الثلاثاء، 17 مارس 2015

تفسير سورة الأنبياء (١-١٥)/ دورة الأترجة

د. محمد بن عبد العزيز الخضيري



(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴿١﴾ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿٢﴾ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿٣﴾ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٤﴾ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴿٥﴾ مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ )
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد..
 فهذا هو المجلس الأول من مجالس تفسير سورة الأنبياء في هذه الدورة المباركة دورة الأترجة المقامة في جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بحيّ الخليج في بريدة وهذا اليوم هو الرابع والعشرون من شهر شوال من عام ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة النبوية.
وهذه السورة سورة الأنبياء سورة مكية بإجماع المفسرين وقد حكى الإجماع على ذلك ابن الجوزي في "زاد المسير" كما حكاه أيضاً ابن عطية في تفسيره "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" ونقله عنه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن".
ومن يتأمل هذه السورة يعلم أنها مكية لأن موضوعاتها هي موضوعات السور المكية الحديث عن العقيدة، التوحيد، اليوم الآخر، نصرة الله للأنبياء، ومناقشة الكفار في حججهم الباطلة وإشراكهم بالله سبحانه وتعالى غيره، كل ذلك يعتبر من موضوعات السور المكية.
وهذه السورة تدور حول الأنبياء، موضوعها هو (اسمها) أي الأنبياء حقيقتهم، ما هم، هل هم بشر أو ملائكة؟ هل هم يأكلون الطعام أو لا يأكلون الطعام؟ يتزوجون أو لا يتزوجون؟ وما هي دعوتهم؟ وما هو مقامهم عند الله؟ وكيف يحبهم الله عز وجل ويُدنيهم ويستجيب دعاءهم؟ وهذا سنراه واضحاً في السورة بشكل جليّ، فالله عز وجل يذكر لنا في هذه السورة أن الأنبياء يُكَذَّبون، وأن الأنبياء بشر، وأن من يقترح أن يكونوا ملائكة فقد اقترح اقتراحاً غير ملائم لحقيقة هذه الدعوة لأن البشر لا يناسبهم في الدعوة إلا بشرٌ مثلهم (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ) [الأنعام:٨] وقالوا أيضاً (لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) [الفرقان:٧] 
وقال الله (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا) [الأنعام:٩] يعني لابد أن نجعل المُرسَل من جنس المُرسل إليهم قال (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) اشتبه الأمر عليهم، هذا الملَك الذي صار بشراً هل بشرٌ حقيقي أو أصله مَلَك؟
 ثم بيّن الله ما هي دعوة الأنبياء، وإلى أي شيء يدعون الله عز وجل.
 ثم ما هي عاقبة من يؤمن بهم وعاقبة من يكفر بهم
 ثم ذكر الله عز وجل كيف دعا الأنبياء أقوامهم وماذا وُوجِهُوا به كما في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع قومه وكيف نجّاهم الله عز وجل، وكذلك لوط، وكذلك نوح، كيف كان الله يُكرِم الأنبياء بالآيات العظيمة والأمور العجيبة، كما أكرم الله عز وجل أيوب بأن أزال عنه البلاء، وذا النون بأن أنجاه من الظلماء ومن أعماق البحار ومن بطن الحوت، وزكريا أعطاه الولد بعد الكِبَر، ومريم التي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا، وكل هؤلاء إنما كانوا يدعون إلى الله ويوحّدون الله جل وعلا، فهذا هو موضوع السورة. موضوع سورة الأنبياء هو اسمها (الأنبياء) حقيقتهم ودعوتهم ومقامهم عند الله عز وجل.
فإن قلت ما مناسبة هذه السورة لما قبلها؟
فالمناسبة فيها أظهر من أن تُذكَر كما قال الألوسي - رحمه الله - لأن آخر آية قال الله فيها (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا) ترقبوا (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى) ثم قال بعدها (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) فالحساب قريب والبعث قادم وهو دانٍ منكم وليس بعيداً عنكم.
/ افتتح الله هذه السورة بقوله (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) أي قَرُب وَدَنا، وذلك لأن كل آتٍ قريب وأيضاً لأن الزمان بسبب كثرة ما مضى منه وقِلّة ما بقي أيضاً قريبٌ من يوم القيامة. قال النبي صلى الله عليه وسلم « بُعثْتُ أنا والساعة كهاتين » وشبّك بين أُصبُعيه عليه الصلاة والسلام مما يدل على أنه لم يبقَ من عمر الدنيا إلا قليل، لكن أعمارنا نحن في هذه الدنيا الباقية هي شيء يسير جداً، يعني فما نقيس بقاء العالم بأعمارنا، إنما نقيسه بماذا؟ بخلق الله عز وجل ونقيسه بما مضى من الزمن، كم مضى؟ مضى ألوف من السنين لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. ويكفيك أن الأنبياء الذين بُعِثوا يعني ليسوا عشرات الألوف بل بالمئات، مائة ألف أو مائة وأربعة عشر ألف نبي ومنهم ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً، إذاً كم هي الأمم التي بُعث فيها هؤلاء الأنبياء؟ إذا كانت أمة محمد منذ ألف وأربعمائة عام بُعِث فيها محمد صلى الله عليه وسلم.
/ قال الله عز وجل (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) ولم يقل بعثُهم من أجل أن يهددهم بأنكم ستُبعثون فتُحاسبون على كفركم وتكذيبكم وغفلتكم ونسيانكم للدار الآخرة.
/ (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) أي غارقون قد أعرضوا عن الاستعداد ليوم المعاد.
/ قال الله عز وجل (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) أي ما يأتيهم من كلام ربهم شيء نزل حديثاً، نزل قريباً (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) يتشاغلون بأيديهم وأرجلهم وأموالهم وأولادهم ومزارعهم (لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) وقلوبهم لاهية، فاللهو بالقلوب واللعب بالأبدان، ولذلك إذا اجتمع عندك اللهو واللعب في القرآن فاحمل اللهو على لهو القلوب وتشاغلها واللعب على لعب الأبدان وإعراضها.
/ قال الله عز وجل (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) أي هذا القرآن، حديث لتوِّه نزل من عند الله عز وجل (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) وكان الأجدر بهم استمعوه وهم مُنصتون مُقبلون ينظرون إن كان حقاً قبِلوه وإن كان باطلاً ردُوه، لكنهم انشغلوا بما بين أيديهم من الدنيا وتَلَهَّوا بما عندهم من الباطل وأعرضوا عن الاستماع والاتباع. وقد يُشْبِهُهُم بعض المسلمين من بعض الوجوه يسمع الآيات تُتلى ويأتي إلى المساجد ويُقرأ عليه القرآن وهو ينتظر متى تنتهي الصلاة حتى يُكمل ما بدأه من أمر الدنيا فهو يستمع إلى القرآن وفيه شيء من اللهو، لهو القلب ولعب البدن، ولذلك لا ينتفع بما يسمع من القرآن وهذا هو أساس البلاء.
 إذاً لكي نخرج من هذا لابد أن نستمع إلى القرآن استماعاً جاداً، ونأخذ هذا القرآن أخذ الحريص عليه المُقْبِل عليه الذي يعلم أنه جاء من عند الله عز وجل.
/  قال (لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) ثم قال (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي تناجوا فيما بينهم وتحدثوا يقولون (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) يعني كيف يُنبأ ويُوحى إليه وهو بشرٌ مثلكم؟! ما الفرق بيننا وبينه؟! فهم يُنكرون نبوته لكونه بشراً مثلهم وهذا من ضعف عقولهم لأنه كيف يوحي الله عز وجل إلى أحد ليس من مثلكم؟! إنما يجعل الله الرسول منكم أنتم يا بني آدم.
/ قال (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) أي يقول بعضهم لبعض (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) يعني تأتون إلى السحر الذي جاء به محمد وهو ساحر وأنتم تعلمون أنكم قد جئتم إلى ساحر، لأن الحقيقة أن الذي يعمله محمد هو سحر، من أي وجه سِحْر يا أيها المشركون؟ قالوا من وجه أنه يُفرّق بين المرء وزوجه، وبين الأخ وأخيه فيؤمن هذا ويكفر هذا فيتفرقان وهذا هو الذي يعمله الساحر، انظروا يا إخواني كيف شبهوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر؟ قالوا يفتن كما يفتن الساحر بين الناس كذلك محمد يفتن بين الناس، فهو الذي فرّق جماعتنا وشقّ صفوفنا وغيّر أحوالنا فقد كنا مجتمعين على ملّة واحدة وجاء اليوم بهذا الدين الجديد الذي لا نعرفه ولا يعرفه آباؤنا.
/ يقول الله عز وجل عنهم يقولون (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) يُنكرون نبوته لأنه بشر، ويتهمون الكلام الذي جاء إليه بأنه سحر (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) تقبلون هذا الكلام الذي جاء به وهو سحر، لأنه يفرّق بين المرء وزوجه؟ وماذا قال الوليد بن المغيرة لما قالوا له ما تقول يا مغيرة بما يأتي به محمد؟ فتفكّر ثم تفكّر قال والله يعني إني لأعرف شِعر الشعراء وكِهانة الكهان وسِحر السحرة والله ما هذا بشعر ولا كِهانة ولا سحر إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمُورق وأسفله لمُغدق -أو كما قال- ثم فكّر ثم قدّر ثم دبّر ثم قال ما أقول فيه إلا أنه سحر يؤثَر، من أي جهة يا مغيرة أو يا وليد؟ قال من جهة أنه يفرّق بين الرجل وصاحبه أو الرجل وامرأته، انظروا إلى كيده ولذلك نزلت فيه سورة المدثر (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)) قال الله (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)) إلخ الآيات.
/ (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) أي هذا الذي تناجوا به وتآمروا به على النبي صلى الله عليه وسلم من أنهم يقولون إنه بشر وإن الذي يأتي به سحر الله يعلمه ويُحصيه عليهم ولن يفوّته (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) السميع لأقوالهم العليم بما يأتمرون به لا يخفى عليه منهم خافية.
/ (بَلْ قَالُوا) يعني مما قالوه وهذا يدل على أنهم كانوا كاذبين لأن أقوالهم أصبحت مختلفة (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ) طيب قولوا لنا شيئاً هل هو أضغاث أحلام أو افتراء أو شعر؟ بلّغونا أنتم، بيّنوا لنا ما هي حقيقة القرآن؟ اختلافكم هذا يدل على أنكم إنما تريدون أن تُلفّقوا أيّ تهمة في القرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم وأنكم لستم مقتنعين مما تقولون.
قال الله عز وجل (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ) وأضغاث الأحلام هي الأشياء المختلطة التي يراها النائم في منامه ولا تفسير لها ولا تأويل. قال الله عز وجل (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) يعني يقولون ليأتنا بآية غير هذا القرآن مثل ما أُرسِل به موسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والله عز وجل قد قال لهم (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) وقد تحدّاهم أن يأتوا بعشر سور مثله مُفتريات، أن يأتوا بسورة من مثله، أن يأتوا بسورة مثله، أن يأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين، والعرب أمة ذات أنفة يعني ما ترضى أن يتحدَّاها إنسان ولو تحدَّاهم مُتحدٍ لخاضوا الموت ولا أن يذِلوا أمامه، ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منهم طلباً يسيراً أعطوني سورة واحدة، واحدة، أقصر سورة اختاروها وهاتوا واحدة مثلها، سكتوا جميعاً وعجزوا جميعاً ثم قال الله لهم (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) وسكتت العرب وما حارت بجواب ولا استطاعت أن ترُدّ، فبان بذلك أن هذا أعظم آية أُنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم وأعظم آية أَنزلها الله على نبيه، من أيّ جهة؟ من عدة جهات لكن نذكر اثنتين:
 الأول: أن آية محمد هي شريعته هي التي نزلت فيها شريعته بخلاف موسى آيته اليد والعصا وشريعته التوراة.
والثاني: أن آية محمد باقية وآيات الأنبياء ذهبت بذهابهم أو بذهاب الوقت الذي كانوا فيه. فمحمد صلى الله عليه وسلم هو الوحيد من بين الأنبياء الذي بقيت آيته إلى اليوم يراها الناس ويرون ما فيها من العِظات والعِبر وما فيها من البلاغة والإدهاش وما فيها من الإعجاز العظيم الذي بهر عقول الناس إلى اليوم.
/ قال الله عز وجل (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) طيب ما الذي يمنع أن يؤتوا بآية؟ لماذا لم تأتيهم آية؟
الجواب: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيات إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) [الإسراء:59] وإذا كذبوا بها نزل عليهم العذاب لأنهم يصيرون انتقلوا من حال الغيب إلى حال المشاهدة، ومعروف أن الإنسان إذا انتقل من حال الغيب إلى حال المشاهدة وكذَّب لا يُعذَر، الآن أنت قد تُمهَل وتُعذَر ويُصبَر عليك لأنك لا زلت تراوح، لكن لو رأيت الآية التي طلبتها ثم كذّبت فإن العذاب يستأصلك.
/ قال الله عز وجل (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) القرى التي أهلكناهم قبلهم كلها لم تُؤمن أفهم يؤمنون من بينهم وهذا سبيلهم وهذه طريقتهم؟! قال الله جل وعلا (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) [يونس:97]  تلك الأمم طلبت آيات، قوم صالح طلبوا من صالح أن يأتيهم بآية فجاءهم بآية عجيبة صخرة تلد ناقة وهذه الناقة يكون لها ولد وهذه الناقة يخرج منها لبنٌ يكفي أمة فهي يوم تشرب الماء وتسقيهم واليوم الثاني هم يرِدون الماء وهي ترعى الكلأ، ما هذه الناقة؟ ولدت من صخرة، عجيبة! ولما جاءت هذه الآية بدل أن يؤمنوا ويقولوا سلّمنا وأطعنا إذا بهم يزدادون عتواً وتكذيباً.
/ قال الله عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ) يرُدّ الله عليهم، كيف يُبعَث بشر؟ قال الله انتظروا ليس هذا بِدْع، هذا هو شأن الأنبياء قبلكم كلهم من الرجال كلهم من البشر وقد استدلّ العلماء بهذه الآية على أنه ليس في الملائكة رسول، وأيضاً ليس في الجِنّ رسول، وأيضاً ليس من النساء نبية ولا رسولة، بل كلهم رجال ومن أهل القرى وليسوا من أهل البوادي.
قال الله عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ) كل الأنبياء السابقين إنما كان حالهم أنهم كانوا رجال ويوحى إليهم.
 قال الله عز وجل (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) اسألوا أهل الكتاب وأهل الكتاب كانوا موجودين في جزيرة العرب،اسألوا اليهود جيرانكم في المدينة قريباً منكم وأنتم تمرون بهم وهم يأتون إليكم، واسألوا النصارى موجودين في اليمن وموجودين في نجران، وتأملوا ما عندهم من الكتب أو ابعثوا من يسألهم هل وُجِد من أنبياء الله مَلَك؟ ما وُجِد، إذاً فلماذا أنتم تُميَزون بأن يكون رسولكم من الملائكة، لا يمكن هذا.
(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وهذه الآية العلماء يستدلون بها في وجوب مسألة أهل الذكر في كل شأن من شؤون الإنسان عندما لا يعلم الحقيقة،إسأل أهل الذكر. فتسأل أهل الذكر في كل باب من أبواب العلم تسأل أهل الذكر فيه، يعني في الفقه تسأل الفقيه ما تسأل المُفسر، وفي الحديث تسأل المُحدِّث ما تسأل الفقيه، وفي الطِبّ تسأل المهندس وإلا من تسأل؟ الطبيب، فيقال (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ولذلك لا يجوز لنا يا إخواني أن نسأل في كل قضية إلا أهل الذكر فيها، وهم الذين يكونون المتخصصين العالمين العارفين بواقع تلك المسألة وبذلك العلم التي منه تلك المسألة (إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
/ قال الله عز وجل (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) كان من ضمن الاعتراضات كيف نبي ويأكل الطعام؟! كيف نبي يمشي في الأسواق؟! هذا ما يكون، من قال لكم لا يكون؟ وذكر الله اعتراضهم هذا في سورة الفرقان (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20)) وقال مبيناً ماذا قالوا (مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ (8)) [الفرقان] فانظروا كيف كانوا يقترحون أن لا يكون الرسول بشراً، وكيف يكون بشراً يأكل الطعام ويكون نبياً؟! فيُقال بل يأكل الطعام وهو نبيٌ يوحى إليه.
قال (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) أي ما جعلناهم أجساداً لا تأكل الطعام بل هم أجساد تأكل الطعام، ولذلك يقولون إن العرب إذا جاءت بين الكلام بجَحْدَين، جاءت في ثنايا الكلام بجحدين كان الكلام إخباراً مثل قولهم نفي النفي إثبات، إذا نفيت النفي فهو إثبات، إذا قلت مثلاً لا رسول من النساء، ثم قلت لا لا رسول من النساء، كان ذلك إثباتاً للرسالة من النساء لأنك نفيت النفي هذا على وجه المثال. قال الله عز وجل (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) بل هم يأكلون الطعام،(جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا) أي أجساداً وهذا اسم جنس يتضمن الواحد والاثنين والجماعة.
(يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) انظروا أين هم الأنبياء السابقون، ألستم تدّعون أن إبراهيم كان نبياً مرسلاً من عند الله، أين هو إبراهيم؟ مات، لماذا مات؟ لأنه بشر. إذاً مالكم هكذا مضطربون تقولون شيئاً ولا تعقلون يعني العواقب فيما تقولون؟.
/ قال الله عز وجل (ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ) انتبهوا يا كفار مكة لقد صدَقنا الأنبياء الوعد بأن أهلكنا من كذّبهم واستكبر عن الإيمان بهم وأنجينا من اتّبعهم (فَأَنْجَيْنَاهُمْ) أي أنجينا الأنبياء (وَمَنْ نَشَاءُ) ممن اتبعهم (وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) الذين كذّبوا أولئك الأنبياء.
/ ثم قال الله عز وجل مذكِّراً أهل مكة (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) قد أنزلنا إليكم كتاباً هو أعظم آية وفي الوقت ذاته فيه شرفكم، فيه ذكركم، فيه شرفكم لماذا؟ لأن الناس كلها ستحتاج إليكم، لأنه نزل بلسانكم. ستكونون في الناس قادة وتكونون في الناس شامة ويتحدث الناس بلسانكم، اغتنموا هذه الفرصة، لاحظ يعني يحاول أن يرغِّبهم بالجاه (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ) وبالفعل العرب أمة كانت منسية، أمة كانت متفرقة متمزقة، كانت ضعيفة، إما توالي فارس وإما توالي الروم، فجاء الله بهذا الكتاب فبعث شرفها ورفع قدرها وصارت سيدة الأمم. ثم لما أعرضت عن هذا الكتاب ردّ الله عليها ما كانت عليه قبل ذلك، فانظروا إلى حالنا اليوم!(فِيهِ ذِكْرُكُمْ) أي فيه شرفكم، وقال بعض السلف: (فِيهِ ذِكْرُكُمْ) أي فيه دينكم، تجدون دينكم فيه، وقال بعضهم (فِيهِ ذِكْرُكُمْ) أي فيه تذكرة لكم، وأكثر المفسرين على الأول أي فيه شرف لكم كما قال الله عز وجل في سورة الزخرف (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) وقال (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) وهذه الحقيقة يا إخواني ما أحدٌ أخذ القرآن والتفت إليه إلا رفعه الله ويؤكد لك هذا المعنى أن الصبي الصغير يحفظ القرآن فيُقدَّم على الوزراء والأمراء والملوك يُصلي بهم رفعة من الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم « إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين » يضعهم لأنهم أعرضوا عنه وتركوه.
/ قال الله عز وجل (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ) كثيراً،"كم" هنا للتكثير.
(وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ) أي من أهل قرية (كَانَتْ ظَالِمَةً) أي كانت كافرة ظلمت نفسها بأن استنكفت عن الإيمان واستكبرت عنه (وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ) أتينا بأمة أخرى بعدها ولم تتعظ لا هي ولا الأمة التي بعدها.
/ قال الله عز وجل مبيناً حالهم عندما ينزل بهم العذاب (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ) لما شعروا ببأسنا وأحسّوا به أي رأوا العذاب قد جاء إليهم (إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ) أي من ذلك البأس يركضون مختبئين وهذا من أعجب الأمور، لأنه إن كان هذا البأس من عند الله فمن الذي يستطيع أن يهرب من الله أو يفلت من عقابه هل يوجد أحد؟ لا والله، لا يستطيع أحدٌ أن يفلت من عقاب الله جل وعلا.(فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ) وما أحد يا إخواني انتفع لما رأى العذاب، لأنه عندما يرى العذاب تكون الحُجّة قد قامت عليه والمُهلة قد فاتته ولذلك ينزل به العذاب ويستأصله إلا ما حصل من قوم يونس لما شعروا بالعذاب خرجوا بأنفسهم وأموالهم وأنعامهم وصبيانهم ونسائهم إلى البراري يجأرون إلى الله عز وجل ويتضرعون بين يديه (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) [يونس:98]. قال الله عز وجل (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا) أي شعروا به وأدركوه بحاسة البصر (إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ).
/ قال الله عز وجل (لَا تَرْكُضُوا) يتهكّم بهم ويستهزئ بهم (لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ) ارجعوا إلى الترف الذي كنتم فيه والنعمة والرفاهية التي كنتم تتبجحون بها وكانت تمنعكم من الإيمان وكانت تصدّكم عن اتّباع الأنبياء.
(لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) ارجعوا إلى ذلك الغنى والترف والرفاهية التي كنتم فيها، هل تغني عنكم من الله شيئا؟!(وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ) ارجعوا إلى بيوتكم (لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ) أي تُسألون عما كنتم فيه، هل أدّيتم شكر تلك النعمة أو أنكم كفرتم وكذّبتم؟ جاءتكم الرسل بالآيات البينات فأبيتم أن تطيعوا وتعاليتم واستكبرتم وحاولتم حتى أن تقتلوا هؤلاء الأنبياء وتؤذوهم.
/ قال الله عز وجل (قَالُوا يَا وَيْلَنَا) في تلك اللحظة يستغيثون ويستجيرون بالله (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) هل ينفع الاعتراف؟ ما ينفع، لماذا؟ لأنه نزل العذاب وبانت مثل إنسان إذا نزل به الموت فآمن ما ينفع، ولذلك التوبة ما تنفع إذا غرغر الإنسان ولا تنفع إذا خرجت الشمس من مغربها وكذلك هنا وكذلك في قصة فرعون لما أدركه الغرق (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس:90] يقول العلماء إنه آمن ثلاث مرات (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) (قَالَ آمَنْتُ) ثم قال (أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) هذه الثانية (وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) هذه الثالثة وما انتفع لماذا؟ لأن الغرق قد أحاط به وأصبح الآن في النزع الأخير فلا ينتفع الإنسان من الإيمان إذا رأى ما يُوعَد لأنه انتقل من عالم الغيب إلى عالم الشهادة. والإنسان إنما ابتُلي بعالم الغيب ابتُلي بالغيب هل يؤمن به أو يكفر؟ هل ترون لو أن الله بعث إنساناً فقال له هذه الجنة وهذه النار تؤمن بهما؟ قال لا ما أؤمن يمكن هذا؟ ما يمكن، لكن يقول له الله وهو أصدق القائلين عندي جنة لمن آمن ونار لمن كذب آمن بهما واعمل، قال لا، ثم أُري إياهما قال آمنت، إذاً ما الفائدة؟ ما فيه فائدة لأنك ما صدّقت الله قبل ولا أخذت بخبره فلا ينفع الإيمان إذا انكشف الغطاء، لا ينفع الإيمان إذا انكشف الغطاء. قال الله عز وجل (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) يدعون على أنفسهم بالويل والثبور (يَا وَيْلَنَا) ينادون (يَا وَيْلَنَا) لأنه ليس هناك أحدٌ ينادونه فأخذوا ينادون بالويل والثبور على أنفسهم يا حسرتا على ما فرطنا في جنب الله!
(إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) أيّ ظلم؟ الظلم كله، الظلم الأول ظلمهم لله لأن أشركوا معه غيره، وهذا أعظم الظلم وهو الذي لا يغفر الله منه شيئاً، والثاني ظلمهم للعباد (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) [الماعون:3] هذه عادة هؤلاء لأنهم لا يرون أنهم يُبعَثون ولا يرون أن هناك جنةً ولا ناراً فهم يتشبثون بالدنيا ويأخذونها من كل وجهٍ يتاح لهم أن يأخذونه منها، والظلم الثالث ظلمهم لأنفسهم بأنواع المُوبقات والمعاصي من زنا وأكل لأموال اليتامى وسحر وربا ورُشى وغيرها من أنواع الذنوب والمعاصي وهذه الآية شاملة لها جميعاً.
/ قال (فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ) ما زالت تلك دعواهم يدعون الله بها والله عز وجل لا يستجيبها ولا يسمعها ولا يعطيهم سؤلهم وهو أرحم الراحمين، لأنهم قد فوّتوا على أنفسهم الفرصة قال (حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ) يعني حتى حصدهم الله حصداً فلم يُبقِ منهم ديّار ولا نافخ نار. نسأل الله سبحانه وتعالى العافية والسلامة.
أسأل الله بمنّه وكرمه أن يوفقني وإياكم لطاعته وأن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وأن يُذكِّرنا منه ما نُسِّينا ويُعلِّمنا منه ما جهلنا وأن يجعله نوراً لنا في الدنيا ويوم نلقى ربنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
-----------------------------
مصدر التفريغ ملتقى أهل التفسير (بتصرف يسير)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق