الأربعاء، 13 مايو 2015

وقفات مع الآيتين الثانية والثالثة من سورة النور/ د. ناصر العمر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .
أخذنا في الدرس الماضي الآية الأولى في سورة النور ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا )  واليوم نأخذ آيتين:
/ قوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) والآية التي بعدها .
ثبت في مسلم عن عبادة بن الصامت قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُنزل عليه كُرِبَ لذلك وتربّد له وجهه )
-كان الوحي شديد أيها الإخوة ولذلك هذا يدل على ثِقل المسؤلية ( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ) ( وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) - قال : فأُنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سُرِّي عنه قال : (خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلاً ، الثيب بالثيب والبكر بالبكر ، الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة ).
وفي سنن أبي داوود عن ابن عباس (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ) .. الآية قال : (وذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما فقال : (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا ) فنسخ ذلك بآية الجلد فقال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) .إذاً هذه الآية ناسخةٌ للآية التي نزلت في قوله تعالى : (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ ) كما في سورة النساء فالقول الراجح: أنها ناسخة لأنه كانت المرأة تُحبس في البيت حتى تموت لكن قال العلماء -بعضهم- : ليس نسخاً لأنه قال : ( أَو يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ) فقالوا إن هذا من السبيل الذي جعله الله. ولكن هذا اختلاف في الإصطلاح. والشاهد: أن هذه الآية -آية سورة النور- ناسخة لآية سورة النساء .
وذُكُر من أسباب النزول عن أبي مرثد الغنوي كان يذهب إلى مكة ويأتي بالأسرى وكانت امرأة يقال لها عناق -إمرأة بغي- وكانت البغايا في مكة تُعلن عن نفسها. وبالمناسبة -يا إخوان-: كنت في بلدٍ يطرحه بعض الإسلاميين كنموذج لتطبيق الإسلام في هذا العصر وهو بالجملة الآن لا يختلف عما تدعو إليه أمريكا في الإسلام المعتدل فأفاجأ أن البغايا موجودة في تلك البلاد تنظم تنظيماً أما الزنا قد يوجد في كل بلد إلا من عصم الله، لكن منظمة أي مسموح لها فكيف يُقال أن هذا البلد يعد نموذج لتطبيق الشريعة في هذا العصر.
 أنا أريد أن لا تأخذنا البساطة في بيان الحكم الشرعي ، في فرق أن نقول أنهم لا يستطيعون إلا ذلك ويتدرجون هذه مسألة لا أريد أن أتدخل فيها تُنظَر في وقتها، أما أن يقال هذا هو نموذج تطبيق الإسلام وتجد فيه القوانين الوضعية وتجد فيه الحكم بغير ما أنزل الله وتجد فيه -كمثال- تنظيم البغايا ثم يقال هذا يمثل الدولة الإسلامية المعتدلة في هذا العصر إذا هذا هو تقرير راند الذي تحدثنا عنه . فكانت تقول في قريش أي أيام الشرك في مكة البغايا لهن رايات ولذلك من أسرار ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) قال العلماء من أسرار تقديم الزانية -وقد يأتي- أن الزانية كانت تُعلن عن نفسها والرجل لا يُعلن عن نفسه أما البغيّ فهي تُعلن عن نفسها فقُدِّمت هنا.
 فكانت امرأة يُقال لها عناق طلبت منه أن يتزوجها وكانت له علاقة فيها قبل الإسلام فجاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في زواجه فلم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أي سكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزلت هذه الآيات أنه لا يجوز أن يتزوج إنسان من امرأة زانية فهذا قال العلماء مما ذكروه من أسباب النزول .
والزنا أيها الإخوة من أكبر الكبائر فقد قرنه الله جل وعلا بالشرك وقتل النفس ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
وقال الله جل وعلا عن الزنا : ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) .
تناقشت مع أحد الإخوة قلت له : هذا البلد الآن ، قال : هذا البلد حقق خطوات جيدة أنه منع الخمر - طبعاً منع الخمر في الأسواق وإلا موجود في الفنادق - قلت له لكنه يبيح تشريع البِغاء قال : الخمر أشدّ ، قلت : أعوذ بالله كيف أشد والله جل وعلا يقول وقرنه بالشرك ، فسكت الشيخ قال : نعم الآن صحيح .
فلابد أن نحتج بالقرآن والسُّنَّة ( إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ) نحن لا نقلل من خطورة الخمر وأنه قد لعن النبي صلى الله عليه وسلم شاربها لاشك بل لعن معه غيره وهي أم الخبائث كما نعلم كل هذا نعم لكن الزنا والزنا أثره متعدي بأمور كثيرة وهنا قرن ... حجة هذه الآية ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) فهي من أكبر الكبائر. قال العلماء: ليست فقط من الكبائر ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) فهو متعدي فلذلك ذكر العلماء خطورة الزنا ولا أُفصِّل كثيراً فمن أراد أن يرجع إلى كتب المفسرين سيجد أحاديث كثيرة في هذا الأمر حتى لا يأخذ علينا الوقت .
 رُوي عن حذيفة يرفعه ولكن الرفع ضعيف - يعني رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم ضعيف- قال : ( يا معاشر المسلمين اتقوا الزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما التي في الدنيا: فذهاب بهاء الوجه وقِصَر العمر ودوام الفقر، وأما التي في الآخرة: فسخط الله تبارك وتعالى وسوء الحساب والعذاب في النار ) وقد ضعَّف الشيخ الألباني رفع هذا الحديث وقال : ليس حديثاً .
والزنا مُستقبح في الشرائع .. مُستقبح في الطبع، وهنا أنبّه لقضية -اسمحوا لي خطيرة جداً-
  موضوع التوسع في الزواج بنية الطلاق أنا لا أقول أنه الزنا لكن لأن فيه تفصيلاً وقد كتب العلماء فيه ولكن بعض العلماء المعاصرين بالواقع الموجود الآن ألحقه بالزنا بل قالوا أنه أشد من المُتعة التي موجودة عند الرافضة وآثاره خطيرة جداً، فأنصح ما كتُب في ذلك ومن أفضل ما اطلعت عليه وقرضه العلماء كتاب للشيخ أحمد السهل وقرظه -فيما أذكر- الشيخ صالح الفوزان والشيخ صالح اللحيدان وغيرهم وبين فيه أقوال العلماء فيما يتعلق بالزواج بنية الطلاق وبيّن الفتاوى الموجودة التي تنسب لشيخ الإسلام أو الشيخ عبدالعزيز بن باز وأنها تبقى محصورة في حالات استثنائية وفي ضوابط محدودة لأن هناك توسع -كما بلغني- من أُناس يذهبون لخارج المملكة كيف توسع البعض حتى من بعض الأخيار هداهم الله في الزواج بنية الطلاق .
 مرة أخرى لا أقطع بإلحاقه بالزنا مباشرة ولكنه باب خطير جداً وفيه تجاوزات أقول ألحقه بعض العلماء المعاصرين وإن كان هناك علماء مخالفون لهذا الأمر ويرون جوازه بضوابط لكن أقول إحالة إلى أو التنبيه على هذا الموضوع وعدم التساهل فيه جعلني أشير إلى هذا الأمر لما حدث من مشكلات كبيرة جداً والله أعلم.
 إذاً قال العلماء : إن المستقبح إما أن يكون عقلي وشرعي وعادي قالوا : وكلها في الزنا فهو مستقبح شرعاً وعقلاً واعتياداً ، ومن آثار الزنا ضياع الأنساب قال الجصاص في أحكام القرآن :
"فيه قطع للأنساب ومنع ما يتعلق بها من الحرمات والمواريث والمناكحات وصلة الأرحام وإبطال حق الوالد على الولد وما جرى مجرى ذلك من الحقوق التي تبطل مع الزنا لما فيه من الآثار المعروفة بل أن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه في سنن ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الطويل : ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم ) " .
والذي يرى انتشار الإيدز الآن -ما يسمى بنقص المناعة- ينظر آثاره وبمقدار التساهل في موضوع الزنا وخاصة في بعض الدول -مع كل أسف- وإن كانت محسوبة على بلاد المسلمين كما الأرقام موجودة -ولا أسمي هنا- نسبة الإيدز مرتفعة في عدد من تلك البلاد وتختلف من بلد إلى بلد حسب محاربتها للزنا ولا يخلوا بلد من نسبة قليلة أو كثيرة من هذا المرض ولكن إذا كان فاشياً وقد تساهل فيه يكون المرض الذي لا يُعرف إلا في هذا العصر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم ) الأيدز ما يُعرَف فيمن قبلنا بل ما عُرِف إلا في العشر السنوات الأخيرة عشرين أو ثلاثين سنة فقط انتشر ما كان موجوداً.
/  ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) قدّم ( الزَّانِيَةُ ) قال العلماء لأن الزانية تكون أكثر دعوة للرجال ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم خاف على أمته من فتنة النساء قال: ( فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) وقالوا إن المرأة أشد حياءً من الرجل قطعاً لكن قالوا : عندما -والعياذ بالله- تقع في الزنا مرة أو مرتين يذهب حياؤها وتصبح هي التي تحتال على الرجل قال : ولذلك قُدِّمت بينما في (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) قُدِّم الرجل لأن سرقة الرجل أكثر من سرقة النساء وهذا معروف الآن في الإحصاءات أن سرقة الرجال فقدم هناك فقال : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) مع أن المرأة تسرق لكن الرجال أكثر جُرأة في السرقة، وهنا قالوا العكس وخطورتها أشد ولو امتنعت المرأة لما أقدم الرجل إلا حالات الاغتصاب تبقى حالات نادرة وليس كما هو شائع. وذكر العلماء أسباب لتقديم الزانية على الزاني هنا كما في كتب التفسير .
قراءة الجمهور ( الزَّانِيَةُ ) بالرفع و قرأ آخرون -وليست متواترة- ( الزَّانِيَةَ ) فقرأ الجمهور ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) بالرفع وقرأ عيسى بن عمر الثقفي ( الزَّانِيَةَ ) بالنصب ومال إليها سيبويه ولكنني لا أريد أن أفصل فنقول الراجح هو قراءة الرفع والله أعلم .
 الزنا ما المقصود به ؟
 قال العلماء إما أن يكون هناك تعريف لغوي أو شرعي أو اصطلاحي ، المقصود بالزنا هنا في هذه الآية هو الزنا الاصطلاحي ، قد يقول قائل : لماذا ليس الشرعي ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمّى العين تزني ( العينان تزنيان و زناهما النظر ) 
الزنا في اللغة : الفجور ، والفجور أعم من الزنا فيه زنا، والمعاصي كثير منها فجور إذاً لا نعرِّفه التعريف اللغوي.
 التعريف الشرعي : بين النبي صلى الله عليه وسلم أن العينين تزنيان وزناهما النظر، وبيَّن أن عدد من الأعضاء تزني قال : (والفرج يُصدِّق ذلك أو يُكذِّبه ) إذاً ليس هو ذلك التعريف الشرعي ، فالزنا أوسع، إذاً التعريف الإصطلاحي الذي بيَّن العلماء ونصوا عليه -كما سيأتي تعريفه إن شاء الله في هذا الأمر- .
قالوا : هو ولوج حشفةٍ أو قدرها في فَرْج مُحرم لعينه مشتهىً طبعاً قصداً بلا شبهة أو إكراه .
هذا من أدق التعريفات مع أنه يوجد تعريفات أخرى.
 أعيد هذا التعريف قالوا : الزنا هو ولوج حشفةٍ - أي حشفة الرجل - أو قدرها في فرجٍ مُحرم لعينه - لذاته - مُشتهىً طبعاً قصداً بلا شُبهة أو إكراه . قالوا هذا هو الزنا الإصطلاحي أما ماعداه من أنواع الزنا فقد يكون يُعزر صاحبه ويختلف التعزير من معصية إلى أخرى والله أعلم . إذا ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) هنا المقصود بها المعنى الإصطلاحي وهنا مناسبة بين الإصطلاحي والشرعي لكن أردت أن أبين تفصيل العلماء في ذلك .
هنا أحكام :
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةً ) بيَّن العلماء هنا أنواع الجلد وكيف يكون الجلد وطريقة الجلد لا أدخل في التفاصيل هذه مسائل تجدونها في كتب التفسير وبخاصة عند القرطبي وغيره لا أرى أن أدخل فيها.
 لكن هنا الآن لفظة في قوله تعالى: ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) ما قال رحمة ، لماذا ما قال رحمة ؟
قالوا : أن الجلد هو رحمة لأنه رحمة بالشخص حتى لا يعود مرة أخرى إلى الزنا فهي رحمة به فعقاب المخطئ رحمة به وهو رحمة بالأمة ورحمة بالمجتمع كما قال الله جل وعلا في القصاص : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ) فهو قتل ومع ذلك فيه حياة مع أنه قتل لأنه تحيا فيه نفوس ويرتدع القتلة فكذلك هنا قال : ( رَأْفَةٌ ) والرأفة أعمّ فلذلك عبَّر بالرأفة ولم يعبر بالرحمة كما ذكر المفسرون.
 ( فِي دِينِ اللَّهِ ) دين الله قالوا : حكم الله كما قال : ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ) ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ ) في قصة يوسف ( فِي دِينِ الْمَلِكِ ) في حُكم الملك ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) فسمى الحُكم ديناً ولذلك هذا أقوى حجج من يرى أن عدم الحكم بشرع الله كفر لأنه خروج عن الدين لأن الله سماه في سورة يوسف ديناً ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ) وكذلك هنا في سورة النور ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) أي في حكم الله ( ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) بعد أن بَيَّن الحكم فكل هذا يدل على أن تحكيم شريعة الله جل وعلا من الدِّين والخروج عنها وعدم تحكيم الشريعة خروج عن الدين وللعلماء تفاصيل في ذلك ليس هذا مكانها بيانها إنما هي إشارات كما هو منهجنا في هذا الجانب.
/  ثم أمر ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الطائفة من اثنين فأكثر على كلام للعلماء قال : ( طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ما قال من الناس قال : لأنه أكثر ارتداع للزاني إذا الذي شهدوا عقابه من الصلحاء لأنه لو شهد عقابه أُناس مثله ما عنده مشكله أو يعرف أنهم فسقة أخف عليه لكن قال : ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَالْمُؤْمِنِينَ ) ما قال من المسلمين لأن الزاني مسلم والفاسق مسلم فإذا وجد الزاني أنه ما علِم بفعله أو بجلده إلا فاسق أو من مثله لا يرتدع كثيراً، لا يستحي كثيراً، لكن لما يكون من الصلحاء ( طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) والإيمان كما تعلمون درجة أعلى من الإسلام قالوا : ليرتدع أكثر وليخجل من عمله لأن الناس يراعون هذه المسائل في اعتباراتهم ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ).
ولذلك ركز أيضاً -سبحان الله- هنا على قضية الإيمان ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ما قال على المسلمين لتفاصيل للعلماء في ذلك -ليس هذا مكان بيانها فقهياً- فنجد التركيز على مفهوم الإيمان الذي قلنا أن من ثمار سورة النور هي تزكية النفوس .
 ( فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) هل الثيب يُجلَد و يُرجَم ؟
على أقوال للعلماء لأنه ورد في الحديث -حديث عبادة كما مرَّ معنا قبل قليل- ولكن القول الراجح أن الثيب يُرجَم و لا يُجلَد ، أقول القول الراجح وإلا في المسألة خلاف قوي . غير المُحصن والمقصود بغير المحصن : المُحصن هو: من وطئ وطأً مشروعا أو بنكاح مشروع ليس فيه شبهة أو غيره . هذا هو المُحصن، فإنسان تزوج ووطئ زوجته ثم بعد ذلك زنا حتى ولو كان قد طلق زوجته فهذا مُحصن هذا يُرجَم ، أما ما عدا ذلك فيُعتبر غير مُحصن فهذا يُجلد مائة جلدة ويُغرَّب ويُكتفَى الآن بالتغريب بالسجن، السجن نوع من التغريب. هذه وقفتي.
بإذن الله في الدرس القادم مع ما يستجد حول هاتين الآيتين في قضية حماية المجتمع المسلم سنأخذ هذا في الدرس القادم كيف يحمي الإسلام أفراده من العناصر التي قد تسبب سوءاً للمجتمع حتى يصل إلى القتل وهو الرجم هذا هو مجال وفيه وقفات مهمة تدبرية وإيمانية وتربوية وسلوكية ،وهذا أيضاً سأشير فيه لماذا الغرب الآن يستميت في إدخال المرأة في كل مجال لأنه يعرف أن الخطوة الأولى لما تتلوها من خطوات والآن ما كنا نعرف ما يسمى بالتحرش في بلادنا -في المملكة العربية السعودية- إلا الفترة الأخيرة لما وُجد الآن في بعض الدوائر الحكومية أو بعض الشركات اختلاط الرجال بالنساء حتى أنه نُوقش الموضوع أو رُفِع -لا أعلم هل نوقش أو لا- لكن رُفِع لمجلس الشورى ما يُسمى بالتحرش وكيف يعاقب ، التحرش يبدأ بالكلام وينتهي إلى ما هو أبعد من ذلك ولذلك السباق المحموم الآن من أعداء الله ومن حلفائهم في موضوع إقحام المرأة في مجالات ليس من شأنها، هم لم يريدوا من أجل أن تتعيش المرأة هل هذا رأفة بها ؟ إنما أرادوا نشر الفاحشة والرذيلة في الأمة (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .
حديثي إن شاء الله عن هذا الموضوع وعما يتعلق فيه من وقفات حول هاتين الآيتين واستدراك ما فات من بعض الأحكام السريعة هذا أدعه في الأسبوع القادم وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولاتنسوا إخوانكم من الدعاء في كل مكان وصل اللهم على سيدنا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
--------------------------------------------------
الشكر موصول للأخت (^–^) على قيامها بتفريغ الحلقة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق