الاثنين، 8 سبتمبر 2014

من هدايات سورة النبأ

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري



سورة النبأ سورة تتحدث عن يوم القيامة وتُفرِدُ هذه القضية أو تأتي هذه القضية ظاهرة وبارزة في هذه السورة الكريمة.
 وقد افتُتحت السورة بذكر قُدرة الله عزَّ وجل ونِعمه على عِباده ليستدِلَّ بذلِك على يوم الفصل فيقول الله عزَّ وجلّ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً) إلى آخر تلك التقريرات التي يُستدل بها على قُدرة الله عزَّ وجل على البعث الذي استبعده المُشركون واستنكروه عندما أنكروا ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ثمَّ تأتي إلى تقرير يوم الفصل (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً * يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً)
بعد أن ذكر يوم الفصل بدأ يذكر مصير الظالمين ومصير المُتقين، فأمَّا الظالمون فذكرهُم بوصف الطاغين الذي يدُل على تجاوز الحد وتعدِّي القَدْر الذي قدَّره الله للعبد من العبودية بأن يتعالى الإنسان على عبوديته لله سبحانه وتعالى فيتجاوز ذلك الحد فيُألِّه نفسه ويعبد ما يشاء من المعبودات فهؤلاء توعدهُم الله بقوله (لِلْطَّاغِينَ مَآبًا) (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلْطَّاغِينَ مَآبًا * لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا) أي دهُوراً طويلةً لا انقِضاء لها ( لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا* جَزَاء وِفَاقًا) أي هذا الجزاء موافِقٌ لعملِهم فما عمِلوه في الدُنيا لا يُمكن أن يزيد الله سُبحانه وتعالى في عقوبته لهُم عليه شيئاً.
 ثُم تنتقِل الآيات إلى ذكر جزاء المُتقين وهُم الذين جعلوا بينهُم وبين عذاب الله وقاية بِفعل أوامِره واجتِناب نواهيه وخشوا الله حقَّ خشيتِه فيقول (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا) هذا الجزاء المُختصر الذي ذُكر للمُتقين نستفيد مِنه فوائد وهِدايات منها:
/ أنَّه لا ينبغي لنا عند تربيتِنا أو وعظِنا للخلق أو تذكيرِهم أن لا نقتصِر على جانب الترهيب بل لابُد أن نقرِنهُ بجانِب الترغيب لأنَّ النفس تحتاج إلى هذا وهذا حتَّى تسير إلى الله سُبحانه وتعالى سيراً حسناً.
/ ومنها أنَّه لا بُد أن يُذكِر الإنسانُ بأنواع الجزاء لتُرغِّبه في ذلك الذي وعدهُ الله سُبحانه وتعالى به فهُنا جاء بالحدائق وجاء بالمأكولات (وَأَعْنَابًا) وجاء بالمنكُوحات  (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا) وجاء بالمشروبات (وَكَأْسًا دِهَاقًا) وجاء بالمسموعات والمُؤآنِسات وهي المجالِس التي يأنس بها المُسلمون (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا).
 ومن هدايات هذه السورة أو هذا الجزاء العظيم للمؤمنين -ونختِم به الكلام عن الهِدايات-
 أنَّ الله قال (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا) وهذا يدُل على أنَّ الجنَّة قد نُقِّيت من كُل لغوٍ يؤذي النفوس ومن كُل كذِبٍ يُخالِف الحقائق وهذا ما ينبغي للمؤمن أن يسعى لهُ في حياته الدُنيا فيبتغد عن اللغو ويبتعد عن الكذب.
أعانني الله وإياكُم على ذلِك وإلى لقاءٍ آخر.
___________________________
من برنامج هدايات قرآنية / إذاعة القرآن الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق