الخميس، 29 أغسطس 2024

شرح تفسير السعدي للشيخ عبد الرزاق البدر - الدرس الثاني - المقدمة


 الحمدالله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات أما بعد:  فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: 
📖" فإذا عُلم هذا عُلم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه والاهتداء بها وكان حقيقا بالعبد أن يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهمه بأقرب الطرق الموصلة إلى ذلك"  

🎙الشرح: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. 

اللهم علمنا ما ينفعنا، وأنفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد:

قال رحمه الله تعالى: "فإذا عُلم هذا" الإشارة بقوله (هذا) إلى ما تقدم وهو ما ذكره رحمه الله تعالى من فضائل عظيمة للقرآن الكريم، ومن المعلوم أن استحضار فضائل القرآن واستذكارها يعين العبد على مزيد العناية بالقرآن قراءة وتدبرا وعملا بالقرآن (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) يعين على تلاوة القرآن حق التلاوة أن يستحضر المرء الفضائل العظيمة لهذا الكتاب العظيم، قال"إذا عُلم هذا" أي إذا عُلم ما للقرآن من فضائل عظيمة جليلة تدل على علو شان القرآن ورفيع مكانته (عُلم) أي بذلك افتقار كل مُكلف إلى معرفة معانيه والاهتداء بها. والقرآن أنزل لتُعرف معانيه وليُعمل به، لم ينزل لمجرد التلاوة، التلاوة هي جزء من المطلوب، المطلوب أعظم من ذلك وأكثر وقوله عز وجل (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) هذا يتناول القراءة والحفظ، يتناول الفهم والتدبر، ويتناول أيضا التحقيق والعمل بهدايات القرآن، قال الحسن البصري -رحمه الله تعالى- " أنزل القرآن ليعمل به" وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) فالله أنزله لنتدبره ولنتذكر آيات القرآن ونعرف معانيه وهداياته من أجل أن نعمل بالقرآن، والله سبحانه وتعالى وصف القرآن بقوله (إن هذا القرآن يهدي للتي أقوم) يدل لأرشد السبل وأفضل الطرق وإلى السبيل الذي يوصل إلى رضوان الله سبحانه وتعالى والفوز بجنته، فإذا عرفنا فضائل القرآن علِمنا افتقارنا الشديد لمعرفة القرآن ومعرفة هدايات  القرآن التي هي عز  للعبد، وشرف له، ورفعة في دنياه وأخراه. 

قال :"فإذا عُلم هذا عُلم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه، والاهتداء بها" هذا الأمر الأول،  لأن الشيخ ذكر ثلاثة أمور كلها تترتب على المعرفة بفضائل القرآن ومكانة القرآن العظيمة، يترتب على ذلك:  

أولا: أن تستشعر افتقارك إلى معرفة هذا الكتاب والاهتداء بهداياته العظيمة، هذا الأول. 

الثاني: قال: "كان حقيقا بالعبد أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهّمه" فلما يستشعر- وهذا الأمر الأول- فقره لمعرفة القرآن ومعرفة هداياته لا يقف عند هذا الاستشعار بالافتقار إلى معرفة معاني القرآن بل يبذل السبب ويجاهد نفسه لأن المجاهدة للنفس بها يصل الإنسان كما قال الله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) قال عليه الصلاة والسلام (احرص على ما ينفعك) هذا مطلوب، مجاهدة النفس وبذل السبب في معرفة هدايات القرآن، القرآن مليء بالهدايات، هدايات عظيمة لكن لا تصل إلى الإنسان إلا ببذل السبب لمعرفتها، ولهذا ذكر الأمر الثاني أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهمه، تعلم القرآن وتفهم القرآن. وعرفنا أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن لذلك، لنتعلم ومن ثم نعمل. 

ثم ذكر الأمر الثالث وهو: سلوك أقرب الطرق الموصلة إلى ذلك. وأيضا يراعى في الطريق سلامة الطريق،يراعى في الطريق القرب في حصول المقصود والسلامة بأن يكون  تعويل من أراد فهم القرآن، تعويله في الفهم على ضوء الضوابط التي سيذكر الشيخ ويشير إليها فيما سيأتي من من كلامه رحمه الله لأن هناك ضوابط مهمة جدا أن تكون متوافرة في العبد من أجل أن يُحسن الفهم، وأن يكون الفهم سليما ليس فيه خخل، ولهذا الشيخ يشير كما سيأتي في كلامه رحمه الله أن المفسرين قد كفَوا من بعدهم ولهذا يرتبط المرء بكتب التفسير، لا يستقل برأيه وهو ذا علم ضحل ضعيف، والآلات التي هو بحاجة إليها المعينة على الفهم أيضا ضعيفة، والارتباط هو أهم ما يكون في هذا الباب بفهم السلف، والاطلاع على المروي عنهم في هذا الباب ضعيف جدا، إذا كان بهذه الحال ما الذي سيكون عندما يستقل برأيه ويفهم القرآن أو يحاول أن يستنبط أو يستظهر معاني من القرآن!! وبهذا ندرك خطورة ما يسمى القراءة المعاصرة للقرآن.

القراءة المعاصرة للقرآن يقصدون بها عدم الارتباط بالسلف، وعدم النظر إلى أقوال السلف، وبعضهم يقول نحن رجال وهم رجال فيستقل برأيه، ولهذا أهل هذا المسلك جاؤوا بغرائب يدركها أهل العلم وأهل البصيرة بكتاب الله، وعجائب في معاني ينسبونها إلى القرآن، وأنها تُفهم من القرآن، بل جاؤوا بمنكرات خاصة من كان منهم يحمل عقيدة معينه، أو يحمل فكرا معينا، أو أهواء معينة، ولهذا من شروط  التفسير التي ذكرها أهل العلم التجرد من الأهواء، لأن من ي يدخل ويفسر، هو صاحب هواء يحاول ماذا؟ أن يلوي النصوص إلى المعنى الذي عنده، مترسخ عنده، كل هذا يُنبه الشيخ على السلامة منه وتحقيق الوصول إلى المعنى ، المقصود أن يسلك المريد أو الراغب أقرب الطرق، أقرب الطرق الموصلة إلى ذلك، ويحسُن أن يقال أقرب الطرق وأيضا أسلمها الطريق الذي فيه قرب وفيه سلامة. وهذا كما أشار الشيخ فيما سيأتي من كلامه كفى فيه المفسرون ممن نهجوا نهج السلف وسلكوا سبيلهم، ومضوا في تفسيرهم للقرآن على قواعد مرعية وأصول متبعة تتحقق بها السلامة بإذن الله سبحانه وتعالى ويحصل بها المقصود، قال "فإذا عُلِم هذا عُلم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه والاهتداء بها، وكان حقيقا بالعبد أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهمه بأقرب الطرق الموصلة إلى ذلك" نعم.  

📖 قال رحمه الله "وقد كثرت تفاسير الأئمة رحمهم الله لكتاب الله، فمن مطول خارج في أكثر بحوثه عن المقصود، ومن مقتصر يقتصر على حل  بعض الألفاظ اللغوية بقطع النظر عن المراد، وكان الذي ينبغي في ذلك أن يجعل المعنى هو المقصود واللفظ وسيلة إليه فينظر في سياق الكلام وما سيق لأجله ويقابل بينه وبين نظيره في موضع آخر ويعرف أنه سيق لهداية الخلق كلهم عالمهم وجاهلهم، حضريهم وبدويهم، فالنظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله من أعظم ما يعين على معرفته وفهم المراد منه، خصوصا إذا انضم إلى ذلك معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها " 

🎙الشرح: هنا يشير الشيخ رحمه الله تعالى إلى ضوابط مهمة يحتاج إليها المفسر- من يشتغل بتفسير القرآن- وأشار إلى بعض  الضوابط على جهة الاختصار والتنبيه على أهم ما يكون في هذا الباب بعد أن أشار أولا رحمه الله إلى كثر ت تفاسير الأئمة رحمهم الله تعالى لكتاب الله، كثرة التفاسير لكتاب الله منها المُطول خرج في أكثر بحوثه عن المقصود يعني يسهب في  جوانب معينة ويجد  القارئ أنه يدخل في فوائد نعم لكنها ليست هي مقصود الآية، يذهب عن المقصود والمطلوب الأول من قراءة كتب التفسير هو أن يفهم المقصود، أن يفهم كلام الله، إذا سمعت الآية مثل ما قال ابن عباس أو ابن مسعود  " الله يقول (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك" ركز واجتهد أن تفهم المعنى، فبعض كتب التفسير فيها فوائد ثمينة جدا ونفيسة وعظيمة جدا، وتتحف القارئ وتفيد لكنها خروج عن المقصود، الأصل الذي هو فهم المعنى المقصود المراد. "فمن مُطول خارج في أكثر بحوثه عن المقصود" حتى  تجد في بعض التفاسير سجال بين مُفسر وآخر، يعني يناقشه في دقائق لغوية، أو يخطئه في ألفاظ، أو يخطئه في أشياء لا علاقة لها بأصل المقصود في فهم الآية، فبعضها فيها طول يخرج في أكثر بحوثه عن المقصود، وبعضها مقتصر على حل بعض الألفاظ  اللغوية بقطع النظر عن المراد، يريد أن يُنبه إلى ما قدم ذكره وهو أقرب الطرق، أقرب الطرق هو  ما أشار إليه بكلامه الآتي رحمه الله تعالى أن يجتهد في فهم المعنى نفسه -المرد- المعنى المقصود من سياق الآيات، كيف ذلك؟ قال: "وكان الذي ينبغي في ذلك أن يجعل المعنى هو المقصود  واللفظ وسيلة إليه، فينظر في سياق الكلام وما سيق لأجله، ويقابل بينه وبين نظيره في موضع آخر" هذا الآن تنبيه من الشيخ رحمه الله تعالى على أصح طريقة في تفسير القرآن، شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله يقول:" أصح الطرق في ذلك- يعني في تفسير القرآن- أن يفسر القرآن بالقرآن" ولهذا بدأ بهذا الشيخ طريقة تفسير القرآن بالقرآن هي هذه  الجملة التي تراها الآن في كلامه رحمه الله " ينظر في سياق الكلام" سياق الكلام السباق واللحاق والمقصود بسياق الكلام، ينظر في ذلك، هذا من أعظم ما يعين على الفهم. و يُنظر أيضا بين الآية المقصودة والآيات المقصود طلب فهمها وبين نظائرها في القرآن لأن القرآن آياته يفسر بعضها بعضا، فأصح الطرق في تفسير القرآن أن يُفسر القرآن بالقرآن، قال "ويقابل بينه وبين نظيره في موضع آخر ويعرف أنه سيق لهداية الخلق كلهم عالمهم وجاهلهم حضريهم وبدويهم"  فالنظر للسياق - سياق الآيات- الذي هو الأمر الأول هذا واحد.

"مع العلم بأحوال الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله" وقت نزوله، هذا المعنى الذي يشير إليه يوضحه قول أم المؤمنين عائشة وحديثها في صحيح مسلم لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام قالت: ( كان خلقه االقرن) والمعنى أن نبينا عليه الصلاة والسلام أولى الناس بالقرآن فهما له، ومعرفة بهداياته، وقياما بأوامر القرآن، وامتثالا لأوامره، واهتداء به، فليس في القرآن أمر إلا وقام به أتم قيام، وليس في القرآن خلق ولا أدب إلا وكمّله أعظم تكميل فكان أسوة للناس، كما قال الله تعالى ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة( فالنظر في مثل ما قال الشيخ رحمه الله في أحوال الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرته مع أصحابه وأعداه وقت نزوله وقت نزول القرآن، هذا من الأمور المعينة. 

وأيضا هذا فيه إشارة إلى أسباب النزول فإنه مطلب أيضا من المطالب المهمة المعينة على فهم  المعنى والدلالة، والسنة شارحة للقرآن سواء السنة القولية أو الفعلية. الفعلية سيرته وأحواله،والقولية أقوال النبي عليه الصلاة والسلام وأيضا تقريراته صلى الله عليه وسلم، هذا كله مما يعين على فهم كتاب الله سبحانه وتعالى. 

ثم من بعد ذلك النظر في فهم الصحابة الذين شهدوا التنزيل وتلقوا عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فإنهم أصح الأمة فهما رضي الله عنهم وأرضاهم، والله جل وعلا يقول: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبه الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) وقال جل وعلا: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) ففهوم الصحابة والمأثور عنهم رضي الله عنهم في فهم القرآن، ومعرفة معانيه هذا مطلب، فإذا اجتمعت هذه التي ذكر مع ما أضافه بقوله "معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها من النحو والصرف والبلاغة ونحو ذلك" إذا اجتمعت هذه  الأمور كان في ذلك أعظم ما يعين على معرفة القرآن، ومعرفة  المراد منه. 

ويسبق ما ذكر رحمه الله تعالى أمران مهمان للغاية نبه عليهما أهل العلم: 

الأول: صحة المعتقد، لأن المعتقد إن لم يكن صحيحا يؤثر على صاحبه في فهم القرآن، لأن معتقده يحرفه عن الفهم، سبحان الله لما يقرأ الآية لا يفهمها على المراد منها، وإنما يفهمها على ما يعتقد بتكلف عجيب ولوي  للنصوص وخروج بها عن معناها المراد، وعن سياقها، وعن مقصودها، وتجده مثلا يأتي إلى الآية فينتزع من وسطها جملة يجردها عما قبلها وعما بعدها  لتكون دالة على عقيدة باطلة عنده، وهذا كثير جدا في كتب  التفسير التي أصحابها على عقائد باطلة، على عقائد منحرفة، تجد عقائدهم مبثوثة في كتب التفسير، جعلوها كأنها معنى لكلام الله، هذه مصيبة، جعلوها كأنها معنى لكلام الله وأن كتاب الله يدل عليها. فصحة المعتقد هذا واحد. 

والأمر الثاني : التجرد من الهوى، لأن الهوى يعمي صاحبه، فيدخل متجردا من الهوى، بمعنى أنه يريد الحق الذي في القرآن الذي دل عليه القرآن ليهتدي فعلا بهدايات  القرآن العظيم.


📖 قال رحمه الله: "فمن وفق لذلك لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه، وكثرة التفكر في ألفاظه ومعانيه، ولوازمها، وما تتضمنه، وما تدل عليه منطوقا ومفهوما" 

🎙الشرح: هذا الذي يشير إليه يقصد به رحمه الله تعالى استنباط  المعاني ودقائق الهدايات، هدايات القرآن فهذه لا يوصل إليها إلا بما تقدم مثل ما قال "فمن وفق لذلك" يعني ما تقدم" لم يبقَ عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكر في ألفاظه ومعانيه ولوازمها وما تتضمن، وما تدل عليه منطوقا ومفهوما"هذا يقصد به رحمه الله تعالى دقة الفهم، دقة الفهم الذي يكون به التمكن من الترجيح لمعنى على آخر، هذا إنما يحصل بهذا التمكن مع الاستعانة بالرب سبحانه وتعالى، نعم. 


📖 قال رحمه الله" فإذا بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده فلا بد أن يفتح عليه من علومه أمور ا لا تدخل تحت كسبه"  

🎙الشرح: نعم، يعني هذا تنبيه مهم يشير إليه الشيخ رحمه الله وأنت عندما تقرأ كتب التفسير  لأئمة السلف، أو من نهج نهجهم وسلك سبيلهم، تجد معاني تستظهر، يستظهرونها من الآيات هي من الفتوح، الفتوح الإلهية، يفتح الله عليه في فهم المعاني من هدايات  القرآن العظيم ودلالاته، فقال "إذا بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده لا بد أن يفتح علي من علومه- أي علوم القرآن- أمورا لا تدخل تحت كسبه" هذا يوضحه المأثور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما سئل قيل له: هل عندكم شيء من الوحي ليس في القرآن؟ قال: لا، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما عندنا شيء من الوحي غير الذي في القرآن إلا فهما يعطيه الله عز وجل رجلا في القرآن، يمُن الله به على العبد في القرآن. و الشيخ نبه أن هذه الفتوحات في الفهم تأتي مع الاستعانة  بالرب ببذل الأسباب الصحيحة، والطرق القويمة مثل ما قال:" فمن وفق لذلك" يعني عنده الضوابط التي بها يكون التفسير للقرآن والبيان لمعانيه. نعم.


📖 قال رحمه الله "ولما منّ الباري علي وعلى إخواني بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائقة بنا أحببت أن أرسم من تفسير كتاب الله ما تيسر، وما منّ به الله علينا ليكون تذكرة للمحصلين، وآلة للمستبصرين، ومعونة للسالكين ولأقيده خوف الضياع. " 

🎙الشرح: انظر هنا جمال التواضع في هذا الرجل رحمه الله تعالى، يعني ما قال ولما عندي من خبرة واسعة ودُربة عظيمة، وإنما جعل الأمر مشترك بينه وبين إخوانه، يقصد بإخوانه الطلاب الذين يلقي عليهم الدروس، و يهئ لهم الدروس، قال لما منّ الباري علي وعلى إخواني بالاشتغال، إخوانه الذين يسير إليهم، هم يجلسون ويستمعون الجهد الذي  يبذله هو في المراجعة والنظر في كلام الأئمة وأقاويل السلف والمأثور ثم يأتي ينثر  لهم الفوائد، فيقول "ولما منّ الباري علي وعلى إخواني بالاشتغال بكتابه العزيز  بحسب الحال اللائقة بنا" يعني على ضعفنا وقصورنا ، ما دخل دخول شخص مغتر، أو معجب، وهذا نهج السلف يعني فيه إحسان وإجادة وفي الوقت نفسه تواضع وانكسار وعدم رؤية  للنفس " أحببت أن أرسم من تفسير كتاب الله ما تيسر، وما منّ به الله علينا ليكون تذكرة للمُحصلين، وآلة للمستبصرين، ومعونة للسالكين، ولأقيده خوف الضياع"

  

📖 قال رحمه الله "ولم يكن قصدي في ذلك إلا أن يكون المعنى هو المقصود، ولم أشتغل في حل الألفاظ والعقود للمعنى الذي ذكرت"  

🎙الشرح: نعم وهو  الذي نبه عليه في كلامه المتقدم سلوك أقرب الطرق الموصلة إلى ذلك الذي هو معرفة المكلف معاني القرآن والاهتداء بهداياته، أقرب الطرق الموصلة إلى معرفة المكلف لمعاني القرآن والاهتداء بهداياته هو هذه الطريقة التي يشير  إليها رحمه الله تعالى أن يجعل المعنى هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه، المعنى هو المقصود واللفظ هو الوسيلة إليه، قال " ولم يكن قصدي في ذلك إلا أن يكون المعنى هو المقصود، ولم أشتغل في حل الألفاظ والعقود للمعنى الذي ذكرت" هذا سبب. 

سبب آخر..  

📖 قال رحمه الله "ولأن المفسرين قد كفوا من بعدهم فجزاهم الله عن المسلمين خيرا"

🎙 الشرح: يعني هذا الجانب أسهب فيه من سبق من المفسرين وحللوا الألفاظ، وناقشوا   المناقشات اللغوية، وتحروا وجه الصواب في الدلالة، وأطالوا الكلام، وتوسعوا فيه مثل ما ذكر رحمه الله في حل بعض الألفاظ ال اللغوية بقطع النظر عن المراد، فهذا يعني كثير، بل هناك كتب يعني أصلا مختصة في هذا الجانب، قال "ولأن المفسرين قد كفوا من بعدهم" نعم.  


📖 قال رحمه الله "والله أرجو وعليه أعتمد أن ييسر ما قصدت، ويذلل ما أردت، فإنه إن لم ييسره الله فلا سبيل إلى حصوله، وإن لم يُعن عليه فلا طريق إلى نيل العبد مأموله، وأسأله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع العميم، إنه جواد كريم، اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثير ا"  

🎙الشرح: و كما أن المؤلف رحمه الله تعالى يدعو بهذا الدعاء بالتيسير، وتذليل الصعاب، وأن الأمر  إن لم ييسره الله سبحانه وتعالى لا يحصل ولا سبيل إلى حصوله إن لم يُعِن الله عليه، لا طريق إلى نيله، هذه المعاني ينبغي أن تكون حاضرة في أذهاننا جميعا، ونحن بين يدي قراءة هذا الكتاب، والاستفادة من مضامينه، إن لم يُعنا الله سبحانه وتعالى على الفهم والاهتداء، لا نهتدي ولا نفهم، ولهذا كن مستعينا بالله، كن مستعينا بالله، طالبا مده وعونه وتوفيقه، وفوض أمرك إلى الله، واسأله سبحانه أن ييسر لك، وأن أن يسهل لك، وأن يعينك على الفهم، وأن يعينك على العمل، وأن يجعلك من أهل القرآن، أهل الله سبحانه وتعالى وخاصته. من أوتي الدعاء فقد أوتي مفاتيح الخير لأن الدعاء هو مفتاح الخير، وفهم معاني القرآن هذا أعظم الخير، فليُلِح العبد على الله سبحانه وتعالى أن يعينه، وأن يهديه، وأن يسدده، وأن ييسر له، وأن يلهمه الصواب، وأن يجنبه الزلل، وأن يجعله من  أهل القرآن أهل الله سبحانه وتعالى. وخاصته.  

بعد هذا انتقل الشيخ رحمه الله تعالى إلى ذكر فوائد مهمة تتعلق بتفسير ال القرآن من كتاب بدائع الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، وهذا يؤجل إلى لقاء الغد بإذن الله. ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعنا أجمعين بما علمنا، وأن يزيدنا علما وتوفيقا، وأن يصلح لنا شأننا كله، وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق