الجمعة، 18 أغسطس 2023

دورة قواعد تدبر القرآن - فضل التدبر-



بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله.. نتكلم في هذا المقطع عن فضل التدبر وأهميته وذلك فقط من باب تحفيز الأنفس والعقول والقلوب إلى أن تتعلم التدبر. من فضائل التدبر: 

 أولا: أنه امتثال لقول الله (أفلا يتدبرون القرآن)، (أفلم يدّبروا القول)، (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته) فالمتدبر هو يمتثل أوامر الله سبحانه وتعالى، ولهذا هو من أجلّ الأعمال، ومن أفضل الأعمال لأن المؤمن يبادر فيه إلى الاستجابة لأمر الله الذي أمر بالتدبر. 


 ثانيا: من فضائل التدبر أن التدبر جزء من تعلم القرآن، ولهذا قول النبي صلى الله وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلّمه) يدخل فيه قطعا تعليم القرآن بمعنى تحفيظ القرآن، ويدخل فيه تعليم تدبر القرآن والمعاني المستنبطة من الآية القرآنية، ولهذا قال (تعلّم) بالتشديد مما يدل على المشقة والمجاهدة والصبر، ويدخل في ذلك التدبر، فالمتدبر يدخل أيضا في الخيرية (خيركم من تعلم القرآن وعلّمه) هو داخل في هذه الخيرية. 


 ثالثا: التدبر يعتبر عند علماء السلوك من علاجات أمراض القلب، بل إنهم دائما إذا ذكروا مرضا من أمراض القلوب، الغل، الحقد، الحسد، الكبر، الاستكبار، الغفلة، الران، الزيغ، الصرف، الاشمئزاز، وغير ذلك من أمراض القلوب يجعلون من وسائل علاجها رقم واحد أن يتدبر القرآن، ولهذا الله أمر الكافر أن يتدبر القرآن، (أفلم يدبروا القول) مما يدل على أنهم لو تدبروا القرآن لفهموا الإسلام ولعرفوا الإيمان، ولسهُل عليهم الالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى. 

 فإذا التدبر هو دواء، دواء لأمراض القلب وكذلك أيضا لقسوة القلب، وهي مرض من الأمراض. قال إبراهيم الخوّاص "دواء القلب في خمسة أشياء قراءة القرآن بالتدبر"، وهذا كان أمر متواتر عند السلف أنهم يرون أن تدبر القرآن هو علاج لأمراض القلب. فإذا كانت قراءة القرآن تفعل في القلب الأفاعيل فكيف بتدبر القرآن، إذا كانت قراءة القرآن تنظف القلب فكيف بتدبر القرآن. تدبر القرآن يطهر القلب من جهة، ويقويه من جهة ثانية يعني ينميه ويزكيه. 


رابعا: أن المتدبر يحصل على عمل القرآن، يعني بمعنى إنه يسهُل عليه أن يطبق أوامر القرآن، لماذا؟ لأنه قد تدبر، فإذا جاءت آية مثلا (وبالوالدين إحسانا) يبدأ بعد ذلك المتدبر يعرض حاله على هذه الآية، فالآية دلت على بوجوب الإحسان للوالدين، ثم يتغير عنده السلوك، يبدأ يتعامل مع والديه، أثّر عليه تدبره ونظره للآية، وتأثر السلوك هذا من نتائج التدبر، لكنه انظروا كيف أته أصبح طريق للعمل بالقرآن. وابن مسعود يفسر قوله تعالى (يتلونه حق تلاوته) يحلف ابن مسعود ويقول "والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يُحل حلاله ويُحرم حرامه).


وهناك فضيلة خامسة وهي: أن المتدبر يقف على مجامع الخير ومعاقد الشر التي بينها القرآن، بين الخير كله، وحذر من الشر كله. هذا امر دائما يذكر في فضائل القرآن، هذه الفضيلة لا يمكن أن يعرفها إلا المتدبر، هو الذي يقف على مجامع الخير. حينما يقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) انظر كم جمعت من الخير، وحينما يقول (ولا تعاونوا على الإثم) هذه معاقد الشر، فيبدأ الإنسان يبحث عن مجامع الخير وعن معاقد الشرور الموجودة في القرآن، فيكون قد حاز وعرف الخير كله، وحذر من الشر كله. عرفها عن طريق ماذا؟ عن طريق تدبره، لأنه بدأ يفكر، بدأ يتأمل. بدأ يستنتج. 


أيضا الفضيلة السادسة: الصراط المستقيم الذي نحن نسأل الله الهداية إليه في كل ركعة، لا يمكن أن يعرف الإنسان حقائق الصراط المستقيم، وصفة الصراط المستقيم، وأعمال الصراط المستقيم، وصفات أهله، وما ينتظره من الجزاء إلا إذا كان متدبرا للقرآن. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق