الخميس، 29 أغسطس 2024

شرح تفسير السعدي للشيخ عبد الرزاق البدر - الدرس الثالث - فوائد مهمة تتعلق بتفسير القرآن من بدائع الفوائد لابن القيم رحمه الله

🎙 للاستماع للدرس 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات أما بعد..

📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وأصلي وأسلم على محمد وآله وصحبه أما بعد: فلما كان علم التفسير للقرآن أشرف العلوم على الإطلاق، وأهمها وأحقها بتحقيق معانيه وفهم مبانيه لكونه تنزيلا من حكيم حميد، أنزله هدى ورحمة للعباد، وتبيانا لكل شيء، وتفصيلا لكل ما يحتاجونه في دينهم ودنياهم وأخراهم، وكان من خاصة علم القرآن أن فهم بعضه وطائفة منه يعين على فهم جميعه لأن القرآن من أوله إلى آخره يدور على تقرير الأصول النافعة والحقائق والشرائع الكبار، والأحكام الحسنة، والعقائد الصحيحة، ويوجه العباد إلى كل خير، ويحذرهم من كل شر، ويعيد تقرير هذه الأمور ويبديها بأساليب متنوعة، وتصاريف مناسبة في غاية اليسر والسهولة والإحكام والحسن الذي لا مزيد عليه. وقد تكرر علي السؤال من كثير من الأصحاب في نشر تفسيرنا هذا جميعه، وألحوا لما يرونه من الفائدة الكبيرة، فاعتذرت بأن ذلك يصعب جدا لأنه مبسوط، وأيضا في هذه الأوقات قلّت رغبات الناس في الكتب المطولة، لذلك أحببت إجابتهم لنشر بعض ما طلبوا وهو الاقتصار على جزء واحد من أجزاء هذا التفسير ووقع الاختيار على الجزء الأوسط من سورة الكهف إلى آخر النمل، فما لا يحصل جميعه لا يترك جميعه. وأرجو الله وأسأله أن يجعل ذلك خالصا لوجهه نافعا لنا ولإخواننا، وأن يمدنا بعونه وعنايته وتوفيقه إنه جواد كريم رؤوف رحيم. وأتبعته بكليات وأصول من كليات التفسير لاستدراك ما لعله يفوت القارئ في غير هذا الجزء، فإن الأصول والكليات تبنى عليها الفروع والجزئيات ويحصل بها من النفع والفائدة على اختصارها ما لا يحصل في الكلام الطويل. وهو حسبنا ونعم الوكيل". 

🎙الشرح: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدوا أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد: هذه المقدمة التي استمعنا إليها والتي أُثبتت في هذا الموضع الذي يظهر- والله أعلم- أن إثباتها هنا في هذا الموضع لا يناسب لأنها ليست مقدمة للتفسير وإنما هي مقدمة لجزء طبعه من تفسيره في أول الأمر، مثل ما رأينا في هذه المقدمة أن الشيخ لما فرغ رحمه الله من التفسير كاملا رأى أنه واسع وأنه ربما همم الناس ما تنهض لقراءته كاملا، فترجح عنده أن يطبع جزءا منه فطبع من أوسط القرآن من سورة الكهف إلى سورة النمل وقدم له بهذه المقدمة. فجعلها في هذا الموطن كمقدمة لكتاب التفسير عموما، والحديث فيها عن صنيعه الأول لا يناسب، وإنما إما أن تكون في موضعها الذي جعلها فيه، أو أن يشار إليها إشارة في المقدمة، لكن لا تُجعل مقدمة للكتاب، ولهذا من يقرأ -القارئ العادي- لما يقرأ الكتاب يتعجب يقول كيف يكتب الشيخ مقدمتين للكتاب!! يعني هذا غير مألوف في الكتب، فجعلها في هذا الموطن غير مناسب.  والشيخ رحمه الله لما فرغ من الكتاب كاملا ما نشط لنشره، ولم ينشره إلا بعد أن ألح عليه في ذلك، يعني مثل ما قال هنا "وألحوا لما يرونه من الفائدة الكبيرة فاعتذرت بأن ذلك يصعب لأنه مبسوط" يعني لأنه واسع، لأنه مبسوط أي واسع قال "وقلت رغبات الناس في الكتب المطولة" ومع ذلك يعني أكرم الله سبحانه وتعالى هذا الإمام بطبع الكتاب آلاف الطبعات، وقرأه خلق، وقرئ في كثير من مساجد المسلمين، وترجم إلى العديد من اللغات. قرء في كثير من الإذاعات، ونفع الله سبحانه وتعالى به النفع العظيم، وكثير ا ما يرجع إليه أهل العلم وطلاب العلم والباحثين لما يجدونه فيما حرره وبينه من دقة ونصح وحسن استنباط، ونثر للفوائد، الفوائدة العظيمة التي يفتح الله سبحانه وتعالى عليه بها في معاني الآيات. رحم الله عز وجل الشيخ وغفر له، وجزاه خير الجزاء، نعم. 


📖 قال رحمه الله: "فوائد مهمة تتعلق بتفسير القرآن من بدائع الفوائد لابن القيم رحمه الله تعالى. قال: فصل النكرة في سياق النفي تعُم مستفاد من قوله تعالى (ولا يظلم ربك أحدا) 

وقوله (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) وفي الاستفهام من قوله تعالى (هل تعلم له سميا) وفي الشرط من قوله (فإما ترين من البشر أحدا) وقوله (وإن أحد من المشركين استجارك)

وفي النهي من قوله تعالى (ولا يلتفت منكم أحد)"

🎙الشرح: نعم هذه فوائد انتخبها وأخذها رحمه الله تعالى من كتاب الفوائد، أو بدائع الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، وهذا الكتاب كتاب بدائع الفوائد من الكتب النافعة غاية النفع والمفيدة لطالب العلم خاصة. لأن ابن القيم رحمه الله تعالى نثر فيه فوائد بديعة، وهو على اسمه بدائع الفوائد، وحرر فيه كثير من المسائل، وأيضا عتنى خاصة بجانب التفسير لآي القرآن، بل إنه في بدائع الفوائد فسر بعض السور كاملة، وأيضا أطال النفس في بعض الآيات. وأجاد وأحسن -رحمه الله تعالى- وأفاد. وأيضا من عنايته بالتفسير في هذا الكتاب بدائع الفوائد وتقريراته الكثيرة في معاني الآيات ودلالاتها جعله -رحمه الله تعالى- في بدائع الفوائد أبدى أمنية أن يكون له تفسير للقرآن كاملا، أبدى أمنية لأنه لما أخذ يعتني بالآيات، ويحرر القول فيها، وفسر سور فتمنى رحمه الله لو كان له تفسير القرآن كاملا، وعقد فصلا في بدائع الفوائد عظيم النفع في ذكر قواعد التفسير. وكثير ممن كتبوا في قواعد التفسير ومنهم الإمام ابن سعدي رحمه الله تعالى فيما قرره هنا، وأيضا فيما جعله في كتابه المعروف القواعد الحسان أيضا أفاد فيه من تقريرات ابن القيم - رحمه الله تعالى- هذه لأن ابن القيم رحمه الله ذكر خلاصة بديعة ودقيقة، ونافعة جدا في بعض القواعد والضوابط التي تتعلق بتفسير القرآن الكريم. و أشير هنا إلى أمر: أن الشيخ بن سعدي رحمه الله تعالى له عناية دقيقة جدا بمسألة الضوابط والقواعد والأصول، واستفاد كثيرا في هذا الباب من كتب ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمه الله، ويذكر رحمه الله تعالى في مقدمت لكتاب [طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول] في مقدمة هذا الكتاب ذكر رحمه الله أنه سمع بكتاب لابن تيمية اسمه قواعد الاستقامة، وظن أن ابن تيمية ضمنه قواعد وضوابط في هذا الباب، يقول بحثت عنه كثيرا فلم أجد فرأيت أن أستخلص من كتب ابن تيمية القواعد والضوابط، فقرأ كل كتب ابن تيمية رحمه الله كاملة التي وقعت في يده، واستخلص منها ما فيها من قواعد وضوابط وأصول، ولما انتهى منها قرأ كل كتب ابن القيم التي وقعت في يده واستخلص منها أيضا القواعد والضوابط والأصول، فتحصل له في ذلك الكتاب وهو مجلد كبير أكثر من ألف ضابط وقاعدة وأصل انتخبها من كتب ابن تيمية رحمه الله وكتب تلميذه ابن القيم رحمه الله، وألف مؤلفات عديدة في هذا الباب رحمه الله تعالى، وله المصنف الحافل النافع الماتع المفيد الذي سماه القواعد الحسان، وفي هذا المكان عُقدت مجالس عديدة في قراءته والاستفادة من مضامينه وفوائده. وهنا اكتفى رحمه الله تعالى بانتقاء بعض القواعد في أصول التفسير وقواعد التفسير من كتاب بدائع الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى. 

قال - يعني ابن القيم لأنه ينقل الآن عن بدائع الفوائد لابن القيم- قال: -أي ابن القيم- فصل النكرة في سياق ال النفي تعم هذه قاعدة، النكرة في سياق النفي تعم. في سياق النفي وسياق الاستفهام، وسياق الشرط، والنهي، في كل هذه الأحوال النكرة إذا جاءت في سياق نفي، أو نهي أو شرط، أو استفهام فإنها تفيد العموم.

والأسماء عموما تنقسم من حيث دلالتها على المسمى إلى قسمين: معارف ونكرات.

المعرفة هو: الاسم الذي يدل على مسمى معين.  والنكرة على الضد من ذلك: الاسم الذي لا يدل على معين، لا يدل على مسمى معين مقصود مثل:  رجل، وبيت، وشجرة، ونحو ذلك، هذه نكرات، وأحد، و شيء، هذه كلها نكرات. فمن القواعد المفيدة في التفسير: النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط أو الاستفهام تفيد العموم. فمثلا: الأمر الأول وهو مجيء النكرة في سياق النفي: هذا مثل قوله (ولا يظلم ربك أحدا) (ولا يظلم ربك) هذا نفي (أحدا) هذه نكرة جاءت في هذا السياق تفيد ماذا؟ العموم، أي أحد كائنا من كان، لا يظلم أحدا. 

ومثلها قوله سبحانه وتعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) أيضا هذه نكرة جاءت في سياق النفي، لا تعلم نفس أي نفس كانت لا تعلم ما أخفي لهم من قرة أعين. 

أيضا قول الله سبحانه وتعالى (يوم لا تملك) هذا نفي (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا) هذه الآن كم نكرة؟ ثلاث نكرات في سياق النفي كلها تفيد العموم (لا تملك نفس لنفس شيئا) نفس، لنفس شيئا، هذه ثلاث نكرات في سياق النفي كلها تفيد العموم على القاعدة. (لا تملك نفس) يعني مهما كان شأنها ومكانها ومنزلتها لنفس، مهما كانت أيضا مكانتها عند الإنسان ومنزلتها شيئا، يعني ولو قلب ما تملك لها شيئا، الملك لله عز وجل (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) هذه مفسرة لقول الله سبحانه وتعالى في الفاتحة (مالك يوم الدين) تفسيرها (وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله).

قال رحمه الله تعالى: "وفي الاستفهام" الاستفهام هو الاستخبار السؤال ومن الأمثلة على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: (هل تعلم له سميا) (هل) هذا استفهام وهو استفهام إنكاري أي لا سمي له، (هل تعلم له سميا) أي لا سميا له، (سميا) أي مثيلا ونظيرا، جاءت نكرة في هذا السياق، سياق الاستفهام فتفيد العموم، (هل تعلم له سميا) أي لا سميا له ولا نظير له، ولا شبيه (ليس كمثله شيء)، (ليس كمثله شيء) أيضا نكرة جاءت في هذا السياق (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). كذلك من الأمثلة: قول الله عز وجل: (هل من خالق غير الله يرزقكم)، أيضا قوله (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا).

 قال رحمه الله تعالى "وفي الشرط" أي النكرة في سياق الشرط تفيد العموم. من الأمثلة قول الله عز وجل: (فإما ترين من البشر أحدا) (أحدا) هذه نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم أي أحد، امرأة، رجل، صغير، كبير، قريب، غير قريب، (فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا)، كذلك قوله عز وجل: (وإن أحد من المشركين) جاءت (أحد) نكرة جاءت في سياق الشرط فتفيد العموم، أي أي أحد من المشركين، أي أحد من المسلكين استجارك فأجره. كذلك قوله سبحانه وتعالى: (من عمل صالحا فلنفسه) هذا في سياق الشرط، (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها) يتناول كل عمل صالح. أيضا في سياق النهي وهو المنع، ومن الأمثلة عليه (ولا يلتفت منكم أحد) يتناول كل أحد.

 أيضا قوله (وأعبدوا الله ولا تشركوا به) نهي، (ولا تشركوا به شيئا) (شيئا) نكرة في سياق النهي تفيد العموم، أي أي شيء، يتناول صغير الشرك وكبيره، ظاهره وباطنه، يتناول كل صور الشرك (ولا تشركوا به شيئا)، أيضا قوله (فلا تجعلوا لله أندادا) (أندادا) نكرة في سياق النهي فتفيد العموم، نعم. 


📖 قال رحمه الله: "وفي سياق الإثبات بعموم العلة والمقتضي كقوله (علمت نفس ما أحضرت) وإذا أضيف إليها (كل) نحو (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) ومن عمومها بعموم المقتضي (ونفس وما سواها). 

🎙الشرح: هنا أيضا يتعلق بالنكرة قال: "وفي سياق الإثبات" هذا معطوف على ما قبله، ما قبله قوله "النكرة في سياق النفي تعم" "وفي سياق الإثبات" أي ماذا؟ تعم. وذكر في ذلك ضوابط رحمه الله. وأهل العلم يقولون الأصل في النكرة في سياق الإثبات أنها لا تفيد العموم. الأصل في النكرة في سياق الإثبات أنها لا تفيد العموم، يستثنى من ذلك حالتان:

 الحالة الأولى: مثل ما ذكر رحمه الله تعالى إذا أضيف إليها (كل)، و(كل) من صيغ العموم نحو قوله (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) هذا الأمر الأول.

 الأمر الثاني: مجيئها في سياق الامتنان، إذا جاءت النكرة في سياق الامتنان فإنها تفيد العموم، مثل قول الله عز وجل (وأنزلنا) هذا سياق امتنان (وأنزلنا من السماء ماء طهورا)، (ماء طهورا) جاءت نكرة في هذا السياق فتفيد أن كل ماء نازل من السماء فهو ماذا؟ فهو طهور، كل ماء نازل من السماء فهو طهور لأن هذه نكرة في سياق الامتنان فتفيد العموم. كذلك (خلق لكم) هذا سياق الامتنان (خلق لكم من أنفسكم أزواجا) (أزواجا) جمع منكّر جاء في سياق الامتنان فيفيد العموم. النكرة في سياق الإثبات ربما أفادت العموم بدلالة السياق، وهذا الذي يشير إليه هنا بقوله "بعموم العلة والمقتضي" يعني هذا مستفاد من السياق كقوله تعالى (علمت نفس ما أحضرت) وأيضا قوله (علمت نفس ما قدمت وأخرت)، (علمت نفس ما أحضرت) ، (علمت نفس ما قدمت وأخرت) اقرأ معها قول الله عز وجل (هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت) فقوله هنا (علمت كل نفس) (كل) أي كل نفس، (علمت نفس ما أحضرت) أي كل نفس ، (علمت نفس ما قدمت وأخرت) أي كل نفس إذا وقفت بين يدي الله عز وجل وأحضرت الأعمال (ووجدوا ما عملوا حاضرا) علمت كل نفس حينئذ ما قدمت أهو يقدمها إلى الثواب أو يقدمها إلى العقاب. نعم. 


📖 قال رحمه الله: "فصل ويستفاد عموم المفرد المحلى باللام من قوله (إن الإنسان لفي خسر)، وقوله (ويقول الكافر)..

 وعموم المفرد المضاف من قوله (وصدقت بكلمات ربها وكتبه) (وكتابه) قرأ أهل البصرة وحفص (وكتبه) على الجمع، وقرأ الآخرون (وكتابه) على التوحيد، وقوله (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق، والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم". 

🎙الشرح: قال رحمه الله: "فصل ويستفاد عموم المفرد المحلى باللام من قوله (إن الإنسان لفي خسر) أيضا من الصيغ التي يستفاد منها العموم، أو الألفاظ التي يستفاد منها العموم المفرد المعرف بالألف واللام، وهو ما أشار إليه بقوله " المفرد المحلى باللام أي المعرف بالألف واللام، العموم يستفاد من هذا اللفظ المفرد المعرف باللام، هذا يفيد العموم مثل قول الله عز وجل (إن الإنسان لفي خسر) أي كل إنسان إلا من استثناهم.

أيضا مثلها (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين) إلا من إستثناهم، وإلا كل إنسان كذلك هذه صفته.

( كلا إن الإنسان ليطغى) من هو؟ كل إنسان،كل إنسان (أن رآه استغنى) إلا من عافاه الله وهداه وسلمه، فهذا من الصياغة التي يستفاد منها العموم  المفرد المعرف بالألف واللام، مثلا قول الله عز وجل في آخر النبأ (ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) (ويقول الكافر) أي كل كافر. ليس كافرا معينا وإنما كل كافر (ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) أي كل كافر يقول ذلك لأن يوم القيامه تحشر الوحوش والبهائم ويقتص لبعضها من بعض (وإذا الوحوش حشرت) (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون) تحشر هذه البهائم ويقتص لبعضها من بعض ثم بعد القصاص يقال لها كوني ترابا، فيتمنى الكافر حين يرى ذلك أن لو كان مثل البهائم يقتص منه ثم يقال كن ترابا لكن هيهات (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور)، قال (ويقول الكافر) أي الكافر هنا كل كافر يقول ذلك، هذا من صيغ العموم. ومما يستفاد منه العموم قول الله عز وجل (وتعاونوا على البر والتقوى) داخل في القاعدة، (وتعاونوا على البر) يتناول ماذا؟ كل بر، والتقوى كل تقوى دخلت على المفرد تفيد العموم. (ولا تعاونوا على الإثم) هل هو إثم معين؟ كل إثم، والعدوان عدوان معين؟ كل عدوان (ولا تعاون على الإثم والعدوان) فأل التعريف الألف ولام إذا دخلت على المفرد تفيد العموم.

 يقول الشيخ -رحمه الله- في بعض كتبه يقول "أعظم ما تعتبر به هذه القاعدة في الأسماء الحسنى" هذا ذكر في القواعد الحسان ومثّل له بأمثلة نفيسة جدا في أسماء الله جل وعلا.

 قال "وعموم المفرد المضاف" أيضا هذا مما يستفاد منه العموم المفرد إذا أضيف، المفرد إذا أضيف هذا يفيد العموم. قال"وعموم المفرد المضاف" الآن مثل لما تقرأ قول الله عز وجل (وإن تعدوا نعمة الله) (نعمة الله) نعمة مفرد مضاف يفيد العموم (وإن تعدوا نعمة الله) أي نِعم الله سبحانه وتعالى. وهنا يقول الشيخ "عموم المفرد  المضاف يستفاد من قوله (وصدقت بكلمات ربها وكتابه) استفاد عموم المفرد المضاف من (وصدقت بكلمات ربها وكتابه) قال الشيخ قرأ أهل البصرة وحفص (وكتبه) على الجمع، وقرأ آخرون أي الأكثرون (وكتابه) على التوحيد، ما معنى على التوحيد؟ الإفراد ليس على الجمع على التوحيد يعني على الإفراد ليس على الجمع. الأكثرون قرأوا على التوحيد، يعني على الإفراد (وكتابه) أي القراءتين هي الشاهد للقاعدة؟ قراءة (وكتابه) قراءة الأكثرون، والقراءات مما يستفاد منها التفسير فالآن قراءة (وكتبه) مفسرة ل (لكتابه) أنها تفيد العموم، تفيد العموم كتابه أي كتبه جميع الكتب (وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب) أي كل كتاب أنزله الله عز وجل. أيضا قول الله عز وجل (هذا كتابنا) كتاب ماذا؟ مفرد مضاف كتاب (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) (ينطق عليكم بالحق) ما المراد بالكتاب هنا؟ قال الشيخ جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم، كتابنا أي: الكتب التي أحصيت فيها أعمال العباد. أيضا قول الله عز وجل (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) (أمر) مفرد مضاف ماذا يكون معناه؟ عن كل أوامره، كل أوامره سبحانه وتعالى، أمره أي أوامره لأنه مفرد فيفيد العموم. نعم. 


📖 قال رحمه الله: "وعموم الجمع المحلى باللام من قوله (وإذا الرسل أقتت) وقوله (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) وقوله تعالى (إن المسلمين والمسلمات) إلى آخرها، والمضاف من قوله (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله)"

🎙الشرح: نعم هذا أيضا مثل ما تقدم في المفرد، يعني قال في المفرد يستفاد عموم المفرد إذا عُرّف باللام، أو أضيف من مفردة المضاف. وهنا أيضا عموم الجامع يستفاد سواء عرف باللام. الألف ولام، أو عُرف بالإضافة، فإذا عُرف الجمع بالألف واللام، أو عُرف بالإضافة أفاد العموم مثلما تقدم في المفرد. من الأمثلة قول الله عز وجل (وإذا الرسل أقتت). هذا يشمل أو يعم جميع الرسل. (أقتت) قيل في معناه أجلت، أُخرت،  لأي يوم أجلت؟ ليوم الفصل، وقيل: جمعت، أقتت أي جمعت مثل قول الله عز وجل (يوم يجمع الله. الرسل) أقتت أي جمعت، الشاهد أن. رسل هنا جمع رسول فعُرفت بالألف واللام فتفيد العموم، أي جميع الرسل، أي جميعهم (وإذا الرسل) أي جميعهم

أيضا، قوله (وأذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) النبيين هذا يعم جميع الأنبياء، نبينا جمع نبي. وعرفت بالألف واللام، فتعُم. أيضا قول الله عز وجل (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين، والصادقات والصابرين والصابرات) إلى آخر الآيات، هنا جمع، مسلمين جمع مسلم، مؤمنين جمع مؤمن، صادقين جمع صادق، قانتين، جمع قانت. جمع عرف بالألف واللام فيعم. المسلمين، كل المسلمين الذين قامت فيهم صفة الإسلام، المؤمنين كذلك، الصابرين الصادقين. من قامت فيهم هذه الصفات يعمهم هذا السياق. كذلك الجمع إذا أضيف قال "والمضاف" المضاف يعني الجمع إذا أضيف قال عز وجل (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) ملائكة وكتب ورسل. هذه كلها جموع أضيفت فيعُم، قوله (ملائكته) جميع الملائكة، (رسله) جميع الرسل، (كتبه) جميع الكتب. مثلها قوله سبحانه وتعالى (حرمت عليكم أمهاتكم). هذا جمع مضاف يعم كل أم، (يوصيكم الله في أولادكم)، (يوصيكم الله في أولادكم) جمع مضاف، فيعُم. نعم


📖 قال رحمه الله "وعموم أدوات الشرط من قوله تعالى (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هظما)، وقوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)، وقوله (وما تفعلوا من خير يعلمه الله)، وقوله (أينما تكونوا يدرككم الموت)، وقوله (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). وقوله (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم)، وقوله (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) هذا إذا كان الجواب طلبا مثل هاتين الآيتين، فإن كان خبرا ماضيا لم يلزم العموم، كقوله (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها)، وقوله (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله)، وإن كان مستقبلا فأكثر موارده للعموم كقوله تعالى (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)، وقوله (وإذا مروا بهم يتغامزون)، وقوله (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون)، وقد لا يعم كقوله تعالى (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم).

🎙الشرح: قال رحمه الله تعالى" وعموم أدوات الشرط" أي يستفاد منها ماذا؟ العموم، عموم أدوات الشرط، كل إسم وقع شرطا فإنه يفيد العموم. هذا معنى قوله "وعموم أدوات الشرط" وضرب أمثلة على ذلك مثل قول الله عز وجل (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما)  الشاهد  هنا قوله: (ومن) هذه أداة شرط، هذه من أدوات الشرط،من فيتناول ماذا؟ كل عمل (ومن يعمل) أي كل عامل، كل عامل يعمل الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هظما، هذا مثال لما سبق النكرة في سياق النفي (لا يخاف ظلما) نكرة (هضما) نكرة في سياق النفي تفيد العموم، لا يظلم شيئا بأن يعطى عقوبات على أعمال لم يعملها، (ولا هضما) لا يهضم أعمال قام بها فلا يعطى ثوابا عليها، لا يخاف هذا ولا هذا. كذلك قوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) (فمن يعمل) كل عمل، هذا من صيغ العموم لأنه أداة شرط وأدوات الشرط تفيد العموم. أيضا قوله (وما) هذه أداة شرط (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) هذا يتناول كل فعل، وما تفعل كل فعل من خير، كل فعل تقومون به من خير يعلمه الله هذا معنى قوله (وما  تفعلوا) أي كل خير تفعلونه يعلمه الله سبحانه، فهذا من صيغ العموم. أيضا قوله (أينما تكون. يدرككم الموت)( أينما) هذه من أدوات الشرط تفيد العموم. (أينما تكونوا) هذا، يعم كل مكان. أيضا مثلها قوله (وحيث ما كنتم) (حيثما) هذه من أدوات الشرط، يعم كل مكان (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). قال وقوله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم) (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام) أيضا، هذا يفيد العموم (إذا رأيت) يعني كل من تراهم يخوضون في الآيات فأعرض عنهم. (إذا جاءك الذين يؤمنون) كل من يأتيك مؤمنا قل له سلام، (سلام عليكم). فهذا يفيد ماذا؟ العموم لأنه في سياق الطلب. قال "هذا إذا كان الجواب طلبا مثل هاتين الآيتين" ما المراد بالآيتين؟ (إذا رأيت الذين يخوضون) (وإذا جاءك الذين يؤمنون) كل منهما فيه طلب (فأعرض/ فقل) فإذا كان الجواب طلبا مثل هاتين الآيتين يفيد العموم مثل ما تقدم (إذا رأيت) كل من ترى على هذه الصفة يخوضون في الآيات أعرض عنهم، (إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) كل من أتاك مؤمن بالآيات قل له سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة.

قال رحمه الله "فإن كان خبرا ماضيا لم يلزم العموم كقوله (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) هذا لا يفيد العموم، أيضا مثله (إذا جاء المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله) لماذا؟ لأن الصيغة الأولى أو السياق الأول سياق طلب وأما هنا خبر عن شيء مضى ووقع وكان فلا يفيد العموم (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله). قال رحمه الله "وإن كان مستقبلا فأكثر موارده العموم" إذا كان مكتوب فالتزموا رد العموم" يعني هذه الذي يظهر يعني أنها خطأ، قد تكون من ناسخ أو نحو ذلك، والصواب كما في المصدر الذي ينقل عنه الشيخ رحمه الله الذي هو بدائع الفوائد فأكثر موارده العموم.

"وإذا كان مستقبلا في إذا الشرطية، إذا كان مستقبلا، لاحظ الآن عندنا ثلاثة أحوال:

●إما أن تكون طلب هذا يفيد العموم

●أو يكون خبرا ماضيا. لا لم يلزم منه العموم

●إن كان مستقبلا ماذا شأنه؟ قال أكثر موارده العموم لكن أحيانا يأتي على غير العموم، أكثر موارده العموم لكن أحيانا لا يعم، أكثر مواردها للعموم مثل قوله (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) هذا مستقبل، (وإذا مروا بهم يتغامزون)  (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) يخسرون، يتغامزون، يستكبرون. فهذه تفيد العموم عموم كل من وقع منه هذه الأمور التي جاء ذمها في هذه الآيات، وذم أهلها يعُم كل من فعل هذا  الفعل، يعني مثلا شخص حتى في زماننا هذا يُخسر في الميزان ينطبق عليه (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) يعُم كل من كان منه هذا الفعل، (إذا مروا بهم يتغامزون) مروا بهم أهل الإيمان يتغامزون، يسخرون منهم ومن إيمانهم ومن عبادتهم، هذا يتناول كل أحد في كل زمن. وقد لا يعُم كقوله تعالى (وإذا رأيتهم تعجبك) (تعجبك) هذا لا يعم لأنه يتعلق بمن بُدأت السورة بالحديث عنهم (إذا جاءك المنافقون قالو نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)

نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، هدانا إليه صراطا مستقيما ...

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت. أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق