الأربعاء، 18 سبتمبر 2024

فوائد الآيات (127- 141) من سورة البقرة

/ احرص على قبول العمل فالمدار عليه وليس على الكثرة وهذه نأخذها من (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) فهم سألوه القبول وهم أنبياء وعملهم أشرف عمل ومع ذلك سألوا الله القبول.

/ أهمية الثبات وافتقار العبد لله لأنهم قالوا في دعائهم (واجعلنا مسلمين) فهم مسلمين ودعوا وهذه قاعدة معروفة في القرآن الكريم في التفسير أنه إذا كان الإنسان متلبس بالصفة فيكون المقصود بها إذا خوطب بها، أو إذا كان السياق وهو متلبس بها يكون الأمر يتجه الى الثبات والدوام والاستمرار. فهم مسلمين وسألوا الله أن يجعلهم مسلمين، أي بمعنى أنهم يثبتون على هذا الأمر، فالقصد هو الثبات. وكلنا مفتقر إلى أن ندعو الله عز وجل بالثبات، بل وحتى الرسول وهو الرسول، يعني الآية التي بين أيدينا رسل قال (واجعلنا مسلمين لك) والرسول ﷺ في سورة الإسراء قال (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) فإذا كانوا الأنبياء بحاجة للثبات فما بالنا نحن كثيري الخطأ وعرضة لأن تزل الأقدام.

 / في قوله تعالى (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) أهمية الدعاء للذرية، لأن الذرية الصالحة هي في الحقيقة ليست فقط ثمرتها أنهم هم يكتسبون ذلك الصلاح، لنفس الداعي أيضا ثمرة في ذلك لأن ولد الإنسان هو في الحقيقة امتداد لعمله ونلحظ هذا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم قطع عمله إلا من ثلاث) منها (ولد صالح يدعو له) فأنت تدعو لذريتك بالصلاح هم يكتسبون هذه الدعوة وتصبح فلاحا لهم ومكسبا لهم، وهي أيضا مكسب لنفس الداعي لأنه يمتد أثره بعد مماته.

/ من مقاصد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم تلاوة القرآن ثم تعليمه ثم العمل به بالتزكية (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم).

 / المخالفون للرسل سفهاء (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) ومر علينا في أول السورة لما قال الله عز وجل عن المنافقين (ألا إنهم هم السفهاء) وسيأتي بعد قليل في تحويل القبلة (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) فإذا كثيرا ما يُطلق هذا الوصف على أمور من قلة العقل لكن ليُعلم أيضا أن تارك الدين أو الذي يُكثر من المعاصي هو يعتبر من السفهاء.

/ عِظم وصية إبراهيم عليه السلام (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) هذه أعظم وصية ومفادها أن يتعاهد الإنسان نفسه بالثبات والاستقامة حتى لا يأتيه الموت في لحظة غفلة (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) أنت أيها الإنسان، طوي عنك خبر متى سيكون الأجل فتعهد نفسك في كل وقت لأنك ما تدري ماذا يُختم لك.

 / من صفات أهل الباطل وصف عملهم بالخيرية، صاحب الباطل يرى نفسه أنه يفعل الخير فهذه نستنبطها من قوله (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) هم يزعمون لنفسهم أنهم على الهداية فماذا قال الله عز وجل لهم؟ عبر بالإضراب (قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) فلذلك لا بد إذا سمعت دعوة باطل يعني تسويق لباطل مغلف بمصطلح يعطيه تسويق له على أنه هو خير، لا بد أن يُمحص هذا الأمر من أين ادعي له أنه خير، فليس كل من ادعى لنفسه أنه خير  هو على ذلك الباب.

/ أفادت الآيات ثبوت الشقاق لكل من يتولى ويُعرض عن الإسلام (وإن تولوا فإنما هم في شقاق) وهذا يُبين لك بطلان دعوة وحدة الأديان وأن مسألة الأديان تختلف، نعم هناك معاملة حسنة لكن أن يكون كلهم على الحق في نفس المسلك هذه بيّنت أنهم في شقاق، هم في شق ونحن في شق.  

/ (صبغة الله) تسمية الدين بأنه صبغة تفيد أن الدين ينبغي أن يظهر أثره على الإنسان في شكله، في لباسه، في عمله، في أخلاقه. ودعوى أن الدين في القلب ثم يقارف المعاصي ويقول الدين في القلب، الإيمان في القلب هذه دعوة باطلة، ما يكون في القلب يظهر على الجوارح. نعم لا مراءة في العمل وما إلى ذلك لكن لا يمكن أن يكون الشكل كله يدل على معصية ثم بعد ذلك يقول صاحبها الإيمان في القلب، فإن الله عز وجل وصف الدين بأنه صبغة أي بمعنى يصطبغ بها ظاهره فيصبح باطنه كظاهره في دلالته على الدين. 

 ثم بعد ذلك نهاية هذا المقطع التحذير من كتمان الدين والعلم (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله) هذه وردت في سياق ادعاء اليهود والنصارى أن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا، فكل من كتم علما قد كتم شهادة عنده من الله، وآيات الشهادة كثيرة في هذه السورة وأيضا في سورة آل عمران فليحذر من هذه المواد. هنا يكون انتهينا من الجزء الأول من السورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق