/ ( فَجَآءُوهُم بِالبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ )
الآية تحتمل ثلانة معاني :
/ الأول : وهو تفسير الحافظ بن كثير -رحمه الله- : أن الباء في قوله ( بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ } سبية ، أي لم يؤمنوا بسبب تكذيهم المتقدم الذي كان سببا لطمس قلوبهم كما قال تعالى ( وَنُقَلِّبُ أَفْدَتَهُمْ وَأَبْصَرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّقِر } فيكون التكذيب المتقدم سبباً لصرف الإنسان عن الحق، والطبع على قلبه، فلا ينتفع بما يسمع .وهذا المعنى الذي ذكره الحافظ ابن كثير في الآية قرينةً تشهد له وهي قوله: ( كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ) يعني: باعتبار أن "الباء" سببية .
/ الثاني : وهو تفسير ابن جرير - رحمه لله- وعنده (بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ } أن الذين كذبوا هم الأمم المتقدمة ،يعني يقول: ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ ) من بعد نوح -عليه الصلاة والسلام- ( فَجَآءُوهُم بِالبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } بما كذب به من قبلهم، يعني أن الكفر يتكرر ويتجدد في كل أمة، كلما جاء أمةً رسول كذبوه، فاولئك الأمم كذبوا برسالة نبيهم، فهؤلاء الذين أرسلوا بعد نوح - عليه الصلاة والسلام- إلى أممهم بقيت تلك الأمم على الكفر، ولم يؤمنوا، فما كانوا ليؤمنوا بما كذب به من قبلهم، -وهذا فيه بعد- ،والله تعالى أعلم .
/ والآية تحتمل معنى ثالثا وهو : أن هؤلاء لم يؤمنوا بما كذبوا به مِن قبل أن تأتيهم الرسل؛ لأنهم كانوا أمة واحدة على الإيمان فاختلفوا فتفرقوا فبعث اللّٰه النبين، فهؤلاء الذين جاءهم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كما قال الله: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّيْنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) [البقرة: ٢١٣] ، جاءوهم يدعونهم إلى اللّٰه - عزوجل- إلى توحيده وعبادته، فلما جاءوهم لم يؤمنوا بما كذبوا به من قبل، بماذا كانوا يكذبون قبل بعث نبيهم ؟ كانوا يكذبون بالبعث مثلاً، كانوا يعبدون مع اللّٰه غيره، ينكرون التوحيد، فلما جاء الرسل ما حصل لهم الإيمان بهذه الأمور التي كذبوا بها، (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ) فهذا معنى أقرب من المعنى الذي ذكره ابن جرير -رحمه اللّه-، فصارت المعاني التي تحتملها الآية ثلاثة.
/ (كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ )
تغليف القلوب والطبع عليها من اللّٰه تعالى وبمشيئته إلا أنه بسبب اختيارهم للمعاصي وكسبهم لها.
/ قال اللّٰه تعالى ( ثُمَّ بَعَتْنَا مِنْ بَعْدِهِم مُوسَى وَهَرُونَ )
بعد قوله ( ثُمَّ بَعَتْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ } ويدخل من بين هؤلاء الرسل-عليهم الصلاة والسلام- موسى وهارون، ولكن اللّٰه -تبارك وتعالى- خصهما بالذكر لمنزلتهما وشرفهما وعظيم مقامهما ولشأن دعوتهما، حيث بعثهما اللّٰه -تبارك وتعالى- إلى فرعون.
/ ( وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَتِهِ )
من أهل العلم من فسر (بِكَلِمَتِهِ. ) بالكلمات الشرعية أي: الكتب التي أنزلها اللّٰه -عز وجل- على أنبيائه ورسله مثل التوراة أنزلها على موسى يُحق بها الحق، يبيّن فيها الهدى من الضلال، والحق من الباطل -هذا معنى تحتمله الآية-، فالكلمات تصدق على الكلمات الشرعية، ولا شك أن اللّٰه يحق بها الحق، يفصل فيها بين الحق والباطل ولهذا سمى القرآن بالفرقان؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل .
ويحتمل أن يكون المراد بالكلمات: الكلمات الكونية ( وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ) يعني الكونية، ومن ذلك ما حصل من عصا موسى -عليه السلام- من أن العصا تحولت إلى حية وأنها صارت تلقف ما يأفكون، فهذا من كلماته الكونية ، وهذا كله بتقدير اللّٰه -عز وجل- وقضائه فخاب هؤلاء، وغلبوا بأمر اللّٰه -تبارك وتعالى-، وظهر الحق للناس.
ـ ويمكن أن يراد بالكلمات المعنيان : يحق اللّٰه الحق بكلماته الشرعية، وبكلماته الكونية . ويمكن أن تكون مراده في الحديث: ( أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق) (٢) ، وفي الحديث يمكن أن تكون الاستعاذة بكلماته الشرعية أي القرآن، ويمكن أن يُراد بذلك الكلمات الكونية (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [النحل: ٤٠] ، والأرجح أن المراد بها في الحديث الكلمات الكونية ؛ لأنه جاء تفسير هذا أيضاً: (التي لا يجاوزها بر ولا فاجر) (٢)،ويمكن حمل ذلك على الآيات الشرعية، ولكن حمله على الآيات الكونية أولى، فالله لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، وهو المناسب في الاستعاذة أن الإنسان يريد بهذه الاستعاذة أن يحفظه الله، وأن يحميه من المخاوف فيكون ذلك بالكلمات الكونية.
/ "من فضيلة التوكل أنه دليل على صحة إسلام المتوكل"(٤) قال تعالى (وَقَالَ مُوسَىٰ يَقَوْم إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِٱلّهِ فَلَيَهِ تَوَكَلُواْ إن كُنْتُم مُسْلِمِينَ ).
ـ قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى وإذا ضعُف الإيمان ضعُف التوكل وإذا كان التوكل ضعيفا فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد ، والله تعالى يجمع بين التوكل والعبادة وبين التوكل والإيمان وبين التوكل والإسلام وبين التوكل والتقوى وبين التوكل والهداية .
ـ جمع اللّٰه بين التوكل والعبادة في سبعة مواضع من كتابه :
/ في سورة أم القرآن فقال { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )
/ قوله حكاية عن شعيب أنه قال ( وَمَا تَوْفِيقِى إِلَّا باللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )
/ قوله حكاية عن أوليائه وعباده المؤمنين أنهم قالوا ( رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَلنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ }
/ قوله تعالى لنبيه محمد ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَيِّكَ وَتَبتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلًا )
٤ / قوله ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَٰوَاتِ وَٱلْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
/ قوله ( فَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتُوا الزَّكَوةَ وَاعْتَصِمُو اْيِاللَّهِ هُوَ مَوْلَٰكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَٰى وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ )
/ قوله ( قُلْ هُوَ رَبيِّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابٍ)
فهذه السبعة المواضع جمعت الأصلين التوكل وهو الوسيلة والإنابة وهي الغاية .
/ ( وَاجْعَلُواْ يُيُوتَكُمْ قِبْلَةً )
أي: اجعلوها محلا تصلون فيها، حيث عجزتم عن إقامة الصلاة في الكنائس، والبِيَع العامة.
قال الشيخ صالح المغامسي في معنى الآية " نقول كما قال بعض العلماء من قبل ،قالوا -وهذا أرجح الأقوال عندنا- وإن كان ضعيفا في كتب التفسير نقول إن معنى ( قِبْلَةٌ) أي يقابل بعضها بعضا أي بمعنى عامي- مميزة- حتى إذا جاء النفير أن يخرجوا من أرض مصر يكون البعض يميز بيت الآخر فيسهل أن ينادي بعضهم بعضا ، فيكون معنى قول الله جل وعلاء (وَاجْعَلُواْ يُيُتَكُمْ قِبْلَةً) أي متقابلة في مكان واحد ، متجاورة ، لكم مصطلح يعرف فيها بعضكم بيوت بعض هذا الذي ندين اللّٰه نختاره من أقوال المفسرين "
وقال الشيخ بن عثيمين - رحمه اللّٰه - في فتاوى نور على الدرب : " المعنى : اجعلوا بيوتكم مكانا تستقبلون فيه الناس لأن في ذلك تأليفا للناس ، وفيه أيضا كرم وخير ، فالمعنى اجعلوها قبلة للناس يأتمون إليها ويشهدون ما أنتم عليه من الحق ."
- هنا مسألة فقهية يبحثها العلماء وهي الصلاة في البيوت :
الصلاة إما أن تكون فرضا وإما أن تكون نفلا، فصلاة الفرض لابد أن تكون في المساجد وهذا أمر ينبغي أن يرفع الخلاف فيه إلا بعذر. بقينا في النوافل ، النوافل من حيث الجملة تنقسم إلى قسمين:
نافلة يُجمع لها، ونافلة لا يُجمع لها، فالنوافل التي يُجمع لها الاستسقاء، الكسوف، الخسوف، هذه تصلى في المساجد أو في المُصليات، يصح صلاتها في البيوت لكن الأولى أن تصلى في المساجد ، نأتي إلى النوافل التي لا يُجمع لها كالسُنن الرواتب هذه تُصلى في البيوت لحديث البخاري العام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا) أي البيوت، وركعتا المغرب هي أوكد الصلوات التي تصلى في البيوت لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث كعب بن عجره عند أبي داوود بسند صحيح ذهب إلى بني عبد الأشهل صلى فيهم المغرب فلما صلى والتفت قام الناس يسبحون"(٥) أي أهل بني عبد الأشهل قاموا يصلون السنة تعجب -صلى الله عليه وسلم- وقال (هذه صلاة البيوت). فنقول إن صلاة النوافل في البيوت أفضل منها في المساجد لكن إذا كان وراء الإنسان عمل أو عنده موعد لزيارة مريض أو غادر إلى مكان ما ولم يكن بمقدوره أن يرجع إلى البيت فليس بمعقول أن نقول له اذهب إلى البيت، يصلي في المسجد.
/ ( قَدْ أُجِيبَت دَعْوَتُكُمَا )
هذا دليل على أن موسى كان يدعو وهارون يؤمن على دعائه، وأن الذي يؤمن يكون شريكا للداعي في ذلك الدعاء.
/ (فَٱسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )
فيه تربية على أن شكر اللّٰه تعالى في إجابة الدعاء تكون بالاستقامة على منهج اللّٰه تعالى حيث فرّع اللّٰه تعالى على إجابة دعوتهما أمره لهما بالاستقامة، فتقرر أن الاستقامة شكر على الكرامة، لأن إجابة اللّٰه دعوة عبده إحسانٌ للعبد وإكرام، وتلك نعمة عظيمة يستحق الشكر عليها، وأعظم الشكر طاعة المنعم.
وهذه الآية تدخل ضمن قاعدة قرآنية محكمة دل عليها قوله تعالى في سورة هود : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ) وسيأتي ذكرها في موضعها !
/ (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)
جاء في الخبر الصحيح أن جبريل عليه السلام لما سقط فرعون في البحر يغرق جاء جبريل بوحل البحر "طين البحر"وأخذ يضعه في فم فرعون خشي أن فرعون يثني على اللّٰه فتدركه رحمة اللّٰه وهذا فعله جبريل لسببين :
/ السبب الأول: علم جبريل بعظيم رحمة اللّٰه وإلا لن يفعل هذا.
/ السبب الثاني : قاله جبريل في حديث رواه الطبراني ( قال: يا محمد ما أبغضت أحداً من الخلق بُغضي لفرعون يوم سمعتهُ يقول أنا ربكم الأعلى ) لما قال لهم "أنا ربكم الأعلى " أبغضه جبريل، فلما جاء فرعون في هذا الموقف بقي البغض في قلب جبريل فأخذ يضع الطين في فم فرعون خشية أن يثني على اللّٰه ثناء يستدر به رحمة اللّٰه قال : (حتى لا يُثني على اللّٰه ثناء فيغفر اللّٰه له )، قال الترمذي -رحمه الله- : "والحديث صحيح بالجملة" وصححه كثير من العلماء كالألباني والأشقر وغيرهما من علماء الملة .
ـ "من عِلم جبريل أن هناك كلمات تستدر بها رحمة اللّٰه - جل جلاله- علمنا اللّٰه بعضها فقال في الأنبياء ( لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَٰنَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )(٦)
/ ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍ مِمَّآ أَنزَلنَا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآَكَ الْحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )
ليس في الآية ما يدل على وقوع الشك ولا السؤال أصلا ، فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط بل ولا على إمكانه ، كما قال تعالى ( لَوْكَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) وقوله ( قُل لَوْكَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا لَا بْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَشِ سَبِيلًا )) ، وقوله ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ )) ونظائره. فرسول اللّٰه -صلى الله عليه وسلم- لم يشك ولم يسأل . وقد ذكر ابن جرير عن ابن عباس -رضي اللّٰه عنهما- قال : "فإن كنت في شك أنك مكتوب عندهم فاسألهم". وهذا اختيار ابن جرير قال " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- : فإن كنت يا محمد في شكّ من حقيقة ما أخبرناك وأنزل إليك من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوّتك قبل أن تبعث رسولاً إلى خلقه، لأنهم يجدونك عندهم مكتوبا ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف في كتابهم في التوراة والإنجيل فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل كعبد اللّٰه بن سلام ونحوه من أهل الصدق والإيمان بك منهم دون أهل الكذب والكفر بك منهم. "، وكذلك قال ابن زيد : قال : "هو عبد اللّٰه بن سلام" ، وقال الضحاك: "سل أهل التقوى والإيمان من مؤمني أهل الكتاب".
قال ابن القيم: "ولم يقع هؤلاء ولا هؤلاء على معنى الآية ومقصودها ، وأين كان عبد اللّٰه بن سلام وقت نزول الآية فإن السورة مكية وابن سلام إذ ذاك على دين قومه ؟! وكيف يؤمر رسول اللّٰه -صلى الله عليه وسلم- أن يستشهد على منكري نبوته بأتباعه؟! فالمقصود به إقامة الحجة على منكري النبوات والتوحيد وأنهم مقرون بذلك لا يجحدونه ولا ينكرونه وأن اللّٰه سبحانه أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه بذلك وأرسل ملائكته إلى أنبيائه بوحيه وكلامه من شك في ذلك فليسأل أهل الكتاب فأخرج هذا المعنى في أوجز عبارة وأدلها على المقصود بأن جعل الخطاب لرسوله الذي لم يشك قط ولم يسأل قط ولا عرض له ما يقتضي ذلك وأنت إذا تأملت هذا الخطاب بدا لك على صفحاته من شك فليسأل فرسولي لم يشك ولم يسأل".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- تفسير الشعر اوي
٢- رواه مسلم
٣- رواه ابن أبي شيبة في المصلف (٥٠/٥)، برقم (٢٣٥٩٩)، كتاب الطب، في الرجل يفرغ من الشيء، تحقيق: كمال يوسف الحوت.٢
٤- التوكل على اللّٰه / الشيخ عبد اللّٰه بن صالح الفوزان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق