الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

تعليق على قوله تعالى (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) / د.خالد السبت



قال : وفي الحديث الآخر (أَنَّ جِبْرِيل جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اِشْتَكَيْت يَا مُحَمَّد ؟ فَقَالَ " نَعَمْ " فَقَالَ بِسْمِ اللَّه أَرْقِيك مِنْ كُلّ دَاء يُؤْذِيك وَمِنْ شَرّ كُلّ حَاسِد وَعَيْن اللَّه يَشْفِيك) . وروى البخاري فِي كِتَاب الطِّبّ مِنْ صَحِيحه (عَنْ عَائِشَة قَالَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاء وَلَا يَأْتِيهِنَّ قَالَ سُفْيَان وَهَذَا أَشَدّ مَا يَكُون مِنْ السِّحْر إِذَا كَانَ كَذَا فَقَالَ " يَا عَائِشَة أَعَلِمْت أَنَّ اللَّه قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اِسْتَفْتَيْته فِيهِ ؟ أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدهمَا عِنْد رَأْسِي وَالْآخَر عِنْد رِجْلِي فَقَالَ الَّذِي عِنْد رَأْسِي لِلْآخَرِ مَا بَال الرَّجُل ؟ قَالَ مَطْبُوب . قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ لَبِيد بْن أَعْصَم رَجُل مِنْ بَنِي زُرَيْق حَلِيف ليَهُود كَانَ مُنَافِقًا وَقَالَ وَفِيمَ ؟ قَالَ فِي مُشْط وَمُشَاطَة . وَقَالَ وَأَيْنَ ؟ قَالَ فِي جُفّ طَلْعَة ذَكَر تَحْت رَاعُوفَة فِي بِئْر ذَرْوَان " قَالَتْ فَأَتَى الْبِئْر حَتَّى اِسْتَخْرَجَهُ فَقَالَ" هَذِهِ الْبِئْر الَّتِي أُرِيتهَا وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَة الْحِنَّاء وَكَأَنَّ نَخْلهَا رُءُوس الشَّيَاطِين " قَالَ فَاسْتُخْرِجَ قَالَتْ فَقُلْت أَفَلَا تَنَشَّرْتَ ؟ فَقَالَ " أَمَّا اللَّه فَقَدْ شَفَانِي وَأَكْرَه أَنْ أُثِير عَلَى أَحَد مِنْ النَّاس شَرًّا ") .
(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) (الْعُقَدِ) المراد بها:ما يعقده السحرة فهم هؤلاء النفاثات تعقِد العُقد إما بخيوط أو بشعر أو بغير ذلك وتنفث فيها مع كلمات تقولها أو تُتمتم بها ورُقى واستعانة بأسماء شياطين وما إلى ذلك فيحصُل بذلك السِّحر ويقع الضرر إذا أراد الله -تبارك وتعالى- (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) وهنا النبي -صلى الله عليه وسلم- سُحِر وهذا أمر مقطوع به ثابت لا مطعن فيه ولكن هذا السِّحر لم يؤثر في النبي-صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بالبلاغ وإنما كان في أمر مما يتعاطاه مما يتصل بالنساء فحسب،أو في أمر مادي دنيوي وليس فيما يتعلق بالرسالة والبلاغ عن الله -عز وجل- قطعا لم يؤثر ذلك فيه والله يعصمه من ذلك،وهذا يدل أيضا على أن الإنسان مهما كان في صلته مع ربه -تبارك وتعالى- وكذلك أيضا في المحافظة على الأوراد والأذكار لكنه إذا جاء القدر فإن ذلك لابد أن يقع ولا يُقال إذا ما الفائدة من الأذكار،هذه الأذكار هي سبب ولكن إذا قدّر الله أمرا لابد أن يقع والله قد يدفع ذلك أو بعضه بأمور يُقدِرها من ذلك:أن هذا الإنسان يحافظ على هذه الأذكار وأثر المحافظة على هذه الأذكار لا يُنكر أبدا بحال من الأحوال فهو شيء مُشاهد وهي حِصن حصين منيع كما يقول بعض أهل العلم يقول: أعظم من سدّ يأجوج ومأجوج،وسمعت بعض من صُرِع ويتكلم على لسانه أحد هؤلاء من الجنّ فكان مما قال إن هذا لا يُحافظ على الأذكار وكان له أصحاب قد اجتمعوا يرقونه ونحو ذلك فكان يقول عن هؤلاء بأن دونهم حصن منيع لا يستطيع هؤلاء من الجن الوصول إليهم وكان سبب هذا أن الرجل جلس على عتبة العمارة التي كانوا قد استأجروا شقة فيها في مكة في رمضان،جلس على العتبة فجاء هذا وقال إنه قد جلس على المكان الذي يجلس فيه كبيرهم أو شيخهم أو مرجعهم ونحو ذلك،أنه جلس عليه ولم يُسمِّ،فلما جاء هؤلاء وجدوا صاحبهم في هيئة أخرى،رأيت الرجل لحيته واقف شعرها،أصابع أقدامه الإبهام منفرجة بقوة،يعجز الرجال عن تثبيته يعني يحتاج رجل يجلس على يد -العضد- ورجل آخر على عضد الآخر ورجل يجلس على صدره ورجل يمسك رجل ولا يستطيعون -يرفعهم-،الشاهد: إن هذه أمور ما تُنكر،قد يقع هذا بسبب أمور لا يحسب الإنسان لها حسابا. والآخر لما ذهب مع أصحابه في نزهة إلى البر فذهب -أعزكم الله- قريبا إلى الخلاء فكان هذا الموضع مجلس لهم فرجع لأصحابه بهيئة غير التي ذهب بها -إنسان آخر- فلما رُقي صار هذا يتكلم على لسانه ويقول إن هذا أساء إليهم وأنه لم يُسمِّ، والرجل ذهب لقضاء الحاجة. فمن الذي يقي من هذا كله؟ هو الله -تبارك وتعالى-، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال -لاحظ- (قَالَ وَفِيمَ ؟ قَالَ فِي مُشْط وَمُشَاطَة) المِشط معروف، والمُشاطة: الشعر الذي يعلق بالمشط، (قَالَ وَأَيْنَ ؟ قَالَ فِي جُفّ طَلْعَة) الجف:هو قشر الطلع،رأيتم مثلا النخيل إذا ظهر الطلع فيها الذي يكون عليها من الأكمام التي تنشق ثم بعد ذلك يحصل لها التأبير،هذا القِشرة،هذا الِلحاء الذي يُغطيها كالظرف لها هذا جفّ أيضا فهو قِشر الطلع (جُفّ طَلْعَة ذَكَر) الآن ترون هذا النخيل على نوعين:نوع ذكر ونوع أنثى،فالذكر لا يُثمر وإنما يؤخذ منه فيُأبر به النخيل -كما هو معروف- والذكر معلوم معروف حتى في هيئته -سبحان الله- الفرق بين الذكر والأنثى حتى في النخيل، تجد أن جذوعه أغلظ،وتجد أن الكرب أكبر وإذا رأيت هيئته فهي تُخالف هيئة النخيل المعروف واضح أنه ذكر فالذين يريدون إذابة الفروق بين الرجل والمرأة -الذكر والأنثى- الذين لا خلاق لهم يريدون أن يُسمّوا الجنس البشري باسم آخر لا يصدق عليه ذكر ولا أنثى،يتناسون هذا تماما يقولون جندر،فيريدون حتى إلغاء ذكر وأنثى -جندر- قبحهم الله،فهنا حتى النخيل يتميز ذكرها من أنثاها.
يقول (تَحْت رَاعُوفَة) الراعوفة: عبارة عن صخرة - حجر- يوضع في أسفل البئر من أجل من أراد أن ينزح البئر أو يُنظف البئر أو يستقي من البئر إذا نزل فيه،إذا كان ماء البئر قليل أحيانا ينزل أحد ويجلس فهذه الصخرة حجر يقف عليها من ينزح البئر أو يُنقيه أو يُنظفه،فهذا وضعه تحتها -لاحظ- في بئر وتحت هذه الصخرة من أجل ألاّ يُوصل إليه، ولذلك هؤلاء أشرار يُخفون السِّحر غاية الإمكان فتجد أنهم أحيانا -نسأل الله العافية- ربما أعطوه بعض الناس في مغسلة الموتى ممن يقوم على تغسيل الميت ونحو ذلك،يُعطونه السِّحر فيضعه في فك الميت ثم بعد ذلك يُربطونه،يُربط فك الميّت -يُشد إلى رأسه- من أجل أن يُغلق الفم،فيضعونه في فك الميت،من الذي يستطيع أن يكتشف هذا؟ يعني حتى لو قيل لهم في القبر وبحثوا في القبر ونبشوا لا يجدون شيء،في فك الميّت،ويضعونه في أماكن من الغيران،الأماكن البعيدة والقبور،كل ذلك مبالغة في الإخفاء ولربما وضعوه في أماكن،يعني في أشياء ويُلقى في قاع البحر،وتعرفون الحملات التي تُقام بين حين وآخر لتنظيف البحر هكذا يتطوع فيها طُلاب مدارس وغيرهم يُستخرج من السِّحر ما الله به عليم،وقد حدثني كثيرون عن أشياء من هذا القبيل وجدوها مصادفة حينما يستخرجون أشياء من البحر،زجاجات وغيرها يجدون فيها من العُقد والأعمال السحرية تُلقى في البحر من أجل ألاّ يصل إليها أحد،فهذا لاحظ وضعه ( تَحْت رَاعُوفَة فِي بِئْر ذَرْوَان) قال ( فَأَتَى الْبِئْر حَتَّى اِسْتَخْرَجَهُ) لاحظ هنا (اِسْتَخْرَجَهُ) وفي بعض الروايات:أنه أمر بدفنه ظاهره أنه لم يُستخرج،وفي آخر الحديث وأن عائشة -رضي الله عنها- قالت له: (أَفَلَا تَنَشَّرْتَ) فقال: (أَمَّا اللَّه فَقَدْ شَفَانِي وَأَكْرَه أَنْ أُثِير عَلَى أَحَد مِنْ النَّاس شَرًّا).
إذاً العلماء -رحمهم الله- لما نظروا إلى هذه الألفاظ وجدوا أن ذلك لا يخلو من نوع إشكال هل دُفنت من غير استخراج -لم تُستخرج- أو أنها استُخرجت كيف قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كره أن يُثير على الناس شرا) وهنا قال استُخرج، بعض الشُراح يقولون أنه استُخرج ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فتحه باعتبار أنه انحلت عُقده بقراءة المَلَك فكان كلما قرأ انحلت عقدة فتحللت هذه العُقد فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ما فتحه لئلا يثير شرا وإلا فالأصل أن السحر أنه إذا وُجد،إذا عُرف مكان السِّحر فإنها تُحلّ العُقد بطريقة معينة ولا يُترك،يعني من الخطأ أن الإنسان يأخذ هذا السِّحر ويرميه في مكان أو يضعه كما يفعل بعض الناس -أعزكم الله- في دورة المياه بزعمه أنه يتخلص منه،لا ، يحتاج أن يفُك هذه العُقد .
---------------------------------------------------------------------------
/ مقطع مميز: تعليق على قوله تعالى " ومن شر النفاثات في العقد " وأهمية الذكر في الباب/ موقع د.خالد السبت             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق