قال تعالى ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ*فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
في هاتين الآيتين رد على اليهود الذين زعموا أنه لا نسخ في الشرائع ، وإنكارهم للنسخ في الشرائع لشبهة عندهم وهي :
أن النسخ لا يكون إلا لشيئين إما لحكمة أو عبث ، والله مُنزه عن العبث ، وإن كان لحكمة لزم فيه أن الله تعالى تظهر له الحكمة بعد أن كانت خافية عليه وهذا يلزم الظهور بعد الجهل وهذا مستحيل على الله . فالنسخ عندهم مستحيل ولهذا كذبوا عيسى ومحمد عليه الصلاة والسلام فقيل لهم هاتوا التوراة فإنها تُثبت أن الطعام كله كان حلالا لبني إسرائيل ثم حرّم إسرائيل على نفسه أشياء وبقي هذا التحريم في ذريته حرام عليهم .
والجواب عن هذه الشبهة : أن النسخ لا يستلزم لا هذا ولا هذا بل إن النسخ لحكمة لاشك لكن هذه الحكمة تتبع مصالح العباد والعباد مصالحهم تختلف ، قد يكون من المصلحة أن يُشرع لهم الحل في هذا الزمن والتحريم في زمن آخر ، قد يكون من الحكمة أن هذه الأمة يُشرّع لها الحِل وتلك يُشرّع لها التحريم . فهنا الحكمة لا تتعلق بفعل الله ولكن تتعلق بالمخلوق الذي شُرع له الحكم .
-----------------------------------
من تفسير بن عثيمين - رحمه الله - / سورة آل عمران ش 27 الوجه الأول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق