موضوع الآيات: بيان قدرة الله تعالى ونعمته.
التعليق على تفسير الآيات من سورة المرسلات. من الآية السادسة عشر، وحتى الآية الثامنة والعشرون من المختصر في تفسير القرآن الكريم.
تفسير سورة المرسلات ۱٦-۲۸ من المختصر في تفسير القرآن الكريم
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) ألم نهلك الأمم السابقة لما كفرت بالله وكذبت رسلها ؟!
الله سبحانه وتعالى يبين هنا أنه أهلك المكذبين من الأمم السابقة كقوم نوح وعاد وثمود، وغيرهم،
(ثُمَّ نُتَّبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) ثم نتبعهم المكذبين من المتأخرين، فنهلكهم كما أهلكناهم.
قال ثم نتبعهم يعني في الإهلاك , الآخرين المتأخرين. كقوم فرعون وغيرهم
(كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) أي مثل الإهلاك لتلك الأمم نهلك المجرمين المكذبين بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
بين الله سبحانه وتعالى هنا أن كل مكذب يكون مصيره مصير أولئك السابقين من الأولين والآخرين.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) هلاك وعذاب وخسران في ذلك اليوم للمكذبين بوعيد الله بالعقاب للمجرمين.
قال الله تعالى (ويل يومئذ للمكذبين) هذه الآية تكررت في هذه السورة مرارا وفي كل مرة يقصد بها المكذبون بما سبق ذكره في الآيات التي قبلها، فهنا مثلا سبق ذكر ما يتعلق بعقاب الله للمجرمين والمكذبين فمن كذب بهذا العقاب، فويل له.
(أَلَمْ تَخْلُقَكُم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ) ألم نخلقكم - أيها الناس - من ماء حقير قليل وهو النطفة.
الله سبحانه وتعالى يبين هنا أنه خلق الإنسان من مني يمنى، من مني يخرج من بين الصلب والترائب، وهو ماء مهين بمعنى أنه حقير قليل.
(فَجَعَلْناهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) أي فجعلنا ذلك الماء المهين في مكان محروز وهو رحم المرأة.
قال (فجعلناه في قرار مكين) أي في مكان حصين لا يتعرض للأذى فيه عادة.
(إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ) إلى مدة معلومة هي مدة الحمل.
قال (إلى قدر معلوم) الله سبحانه وتعالى جعل للحمل مدة غالبة وهي تسعة أشهر لكنها قد تزيد أو تنقص بما قدره الله سبحانه وتعالى. فهي مدة معلومة عند الله سبحانه وتعالى.
(فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) فقدرنا صفة المولود وقَدْرَه ولونه وغير ذلك، فنعم القادرون لذلك كله نحن.
قال (فقدرنا فنعم القادرون) أي قدرنا على خلقه، وقدرنا على تصويره، وقدرنا بعد ذلك على إخراجه للحياة، (فنعم القادرون) أي فنعم القادر ربنا سبحانه وتعالى.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) هلاك وعذاب وخسران في ذلك اليوم للمكذبين بقدرة الله.
جاءت هذه الآية هنا لتهديد من يكذب بقدرة الله سبحانه وتعالى على البعث بعد الموت، فكما أنه سبحانه كان قادرا على خلق الإنسان من العدم، فهو قادر على بعثه بعد الموت، بل هو أهون عليه كما قال سبحانه وتعالى (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه)
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَانًا ) ألم نجعل الأرض تضم الناس جميعًا.
معنى قوله (كفاتا) أي أنها وعاء يضم الناس ويجمعهم.
(أَحْيَاءَ وَأَمْوَاتًا) تضم أحياءهم بالسكن عليها وعمارتها، وأمواتهم بالدفن فيها.
هذه الأرض تضم الناس أحياء وأمواتا، فتضمهم أحياء على ظهرها، وتضمهم أمواتا بالدفن في بطنها، والله سبحانه وتعالى أكرم الإنسان، بدفنه كما قال تعالى (ثم أماته فأقبره).
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَمِخَتِ وَأَسْقَيْنَكُم مَّاءَ فُرَاتًا) وجعلنا فيها جبالا ثوابت تمنعها من الاضطراب.
قال (وجعلنا فيها رواسي) الرواسي أي: التي ترسو على الأرض وترسيها بمعنى أنها تمنعها من الاضطراب كما قال تعالى (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) يعني لئلا تميد بكم.
عاليات وأسقيناكم أيها الناس ماء عذبا فمن خلق ذلك ليس عاجزا عن بعثكم.
قال (رواسي شامخات) شامخات أي: عاليات، (وأسقيناكم ماء فراتا) أي ماء عذبا زلالا مستساغا، فمن خلق هذا الخلق العظيم فليس بعاجز أن يخلق الناس ويعيدهم بعد موتهم. وهنا امتن الله سبحانه وتعالى بأنه أسقى الناس ماءا عذبا كما قال سبحانه وتعالى في الآية الأخرى (أفرأيتم الماء الذي تشربون* أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون* لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون) وقال في سورة الملك (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) سبحانه وتعالى.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) هلاك وعذاب وخسران في ذلك اليوم للمكذبين بنعم الله عليهم.
جاء قوله (ويل يومئذ للمكذبين) هنا لتهديد من كذب بنعم الله عليه كما سبق في النعم المذكورة في الآيات التي قبلها.
من فوائد الآيات:
/ رعاية الله للإنسان في بطن أمه.
كما جاء في قوله تعالى (ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين *إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون).
/ اتساع الأرض لمن عليها من الأحياء، ولمن فيها من الأموات.
جعل الله الأرض واسعة وجامعة للناس أحياء وأمواتا كما قال تعالى (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا).
/ خطورة التكذيب بآيات الله والوعيد الشديد لمن فعل ذلك.
وهذا ظاهر في تكرار قوله تعالى (ويل يومئذ للمكذبين) في هذه السورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* د. إبصار الإسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق