الأحد، 28 يونيو 2020

لطائف قرآنية (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) / (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)


يقول الله تبارك وتعالى في سورة الزخرف:
(وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20))
في حين أن الله عز وجل يقول في سورة الجاثية :
(وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ(24)).
فقال له الله عز وجل في فاصلة الآية الأولى : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) وقال في الثانية (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)

/ التخرّص هو: القول الكاذب كما عند ابن جرير رحمه الله وهو القول بغير علم ولا هدى.
وأما الظن فهو : نقيض اليقين كما قال الله عز وجل (إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ).

وكل فاصلة جاءت متممة لسياقها ومناسبة لسياقها.
ففي سورة الزخرف الحديث عن الملائكة حيث نسب الكفار الملائكة إلى الله عز وجل زورا وبهتانا -وتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا- إذ يقول الله عزوجل في السياق (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20))
أي يقولون قولا كاذبا على الله عزوجل في هذه القضية وبدون علم ولا دراية ولا هدى فجاءت الفاصلة مناسبة لموضوعها وسياقها.
/ أما في سوره الجاثية فإن الحديث عن الحساب والبعث والنشور ، والكفار منكرون أصلا لهذه المسائل كما قال الله عز وجل : (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) أي هي مسألة حياة فحسب.
فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم الى الإيمان بالبعث والحساب والنشور فقالوا (مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ) أي ما لهم بذلك من يقين وعلم بقولهم (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أي يظنون في هذه المسألة ظننا كاذبا فهم ليسوا بمستيقنين بقضية البعث والنشور والحساب كما جاء عند صاحب درة التنزيل وغرة التأويل و هو الخطيب الإسكافي.
فكل فاصلة جاءت متممة لسياقها والفاصلة في القرآن تتبع الآية وتُتم معنى الآية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
--------------------------------------------
* الشيخ / صالح بن عبدالله التركي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق