الثلاثاء، 16 يناير 2024

فوائد من سورة البقرة- الوجه الأول-

 


الفوائد قد تكون منطوقة في الآيات، يعني بمعنى أنها تكون هي ظاهر الآية، وقد تكون من المفهوم يعني بأنواع الدلالات المختلفة اللي يعرفها الأصوليين، لكن إن شاء الله نحاول أن نقربها بأسلوب سهل، بحيث نحن نعطي الزبدة.


الوجه الأول من السورة:
1-  الآيات فيها الإشادة بعلو شأن القرآن لأنه قال (ذلك الكتاب) معروف الاسم الإشارة للبعيد احد أغراضها البلاغية الإشادة بعلوه.

2- وجوب اليقين بأن القرآن منزل من عند الله لأن الله عز وجل أخبر أنه لا ريب فيه، و(لا) هنا نافية للجنس، فلا يوجد أي نوع من أنواع الريب، وسنرى بعدها بآيتين (وبالآخرة هم يوقنون) وقبلها (الذين يؤمنون بالغيب) فهذه أمور يحتاج الإنسان أن يبحث عنها في قلبه. طبعا سبلها كثيرة ستأتي في أثناء السورة.

3-  فضل التقوى في القلوب وأنها سبيل للانتفاع بالقرآن، كلما كان الإنسان أتقى لله عز وجل كلما حسُن استقباله لمعاني القرآن.
فالقرآن متى ينفتح لك معانيه؟ إذا كنت صافيا في قلبك والتقوى عندك عالية، كلما كان القلب فيه صفاء ما أن تأتيه موعظة القرآن إلا وتكون مثل الغيث المطبق على القلب.
فهذا أنت ترى نفسك في أحوالك المتعددة، إذا سمعت آية أو قرأتها وأنت منشغل لا يكون لها نفس الوقع والتأثير بين أنت جالس في ساعة صفاء، فإذا كنت تريد أن تنتفع بالقرآن أكثر فحاول أن تُفرغ ذهنك من الشواغل، وهذا مصداق لما ورد في سورة (ق) لما قال الله عز وجل (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (لمن كان له قلب) أي يكون بالفعل متفرغ لاستقبال القرآن.
فهنا قال (ذلك الكتاب لا ريب فيه) ثم قال (هدى للمتقين).

4-   تبتدئ الآيات بعدها في أقسام الناس أمام هداية القرآن:
■ فذكر أولا صفات المؤمنين ونأخذ منها:
أولا: فضيلة الإيمان بالغيب فهو شعار أهل الإيمان، وبه تتحقق أركان الإيمان (الذين يؤمنون بالغيب)، وهذا معلوم إذا استجمعت كل قضايا أركان الإيمان تجد أن الابتلاء في مسألة عبودية الإنسان هو أنه يؤمن بالغيب، ولو كان الأمر شهادة  انتفى الانتفاع بالإيمان. ولذلك يوم القيامة وعند الغرغرة، ومواقف القيامة لا ينفع الإيمان لأن الأمر أصبح شهادة. فهذه تعطينا فضيلة الإيمان بالغيب.

ثانيا: بعدها فضيلة إقامة الصلاة وإتمامها بأركانها وواجباتها، وسننها، والمواظبة عليها، لأن الله عز وجل قال (يقيمون الصلاة) ولم يقل يصلّون، والإقامة أمر زائد على الصلاة، ولو تتبعت ورود كلمة الصلاة في القرآن الكريم ستجد أنه إذا كان الحديث أو السياق مدح فإنها تقترن بالإقامة، أما إذا كانت حديثا مسلوبة فيه الطمأنينة كآيات النفاق مثلا تذكر بأنها صلاة مثلا، أو آيات الخوف مثلا، صلاة الخوف ما ذُكرت الإقامة إلا بعد الطمأنينة (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) فإذا الأصل في الصلاة أن تكون مقترنة بالإقامة، وهذه طبعا ترجع للعبد إلى أنه من وسائل الإحسان في الصلاة أن يتهيأ لها من حيث الوقت، ومن حيث الإقبال عليها، ولا يدخل عليها مباشرة لأن هذا مظنة أن يكون الإنسان ساهيا فيها.

ثالثا: فضيلة الإنفاق في سبيل الله عز وجل، لأن الله عز وجل قال من صفات المؤمنين (ومما رزقناهم ينفقون) والإنفاق هنا عام لأن المتعلق محذوف فيدخل فيه الواجب ويدخل فيه أيضا التطوع، فأن يكون صفة مستمرة للعبد هذه من الأمور التي يُمتدح فيها.
رابعا: الاقتصار على الصفات الثلاث: الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والإنفاق كما قال ابن الجوزي قال: "أعلم أن الحكمة في الجمع بين الإيمان بالغيب وهو عقد القلب، وبين الصلاة وهو فعل البدن، وبين الصدقة وهي تكليف المال، أنه ليس في التكليف قسم رابع" يعني بمعنى أن هذه كالعناوين لمجمل الشريعة بشكل أن ما بعدها من التكاليف ممكن أن تدخل في عموم المذكورات الثلاث.
خامسا: أفادت الآيات أن من أركان الإيمان الإيمان بالكتب لأنه قال (بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك).
سادسا: من أركان الإيمان الإيمان باليوم الآخر (وبالآخرة هم يوقنون).
ثم بعد ذلك الآية أثبت أن الفلاح مرتب على الاتصاف بما ذُكر وينقص الفلاح حسب ما يحصل من النقص في تحقيق هذه الصفات قال الله (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق