [ سورة اﻷحزاب : 21] ولن تستطيع أن تتأسى بأحد إن لم تعرف صفاته وأخلاقه، أن تعرف صفاته وأخلاقه وبهذا تتأسى به.
ثالثاً: حاجة المسلم دائماً وأبدا إلى من يقتدي به في شؤون حياته كلها وأعظم من يُقتدى بهم هم اﻷنبياء عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وعلى رسولنا صلى الله عليه وسلم  (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه) [سورة اﻷنعام : 90] فلاشك أن صفاتهم وأخلاقهم هي ما يجب أن نتعلمه لنقتدي بهم.
أيضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت ﻷتمم مكارم الأخلاق ) ومن أعظم اﻷخلاق التي تمّمها ما التزم به صلى الله عليه وسلم من أخلاق النبوة .. من أخلاق عظيمة نحاول أن نتعرف على بعضها وإﻻ فيصعُب الحصر في هذا الوقت اليسير.
اليوم -أيها اﻷحبة- أحوال اﻷمة كما ترون من اﻻضطراب والقلاقل والفتن، يحتاج الناس في مثل هذه اﻷزمات إلى من يُثبتهم ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزب صحابته أمر قال لن تُراعوا، ومن أشدّ ما مر به صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم ما حدث في اﻷحزاب (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا*هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [سورة اﻷحزاب : ١٠-١١] في هذا اﻻتجاه بعدها بآيات وذكر حالة المنافقين وما أحدثوه من اضطراب قال الله جل وعلا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [سورة اﻷحزاب : 21] في إيمانه وأخلاقه وكلامه،  فاليوم مع ما ترون من تداعي الأمم وما يحدث للأمة نحتاج إلى أن نقتدي به ولاشك أن قدوتنا هو صلى الله عليه وسلم.
 أيضا هنا أيها اﻷحبة -كما ترون- حتى في داخل البيوت وفي داخل المجتمع تجد نفوسا قلقة، تجد مشكلات بيتية، تلحظ المشكلات في داخل الأسرة الواحدة ومن أبرز ذلك -مثلا- ما نجده ونسمعه مُعلنا مابين فترة وأخرى مثال عملي: كثرة الطلاق فنسبة الطلاق مرتفعة جدا لم تحدث أبدا من خلال السنوات التي نعرفها مثل العشر السنوات اﻷخيرة، أرقام تدل على أن هناك مشكلات كبيرة في داخل البيوت هذا ما وصل إلى الطلاق وهناك حاﻻت لم تصل إلى الطلاق ولكنها بقيت كمشكلات، ما نسمعه من تشرد اﻷبناء ومن لجوئهم إلى دار اﻷحداث بل والفتيات، وما نسمعه من اﻷخوة في الهيئات من أسباب هروب كثير من الفتيات تجد أن السبب هو ما يحدث في البيوت من مشكلات، نحتاج إلى من نقتدي به هنا، فما خلا بيت من مشكلة ولو خلا بيت من مشكلة لخلا بيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد قصّ الله علينا في القرآن في مواضع (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) [ التحريم:١ ] وأيضا (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) [سورة اﻷحزاب : 37] جاءت قضايا كبيرة.
إذا نحن نتعامل من أجل أن نحل هذه المشكلات عندما ندرس سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.  وكما قلت في هذا الاضطراب تجد أناس في ارتفاع الغضب والشدة بسبب ظروف الحياة التي نراها في اﻷسواق وفي غيرها والمشكلات اﻷسرية وغيرها نحتاج إلى قدوة في أخلاقنا وهو نبينا صلى الله عليه وسلم.
/ ومن أسباب تناول هذا الموضوع أن الله مدح رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع عدة من القرآن:
 (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) [سورة القلم : 4]
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [سورة اﻷنبياء : 107]
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [سورة الشورى : 52]
(وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ ) [سورة التوبة : 61]
هذه العناية بهذه الصفات في القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحن جئنا نتدبر (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) نقف معها .. نستفيد منها .. نتأسى به صلى الله عليه وسلم.
/ وأيضاً -وأخيرا- الرد على الطاعنين فيه صلى الله عليه وسلم، ومن أعجب ما قرأت في هذه النقطة بالذات حول قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) قال الجنيد وغيره: "العظيم الرفيع القدر الجليل الشأن السامي المنزلة". وقال آخرون: إذا ماذا يمكن للبشر أن يقولوا فيه بعد قول الله جل وعلا!! إذا كان الله جل وعلا يقول عن نبيه (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) هل يمكن أن نلتفت ﻷي طعن أو مثلبة من أعدائه (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ*فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ*إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [سورة الكوثر] فإذا بعد هذا المدح العظيم في القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم ﻻ يمكن للعاقل فضلا عن المسلم المؤمن أن يلتفت لما يقال من شُبه حول النبي صلى الله عليه وسلم، مرة يثيرون قضايا تعدد أزواجه صلى الله عليه وسلم ومرة يثيرون كذا وذاك، ما بعد هذا الثناء مجال للطعن إﻻ من كفر بالله -والعياذ بالله- (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) هو المقطوع.
السورة التي قرأها إمامنا -جزاه الله خيرا- قبل قليل عظيمة جدا (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ*وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ*الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ*وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) كله للنبي صلى الله عليه وسلم وقبلها السور التي قبلها (وَالضُّحَىٰ*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ) هذه أخلاقه صلى الله عليه وسلم.  إذا معرفة أخلاقه تعطينا حصانة أﻻ نلتفت لقول شانئ أو طاعن، ومن التفت إليها أو دخل قلبه شيء منها فلنقص إيمانه وعلِمه ولاشك وإﻻ إذا جاء من عند الله جل وعلا ﻻ يُلتفت إلى غيره.
هذه أسباب أشرت إليها ﻷن الله جل وعلا زكّى نبيه صلى الله عليه وسلم في مواضع عدة -كما قلت- مدحه في مواضع عدة:
فزكّى لسانه (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ) [سورة النجم : 3]
وزكّى قلبه (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ) [سورة النجم:١١]
وزكّى عينيه (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ) [سورة النجم : 17]
وزكّاه جملة (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ) [سورة آل عمران : 159]
 هذا هو نبينا صلى الله عليه وسلم ولهذا تكون وقفتي هذا اليوم.  أسأل الله أن يبارك في هذا الوقت ﻷن الموضوع عظيم، ومن الصباح وإلى دقائق مع اﻷذان وأنا أحاول أن أختصر في الموضوع وأختصر ويبقى وأختصر ويبقى كالذي يريد أن يغرف من النهر فلا ينقص بل من البحر فﻻ ينقص ﻷن أخلاقه عظيمة صلى الله عليه وسلم ولكنها إشارات ووقفات مما نحن بأمس الحاجة إليه مع أننا بحاجة لكل شيء وَرَد عنه صلى الله عليه وسلم.
سأقدم بمقدمات تساعدنا على فهم ما يأتي.
فمفهوم اﻷخلاق كثير من الناس قد ﻻ يدركه ويخلط بين اﻷخلاق أحيانا والعبادات ولهذا قال العلماء : "اﻷخلاق هي سجايا في النفس إما جبلية وإما مكتسبة أما العبادات فلها تأثير في اكتساب اﻷخلاق.  فلا نقول فلان خُلُقه الصلاة لكن نقول إن الصلاة تحدث أخلاقا حميدة (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر) [سورة العنكبوت : 45] فالنهي عن الفحشاء والمنكر وهي مخالفة للفحشاء والمنكر للأخلاق أثر من آثار الصلاة.
الزكاة (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [سورة التوبة : 103] فليست الزكاة نقول هي الخُلق هي عبادة وكلها عبادة حتى الخُلق عبادة لكن من آثار العبادة أو من آثار الزكاة أنها تُطّهر اﻹنسان وتُطّهر نفسه وتزكّيه.
أيضاً الصيام ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه ) ( وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث وﻻ يفسق وﻻ يسخط فإن حاجّه أحد أو جادله فليقل إني امرؤ صائم ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فلذلك نلحظ أن الصوم هو عبادة لكن له آثار عظيمة على اﻷخلاق ولذلك من لم يكن له هذا اﻷثر في أخلاقه ﻻ قيمة لصيامه من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، القضية ليست إمساك أو تعذيب للنفس.
الحجّ -كما تعلمون- يقول الله جل وعلا (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [سورة البقرة : 197] انظروا كيف يُهذِّب الحجّ اﻷخلاق فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم (من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) إذا هذه اﻷخلاق التي وردت أثر من آثار العبادة وهلُم جرا.إذا هذا نوع من تعريف العبادة.
هناك فرق بين الخَلْقِ والخُلُق ولذلك ورد حديث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم كما حسنت خَلقي فحسن خُلقي ) الخَلق هو: الهيئة .. هو الشكل في شكلك وقيامك ووقوفك (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم) هذا الخَلق انظر إلى خلق الإنسان ومقارنة -ولا مقارنة- مع خلق حتى أجمل الحيوانات لا يمكن أن يُقارن فقد خلق الله اﻹنسان في أحسن تقويم، لكن الخُلُق هي: أفعال وصفات مُكتسبة أو جبلية ولذلك - قلت لكم- جاء في الحديث في المقدمة( اللهم كما حسنت خَلقي فحسن خُلقي ) ولهذا أيضاً في سورة التين (قَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ *ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) أي بعضهم -الكافربأخلاقه السيئة- بدل أن خَلَقه على هذه الهيئة العظيمة أن يجعل الصفات تتوافق مع هذه الهيئة ردّه الله -وهذا القدر الكوني- أسفل سافلين. فإذا هناك فرق ﻷن هناك من يخلط ولو باللفظ بين الخَلق والخُلق.
وتحدث العلماء كثيرا في معنى قال الراغب: " الخَلق والخُلق في اﻷصل أي أصل واحد (خلق) لكن خصّ الخَلق بالهيئات واﻷشكال والصور المُدركة بالبصر وخصّ الخُلق بالقوى والسجايا المُدركة بالبصيرة قال تعالى ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) قال الطبري: "اﻷدب العظيم" وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعن مجاهد وعن غيره بل قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لما سئلت عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كان خلقه القرآن" اختصرت.
ولذلك يقول الجاحظ في تعريف الخلق اصطلاحا: الخُلق هو حال النفس بها يفعل اﻹنسان أفعاله بلا روية وﻻ اختيار -ﻻحظوا- والخُلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعا وفي بعضهم ﻻ يكون إلا بالرياضة واﻻجتهاد كالسخاء قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة وﻻ تعمد وكالشجاعة والحُلم والعفة والعدل وغير ذلك من اﻷخلاق المحمودة.  وخلاصة اﻷخلاق ما عبرت عنه عائشة رضي الله عنها هو اﻻلتزام بما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ( كان خلقه القرآن ) .
وضرب العلماء مثلا بالطفل أحيانا قد يكون عمره سنة أو سنتين ويكون واحد من مجموعة من اﻷطفال تلحظ ويلحظ اﻷب أو اﻷم أو المُربي أنهم ليسوا كلهم سواء في بعض أخلاقهم، يوجد فيهم من فيه عجلة -وهو ﻻ يزال صغير- من فيه حمق .. من فيه هدوء من صِغره.  هذا تعتبر جِبلّة وبعد ذلك قد يحافظ عليها وقد ينحرف ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) وهناك مكتسبة (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يصطبر يصبره الله ) يأتي رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يقول يا رسول الله أوصني قال: ﻻ تغضب - ﻷنه لحظ النبي صلى الله عليه وسلم عليه أنه فيه شيء من الغضب- قال: أوصني، قال: ﻻ تغضب، قال أوصني، قال: ﻻ تغضب ) ربما لو جاءه آخر من أحلم الناس ما قال له هذا الكلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ﻷشجّ بن عبد قيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله -يعني صفتين حميدتين- الحُلم واﻷناة ) ﻻحظوا هنا -كما ورد في بعض الروايات- ( قال يا رسول الله هل هما خصلتان تخلقت بهما أو جبلت عليهما ) ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما يتخلق اﻹنسان بخلق ليس فيه فإجابة النبي صلى الله عليه وسلم يدل على صحة السؤال أنه ممكن أن تكون الصفات واﻷخلاق جِبلّة ويمكن أن تكون مكتسبة (قال: بل جُبلت عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب) وهذا نلحظه في أنفسنا فضلا عن غيرنا يجد اﻹنسان فيه صفات طيبة وخيرة من صغره وفيه صفات تجد بعض الناس يكتسبها فيما بعد.
سمعت أحد اﻷشخاص أكثر من مرة -طالب علم- يقول ما ضاربت أحد -يعني اعتديت على أحد- في حياتي أبدا حتى وأنا طفل.
هذه إذا جِبلّة من صغره ولذلك يقول أيضا لما كبُرت أيضا لم أشتكِ أحدا في محكمة وفي حق أبدا .. إطلاقا، بل إنه عُرِف من صغره يقول وهو طفل كما يذكر وهو في السادسة أو أول متوسط كان الناس من حوله -زملائه- يأتون به ليُصلح بينهم وأصبح اﻵن -وهو كبير في السن- من المُصلحين بين الناس، هذه جبلة.  ولهذا هناك صفة قد تكون جبلة وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء وقد تكون مكتسبة معناه ممكن يعالج اﻹنسان ما عنده من نقص، وقد يكون فيه صفات جبلية جميلة وقد يكون فيه صفات يحتاج أن يكتسبها، قد يكون اﻹنسان ليس ذلك السخاء أو ليس ذاك الكرم لكنه يتعود ويتعلم.
أحد اﻷبناء -يقول أبوه- أقام مناسبة يقول فسرتني هذه المناسبة كما يقال جملتنا، يقول فأرسلت له رسالة قلت له: يا بني بيّض الله وجهك قد جملتنا بهذه المناسبة -يعني تقديرا للضيوف- قال: لم نكن كذلك يا أبي ولكنك علمتنا ذلك فأصبحت قدوتنا في ذلك . إذا قد يكون اﻹنسان في أول حياته ليس كذلك فيصبح كريما سخيا شجاعا.
هذه مقدمة في تعريف اﻷخلاق ولهذا أيضا ذكر العلماء كابن القيم وغيره والحديث يطول في هذا الجانب، ولذلك قال ابن القيم: "فإن قلت هل يمكن أن يقع الخلُق كسبيا أو هو أمر خارج عن الكسب؟ قال: -يقول ابن القيم- قلت: يمكن أن يقع كسبيا بالتخلُّق والتكلف حتى يصبح له سجية وملكة" واستدل أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم- وهو حديث في الصحيحين- ( ما يكن عندي من خير ﻻ أدخره عنكم وإنه من يستعف يُعفه الله ومن يتصبر يصبره الله ومن يستغنِ يُغنهِ الله ولن تُعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر ) هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم.  إذا هذه اﻷخلاق مكتسبة فعلّق عليه ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الجانب.
من الوقفات ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) :
/ وقفة لغوية لكنها جميلة أعجبتني ذكرها بعض العلماء: ما قال وإنك لصاحب خلق عظيم، قال ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) قالوا: أي يعلو على الخلق كالجالس على الكرسي فكأن اﻷخلاق قاعدة له صلى الله عليه وسلم ولو قيل الصاحب، الصاحب يكون مُقارنا فكأنه يقول اﻷخلاق ليست مجرد مقارنة بل هي أساس وكل شيء له أساس فإذا كانت أساسه أخلاقه العظيمة فتدل على آثارها.  فهذا معنى بلاغي استنبطه بعض علماء اللغة في قوله ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وإن قال بعضهم معنى آخر.
أيضا قالوا: قوله تعالى ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ) لك، يدل على العموم هنا أي خلق عظيم يتبادر إلى ذهنك فقد أكتسب به النبي صلى الله عليه وسلم.  ولذلك يقول ابن القيم - كما في مدارج السالكين- "حسن الخلق يقوم على أربعة أركان ﻻ يتصور قيام ساقه إﻻ عليها"
 ﻻحظ حتى هذا عبر بهذا التعبير ساق وعليها.  ما هي أيها اﻹمام؟ طبعا استنبطها من القرآن والسنة.
قال "الصبر والعفة والشجاعة والعدل" أعيدها ثم أُفصِّل. وأيضا ذكر ابن القيم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تخلق بها بل بأعلاها.  هذه اﻷركان اﻷربعة ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) الصبر والعفة والشجاعة والعدل.
أنا أريد عندما أذكر هذه المقدمات والقواعد بل كل الموضوع كلٌ منا ينظر إلى نفسه فما يجد من خير -وأنتم أهل الخير- في هذه الصفات يحمد الله جل وعلا عليها سواء كانت مكتسبة أو جبلّية، وما يشعر من نقص -والنقص طبع البشر- يحاول ان يستدركها فلا يزال أمامه فسحة وفرصة ما لم يأتهِ اﻷجل -نسأل الله حسن الختام- .
الصبر والعفة والشجاعة والعدل قال ابن القيم : " الصبر يحمِله على الاحتمال وكظم الغيظ وكف اﻷذى والحلم واﻷناة والرفق وعدم الطيش والعجلة" كل هذا يحمله أن يبتعد عنه. هذا بالصبر.
قال: "والعفة تحمِله على اجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل وتحمِله على الحياء وهو رأس كل خير -الحياء رأس كل خير- وتمنعه من الفحشاء والبخل والكذب والغيبة والنميمة".
والشجاعة ليست التهور، فرق بين الشجاعة والتهور.  "والشجاعة تحمله على عزة النفس وإيثار معالي اﻷخلاق والشيم وعلى البذل والندى" ....الخ ما ذكره ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) .
الرابعة: قال "والعدل يحمله على اعتدال أخلاقه وتوسطه فيها بين اﻹفراط والتفريط فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الذل والقِحة وعلى خلق الشجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور وعلى خلق الحلم الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس".  فمنشأ جميع هذه اﻷخلاق -يقول ابن القيم رحمه الله-  هي هذه اﻷربعة.
ثم قال -في المقابل- "ومنشأ جميع" حماكم الله منها وحفظنا جميعا منها "ومنشأ جميع اﻷخلاق السافلة -أي المناقضة ﻷخلاق النبوة على أربعة أركان: الجهل والظلم والشهوة والغضب،  فالجهل يريه الحسن في صورة القبيح والقبيح  في صورة الحسن ويريه الكمال نقصا والنقص كماﻻ" هذا الجهل.
قال "والظلم  يحمله على وضع الشيء في غير موضعه فيغضب في موضع الرضا ويرضى في موضع الغضب، ويجهل في موضع الأناة، ويبخل في موضع البذل.  وهلم جرا"
والشهوة قال "تحمله على الحرص والشح والبخل وعدم العفة والنهم والجشع والذل والدناءات كلها" يقول ابن القيم.
الصفة الرابعة من اﻷخلاق المرذولة الغضب قال "يحمله على الكِبر والحقد والحسد والعُدوان والسفه" وكل  خلق من هذه اﻷخلاق فيها إفراط وتفريط والحق بينهما في صفات الخير والكمال والجمال.
/ هنا وقفة أيضا تدبرية:
أسأل الله أن يبارك فيكم فأنتم دائما سبب ليزيد الواحد علمه بعد جهل وكذلك اﻷخوة القائمون على هذا المسجد فهم أيضاً الذين اقترحوا هذا الموضوع.  هذه الوقفة لم أُدركها إﻻ وأنا أُعِد لكم ولذلك نحن نقرأ القرآن كثيرا ونحفظه أحياناً لكن ما نقف عند دﻻﻻته.
أين هذه الوقفة التدبرية (ّن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ*مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ*وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ*وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) [سورة القلم 1: 4] ﻻحظوا قالوا: نفى عنه الجنون كاملا ثم أثنى عليه وهو جواب القسم (ّن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) أقسم الله بالقلم أول المخلوقات أقسم الله به وجواب القسم (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ*وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ*وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) 
الوقفة التدبرية التي استفدتها هذا اليوم: لما نفى عنه الجنون وما يشابه الجنون ﻷنه في آخر السورة اتهام المشركين له بالجنون -كما تعلمون- فقدّمها نفيا، والجنون درجات قالوا "كل نقص في العقل فهو كسب في الجنون"  ﻻ نحسب أن المجنون هو المجنون أعلى درجات الجنون التي نعرفها، قالوا كل نقص في العقل فهو نوع درجة من الجنون ويرتفع حتى يصل إلى الجنون الكامل كما أن النوم درجات والصفات درجات فالجنون درجات يبدأ من نقص العقل فنفاه الله عنه.
 قالوا: ثم قال ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) أي لاكتمال عقلك كمُلت أخلاقك.  هذه الوقفة التدبرية لاكتمال عقلك كمُلت أخلاقك، الثمرة من ذلك، من اللوازم أن كل نقص في العقل ولو كان يسيرا يُحدث خلة وصفة وخُلقا مذموماً. معنى عجيب في التدبر (..... )
وقال: وكل -أيضا- خصلة ذميمة في اﻹنسان هي تدل على نقص في عقله. وهذا يحتاج منا أن نراجع أنفسنا.
فإذا كل كمال في العقل يُورث صفات حميدة. وتذكرون أني قلت لكم في قوله تعالى (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) [سورة العنكبوت : 45]  قال بعض العلماء: إذا أردت أن تعرف تمام صلاتك فانظر إلى بُعدك عن الفحشاء والمنكر فبقدر ابتعادك عن الفحشاء والمنكر فهو تمام في صلاتك وبمقدار وقوعك في المعاصي نقص في صلاتك ﻷن الله قال (إِنَّ الصَّلَاةَ) الكاملة التامة التي شرعها الله ﻻبد أن تنهى عن الفحشاء والمنكر فإذا وجدت خللا في صلاتك فأثرها بسبب بعض المعاصي، وإذا وجدت ارتكابك أو وقوعك في معاصي بسبب نقص في الصلاة ﻷن الصلاة التامة الكاملة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
 هنا أيضا نفس المعنى التدبري في سورة القلم أن بمقدار تمام عقلك تكون صفاتك الحميدة تبدأ باﻹيمان وما بعده.
 ولذلك بعض الناس -ﻻحظوا- يقول فلان -قد يمدح بعض الكفار-  يقول ما أعقله .. فلان عاقل، القرآن يرُده على لسانهم هم (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [سورة الملك : 10] فبعض الناس قد يراه الناس يقول هذا عاقل وهو كافر،  لو كان عاقلا ﻷعظمُ الصفات هي اﻹيمان.
هذه المعاني الدقيقة في فهم اﻷخلاق ولذلك أثنى الله على النبي صلى الله عليه وسلم لتمام عقله تمت أخلاقه ونفى الله عنه الجنون جملة فكذلك اﻹنسان يكون . لعلي أوضحت ما أريد من هذه الوقفة المؤثرة في هذا الجانب.  والله أعلم .
/ وقفة أيضا مع أخلاق الأنبياء وأخلاقه صلى الله عليه وسلم: لماذا ذكر الله الأنبياء في سورة الأنعام ختمها بقوله (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ) [سورة اﻷنعام : 90] ويستحيل عقلا وشرعا أن يحيلنا الله جل وعلا بالاقتداء إﻻ بمن كمُلت أخلاقهم. الآن قد يقول المُعلم أو اﻷب لابنه كن مثل فلان، قد يكون باب الكرم أو باب العلم أوباب .... من الصفات، ﻻ يمكن أن يقول له هذا إﻻ يريد منه صفات العلو. ولذلك يذكرون قصة فيها طرافة : أن رجلا عُرِف بمكانته ومنزلته وعِلمه وفضله قال لابنه : يا بني ماذا تتمنى؟ قال: أتمنى أن أكون مثلك، قال: لا، يا بُني أنا كنت أتمنى أن أكون كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وانظر الفرق بيني وبين علي بن أبي طالب إذا سيكون الفرق بيني وبينك كالفرق بيني وبين علي بن أبي طالب لماذا لا تتمنى أن تكون كأبي بكر وعمر وعثمان حتى ترقى . فلذلك وجهنا الله للاقتداء بالأنبياء ومنهم النبي صلى الله عليه وسلم، الأنبياء نالوا أعلى الصفات وأكمل الصفات.
 لكن قد يقول قائل: قوله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) [البقرة:٢٥٣] وقوله تعالى (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) [الإسراء:٥٥] . هذا التفضيل لا يُنقص من مقامهم ولا من أخلاقهم ولا من عُلوهم إنما هو تفضيل في داخل الكمال، قال العلماء هو تفضيل داخل إطار الكمال والكمال درجات لكن كلهم في أعلى مقامات الكمال عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام فلا يُفهم من ذلك أي فهم خاطئ في قوله (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ) ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتناول الناس تفضيل الأنبياء (.....) مثّل بيونس بن متّى لاتقولوا إني أفضل من يونس بن متّى أو كما قال صلى الله عليه وسلم، الأنبياء نحن ما نفضِّل الأنبياء، تفضيل الله لهم وبعضهم على بعض لذلك يُقال أولوا العزم من الرسل نعم هذا تفضيل من الله سبحانه وتعالى ، فنصّ الله على هذا في القرآن (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف:٣٥] واختلف العلماء ولكن القول الراجح أنهم خمسة الذين وردوا في سورة الأحزاب وفي سورة الشورى أولوا العزم من الرسل لأن نفس الخمسة كلهم وردوا وأيضا قال العلماء الذين يأتون أيضا في حديث الشفاعة -لاحظوا التوافق- وهم: نوح عليه السلام وإبراهيم عليه السلام وموسى عليه للسلام وعيسى عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام ، فنفس الخمسة وردوا في سورة الأحزاب وسورة الشورى، وهم أيضا الذين عدّهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الخمسة الذين يأتي الناس إليهم لكن هذا لا يقدح في مقام غيرهم، كلا فهم أنبياء الله ورُسله.
نأخذ بعض الصفات لهؤلاء الأنبياء:
يقول الله جل وعلا عن أيوب (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص:٤٤] ولذلك يُقال حتى في المثل أعظم من صبر أيوب لأن الله ابتلاه بمرض طويل لم يكن هذا الابتلاء في بعض الأنبياء فصبر فقال (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) وأيضا في سورة ص (وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)  (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)  هكذا.
يقول أيضا عن يحيى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) [مريم:١٢] ويقول (أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ..) الآية.
ويقول في نوح (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) [الإسراء:٣] 
وقال في إسماعيل ( إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ) [مريم:٥٤] وقال لأبيه (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات:١٠٢] في أعظم (....) سيذبحه.
فيخُصّ الله بعض الأنبياء بصفة لا لأنها مفقودة في غيرهم لكن لسبب فلأنه لما جاء في قصة إسماعيل أنه سيذبحه أبوه فجاء الثناء عليه بالصبر، ولما أيوب جاء أيضا موضوع المرض الطويل الذي أصابه حتى وصل إلى تخلي زوجته عنه ليس تخليا منها ولكن هو أشار إلى ذلك في قصة حدثت وذكرها العلماء وإلا فقد صبرت معه رحمه الله فأثنى الله عليه .
الشاهد: أن الأنبياء جاءت أخبارهم وصفاتهم.
 وأثنى الله على حِلم إبراهيم عليه السلام، وأيضا قال الله جل وعلا (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف:٥٥] الذي هو يوسف عليه السلام، وقال عن موسى ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا) [الكهف:٦٩] وقال (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) [القصص:٢٧] وهلم جرا من هذه الصفات.
أما النبي صلى الله عليه وسلم  -كما ذكرنا- قال الله جل وعلا فيه ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) أي عاليا مُستعليا بالقرآن
 وقال الله له (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:١٩٩] وقال (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) [آل عمران:١٥٩] وقال (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:١٢٨] .
وخلاصة الأمر: أنه صلى الله عليه وسلم اجتمعت فيه كل الصفات، لو جلسنا نُعددها ما وصلنا إلى شيء منها فقد بلغت الذروة فقد كان سهلا لينا .. قريبا من الناس .. مُجيبا لدعوة من دعاه .. قاضيا لحاجة من استقضاه .. جابرا لقلب من سأله لا يحرمه ولا يرده خائبا .. وإذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه وتابعهم فيه إن لم يكن فيه محذور .. وإن عزم على أمر لم يستبدّ به دونهم بل يشاورهم ويُأمرهم .. وكان يقبل من محسنهم .. ويعفو عن مسيئهم ولم يكن يُعاشر جليسا له إلا أتمّ عشرة وأحسنها فكان لا يعبس في وجهه ولا يُغلظ عليه في مقاله ولا يطوي عنه بِشرَه ولا يُمسك عليه فلتات لسانه ولا يؤاخذه بما يصدر عنه من جفوة بل يُحسِن عشرته غاية الإحسان ويحتمِله غاية الاحتمال .  كل هذا القول ذكره شيخنا الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله فليُرجع إليه عند قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .
 صفات عظيمة أشرت إليها ووقفت عندها لنقتدي به صلى الله عليه وسلم وأخلاقه في القرآن كما أشرت إلى بعضها لكننا نقف الآن مع آية عجيبة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
يقول الله جل وعلا في سورة آل عمران (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) [آل عمران:١٥٩] هذه الآية مليئة وتستحق محاضرة مستقلة ودرسا مستقلا ولكن هل وقف أحدكم عند هذه الآية في يوم من الأيام في موضعها كيف جاءت؟
جاءت بعد قوله تعالى في سياق (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران:١٥٢] جاءت آيات فيها عتلب للصحابة وقد وقعوا في أخطاء كما بيّن الله جل وعلا لاحظوا (حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ) ومع ذلك بعد كل هذه الصفات -وهي طويلة لم أقرأها كاملة- في سورة آل عمران قال الله له (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ)  -سبحان الله- .
الوقفات كثيرة جدا أنه بعد كل هذه الصفات والأخطاء التي وقعت من الصحابة رضوان الله عليهم والقرآن ينزل يصحح أخطاء الصحابة ، الخ ما نزل ، نأخذ هذه الدروس وهذه الوقفات :
أولا: حُسن خُلقه صلى الله عليه وسلم فلم ينهرهم .. لم يقسُ عليهم بعد كل (فشلتم .. وتنازعتم .. عصيتم) صفات كبيرة وأخطاء وعفى الله عنهم جل وعلا رضوان الله عليهم، حُسن الخُلُق ولين الجانب والبعد عن الغلظة التي تستدعي تفرق الناس.
ثانيا: أنظروا خير الجماعات وهم صحابة النبي  صلى الله عليه وسلم خير القرون وقعت منهم هذه الأشياء (فشلتم .. وتنازعتم .. عصيتم) لكنهم أوّابون، لكنهم رجّاعون إلى الحق. فيدل على مهما كان أننا لا نستغرب أن يقع ممن حولنا بعض الأخطاء. هذه فائدة يعني إذا كان هؤلاء مع النبي صلى الله عليه وسلم وربّاهم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع منهم هذه الأشياء -طبعا وقعت من بعضهم- ليس المراد أنها وقعت منهم جميعا حتى يقوا ابن مسعود في قوله تعالى (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) يقول لولا أن الله جل وعلا قال ذلك ما كنت أتوقع أن أحد من الصحابة يريد الدنيا لكن هذا كلام الله جل وعلا، هم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم هذا أمر عظيم.
الفائدة بالنسبة لنا أيضا ما دمنا حول هذه الآية بعد قوله أن نتعامل مع من حولنا باللين والرفق ، أيضا أنه قد يقع أخطاء لأني ألحظ ويلحظ البعض أنه إذا وقع خطأ ممن حوله، من أولاده .. من زوجته .. من أقاربه غضب واشتد وكيف يقع منك ذلك، يا أخي وقع من خير القرون هذه أيضا وقفة.
ثالثا: انظروا إلى معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع كل ذلك العجيب من هذه الوقفات -سبحان الله- يقول بعض العلماء حول هذه الآية: مراعاة الطبيعة البشرية ومن حولك لا تستدعي مجرد الفضاضة فقط (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖوَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) كيف؟ قال: فقد تكون تعرف أشخاصا لا يسيؤون للآخرين وليس فيهم فضاضة ولا يسيؤون بكلامهم لكنهم قلّ أن تجد منهم كلمة طيبة أو رحمة مهداة على لفظ بعض الناس يقول فلان كافٌ خيره شره وما يمكن التقارب منه، فالله سبحانه يأمر النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتفي بترك الفضاضة والشدة ولا يأمره فقط باللين فيقول (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖفَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ادع لهم (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) مع ما وقع منهم. سبحان الله انظروا هذه الأخلاق العظيمة ولذلك من الرحمة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم استجابة لأمر الله كما في هذه الآية أنه عفا عنهم وأنه دعا لهم صلى الله عليه وسلم وأشركهم في الأمر أن نتقدي به في هذه الصفات.
ثم (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) ليست منك الرحمة حتى الجبلية التي قلنا عنها بعض الصفات من الله، سبحان الله ونحن نتكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم لاشك الصفات العظيمة لله جل وعلا أكمل الصفات لله جل وعلا هو الذي حسّن خُلُقه وهو الذي ليّنه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ) ويُثني عليه. سبحان الله الناس يتعودون أن الواحد إذا أحسن إلى آخر منّ عليه، ما قال أنا أعطيتك وأنا فعلت، الله جل وعلا يُثني على النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أعطاه هذه الصفات هذا يدل على ماذا ونحن نتكلم عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم ؟ على الخُلُق الأعلى على صفات الله جل وعلا العليا له أكمل الصفات جل وعلا .
أيضا: أننا نحتاج إلى الكلمة الحانية فيمن حولك مهما كان (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصّلت:٣٤] كان بيني وبين أحد الأشخاص نقاش غفي الأسبوع الماضي حول تغريدة فيقول بعض الناس مهما أحسنت إليه قولا وفعلا لا يُفيد، قلت هل أصدقك أو أصدق الله جل وعلا؟ وحاشا هذا من باب الجدل والنقاش، الله عز وجل يقول (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ) ما قال فقد لا يكون عدو (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)  لكن المشكلة في الأول الذي ما أعطى هذا .... (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) لأنه لو كان فعلا قد أحسن الإحسان الذي أمر الله به لاختلفتم صفة المقابل، ولديّ من الأحداث والقضايا والله ما يثبت هذا الأمر أن يكون إنسان بينه وبين شخص عداوة فيُحسِن إليه ويدفع بالتي هي أحسن ينقلب، وهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتحدث عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف؟ نتحدث عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعض الصحابة كان أبغض الناس إليّ رسول الله فما أمسى المساء إلا وهو أحبّ الناس إليّ، لماذا؟ ذكر صفة الإحسان بالمال أو بالكلمة فقط فإذا هو أحبّ الناس وممن ذكر هذا عمرو بن العاص رضي الله عنه قال كان من أشدّ الناس عداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولو رأيته -في ذلك الوقت- لفعلت وفعلت فما هو إلا أن يقول أحببته حتى إنني من حبه ومهابته لا أستطيع أن أرى وجهه ولو قيل صِف محمدا ما استطعت أن أصِفه، لمحبته له ومهابته ما يستطيع يضع عينه بعينه ويقول كان من أبغض الناس إليّ. إذا أمامنا الأحداث الواقعة وما بعد كلام الله شيء (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) والله لوسلكنا وتخلّقنا بهذه الأخلاق -أيها الأحبة- مع كل من خاصمنا لتغيرت أحوال الناس لكن الشيطان له مداخل كما بيّن ابن القيّم في الغضب وغيره .
أيضا: قال العلماء انتظمت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وتنتظم أخلاق غيره بهذه الآيات :
أولا: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:١٩٩] نجعلها منهجا لنا.
 ثانيا: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء:٢١٥].
ثالثا: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) .
نعود مرة أخرى إلى الصفات النبوية أننا نحتاج لهذه الآية العظيمة يقول الله فيها (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) وهي مثل عملي لقوله (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ).
إذا أنا وأنت -أخي الكريم ومن يسمع- نحتاج إلى هذه الآية مع أنفسنا .
شهِدت قصة فيها نوع من الطرافة : طالب عِلم عُرِف بحُسن مراعاته للآخرين مهما فعلوا فيقول له أحد المشايخ -وكنتُ حاضرا- قال يا فلان أنا متعجب من مراعاتك لمشاعر الآخرين. قال : لا، لا تعجب والله إنني أراعي نفسي أشدّ من مراعاتي للآخرين، قال: تُراعي نفسك!! قال: نعم، لأن نفسي إذا لم أراعيها قد تنفلت مني .. قد تنطلق مني فلا أشدّ عليها إلا بالواجب بالأمر والنهي الواجب ماعدا ذلك ..، وهذا ورد في أحاديث صحيحة (ليُصلي أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد) فإذا كنت تقرأ القرآن وشعرت أنك تتثاءب لا تقرأ يا أخي يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليُصلي أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد) أو فليقعد. المقصود مراعاة النفس هنا نحتاج إلى أن نكون لينين مع أنفسنا وهذا قد يستغربه البعض فكثير من -وقد تتبعت هذه المسألة- الذين يُصابون بانفصام الشخصية أو العُقد النفسية لم يُحسِنوا معاملة أنفسهم. نعم ، أعيدها مرة أخرى وتتبعت هذا الموضوع منذ سنوات الذين -حماكم الله- يُصابون بانفصام الشخصية وهي أعلى درجات الانفصام تصل إلى درجة الجنون أو العُقد النفسية وهي درجات من أعظم أسبابها أنهم لم يتعاملوا جيدا مع أنفسهم. وهي كلمة هذا طالب العلم يقول والله إنني أُراعي نفسي. أخذا بالقرآن والسنة (لا يكلف الله نفسا إلا وُسعها) خوفا من أن تنفلت مني. لأن النفس إذا انفلتت ما تملكها. يُراعيها .. يُهدئها لا يُجبرها على شيء إلا إذا كان واجبا أو نهيا عن منكر .
أيضا: يحتاجها الإنسان مع أسرته. أحبتي ألم أقل لكم في أول حديثي إن المشكلات في البيوت كثيرة . يقول النبي  صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله) نحتاج إلى أن نُراعي هذا الجانب اللين والرِفق مع أهل بيتنا .. الزوج مع زوجته .. الزوجة مع زوجها .. الأب مع أولاده. والله -يا أحبتي- إذا أخذنا بهذا الجانب سنجد عجبا في داخل بيوتنا من الراحة مهما كان ..... يقول شخص من الأشخاص لي عدد من الأبناء ويختلفون في البِر يقول: بعضهم قد ينقص، قد يُقصِّر -وهذا موجود في أكثر البيوت- يقول كنت أتعامل معهم ما لم أتعامل مع الذين يبرون فوالله أصبحوا من أشدّ أبنائي بِرا. لأنهم لما يكبروا يُركوا ويعرفوا فهذا معنى جميل جدا.
فإذا تعاملت الزوجة مع زوجها والزوج مع زوجته ..... دائما أقول للأخوات لما تذكر لي مشكلة أقول اسمحي لي أنا لست قاضيا لكن قد تكونين أنتِ السبب، لأني ألحظ الكثير .... وأنا أنصحهن بهذا الكلام، أغلبهن لو أقول لكم تتعدى النسبة عندي -أنا أحب الأرقام- تسعين بالمئة كل واحدة تطرح المشكلة ثم تقول أنا ما قصرّت معه بشيء -لو تُرِك القطا ليلا لنام- لأن كلمة "ما قصرت معه بشيء" "شيء" نكرة في سياق العموم يعني لا شيء قليل ولا كثير. من يقول هذا الكلام!! حتى الرجل لو قال هذا الكلام قلت له تكذِب، ما قصّرت بشيء!! فهذا خلل يُحدِث المشكلة .. يُحدِث المنّ، تبدأ تكبر المشكلة. فلهذا عندما نتعامل (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) .
 إذا نحتاج إلى هذا الخُلُق مع أهلنا ولذلك حتى مع أولادنا، جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم، الأقرع بن حابس كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (ووجد النبيّ يُقبِل الحسن رضي الله عنه وهو صغير، فقال الأقرع رضي الله عنه :إن لي عشرة من الولد ما قبّلت واحدا منهم ) هذا حديث صحيح، ماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال (إنه لا يُرحم من لا يرحم) وفي بعض الألفاظ في البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتقبلون الصبيان؟! ما نقبلهم -جفاء- فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أوأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة) فعلا بعض الناس لا يُقبل أولاده. إذا التعامل حتى مع الأطفال .. مع الصغار مهم جدا. هذا المنهج في هذه الآية العظيمة في سورة "ن" وكذلك في سورة آل عمران يحتاجها الإنسان في دعوته.
هذا موضوع يحتاجه الدُعاة الحقيقة -وكلنا دُعاة- لا تفهموا من كلامي عندما أقول الدُعاة أن الدُعاة الشيخ فلان والشيخ فلان كلكم دُعاة لكن أحد يدعو بلسانه وأحد يدعو بقلمه وأحد يدعو بأخلاقه وقد يكون من أعظم -ونحن في باب الأخلاق- من أعظم أبواب الدعوة الأخلاق، والأخلاق لا تحتاج أحيانا إلى مزيد، أن يكون الإنسان فصيحا .. مُتكلِما، وكم أسلم من الناس بسبب أخلاقهم ولذلك يقول الله جل وعلا  هنا (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ما قال على عِلم عظيم بل قال ما أمر الله بشيء مثل ما أمره قل رب زدني عِلما مع أنه بلاشك أعلم الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن خلُقه العظيم أن الإنسان يحتاج إليه في دعوته. وأعجبني استنباط بعض العلماء -ومرّ معنا هذا الموضوع في سورة النازعات- قلّ أن تجد إنسان أسوأ خُلُقا من فرعون ومع ذلك يقول الله جل وعلا لموسى وهارون عليهما السلام (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ*فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) [طه:٤٣-٤٤] وجاء رجل لأحد الخلفاء فقال إني مُتكلم معك وناصحك وسأُغلظ عليك، قال : لا، لا تُغلِظ عليّ فوالله لست أنت أفضل من موسى ولا أنا أسوأ من فرعون، لا، ترفّق بي. فلذلك الإنسان عندما يترفق في المدعو بلطف وبإحسان يجد الإجابة يجد قبول الناس فنحن في دعوتنا نحتاج إلى ذلك بل أشدّ من ذلك أن الناس أحيانا دون أن يدعو مجرد أن يجدون أخلاقه أخلاق جميلة يؤمنون ....، كثير حدث هذا في الغرب تسألهم لماذا أسلمت قال عندنا جار مسلم وجدنا أخلاقه، لم يتكلم معه ولم يدعُه يوما من الأيام فبسبب أخلاقه في وفائه بالوعد .. في دقته .. أسلم، ولهذا لفتة جميلة ذكرها أحد العلماء يقول: لو أخطأ أحد هنا -في مجتمعه- قالوا أخطأ فلان لكنه لو أخطأ في بلاد الغرب -مثلا- أو بلاد الكُفر قالوا أخطأ مسلم فهنا يُنسب خطؤك للإسلام . إذا أقول نحتاج إلى الرِفق وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في بيوتنا وفي مؤسساتنا.
أيضا: في مؤسساتنا وأعمالنا نلحظ أن بعض المسؤولين سواء في مؤسسة خاصة أو عامة أو رسمية قد يكون فيه شدة وغِلظة على أصحابه. فائدة استفدتها من أحد المتخصصين جميلة جدا في القيادة يقول: "القيادة بالحب والمهابة أعظم من القيادة بالخوف" فبعض الناس يرى أن يقود الناس بالقوة وبالخوف وبالبطش، لا، إنما إذا كان بالحُب والمهابة هو أعظم وسائل التربية والقيادة وبخاصة في داخل البيوت فإن قيادة الإقناع ولذلك أعلى درجات الإيمان -كما تعلمون- وهي درجة الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
إذا خلوت الدهر يوما ** فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ** ولا أن ما تُخفي عليه يغيب
وإذا خلوت بريبة في ظُلمة ** والنفس داعية إلى الطُغيان
فاستحِ من نظر الإله وقل لها ** إن الذي خلق الظلام يراني
يوم من الأيام أرسل لي شاب وقال أنا أعصي وأتوب .. وأتوب وأعصي هل تدلني على طريق فعلا أُقلِع؟ قلت له سأسألك بالله : لو كنت في معصية ثم دخل واحد من أقاربك ماذا تفعل؟ قال: أعوذ بالله سأقلع فورا ، قلت طيب لو دخل أحد المشايخ؟ قال: أعوذ بالله يعني أعمل وهو يراني!! سأُقلع فورا ، قلت له -من باب التنظير طبعا يسمونه من باب الجدل- لو دخل عليك للنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أعوذ بالله والله ما أفعلها، قلت: طيب الله سبحانه وتعالى يراك. كل هؤلاء تُقلع والله يراك ولا تُقلع !! قال: خلاص ..خلاص انتهيت. فإذا التصور الآن بعض الناس الحقيقة في شدته وقسوته وغِلظته على من تحت يده ويرى أنه ما يمكن أن يصير مسؤول أو مدير إلا بالشدة والغلظة والقوة، لا، إنما بالحب والمهابة هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، كان محبوبا .. مُهابا صلى الله عليه وسلم كما قال عمرو بن العاص ما أستطيع أن أراه ، ما أستطيع أن أضع عيني في عينه، كانت له مهابة عظيمة مع أنه ما ضرب أحدا صلى الله عليه وسلم. هذا معنى.
أيضا: يقول العلماء يحتاجها السياسي في سياسته والملوك والرؤساء في قيادة شعوبهم أن يكون للرئيس أو للملك أو للسلطان مهابة ومحبة ، نعم بعض الناس لا ينفع معه إلا العقاب لكن العقاب في بابه، هناك من الفُرس اشتهر بعض ملوك الفُرس القدامى -لا الفُرس المعاصرين- اشتهروا بالحكمة وكانوا من حِكمهم قالوا أساس المُلك العفو، ويقولون لأن تُخطئ في العفو خير من أن تُصيب في العقوبة ولذلك جاء درء الحدود بالشُبهات، تُدرأ الحدود بالشُبهات، نعم هناك أُناس  لاينفع معهم إلا العقاب ولذلك جاء باب التعزير وجاء باب الحدود والحدود ما فيه مجال ولا تسامح فيها، والتعزير يختلف من شخص لآخر. (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم) كما ورد في الحديث. فقيادة الناس إذا باللين والرفق والصبر (الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يُخالطهم ولا يصبر على أذاهم ) سواء داعية أو مسؤول أو أمير أو وزير أو غيره، الذي يُخالط الناس سيجد من الناس شدة هكذا وجد النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه رجل يقول أعطني من مال الله لا تعطيني من مالك ويعطيه النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي من يجرُّه حتى أثّر في صفحة عُنقه صلى الله عليه وسلم كما في الحديث ويقول أعطني فيلتفت عليه النبي صلى الله عليه وسلم ويبتسم ثم يقول أعطوه. الناس فيهم الجفاء .. فيهم الغِلظة لكن يحتاجون إلى رِفق من كل أحد، الأب في بيته .. المؤول في مسؤوليته .. المدير في مدرسته .. الوزير في وزارته .. السلطان في سلطانه، نحتاج إليه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖوَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) قاعدة ثابتة طبِّقها في البيوت .. طبِّقها في المؤسسات .. طبِّقها حتى إمام المسجد، قد يكون بعضهم عذاب على الجماعة، نعم وإن كان إمام مسجد لا نُعمم الحكم لكن يوجد، يجب أن يكون رفيقا سهلا .. هينا .. لينا مُتخلِقا بأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم.
إذا حتى لا ينفضوا من حولك نجد هذه الصور العملية عند النبي صلى الله عليه وسلم صفحة مُشرقة من حياته .
النبي صلى الله عليه وسلم جالس عند إحدى زوجاته -ولعلها عائشة- فأرسلته إحدى زوجاته طعام في صفحة فالغيرة موجودة حتى بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، طبعا هي ما ملكت ... هي جالسه مع النبي صلى الله عليه وسلم يأكل معها يأتي الطعام من زوجة أخرى!! فغضبت فضربتها فسقطت وانكسرت وتناثر الطعام، ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل غضب؟ هل تكلم؟ قال: غارت أمكم .. غارت أمكم ثم قام يلُم الطعام صلى الله عليه وسلم ويأخذ عنده صحفة سليمة ويضع فيها الطعام ويقول صحفة بصحفة وطعام بطعام ويعطيها الخادم من دون أن يتكلم على المرأة بشيء . التنظير سهل لكن التطبيق صعب إلا من وفقه الله جل وعلا. هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم.
جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وهو النبي صلى الله عليه وسلم فأغلظ عليه -يريد حق من النبي صلى الله عليه وسلم- فهمّ الصحابة أن يضربوه، كيف يُغلظ على النبي صلى الله عليه وسلم!! قال: (دعوه فإن لصاحب الحقّ مقالا). إذا كان أحد يريد منك شيء فقد يُغلظ عليك وسع صدرك فمعه حق، ثم قال (أعطوه سِنا مثل سِنه قالوا يا رسول الله ما وجدنا مثل سِنه -يعني أحسن- قال أعطوه فإن من خيركم أحسنكم قضاء) هذا معنى عظيم .
وبالمناسبة: قد يسأل سائل إذا أقرضني أحد ألف ريال -مثلا- وليس بيني وبينه إتفاق إلا إني أرده ألف ريال ولكن لما صبر عليّ رأيت أني أعطيه ألف وخمسمائة ريال هل هذا ربا؟ فنقول إذا لم يكن شرط ولا عُرف ولا هو ينتظر إتفاق عُرفي فأعطه فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطى رجل البكرة بكرتين فالربا إذا كان متفق عليه أو كان فيه اشترا أو عُرف، أحيانا يصير فيه عُرف فيتحول العرف فلذلك يقول ابن القيّم : "الشرط العُرفي كالشرط الوضعي" قاعدة جميلة الشرط العُرفي كالشرط الوضعي. هذه فائدة.
أيضا: يقول أنس رضي الله عنه كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عُنق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثّرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته فقال: يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فضحك فأمر له بعطاء.
ونجد أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم . أول أيها الإخوة -وهذه والله من العجب- قبل بعثته ثم لما بُعث وجاء لخديجة رضي الله عنها يشكو لها زملوني .. زملوني .. دثروني .. دثروني ماذا قالت خديجة رضي الله عنها، تأملوا هذا الحديث الصحيح (كلا والله لا يُخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتُقرئ الضيف وتُعين على نوائب الحق) كما في البخاري، لاحظوا أين الشاهد؟ كلها صفات أخلاقية، ما قالت أنك تتعبد في غار حراء وأنك لم تسجد لصنم ولم تشرب الخمر -وهو فعلا كذلك صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذه الأشياء- لا، قالت : والله لا يُخزيك الله أبدا، وذكرت هذه الصفات ، أُعيدها (إنك لتصل الرحم) صفة هذه، أخلاق (وتحمل الكل) ....تُعينه (وتكسب المعدوم) تساعده (وتُقرئ الضيف وتُعين على نوائب الحق) هذا لايخزيه الله. هذه أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم. يقول أنس رضي الله تعالى عنه : (خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أُف قط ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا) في البخاري. عشر سنين طيب كل واحد منا يرجع إلى السائق عنده أو الخادم أو الخادمة ما نهره، ما قسى عليه، أنا ما أقول ما ضربه هذا شيء آخر، بعض الناس والله -مع كل أسف- قلت لهم هذا الكلام قالت أنت تدري إننا لوفعلنا هذا ساءت أخلاقهم، لو فعلنا مع الخدم أو مع بعض من عندنا ساءت أخلاقهم .
أعطيكم قصة المأمون مع إن المأمون تعرفون نصر الاعتزال لكن آخذ جانب معين. يوم من الأيام نادى يا غلام .. يا غلام -مملوك خادم مملوك- كان الغلام يأكل قال: أنتم ما تتركوننا إن كنا نائمين قلتم يا غلام وإن كنا نأكل قلتم يا غلام  -يقول للمأمون- والمأمون من هو المأمون في مُلكه وسلطانه وقوته، فسكت المأمون ثم قال: إن حسُنت أخلاقنا ساءت أخلاقهم وإن ساءت أخلاقنا حسُنت أخلاقهم والله لن تسوء أخلاقنا من أجل أن تحسُن أخلاقهم.
حقيقة عجيب ، يعني يقول لو نهرته وقسوة سوف يمشي صح لكن يقول هذا سؤ خُلُق ومع ذلك أبدا.
جاء خادم مرة لأحد السلاطين معه مرق له فعثر فانكب عليه، فغضب ، طبعا المرق ينكب على الأمير وإلا على السلطان ، مباشرة فقيه هذا الخادم فبدأ يُخاطبه قال والكاظمين الغيظ، قال كظمت غيظي، قال والعافين عن الناس، قال عفوت عنك، قال والله يحب المحسنين قال اذهب فأنت حُرٌ لوجه الله. هو صب عليه مرق .... بس اطمأن ألاّ يُعاقبه لكن مباشرة ألهمه قال والكاظمين الغيظ قال خلاص كظمت غيظي -كلام الله- قال والعافين عن الناس، قال عفوت عنك، قال والله يحب المحسنين قال اذهب فأنت حُرٌ.
إذا نحتاج إلى هذه الأخلاق من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها : (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يُجاهد في سبيل الله) هذا أيضا في البخاري.
وقد شهد له أعداؤه صلى الله عليه وسلم وشهادات الأعداء -والحق ما شهدت به الأعداء- وحتى قبل بعثته كان يُسمّى الصادق فكيف إذا بعد بعثته!! بل يُسمى الأمين في قصة الحجر الأمين .. جاء الأمين .. جاء الأمين فرحوا به فكيف إذا بعد بعثته وهم كفار.
يقول من هو فرعون هذه الأمة أبو جهل يقول له: والله إنا لا نُكذبك ولكن نُكذِّب ما جئت به -حيلة شيطانية طبعا- لكنه يشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يقول كذبا. أيضا أبو سفيان قبل إسلامه، مع هرقل لما سأله هرقل عن صدق النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على النبي صلى الله عليه وسلم بصدقه.
يقول العالم الأمريكي مايكل هارث : "إن محمدا -نقول صلى الله عليه وسلم- كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي" ثم يقول "إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له في التأثير الديني والدنيوي يُخوِّله أن يعتبر أعظم شخصية في تاريخ البشرية جمعاء " هذا يقوله أمريكي كافر. هكذا أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم.
أيضا: كان النبي صلى الله عليه وسلم عنده غلام يهودي يخدمه -لما كان اليهود في المدينة- فمرِض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له -اليهودي الأب- أطع أبا القاسم فأسلم ثم أسلم الروح -هذا الغلام- فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي أنقذه من النار.
إذا حُسن الخُلُق يكونة-أيها الأخوة- مع الناس جميعا (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) [البقرة:٨٣] وسبق أن بيّنت، ما قال قولوا للمؤمنين حُسنا .. للصالح (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت:٤٦] وإلى غير ذلك من الآيات .
 وقضية الولاء والبراء هناك خلط فيها الإحسان لا يمنع أن تكره دينه ، المُحارب تُعاديه، وقعنا في طرفين إفراط أو تفريط، ناس يأخذون هذه الآيات ويتنازلون مع أعداء الله ويُضيعون معالم الولاء والبراء ويُطالبون بمُعايشة الكفار دون حواجز وآخرون يعتبرون الكل كافر. مجرد أنه كافر وهذا خلل.
كيف نكسب الأخلاق الحميدة؟ باختصار:
/ تصحيح العقيدة: فالعقيدة الصحيحة يُهذِب أخلاق الإنسان (أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ) [هود:٨٧] العقيدة الصحيحة، عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم .. عقيدة أهل السنّة والجماعة هي التي تُصحح أخلاق الإنسان ولذلك فالأخلاق جزء من العقيدة .
/ أيضا أن العبادات -كما قلت لكم قبل قليل- كل عبادة وذكرت لكم مؤثرة في الأخلاق، الصلاة .. الزكاة .. الصيام .. الحجّ تؤثر في الأخلاق . فالالتزام بهذه الأركان كما أمر الله تؤثر في أخلاقنا والآيات ذكرتها في الأول .
/ تدبر القرآن: تدبر هذه الآيات :
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) [آل عمران:١٥٩]
(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [فصّلت:٣٤] 
(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) [النور:٢٢]
 (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) تدبر القرآن من أعظم وسائل (....)    
 / الاقتداء بالأنبياء وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم .
يا أخي الكريم اجعل لك قدوة وهو محمد صلى الله عليه وسلم ومن يقتدي به، قد تقولون كيف ومن يقتدي به؟ مثلا أنا أعرف شخص يقول: والله وبفضل الله وبشهادة من حوله تحسنت أخلاقه بشكل عجيب بسبب ماذا؟ قال وجدت من أشدّ الناس المعاصرين الذين عرفتهم وشاهدتهم حرصا على السُنّة هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، يقول فجعلته قدوة فارتفعت أخلاقه.
 لاشك أن -ولا نزكي على الله أحدا- كانت أخلاق الشيخ عبد العزيز يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم . مثال: يقول إذا أساء إليّ إنسان مباشرة أقول له أُسيء للشيخ بن باز ماذا أفعل؟ يقول والله ما أتردد إن الشيخ سيُسامحه فأُسامح. بل قال : والله وصل الأثر إلى أنني في أول حياتي وقيادتي السيارة صدمني أُناس والمرور يحكم عليهم مئة بالمئة، فيقول دفعوا مبالغ لإصلاح سيارتي. انتهوا وذهبوا وهو لا يعرفهم، يقول والله إني قدّرت المبالغ التي دفعوها وتصدقت بها بالنية عنهم . وهو أمر انتهى وذهبوا . يقول بعدما تأثرت بالشيخ عبد العزيز والشيخ عبد العزيز متأثر بالنبي صلى الله عليه وسلم وحريص على التزام سنته. إذا حين نجعل الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا وننظر هؤلاء الصالحين ونقرأ كتبهم تتغير أخلاقنا. قيل للأحنف بن قيس، الأحنف الذي في حِلم الأحنف في ذكاء (....) من أين تعلمت الحُلم؟ قال من قيس بن عاصم وذكر قضايا عن قيس بن عاصم وفي حِلمه عجبا والوقت لا يسعفني.
إذا حين تكون هناك قدوة لك بإذن الله يساعدك على هذا.
/ أيضا: التدريب، تدريب النفس فحتى الأخلاق تحتاج إلى تدريب (ومن يتصبر يصبره الله) (إنما الحلم بالتحلم) يقول النبي صلى الله عليه وسلم (والعلم بالتعلم ومن يصطبر يُصبره الله ). فإذا يمكن تتغير أخلاق الإنسان في هذا الآن.
ومن أعظمها: سؤال الله جل وعلا، الجأ إلى الله كما في الحديث (اللهم كما حسّنت خَلقي فحسّن خُلُقي) الجأ إلى الله سترى تغيرا في حياتك وتحسُنا، إن كنت على خير -وأنت كذلك بإذن الله- تزداد وترتفع في مقام الأخلاق أخلاق النبوة وإن كان عندنا نقص -ولا نخلو ونحن بشر- تزول بإذن الله بالتوجه إلى الله.   
وأخيرا : عُلو الهمة .
هذه كلها وسائل تُحسِّن الأخلاق الصبر .. الموعظة .. التواصي بين الزملاء .. القدوة الحسنة .. مُصاحبة الأخيار .. اللجؤ إلى أهل العِلم .. إدامة النظر في السيرة النبوية وقراءة سيَر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ... إلى غير ذلك من الأسباب التي فعلا تكون مؤثرة بتغير أخلاق الإنسان .
أسأل الله الذي حسّن خَلقنا أن يُحسِّن أخلاقنا وأن يبارك فيكم وأن يجعل قدوتنا صلى الله عليه وسلم (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه) ، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة). أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.      
اقرأ المزيد...