الثلاثاء، 14 مارس 2017

تفسير المثاني للشيخ محمد بن علي الشنقيطي/ سورة الفاتحة (١)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
 { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
 بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين
 اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا ، اللهم لك الحمد كله أوله وآخره، ظاهره وباطنه، عاجله
وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم ، اللهم إنا نسألك في هذه الليلة خير ما سألك عبادك الصالحون، اللهم إنا نستغفرك فاغفر لنا ونستهديك فاهدنا ونستنصر بك فانصرنا ونستعين بك فأعنا، علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم { وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }، وأصلي وأسلم وأبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأحبابه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين أما بعد ..
هذه السورة التي نعلمها سورة الفاتحة، سورة السبع المثاني، أم الكتاب، أم القرآن، لها من الأسماء ما يصل إلى ست وثلاثين اسم وهذا يدل على أهميتها، وقد وردت في فضلها أحاديث كثيرة، وهي السورة الوحيدة التي نصّ القرآن على فضلها من بين سائر السور، وامتنّ الله عز وجل بها على نبيه فقال تعالى في سورة الحجر : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (هي والله السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).
 سورة واحدة تُغني عن القرآن كله والقرآن كله لا يغني عنها، من قرأ في صلاته القرآن كله من قوله تعالى : { الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } إلى قوله : { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } ولم يقرأ الفاتحة في صلاته فصلاته باطلة - على الراجح - ومن قرأ الفاتحة وحدها ولم يقرأ غيرها فصلاته صحيحة باتفاق العلماء وإجماعهم.
 هذه السورة العظيمة سورة الفاتحة نفتتح بها هذه الليلة تفسير المثاني لأنها هي وحدها مثاني وسنتكلم على أقوال العلماء في معاني المثاني، فما هي المثاني ؟ وما المراد بقوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي }؟
/ جمهور العلماء على أن السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وذلك لتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها بقوله : ( هي والله السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ).
/ وقالت طائفة من العلماء : إن المثاني هي السبع الطوال، السبع الطوال هي المثاني وهي [البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة] على أن الأنفال والتوبة كانتا سورة واحدة ولذلك لم تُكتَب بسم الله الرحمن الرحيم قبل التوبة لأنها جزء من الأنفال، وأصبحت هذه السور هي السبع الطوال التي أمتن الله عز وجل بها على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي } وهي السبع الطوال { وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } فتكون الفاتحة فاتحة المثاني أي فاتحة السبع الطوال ولذلك لم تُوضع مع السور المكية القصيرة في المفصَّل الذي مر معنا، وجُعلت فاتحة للمثاني ،أصبحت فاتحة لأنها أُفتتحت بها السبع المثاني الطوال والسبع المثاني اشتملت على مثاني القرآن، ومثاني القرآن:
 الأمر والنهي اثنين، وكذلك الوعد والوعيد اثنين، وكذلك الدنيا والآخرة اثينن.
فهي مشتملة على المثاني أي كل شيء تذكره اثنين { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ } في الأعراف { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} لابد أن يُذكَر فيها الثنائيات هذا تفسير من تفاسير المثاني.
/ وقيل في تفسير المثاني : أنها من الثناء وسميت الفاتحة مثاني لأنه تكرر فيها الثناء على الله، فالبسملة بسم الله الرحمن الرحيم، و[الرحمن الرحيم] ثناءٌ على الله كما ورد في حديث التقسيم - تقسيم الصلاة - وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى عليه وسلم أنه قال عن ربه أنه قال : ( قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي فإذا قال العبد : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } قال الله : أثنى علي عبدي، فإذا قال :{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } قال الله : مجدني عبدي، فإذا قال : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال الله : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } قال الله : هذا لعبدي ما سأل ). الوجه في هذا الحديث هو تكرار الثناء حيث أن البسملة إذا كانت من الفاتحة فذُكر فيها الثناء على الله بمعنى تكرار الرحمن الرحيم لأن الله عز وجل قال في الحديث القدسي عند قول القارئ : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } (أثنى علي عبدي ) وهو يقول : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } في الفاتحة مرتين مرة مع البسملة حيث يفتتح الفاتحة بها ومرة {الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ} التي في الفاتحة فتكون مثنى ومثنى أي أثنى على الله ثناءً أولاً في البسملة وأثنى عليه ثناء ثانياً في الفاتحة فتكون مثاني أي فيها ثناء وثناء.
/ والقول الآخر أن المثاني خُصت بالفاتحة لتثنية بعض مفرادتها وكلماتها مثلاً : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } اثنين في معنى واحد وهو الرحمة، كذلك { إِيَّاكَ } { إِيَّاكَ } تكررت { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } اثنين، { صِرَاطَ } { صِرَاطَ} { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } واحد {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فتكررت كلمة صراط اثنين.
 فأصبحت هذه السورة تتكرر بعض كلماتها مثنى مثنى فأصبحت مثاني ومن المثنى اثنين كما قال الله سبحانه وتعالى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } يعني ثنتين وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (صلاة الليل مثنى مثنى) أي ركعتين ركعتين (فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة) فتكون المثاني بمعنى أن الفاتحة مثاني سبع آيات لكن تثنت فيها بعض الكلمات وتكررت ومع ذلك لا تتفق في المعنى وهذا من كمال الإعجاز، فالرحمن تختلف معناها عن اسم الرحيم وكذلك إياك الأولى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تختلف عن إياك الثانية {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} الصراط الأولى { الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } تختلف في المعنى عن { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } فأصبحت الكلمات تكرر والمعنى يختلف مثنى.
/ ومن معاني المثاني أنها المراد بها السور التي هي دون المائة وهي التي ثني بها بعد السور المائة المئين وهذه السور كثيرة فيكون التقسم - تقسيم القرآن - على أن السبع الطوال هي الأولى وبعدها المئين وبعد ذلك المثاني وبعد ذلك المفصّل، واختلفوا في تحديد بداية المثاني وقتئذ هل سيبدأ من الأحزاب أو يبدأ من ما بعدها من فاطر أو حتى من سبأ قبل ذلك لكنه قبل سورة يس بعدة سور ونهايته إجماعاً عند بداية المفصل، وبداية المفصل مختلَف فيها على قولين: قيل من الحجرات وقيل من (ق).
وقد انتهينا من المفصّل وبدأنا اليوم بالمثاني فأردنا أن نبدأ بالمتفق عليه وهي فاتحة الكتاب لأنها السبع المثاني ثم بعدما نكملها يبقى أمامنا الخيارات إن شئنا أخذنا بالقول على أن السبع الطوال هي السبع المثاني وإن شئنا أخذنا أنها ما تحت المائة من المائة وما تحت وهو ما بعد المئين وقبل المفصّل، وإن شئنا قلنا كما قال الله عز وجل أن القرآن كله مثاني كما قال تعالى : { كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِي } أي كل القرآن مثاني فالفاتحة مثنى مثنى والبقرة مثنى مثنى وكل سورة من القرآن مثاني لأن القرآن يُثنى كله ويُقرأ كله، كلما ختم القارئ قراءته عاد فقرأ مرة ثانية ولذلك القرآن كله مثنى مثنى.
 نبدأ بفضل الله وتوفيقه بفاتحة الكتاب أصل المثاني وأم القرآن ونبدأها بخصائصها:
/ تختص هذه السورة بخصائص دون سائر القرآن
 الخاصية الأولى : أن الله عز وجل أوجب على كل مسلم ومسلمة حفظ فاتحة الكتاب فلا يصح إسلام امرئٍ عربي كان أو عجمي ذكراً كان أو أنثى إلا إذا حفظ فاتحة الكتاب لأن الفاتحة أصل الصلاة ولا تصح الصلاة إلا بها لحديث النبي صلى الله عليه سلم (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وإذا كان لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب فلا إسلام له لأن الصلاة أساس الدين، الصلاة عماد الدين ( والعهد بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) فأصبحت فاتحة الكتاب واجبة على جميع المسلمين عرباً كانوا أو عجماً ذكوراً أو إناثاً إنساً أو جناً يجب عليهم جميعاً أن يحفظوا فاتحة الكتاب.
واختلف العلماء في الفاتحة أتجب كلها أو يجب جُلها، والكل والجُل مختلف فالجُل هو الأغلب والكل الكامل، فهل هي كُل أو كلية؟ فإن كانت الفاتحة كُل لا يتجزأ قالوا واجبة كلها إذ هي كلٌ لا تقبل التجزئة ، ومن قال : هي كلية تتجزأ قال : الواجب الجُل دون الكل والواضح أنها مقسمة والكل لا يقسم على ذلك وجب الجُل دون الكل فمن قرأ في صلاته جُل الفاتحة صحت صلاته فمثلاً قرأ بسم الله الرحمن الرحيم { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فهذا الجل (هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) فإذا أكملها فذلك الكمال وذلك التمام وإذا لم يكمل فقد قرأ الجُل وهذا بالنسبة للمأموم الذي لم يقرأ الفاتحة كاملة وإنما قرأ الجل فنقول : صلاتك صحيحة إذ أنك قرأت جلها خاصة ما يتعلق بالله عز وجل فالله قسّم الفاتحة إلى قسمين نصفها لله ونصفها للعبد فإذا قدّم العبد ما لله أعطى الله ما للعبد ولو لم يسأل يقول : ( هذا لعبد ولعبدي ما سأل ) والله عز وجل عالم بسؤال عبده سواء سأل أو لم يسأل وقد ورد في الحديث ( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته خير ما أعطي السائلين ).
فاتحة الكتاب سبع من الآيات واختلف علماء عدّ الآيات في هذه السبع من أين تبدأ:
 فقالت طائفة من العلماء وعلى رأسهم الإمام الشافعي رحمه الله : أن الآية الأولى من الفاتحة هي البسلمة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ}، وقالت طائفة أخرى من العلماء وهم الجمهور وعلى رأسهم الإمام مالك رحمه الله والإمام أحمد رحمه الله والإمام أبي حنيفة في رواية له أن الفاتحة تبدأ { الْحَمْدُ لِلَّه } واستدل أصحاب هذا القول بحديث التقسيم ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي فإذا قال العبد { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فلم يذكر في هذا الحديث البسملة فعُلِم أنها ليست آية من الفاتحة ، أما الذين قالوا أنها آية من الفاتحة وهم الإمام الشافعي ومن معه فقد استدلوا برواية لهذا الحديث والرواية ضعيفة ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قال الله : ذكرني عبدي ) وهذه الرواية ضعيفة لا يُعتَد بها وخاصة أنها تختلف وتصطدم مع التقسيم فإذا قلنا إنه قسمها نصفين فالله حكم عدل والفاتحة سبع فإذا قلنا البسملة آية من الفاتحة فإن قسم الله سيكون أربع آيات ونصف كيف يكون هذا، لو قلنا بسم الله الرحمن الرحيم آية { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } آية { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } آية { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } آية هذه صارت أربع آيات، { إِيَّاكَ نَعْبُد } هذه نصف آية فيكون أربع آيات ونصف لله وهذا يختلف ويصطدم مع قوله في الحديث نصفين والنصفان تقتضي التسوية فعندئذ نقول القول الراجح أن البسملة ليست آية من الفاتحة والذين طبعوا المصحف وجعلوها آية رقم واحد هؤلاء علماء من الأزهر الشريف على مذهب الإمام الشافعي طبعوا المصحف على مذهبه ولكن الصحيح أن البسلمة ليست بآية من الفاتحة بل هي آية مستقلة كان الصحابة الكرام يعلمون نهاية السورة وبداية السورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : بسم الله الرحمن الرحيم علموا أنها سورة جديدة فلا يُفرَّق بين السورة والسورة إلا بنزول البسملة فنزلت البسملة في القرآن على قدر عد سور القرآن، طيب كيف ؟
سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة والبسملة مائة وأربع عشرة مرة { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } هذه جزء من آية وذُكرَت فيها البسملة وحُذفت البسملة من فواتح براءة إذ لو ذُكرت البسملة في براءة وذُكرت البسملة في النمل لزادت عدد البسملة على عدد السور والقرآن متشابه محكم لا زيادة فيه ولا نقص. طيب.
/ من خصائص الفاتحة أنها اشتملت على الدين كله اشتملت على العقائد، اشتملت على العبادات، اشتملت على الأخلاق، كل هذا في الفاتحة، أما اشتمالها على العقائد فالعقائد تقوم على أركان ستة هي أركان الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره هل وُجِد هذه الأركان في الفاتحة ؟ نعم موجودة في الفاتحة فقولك { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } هذا الإيمان بالله وقول الله عز وجل { رَبِّ الْعَالَمِينَ } دخل فيها الإيمان بالملائكة لأنها من العالمين والإيمان بالأنس والجن والرسل لأن كل هذا داخل في العالمين الذين ملأوا هذا الكون وكل عالَم يرجع مُلكه إلى الله وخلقه إلى الله وتدبير أمره إلى الله فتقول عالم الملائكة، عالم الإنس عالم الجن، عالم الطير، عالم الحيتان ،عالم النمل، عالم النحل، فكل أمة خلقها الله عالم مستقل وجميع العوالم ترجع لله عز وجل إذاً هنا دخل الإيمان بخَلْق الله وعلى رأسهم الملائكة لأنهم أفضل الخلق على قول أنهم أفضل من آدم وذريته لأنهم مُكرمون عباد مكرمون { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ولأنهم الأقرب من الله جل جلاله الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به، ولأنهم جميعاً رسل من عند الله عز وجل { جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ } الإيمان بالملائكة.
الإيمان بالرسل يدخل في قوله تعالى :{ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } ما علاقة الإيمان بالرسل بقوله : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ }؟ 
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } فجميع الرسل إنما أرسلهم الله رحمة بعباده ليرحم عباده بامتثالهم أمره واجتنابهم نهيه فيدخلهم جميعاً في رحمته في الدنيا وهي الدِّين ثم يدخلهم في رحمته في الآخرة وهي الجنة { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } فكانت الرسل من رحمة الله ، ثانياً: من ما يدل على الإيمان بالرسل قوله تعالى : { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } ويوم الدين يوم الجزاء والجزاء على العمل والعمل لا بد أن يُعلَم حُكمه ما العمل الذي يريده الله منا فنعمله وما العمل الذي لا يريده منا فنتركه ولا سبيل لمعرفة ذلك إلا بالرسل، ولا سبيل لمعرفة الرُسل إلا بالكتب، ولا سبيل لوصول الكتب إلى الرسل إلا بالملائكة، فوجب الإيمان بالملائكة والكتب والرسل جميعاً وبالإيمان باليوم الآخر في قوله : { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } كم الآن ؟ أربعة، الإيمان بالله واحد، وملائكته اثنين، وكتبه ثلاثة، ورسله أربعة، وخمسة اليوم الآخر هذه الخمسة واضحة من قوله تعالى { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } ماذا بقي معنا ؟ واحد ، القضاء والقدر حلوه ومُره من أين نأتي به؟ نأتي به من قول الله عز وجل :{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } قضاءً،{ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } قدراً { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } قضاء وقدراً، {وَلَا الضَّالِّينَ } قضاء وقدراً، فعُلم أن القضاء والقدر بأمر الله وبيد الله وداخل في الهداية لمن اهتدى أو الضلالة لمن ضل { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } فعُلِم أن الهداية قدراً وقضاء ولذلك قال أهل الجنة بعد دخول الجنة : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } هنا تبين لنا ولكم استنباط أركان الإيمان من فاتحة الكتاب.
أركان الإسلام الخمس موجودة في فاتحة الكتاب ؟
نعم موجودة في الفاتحة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله موجود في الفاتحة إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت طيب أين موجود ؟ قال تعالى أول شي الصلاة : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } فالصلاة عبادة لله {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فدخلت الصلاة في { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، ودخلت الزكاة في { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، ودخل الصوم في { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، ودخل الحج في { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، وقبل ذلك التوحيد هو حقيقة { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، هذه أركان الإسلام كلها في جملة واحدة نصف آية { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }.
 الأخلاق موجودة في الفاتحة ؟ موجودة ، أين ؟ قال تعالى : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } الصراط : الطريق، المنهج، والمنهج هو الأخلاق ( انما بُعثت لأتمم مكارم الاخلاق ) لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأتمم ) ؟ لأن الأنبياء من قبله بنوا أخلاقاً وما بُعث الأنبياء إلا من أجل الأخلاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) فالأخلاق مع الله عقيدة وعبادة ومع الناس معاملة، فإذا اعتقدت بالله أنه لا إله إلا الله فهذا خُلق حسن وظن جميل بالله وظنٌ حسن بالله، أما إذا اعتقدت أن مع الله آلهة أخرى نِد .. شريك .. مثيل فهذا سوء ظن بالله، وسوء الظن من سوء الخلق وحسن الظن من حسن الخلق { الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ } فيدخل الخُلُق في العقيدة في العبادة في السلوك ، السلوك العبادة { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وهي حسن خلق مع الله ، بقي الناس {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم } { أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } ماذا ؟ { اقْتَدِهْ } فأصبح الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه والاقتداء بهدي الأنبياء وأخلاقهم من الإسلام ولهذا أثنى الله جل جلاله على خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثنِ على عبادته فحسب ولا على عقيدته فحسب بل أثنى على خُلُقه أن الخُلُق يشمل العقيدة والعبادة والمعاملة وما يقوله الناس الدين المعاملة كلام صحيح، الدين معاملة مع الله عقيدة وعبادة ومع الناس أخلاقاً وسلوكا وهذا معنى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.
 { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } من هم هؤلاء؟ لو رجعنا إلى { الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } بيّن لنا معاني الأخلاق { فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ } الصديقين مشتقة من ماذا ؟ الصدق خُلق أو لا؟ والشهداء الشهادة مبنية على ماذا ؟ على الصدق {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} أي مُصدق.
 طيب { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ } فالأخلاق بُنيت عليها العقيدة والأخلاق بُنيت عليها العبادة والأخلاق بني عليها التعامل بين الخلق { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ } ماذا فعلوا ؟ { صَدَقُوا } أخلاق { صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا }. فاتحة الكتاب إذاً اشتملت على الدين كله عقيدةً وعبادةً وأخلاقاً وسلوكاً.
فاتحة الكتاب اشتملت على مقاصد القرآن كلها فهي أم القرآن ليس في القرآن مقصداً إلا وفي الفاتحة دليله .. كيف ؟
 القرآن له مقاصد:
 المقصد الأول : إثبات توحيد الله ودلت الفاتحة على ذلك.
 المقصد الثاني : إثبات الرسالة أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله وإثبات رسالة الرسل من قبل { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم } فلولا إنعام الله عليهم بالرسالة لما كانوا مُنعَم عليهم وهذا مقصد.
المقصد الثالث : الوعظ والزجر لأن هذا القرآن موعظة، فتجد آيات الموت والنار والمواعظ التي تُبكي وفي الفاتحة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ} والغضب يقتضي ما بعده فالمَلك إن غضب أبعد وعذب وأهان هذه موعظة، والمَلك سبحانه وتعالى إذا اصطفى وقرّب أكرم وأنعم وأعطى وأغنى وغير ذلك فهنا رجاءٌ وهنا خوفٌ وهذا من أعظم مقاصد القرآن.
 من مقاصد القرآن الإخبار عما كان قصص السابقين ماذا حصل لآدم وحواء في الجنة ، وماذا حصل لنوح ومن معه في السفينة ، وماذا حصل لقومه ،  وماذا حصل لقوم عاد في جنوب اليمن الأحقاف ، وماذا حصل لقوم صالح في شمال الجزيرة ، ماذا حصل لقوم شعيب ، ماذا حصل لقوم لوط ، ماذا حصل لقوم موسى ، ماذا حصل لفرعون ، ماذا حصل .. ماذا حصل، قصص السابقين الصالحين منهم وغير الصالحين وكل هذا موجود في الفاتحة { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } تدخل فيها جميع قصص الأنبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم { وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً }.
 { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } تدخل فيها جميع قصص الأمم التي غضب الله عز وجل عليهم بدأً بأمة نوح { فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } إلى آخر أمة غُضِب عليها وكذلك الفرق الضالة المنحرفة في جميع الأزمنة والأمكنة عبر الأجيال البشرية تدخل في (ولا الضالين) .. تاريخ.
 كذلك من مقاصد القرآن الحديث عن اليوم الآخر وتهويل هذا اليوم وتعظيمة { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }.
من مقاصد القرآن الأساسية مقصد إظهار محبة الخالق لخلقه والخَلْق لخالقهم وهذا موجود في الفاتحة في قول الله عز وجل : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فعبّر جل جلاله بعبارة { رَبِّ } المقتضية للعون والمساعدة والعفو والصفح والمغفرة والتأييد والإجابة و الخير كله { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ } ماذا فعل ؟ { الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُم } هذا فِعل الرب، ولمّا كانت أفعال الرب جل جلاله كلها محمودة عند خلقه قال رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ليخبرنا أن كل عالَم قد أفاض الله عليه من الخير والعطاء والبركة ما لا يعلمه إلا الله، فالنمل له بيوت أمة مستقلة {قَالتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} مساكنهم من أعطاها لهم ؟ الله، من علّمهم الدخول والخروج ؟ الله ، من أمّنهم في مساكنهم ؟ الله.
 النحل من علّمها أن هذه ملكة وهذه جنود ؟ { يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} أبيض وأحمر وأصفر، حالي وغير حالي، حار وبارد، إلى غير ذلك شراباً مختلفاً ألوانه في شفاء للناس، أمم خلقها الله ولكن أكرم أمة خُلِقَت هي البشر { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وكذلك الملائكة عباد مكرمون ولما ذكر الملائكة قال : عباد لأنهم { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } فكانت كرامتهم في طاعتهم لله، أما الإنسان الذي يعصي فقال عند تكريمه : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } وآدم ماذا فعل ؟ عصى (عصى آدم ربه) هذا فعل الرب والنفوس جُبلت على محبة من أحسن إليها، لو أن شخصاً ما -ولله المثل الأعلى- أحسن إليك بماله أعطاك مال ثم أحسن إليك بجاهه مشى معك في وجهه وجاهه في قضاياه ثم أحسن إليك بنفسه أعطاك من دمه عند الحاجة إليه أو زوّجك بنته أو.. أو.. إلخ فماذا يكون حب هذا الشخص في قلبك؟ كل ما زاد عطاؤه زاد حبه في قلبك لأن النفوس جُبلت على محبة من أحسن إليها وهل يوجد مُحسن أعظم من الله!! من خلقك ، من سواك ، من شق سمعك وبصرك، من هداك ، من أطعمك ، من سقاك ، { هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } من جعلك شيئاً مذكوراً ؟ من جعلك فلان بن فلان ؟ ومن جعلكِ فلانة بنت فلان ؟ { لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } فأصبح اليوم شيئاً مذكوراً فِعل مَن ؟ بإرادة مَن ؟ بتديبر مَن ؟ الله { لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا*إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ } ولو بقيت نطفة لما كنت شيئاً مذكوراً { أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ } من أجل أن نختبره { مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ }
{ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } ما الواجب على الإنسان بعد كل هذا؟ هل يشكر الله الذي نقله من أطواره من طور النطفة إلى طور العلقة، من طور العلقة إلى المضغة إلى العظام، من العظام إلى كسوِها، ومَن ومَن حتى أخرجك بشراً سوياً { لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا*إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ } خلقناه في أطواره خلقاً بعد خلق في ظلمات ثلاث {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} تكريم على تكريم على تكريم ألا يكفي أنه خلقك؟! ألا يكفي أنه صوّرك!! { هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } ألا يكفي أنه شق سمعك وبصرك؟! ألا يكفي أن الصورة التي خلقك عليها أحسن صورة!!
{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } الجسد في أحسن تقويم والنهاية {رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } القبر لأن العبرة ليست بالجسد وجماله، العبرة بالعلاقة ما بينك وبين الخالق بأن قلت ياربي شكراً خلقتني، ياربي شكراً علمتني، ياربي شكراً فهمتني، ياربي شكراً عافيتني، ياربي شكراً فضلتني على كثير مِن مَن خلقت تفضيلاً، يقول الله : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم } خذ الزيادة، خذ الزيادة في العلم إن شكرت العلم، خذ الزيادة في الصحة إن شكرت الصحة، خذ الزيادة في المال إن شكرت المال، خذ الزيادة في العُمر إن شكرت العُمر { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم }.
{ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا*إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ } أي سبيل ؟ سُبل { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ } ماذا ؟ { سُبُلَنَا } { هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ } الذي يخرج منه من بطن أمه فإذا بك وأنت في بطن أمك تتنكس ، الرأس كان فوق يصير تحت ويهديك الله للخروج فتطرق برأسك عضلة الرحم وذلك هو طلق الولادة ويأتي أمر الله للرحم أن يزداد ويتسع حتى تخرج أنت { وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَاد } فيتسع الضيق لتخرج أنت سليماً ولولا أمر الله لمات كل جنين في رحم أمه ولما اتسع المخرج، فيتسع لتخرج ويُخرِج لك وقت خروجك من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين فلا تدري أتشكر نِعمه وأنت في بطن أمك، أم تشكر نِعمه بعد خروجك من بطن أمك، أم تشكر نِعمه وأنت تدبّ على أرضه وتأكل من فضله { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } من أمّنها وثبتها ؟ { أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } من الريح من الهواء يميتكم ويبيدكم لكنه لم يفعل من الذي يستطيع أن يمنعه ؟ هل هناك جند يستطيع يمنع الله من شيء يريد فعله ؟ لا ، لكن الله ما يفعل بعذابكم { لَئِنْ شَكَرْتُمْ } لا يريد منكم إلا أن تعترفوا أنه وحده الذي يستحق أن يعبد { هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ }.
إذاً الأصل الأول كمال محبة الخلق للخالق في الآية الأولى { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } لأن من نظر إلى نِعم الله عليه أحب الله لا محاله، أنا اتمنى من أي واحد يسمع هذا الكلام يأخذ ورقة وقلم ويحاول يعمل إحصاء لنِعم الله عليه هل يستطيع ؟ اكتب سمع.. بصر.. يد.. رجل.. إلخ واكتب فابدأ بنِعم الله عليك في جسدك، ثم نِعم الله عز وجل عليك في طعامك وشرابك ونَفَسك، ونِعم الله عز وجل عليك خارج جسدك من الهواء الذي تتنفسه والنور الذي تُبصر به والجو اللطيف الذي تعيش به، لو ازدادت الحرارة لذبت ولو زادت البرودة لتجمدت { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } إذاً هذا الأصل الأول كمال محبة الخلق للخالق وهو أيضاً مقصد من مقاصد القرآن. تأتي آيات كثيرة تذكرنا بنِعم الله حتى نحب الله والآية الأولى تدل على ذلك .
الأصل الثاني كمال الرجاء: عندما تنظر الآن إلى النِعم تخاف تقول والله الله أنعم علي كثير وأنا ما شكرت، ممكن يسحبها، ممكن يأخذها ممكن يعذبني لأني ما شكرت، قال لك لا .. { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } ترى الإله الذي هذا فعله، هذه نِعمه، هذا  فضله مُتصف بالرحمة، وليست رحمة عادية بل رحمة وسعت كل شيء { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً }، لاحظ قول الملائكة الذين يحملون العرش في ثنائهم على الله { رَبَّنَا } رب العالمين { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً } كونك أنت ربنا هذا يقتضي أن نحبك لما تسدي إلينا من النِّعم وكونك وسعت كل شيء رحمة هذا يقتضي أن نرجوك وأن يعظُم الرجاء في قلوبنا فيما عندك، ولذلك من ظن بالله خيراً وجده ومن ظن بالله غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه (فما ظنكم برب العالمين) ، لو نطقت النحلة وقلنا لها يا نحلة ما ظنك بالله ؟ لقالت : خيراً ، لو نطقت النملة لقالت : خيراً ، لو نطق الجمل لقال : خيراً ، لو نطق الجماد لقال : خيراً ، لو نطق الحيوان لقال : خيراً { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } كلهم ينطقون وكلهم يسبحون بحمد الله ثناءً على الله وشكراً لله { وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم }، علّم الله سليمان منطق الطير، وعلّم داؤود كذلك { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيرُ } هل تعلم أن جميع الطيور كل طائفة من الطيور لها تسبيح ليس عند الطائفة الأخرى تسبح الله به، تسبيح الهدهد يختلف عن تسبيح الحمام، والحمام يختلف عن البط، والبط يختلف عن النعام، وكل طائفة من الطيور لها تسبيح تسبِّح الله به، والملائكة تختلف في تسبيحاتها، ملائكة السماء الدنيا لهم تسبيح يختلف عن تسبيح ملائكة السماء الثانية، والسماء الثانية لهم تسبيح يختلف عن الثالثة، والثالثة لهم تسبيح يختلف عن الرابعة، والرابعة لهم تسبيح يختلف عن الخامسة، والخامسة لهم تسبيح يختلف عن السادسة، والسادسة لهم تسبيح يختلف عن السابعة، والسابعة لهم تسبيح يختلف عن تسبيحات السماوات ومن فيها، وسدرة المنتهى يغشاها من ملائكة الله ما يغشاها وكل له تسبيح يسبح الله عز وجل به، وحملة العرش لهم تسبيح يسبحون الله به، ومن تسبيحات ملائكة الله أن يقولوا سبحان من عظُم عِلمه وحِلمه يوم القيامة جميعاً يسبحون تسبيحة واحدة يقولون : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك لكن الآن حملة العرش تسبيحهم "سبحان من عظُم عِلمه وحِلمه" هذا تسبيحهم "سبحان من عظُم عِلمه وحِلمه" يعلم الله الذين يعصونه، يعلم الله الذين يشركون به، يعلم الله الذين يفسدون في الأرض ومع ذلك يحلُم عليهم، يؤجلهم { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} لهذا لا يُعجِّل العقوبة يؤجل، كم صبر ربنا جل جلاله على قوم نوح وهم يعصونه ويكفرون به ويشركون به ويؤذون عباده ونبيه نوح عليه السلام؟ ألف سنة إلا خمسين عاماً والله عز وجل يُمهلهم .. يمهلهم .. يمهلهم حتى إذا جاءت الساعة أوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، كيف جاء العذاب؟ بدعوة من نوح ، نوح الذي طلب العذاب على قومه دعى ربه { أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ }، طيب لو لم يدعو نوح؟ ربما تركهم الله وعفى عنهم وبقوا على كفرهم إلى يوم القيامة لكن عبده نوح مظلوم مغلوب والله عز وجل قال : ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) دعوة مظلوم سرت في جوف ليل وكيف إذا كان المظلوم نبياً { أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا } الدليل على أن هذا العذاب بسبب نوح حديث الشفاعة يوم القيامة، الخلائق تأتي لآدم تريد منه أن يشفع فآدم عليه السلام يقول : نفسي نفسي إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولم يغضب بعده مثله اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح ويعتذر آدم أنه قد عصى قال : عصيت ربي وأكلت من الشجرة التي نهاني عنها واليوم نفسي نفسي إذهبوا إلى غيري، ودل على أن المعصية تمنع الشفاعة فآدم منعه من الشفاعة لأبنائه أكلة .. مضغة .. لقمة عصى بها الله عز وجل مُنع أن يشفع لأولاده ( اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح يانوح أنت رسول الله وأول المرسلين و..و.. اشفع لنا إلى ربك فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد استعجلت على قومي فدعوت عليهم اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم ) فجعل دعاؤه على قومه ذنباً يمنعه من الشفاعة مع أنه ليس ذنب لكن هؤلاء الأنبياء يعدون الشيء الذي هو ليس ذنباً بسبب عُلو مقامهم يُعد ذنباً لأن مقامهم عالي أعلى مقام، فرعون أيضاً فرعون ما سبب إغراقه ؟ دعوة موسى دعى عليه { رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ } إذاً كل غضب حلَّ على قوم بسبب معصيتهم أولاً وظلمهم ثانياً ودعاء الصالحين ثالثاً، وتُمنَع إجابة دعاء الصالحين إذا ما كانوا مصلحين إذا وُجَد الصالحون وفُقِد المُصلحون لا يُستجاب دعاء الصالحين فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم إذا كَثُر الخبث) يعني عندما تنتشر الفاحشة ولا يؤمر بمعروف ولا ينهى عن منكر يأتي العذاب للصالحين والطالحين على حد السواء.
 ورد في الحديث أن الله عز وجل بعث جبريل إلى قرية يدمدم عليها فقال : ياربي إن فيها عبدك فلان عبد صالح صوّام وقوّام موجود في القرية هذه يخرج بعدين أعذبهم قال : ( به فأبدأ ) ذاك العبد الصالح أول واحد يعذب قال : ربي عبدك ما أشرك بك قال : ( أنه لم تمعر وجهه فيّ قط ) ما غضب لله قط ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سياج الأمان وما حصلت اللعنة لبني إسرائيل إلا بعد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }.
إذاً { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } تفتح لنا أصل الرجاء فلا ييأس أحد من رحمة الله وأكبر دليل على ذلك نداء الله عز وجل في القرآن للمسرفين في معصيته { قُلْ يَا عِبَادِي } الذي يسمع النداء يحسب أنه  مُوجه للرسل عباد أو للملائكة { قُلْ يَا عِبَادِي } قبل ما نسمع ما بعدها الله ينادي عباده أيُّ عباد؟ كل الخلق عباده يا ربي من تقصد من تنادي { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } أهل المعصية أسرفوا في معصيته ويناديهم ليرحمهم من يفعل هذا إلا الله ؟ وما قال عبادي الذين عصوني لو قال عصوني لدخل فيها صاحب الذنب الواحد والذنبين والثلاثة لكن لا { الَّذِينَ أَسْرَفُوا } يعني لم يبقَ ذنب إلا فعلوه { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } كثّروا الذنوب على أنفسهم { لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } سبحان الله { إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } إذا كان هذا نداؤه جل جلاله للمسرفين من عباده في معصيته فكيف حال المطيعين له؟! كيف حال أهل طاعته؟! كيف حال المصلين له والصائمين له والمتصدقين في سبيله والمعتمرين إلى بيته والحُجاج إلى بيته والدعاة إليه والمجاهدين في سبيله كيف حالهم؟! إذا كان هذا دعاؤه للأبعدين المسرفين على أنفسهم في المعصية فكيف حال المقربون أو المقربين ؟ كيف حالهم ؟ { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } لأن الناس على ثلاثة أقسام : سابق بالخيرات يعني سابق للطاعة، وظالم لنفسه متأخر ترك الطاعة، ومقتصد فعل البعض وترك البعض فالسابق أدى الفرائض وتقرب بالنوافل، والمقتصد أدى الفرائض ولم يتقرب بالنوافل، والظالم لنفسه نقص حتى الفرائض ما أداها كلها عمل بعضها وترك البعض هؤلاء جميعاً يقول الله عز وجل عنهم : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا } يا لطيف { اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } نعم { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } تقديم الظالم لنفسه في الاصطفاء في ذكر المصطفين دليل على سعة رحمة الله وهذا مقصد من مقاصد القرآن أن يعلم الناس أن رحمة الله واسعة وأن لا يقنط أحد من رحمة الله مهما عمل من الذنوب ( يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) كم وزن الأرض ؟ كم مساحة الأرض ؟ كم في الأرض من الحصى ؟ وكم فيها من قطرات الماء ؟ لو تصورنا أن ذلك كله ذنوب أتيت بها أنت ثم قلت : ربي هذه ذنوبي قراب الأرض ولكني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله لقال الله لك : عبدي هذه ذنوبك وهذه مغفرتي قد غفرتها لك كلها ( من مات وآخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة، قال أبو ذر : يا رسول الله وإن زنا وإن سرق قال :  وإن زنى وإن سرق، فعاد أبو ذر يارسول الله وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق رغم أنفك يا أبا ذر ) لكن هل كل أحد يوفَّق عند الموت يقول لا إله إلا الله { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }.
/ من مقاصد القرآن : التخويف من الله الخوف من الله مثل ما الرجاء وباب الرحمة الواسع كذلك { فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } إذا كان ربنا أخرج آدام وحواء من الجنة بسبب لقمة، لقمة واحدة، مضغة وإذا كان ربنا لعن إبليس بسبب ترك سجدة واحدة فلا يؤمن مكره ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ) وبالمقابل لا تستصغرن من المعصية شيئاً ربما معصية بسيطة { وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } ( رب كلمة ينطق بها الإنسان ينطق بها الإنسان لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً ) سبعين سنة وهو يهوي بكلمة واحدة، { لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } ماذا قالوا ؟ سخروا من بعض القراء قالوا : ما رأينا أكبر بطوناً ولا أجبن عند اللقاء من هؤلاء القراء وصلت الكلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة يسخرون من بعض الصحابة الذين يقرأون القرآن، جالسين يقرأون ما عندهم وقت للرياضة منشغلين بالقرآن بعضهم أصبح لديهم بطن فقاموا بعض المنافقين سخروا منهم فنزل القرآن بتكفير من يسخر بحملة القرآن وقُراء القرآن فقال تعالى : { لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُم } أي سخريتكم هذه { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } هم استهزأوا بالله ؟ استهزأوا برسوله ؟ استهزأوا بالآيات ؟ نعم ، حامل القرآن من استهزأ به فقد استهزأ بالقرآن وبالرسول وقد كفر.
 الحمد لله رب العالمين من مقاصد القرآن التخويف تخويف العباد من الله سبحانه وهذا المقصد واضحٌ أيضاً في فاتحة الكتاب في قوله تعالى : { مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ } و { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } فهذه الآية تفيد الخوف من الله عز وجل لأن الدين هو الجزاء والجزاء من جنس العمل ومن علم أن الله عز وجل هو رب العالمين والملائكة والإنس والجن والطيور والهوام والسباع وكل هذه المخلوقات وأنه سيجزي كل نفس بما كسبت ونظر إلى الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وينظر إلى نفسه أنه عصى ولم يفعل ما يؤمر وذاك يوم الدين، وأيضاً نظر إلى الأنبياء والرسل الذين عُصموا من المعصية، ونظر إلى أعمال أولئك الصديقون والشهداء والصالحون سيحتقر نفسه وعندئذ يبقى يوم القيامة أعظم خوف يخافه فيدفعه الخوف من هذا اليوم للعمل الصالح الذي يتجنب به شر ذلك اليوم ، وقد ضرب الله لنا مثل للمؤمنين في هذا المشهد في سورة الإنسان قال تعالى :{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } ما هو هذا اليوم ؟ هو يوم الدين { يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } يعني يكاد يكون لا أحد ينجو من شره { يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا ۖ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } { يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ } نكرة { لِنَفْس ٍ} نكرة { شَيْئًا } نكرة والنكرة في سياق الإثبات تفيد العموم أي ما هناك نفس تملك شيء يوم القيامة حتى النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مواطن القيامة لا يملك شيئاً قالت له عائشة : يارسول الله أتعرف أهلك يوم القيامة قال : ( نعم إلا في ثلاث مواطن فلا يعرف فيها أحدٌ أحداً ولا يملك فيها أحدٌ لأحدٍ شيئاً عند تطاير الصحف كلٌ نفسي نفسي وعند الميزان كل ٌ نفسي نفسي وعند الصراط كلٌ نفسي نفسي ) ثلاث مواطن { لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا } هذا الرسول عليه الصلاة والسلام أعظم خلق الله وأفضل خلق الله يقول ثلاث مواطن لا يعرف فيها أحد فكيف بغيره؟؟
 يوم القيامة وصفه القرآن في مواطن كثيرة وسور عديدة أوصاف مخيفة والمقصد أن يخاف الناس لأن الخوف خير من الوُد، والخوف يدفع للعمل، والخائف أسرع من الراغب، من خاف أدلج -أي سرى ليلاً- ومن أدلج بلغ المنزل، لأنه -لا قدر الله- لو قلت لكم في هذا المسجد حريق الناس ستهرب لأن الخوف يسرع بهم إلى الأبواب لأن الحريق يخيف -لا قدر الله- لكن لو قلت خارج المسجد في توزيع خير أو توزيع مال بعض الناس يقول لك : خلاص خلاص خلني ، لأن الرغبة أضعف من الرهبة ، إذا رأينا اثنين يجريان واحد خلفه أسد سيأكله وواحد أمامه غزال يريد أن يأخذه أي الإثنين أسرع الذي خلفه أسد أم الذي أمامه غزال يريد أخذه ؟ الخائف ، لأن هذا لو تأخر لأكله والثاني لو تأخر فاته الغزال عادي، فالخائف أسرع من الطامع ولذلك جعل الله الخوف مُقدم على الطمع عند عباده الصالحين قال تعالى : { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } ماذا يفعلون ؟ { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا } يبقى سؤال مادام الخوف مقدم ومادام الخوف أهم { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } كم { جَنَّتَانِ } وما ذُكر هذا في الطمع، ما ذُكر هذا في الرجاء، ذُكر في الخوف فلماذا قُدم الرجاء على الخوف في الفاتحة؟ { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } رجاء { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } خوف { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } قدمت لماذا؟ الرحمة سبقت (ورحمتي سبقت غضبي) وهذا من كمال رحمته ، يبقى مسألة كيف حال المسلم ؟ هل المفروض أن يخاف الله في كل حياته ويسير دائم خائف حتى عند الموت؟ أم يرجو الله في كل حياته ويبقى راجي إلى الموت؟ أو أنه يجمع بينهما بالتساوي؟ أو يزيد أحدهما عن الآخر؟ خلاف بين العلماء:
 فمن العلماء من قال : الواجب تقديم الخوف على الرجاء في الحياة كلها إلا عند الموت فيقدِّم الرجاء على الخوف أو يبقى الخوف نهائياً يُبعده ويجعل رجاء محضاً.
 ومنهم من فصّل قال : بداية يتعبد الله بالخوف، ثم بالخوف والرجاء، ثم يختم بالرجاء وحده، فتكون بداية الإسلام خوف ووسطه خوف وطمع وآخره طمع ورجاء، وهذا الذي عليه مراتب الدِّين، فمراتب الدين ثلاثة: الإسلام يقتضي الخوف، والإيمان يقتضي الخوف والطمع، والإحسان يقتضي الرجاء المحض لأن المحسن مع الله { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُون } أما المؤمن عنده رجاء لأن عنده إيمان وعنده خوف يُنزَع منه الإيمان { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا } مشكلة، فيبقى عنده خوف وعنده طمع، أما المسلم قبل أن يدخل الإيمان في قلبه يبقى عنده جانب الخوف { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } فتكون بداية الدِّين خوف من الله يدفع للعمل ويدخل الإيمان بسبب هذا الخوف إلى القلب ثم يتساوى الخوف والرجاء كجناحي طائر ثم إذا وصل إلى مقام الإحسان غلّب جانب الرجاء يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ) ( إلا وهو يحسن الظن بربه ) والله عز وجل يقول في الحديث القدسي : ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء فمن ظن بالله خيراً وجده ومن ظن بالله غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )
ننتهي عند هذا القدر من هذه السورة ونجيب على هذا السؤال.
 يقول السائل : ما حكم قراءة الفاتحة في الصلاة للمأموم في الجهرية والسرية ؟
 الفاتحة واجبة على الفرد الذي يصلي وحده وعلى الإمام الذي يصلي بالناس وعلى الإمام والمأموم في الصلاة السرية وعلى الإمام دون المأموم في الصلاة الجهرية إذا كان الإمام لا يسكت بين السورة والفاتحة لا يلزم المأموم أن يقرأ وعليه أن يستمع لعموم قول الله عز وجل : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } فيسكت ويستمع للإمام فإن سكت الإمام بعد الفاتحة قرأ الفاتحة وإن لم يسكت ودخل في السورة استمع فإذا سكت بعد السورة قرأ الفاتحة وإن لم يسكت سقطت عنه الفاتحة.
 وبعض العلماء يقول إذا كان الإمام يسكت بين الآية والآية جازت قراءة الفاتحة بين الآية والآية مثلاً قال { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } يقول المأموم : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } قال الإمام : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } يقول المأموم إذا سكت : { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } فبين الآية والآية يقرؤها أو إذا سكت لدعاء الاستفتاح الله أكبر وسكت فيقرأ المأموم الفاتحة وهي أفضل من دعاء الاستفتاح فيسقط عنه دعاء الاستفتاح ويقرأ الفاتحة لأن الفاتحة فيها قول على أن من لم يقرأها لا صلاة له، وعند المالكية أن الإمام يتحمل عن المأموم القراءة وأن قراءة الإمام هي قراءة للمأموم واستدلوا بآية من القرآن وهي قول الله عز وجل لموسى وهارون : { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } والذي دعى موسى فقط وهارون أمّن على الدعاء فأضاف الله الدعاء لهما معاً فالداعي والمُأمِن شركاء والفاتحة كلها دعاء فإذا قال المأموم : آمين فقد أمّن على الفاتحة فله ما فيها من دعاء وكأنما قرأها، ولذلك لو أحد قام يدعوا الباقين إذا قالوا آمين شاركوا في الدعاء كله والفاتحة دعاء.
 ومن هنا ندخل في الدعاء اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهم إنا نسألك نشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور العزيز الحكيم، اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلُح عليه أمر الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به بنفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، اللهم إنا نسألك بكلماتك التامة التي لا يجاوزهن بار ولا فاجر، اللهم إنا نسألك بكلماتك التامات التي لا يعلمها إلا أنت، اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم يا علي يا عظيم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقه أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن لا تدع لنا في مجلسنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلاً إلا عافيته، ولا معيوناً ومحسوداً إلا أذهبت العين والحسد عنه، ولا مسحوراً إلا فككته من السحر، ولا مريضاً إلا شفيته من المرض، ولا معاقاً إلا أذهبت الإعاقة عنه، ولا متزوجاً إلا أصلحت له أزواجه، ولا عزباً إلا زوجته، ولا مسافراً إلا رددته، ولا خائفاً إلا أمنته، ولا فقيراً إلا أغنيته، ولا جاهلاً إلا علمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، يا حي يا قيوم.
 اللهم إنك تسمع كلامنا وترى مكاننا وتعلم سرنا وعلانيتنا، لا يخفى عليك شيئ، اللهم إنا نسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير الدنيا وخير الآخرة، اللهم إنا نسألك الخير كله أوله وآخره، ظاهره وباطنه، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله أوله وآخره، ظاهره وباطنه، عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
 اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك، اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى، ومن الفقر بعد الغنى، ومن الفقر بعد الغنى، ومن الضعف بعد القوة، ومن الذلة بعد العزة، ومن الهوان بعد الكرامة، ومن البعد بعد القرب.
 اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام أن توفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اللهم وفق عبدك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لما تحب وترضى، خذ بناصيته للبر والتقوى والعمل الصالح الذي عنا وعنه به ترضى، اللهم انصر به دينك وأعلي به كلمتك واجمع كلمة المسلمين على يده، اللهم هيئ له البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه واصرف عنه بطانة السوء، اللهم إنا نسألك أن تحفظ ولي عهده وولي ولي عهده اللهم احفظهم بحفظهم واكلأهم برعايتك وعنايتك وخذ بنواصيهم لما فيه من مصلحة الإسلام والمسلمين، اللهم إنا نسألك أن تصلح جميع ولات أمور المسلمين، اللهم ولي على المسلمين خيارهم ولا تولِ على المسلمين شرارهم، اللهم هيء لأمة محمد أمراً رشداً يُعز فيه أهل الطاعة ويتاب فيه على أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، اللهم أخرج لأمة محمد خيرات الأرض وأنزل على أمة محمد بركات السماء، اللهم اجعل أمة محمد صلى الله عليه وسلم قائدة سائدة في العالم يا حي يا قيوم، اللهم أجعل لها القيادة والسيادة والريادة، اللهم قوي جيوشهم اللهم قوي جيوشهم وقوي حكامكم، اللهم إنا نسألك أن تؤلف بين قلوبهم وتصلح ذات بينهم يا حي يا قيوم، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ونسألك النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك يا عليّ ياعظيم من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم إنك أنت الله لا إله إلا أنت لا حول لنا ولا قوة إلا بك اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية، نعوذ بك من أن نَضِل أو نُضَل أو نَذِل أو نُذَل أو نَزِل أو نُزَل أو أن نُظلِم أو نُظلَم أو نعتدي أو يعتدى علينا أو نكتسب خطية أو ذنباً لا تغفره، على الله توكلنا وإلى الله أنبنا وإلى الله المصير اللهم جازي عنا نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم خير ما جازيت نبي عن أمته اللهم وبلّغه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، وجازي عنا صحابته الكرام من المهاجرين والأنصار ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم اجعلنا من خيار أمة محمد أحياء وميتين اللهم أجعل ما بقي من أعمارنا خيرا من ما مضى منها، وما بقي من أعمالنا خير من ما مضى منها، وما بقي من أقوالنا خير من ما مضى، منها اللهم بارك لنا في أعمالنا وأعمارنا وأقوالنا وأفعالنا، اللهم بارك لنا في كل نعمة أنعمت بها علينا، على الله توكلنا وإلى أنبنا وإلى الله المصير وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق