الأحد، 1 فبراير 2015

الدرس -٣- من تفسير سورة النور (تتمة مقدمة السورة)/ د.ناصر العمر



بسم الله الرحمن الرحيم
 اليوم نختم مقدمة سورة النور على أن نبدأ إن شاء الله في الآيات آية آية في الأسبوع القادم بإذن الله .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله أجمعين أما بعد ..
فمرّ معنا أن سورة النور أنه ليس لها إلا إسمٌ واحد وهو النور وكانت تُسمى بذلك في وقت النبي صلى الله عليه و سلم كما مرّ معنا في الأسبوع الماضي كما في الحديث حديث الشيباني : سألت عبدالله بن أبى أوفى : هل رجم رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم ، قلت : قبل سورة النور أم بعدها ؟ قال : لا أدري . فهو هنا سماها سورة النور. وكذلك في قصة المتلاعنين حتى نزلت هذه الآيات في سورة النور ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) .
فإذاً ومن أسباب تسميتها بسورة النور كثرت ورود النور فيها ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ ) ( نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) و اسمحوا لي حتى لا نفوت هذه الفرصة أنني عندما أقرأ قوله تعالى: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) وقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) أنا أخشى أن أولئك الذين دائماً يطرحون اليأس والتشاؤم والقنوط أن الله  لم يجعل لهم نوراً أخشى والله عليهم ، لا أجزم بذلك لكنني أخشى عليهم لِما نرى كما لو في رابعة النهار إنسان يقول : أبداً ليس فيه نور ، هذا لم يجعل الله له نور إما عاد لأن بصره كفيف إما أصيب بمرض أو لأي سبب ، يكفي أن الذين يبثون التشاؤم والقنوط واليأس يخالفون المنهج الشرعي ويخالفون ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو قبل ذلك في الآيات القرآنية ( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) فهنا ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ )  (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) نسأل الله أن يهدينا لنوره.
 فإذاً هذه الأسماء في السورة جعلتها سورة النور والحقيقة ما قلت هي كلها نور وكلها سُوْر ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ) كما سيأتي في الدرس القادم -بإذن الله- سُوْر حصانة مُنعة وأعتبر من التوفيق اختيارنا لهذه السورة في هذه الظروف في هذه الأزمة خاصة ما يتعلق بالمرأة لأنه أغلب ما في السورة يتعلق بالمرأة وعنايتها بأدق الأشياء حتى في تحديد البصر (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) والغض: بين الفتح الكامل للعين وبين الإغلاق ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ) فآيات حددت كيف يكون حجم انفتاح العين أتغفل عن أعظم الأحكام والآيات ؟!
 ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا ) بيَّن الله أن في آيات بيِّنات بهذه الدقة وكما قلت في الأسبوع الماضي ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ َ) حددت كيف تمشي المرأة هل هذه الشريعة إلا شريعة متكاملة .. شريعة وافية .. شريعة كلها نور فكيف نطلب النور من غيرها !! فلذلك نعم هي سورة النور .
فائدة أخرى ذكرها بعض العلماء أن سورة الإخلاص تسمى سورة النور قالوا : لأنها تُنوِّر القلب و قد ذكر بعض المفسرين حديثاً أن لكل شيء نور و أن نور القرآن ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) والأشبه أنه لا أصل له يعني أن هذا ليس بصحيح وسيأتي إن شاء الله وقفة مع فضائل السور .
ما ورد في فضل سورة النور:
أخرج الحاكم وصححه أبو ذر والبيهقي في شُعَب الإيمان عن عمر رضي الله عنه قال : "تعلموا سورة البقرة وسورة النساء وسورة الحج وسورة النور فإن فيهن الفرائض" .
 وأيضاً خطب ابن عباس رضي الله تعالى عنه استعمل على بن عباس رضي الله عنهما على الحجّ فخطب الناس خطباً لو سمعها الترك والروم لأسلموا ثم قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسرها. دليل على عِظَم هذه السورة و فضل هذه السورة أيضاً .
 وفي سنن سعيد بن منصور : كتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : "تعلَّموا سورة براءة وعلموا نسائكم سورة النور وحلّوهن الفضة" . فلاحظوا ( تعلموا سورة براءة ) لأنها فضحت المنافقين "و علِّموا نسائكم سورة النور" لأن فيها تعليم للمرأة وحصانة للمرأة وكيف تستر نفسها وكيف تغضّ بصرها. هذا كله من فضائل هذه السورة و مكان هذه السورة .
بعد ذلك أيها الأحبة هناك أحاديث وردت .. عفواً أو نقول أحاديث زَعُم أنها أحاديث في سورة النور وهذا موضوع أنبِّه عليه هنا وأنه كثرت الأحاديث الموضوعة فيما يتعلق بفضائل القرآن وبعض المفسرين -رحمهم الله- حشوا كتبهم بهذه الفضائل وهي لا أصل لها ، فضائل القرآن على نوعين : أحاديث صحيحة كما ورد في أم الكتاب وفي سورة ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وغيرها من السور، وأيضاً آثار صحيحة عن الصحابة، وأيضاً أحاديث موضوعة ومكذوبة. وذكر السيوطي عن نوح أبي عُصمة أنه قال : وضع حديثاً طويلاً في سُور القرآن وقال السيوطي أنه موضوع ، فقيل له : لماذا وضعت هذه الأحاديث عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل سور القرآن وليس عند أصحاب عكرمة هذا ؟ قل : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن اسحاق فوضعت هذا الحديث حُسبة - يعني يكذب عن النبي صلى الله عليه و سلم حُسبة -والعياذ بالله- و (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) هذا حديث صحيح متواتر .
 أيضاً هناك أحاديث منسوبة حديث أُبيّ بن كعب المكذوب الطويل -مكذوب عليه طبعاً- وهو في فضائل السور ولذلك لا أطيل هنا لكن تجدون مثلاً منها : من قرأ سورة طه أُعطيَ يوم القيامة ثواب المهاجرين ، من قرأ سورة ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ) حاسبه الله حساباً يسيراً وصافحه وسلَّم عليه - كل هذه أحاديث مكذوبة - من قرأ سورة الحج أُعطِيَ من الأجر حجة حجها وعمرة اعتمرها .. إلخ وهكذا على سورة .. سورة المؤمنين ، النور ، الفرقان ماشي مع كل السور. أمامي الآن كل سورة فيها حديث نُسِبَت لأُبَيّّ بن كعب وليس منه وقيل له لما وضعتها قيل لمن وضعها فيما بعد : قال رأيت الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن . قال ابن الصلاح : و لقد أخطأ الواحدي -المُفسر- ومن ذكره من المفسرين في إيداعهم في تفاسيرهم - هذا الحديث المنسوب لأُبَي بن كعب وهو كذب عليه رضي الله تعالى عنه لأنه صحابيٌ جليل .
 أنا ألاحظ هذا الآن في رسائل في الجوالات فيه فضائل غير صحيحة والمُشكِل سرعة انتشارها بين الناس وآثار وأحاديث بل رؤى في قصة رؤية أحمد المشهورة التي تناولها العلماء بالتكذيب ولا تزال ، ومن أسوأ ما يُنشر أنك إن لم تنشرها سيصيبك كذا وانتظر ثلاثة أيام أو خمسة أيام وهو كذب و باطل ولا يُنفِّذه إلا ضعاف الإيمان ويبادرون بسرعة -مع كل أسف- للاستسلام لهذه الأمور وقليل من يتثبت ، فعلينا أن نتثبت خاصة انتشار الإعلام ورسائل الجوال والناس مع ضعف إيمانهم وضعف علمهم عند كثير منهم وقعوا في هذا البلاء وروجوا لهذا الباطل وكأنها أحاديث صحيحة ، والشهرة أيها الإخوة -اشتهار أثر- لا يعني صحته ولذلك كشف العلماء عن الأحاديث الموضوعة المشتهرة كما فعل الصنعاني والشوكاني وغيرهم فبينوا أحاديث على الألسنة مشتهرة ليست بصحيحة حتى البعض أن من شهرتها يتصور أنها من شهرتها أنها متفق عليه وليست كذلك وكذلك هنا في هذه السورة .
وقت نزول هذه السورة: نزلت على فترات قيل بدأت من السنة الثانية إلى ما بعد ذلك إلى بعد غزوة تبوك ، أغلبها قالوا نزلت في سنة ست في غزوة بني المصطلق على الصحيح، والله أعلم ، الشاهد أنها نزلت مُنجّمةً ولم تنزل في وقت واحد قال العلماء : وهذا يقتضي أن هذه السورة نزلت مُنجّمة متفرقة في مدة طويلة وأُلحِقَ بعض آياتها ببعض، وبالنسبة للآيات -أيها الإخوة- نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي حدد مكان الآيات وهو توقيفي أما السور وترتيبها فهذا شيءٌ حدده النبي صلى الله عليه وسلم وشيء من اجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم .
 أيضا ًمن الوقفات أن مقصودها من أعظم ما تتناوله هذه السورة هو العفاف والستر -كما مر معنا- ولذلك قال عمر : "وعلموا نساءكم سورة النور" .
 وموضوعاتها: شملت موضوعات عدة أختصرها وأختم بها بإذن الله وأخذتها كلها من كتاب ( منهج سورة النور في إصلاح النفس والمجتمع ) لكامل الدقس كتاب أنصح بقراءته هو موجود الآن على الشبكة و مطبوع ( منهج سورة النور في إصلاح النفس والمجتمع) للدكتور كامل الدقس، وفيه كتاب جديد أيضاً صدر للدكتور كمال اللاحم بعنوان ( انشراح الصدور في تدبر سورة النور ) وقد أولاها العلماء عناية حتى هناك كتاب يُنسَب لشيخ الإسلام ابن تيمية وكذلك كتاب للموجودي كلها، هناك عدد من الكتب الكثيرة التي تناولت سورة النور لعِظم هذه السورة فيُرجَع إليها .
 فأقول : من أبرز موضوعات هذه السورة أيها الإخوة
/ تقوية الإيمان بالله جل وعلا - حتى نختم المقدمة - تقوية الإيمان بالله جل وعلا واليوم الآخر وتربية الضمير الحي وتزكية النفوس وقلت لكم : من أكثر السور التي تناولت التزكية هي سورة النور ، و فيه تلازم بين التزكية والنور لأنه بمقدار تزكية النفس وتزكية القلب يكون النور فيها ، و بمقدار أيضاً ما فيه من نور تكون تزكيته ( ذَٰلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) ( وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ) فتكررت التزكية في سورة النور فهناك تلازم بين تزكية القلب وبين النور الذي يجعله الله جل وعلا في قلب المؤمن .
/ أيضاً التشديد في عقوبة الزنا وتغليظها ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه ) ولذلك قال العلماء ما قال : رحمة ، قال : لأن العقوبة قد تكون رحمة لكن الرأفة لا ، لا تكون العقوبة رأفة في هذه الحالة بمعنى أنك تشُد عليه هذا الفرق فقال عز وجل : ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ) وإلا فقد تكون رحمة من وجهٍ آخر لوقاية المجتمع كما أن الإنسان قد يقطع عضواً من أعضائه رحمة بنفسه ويُعتَبر هذا رحمة فيه، أو قد يعالج ابنه علاجاً شديداً أو بعملية رحمةً بابنه ، لكن "رأفة" قال عز و جل : ( وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه ) رأفة ولم يقل رحمة .
أيضاً تعرفون أن الزاني يُغَرَّب إن لم يْقتَل إن كان مُحصناً قُتِل -رُجِم- وإلا جُلِدَ الحد كما سيأتي وغُرِّب ، قالوا : فهذا عزلٌ للزناة عن جسم المجتمع حتى لا يصيبوه بالوباء حتى يَطهُر بل كل ما يؤدي إلى الزنا أو ما حوله ، التشديد في عقوبة القذف ، عقوبة الزنا لغير المُحصن يعني لم يتزوج مائة جلدة والقاذف ثمانين جلدة ما في فرق إلا عشرين ويدل على حماية المجتمع وعدم التساهل في إطلاق هذه الألفاظ لأن الناس أيها الإخوة إذا أكثروا من شيءٍ هان عليهم عمله فحمى المجتمع حتى من لفظ الزنا أو اتهام الناس بالزنا والبعض مع كل أسف يتساهلون بالألفاظ ، والألفاظ أيها الإخوة هي أوعية للمعاني وهي دليل على ما في القلوب تنضح بها فتجدون من منهج القرآن التشديد في الألفاظ ( لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) معنى كلمة راعنا في الأصل صحيحة لكن لأن اليهود قالوا (رَاعِنَا ) شدّد الشرع فيها.
 (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَولِْ ) تلحظ أن بعض حتى الأخيار الطيبين قد لا يلتزمون بدقة العبارة ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ) أيّ قول ( إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) فهنا القذف .. مجرد القذف إذا لم يثبت يُقام الحد كما أُقيم الحد على ثلاثة من الصحابة من خيار الصحابة لا مجاملة في الحدود ، إذاً تجد أن هذه السورة تراعي اللفظ والقول ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) و لذلك تجد بعض المجتمعات ينشأ فيها عبارات غريبة جداً حتى سمعت بأذني في بعض المجتمعات ولن أسمي أي بلد وأي مكان -والعياذ بالله- لعن الله جل وعلا نعم يقولوا عبارات هي تؤدي ويُفهَم منها أنه لعن الله جل وعلا ، وتجده صائم وقد سمعت وأذكر من رجل مسلم وصائم في رمضان وقال عبارة فيها لعن لله جل وعلا، قلت له قال : لا أنا ما أردت، لأنه تعود في مجتمعه .. تساهل في هذا الأمر ، فماذا بعد لعن الله جل وعلا ؟ كُفر -والعياذ بالله- فإذاً تساهل في الألفاظ في البيت، لماذا تلاحظون بعض البيوت دقيقة في عباراته ، أنا أذكر بعض الآباء المربيين من تربيته لأبناءه إذا قال بنه كلمة غير مناسبة يقول : بسرعة بسرعة اذهب تمضمض -كأنه أصابته نجاسة- فصار أبناؤه يتحفظون في عباراتهم لأنه ربّاهم على أن هذه الكلمة صعبة ما يكتفي بس أن يؤنبهم يقول : لا أنت الآن كأنه أصاب نجاسة -أكرمكم الله- طبعا نجاسة معنوية لا شك فهو أراد أن يربي أبنائه فصار أبناءه قلّ أن تسمع منهم -أنا أعرف ابناءه- أن تسمع منهم كلمات نابية إن وُجِدَت فترة بسبب المجاورة والخلطة تزول سريعاً. فإذاً علينا أن ننتبه لأنفسنا أولاً، وحتى يذكر لي أحد الأشخاص -لن أصفه ولن أسميه- يقول : كنت لعَّاناً يقول عن نفسه عندما كنت شاباً كنت لعَّاناً فلما كبُرت عرفت الخطأ الذي كنت فيه يقول : فالتزمت أنني لا ألعن إلا ما ورد في القرآن وأنا أقرأ القرآن ومن حُفاظ كتاب الله ، يقول : حتى أربي نفسي على التخلص وتخلصت الآن -بحمد الله- من هذا الداء وهذا مرض وخاصة أنه يكثُر في صفوف الأخوات، وبعض الأخوات هداهن الله تتساهل في اللسان غيبة أو نميمة أو غير ذلك كل هذا ، فإذاً موضوع الألفاظ والدقة فيها تأتي سورة النور في مواضع عدة تعلمنا كيف نضبط ألسنتنا سواءً في في القذف أو غيره كما سيأتي بإذن الله .
/ أيضاً نجد فيها التأكد من صحة الأخبار التي يأتي بها الفسَّاق.
/ أيضاً توعُّد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا - أقف متعجباً سبحان الله- خاصة هذه الأيام وأنا أقرأ لبعض الإعلاميين أو بعض الصحفيين وأنا أقول لبعض الإعلاميين والصحفيين والمنافقين يستميتون في حب نشر الفاحشة والدفاع عن أصحاب الفاحشة بأساليب عدة استماتة عجيبة فما الذي يدفعهم لهذا سبحان الله ولكنه والله البلاءُ -والعياذ بالله- فُتِنُوا فتنة عظيمة تجد مقالاتهم ودفاعهم بل وسخريتهم حتى لما يُقام حد تعزير أو حكم شرعي كيف يسخرون، كيف يستميتون هذه الاستماتة ما لا تجد بعضه عند بعض الأخيار في الحق ليس في الباطل طبعاً ، فلذلك يأتي توعُّد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة، كم من أولئك الكُّتَّاب وأمثالهم من يحُب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا وقد توعدهم الله ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) نعم في الدنيا قد نقول ما رأيناه ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) فلا تحزنوا قد توعدهم الله بالعقاب العاجل والآجل و لو لم نعلم ذلك ظاهراً .
/ أيضاً ما يتعلق بضبط المجتمع والتقيد بالآداب حتى آداب الزيارة، عجيبة والله هذه السورة، عجيبة هذه الشريعة ولا عجب كل شيء بدقة في آداب الاستئذان .. آداب الزيارة .. آداب المشي .. آداب اللفظ .. ضوابط اجتماعية .. الأكل كما في آخر السورة مِمن نأكل .. (أَوْ صَدِيقِكُمْ ).
سدّ منافذ الشهوة لأنها بريد الزنا ، أيضاً منعُ اختلاط الرجال بالنساء أو خلوة بعضهم ببعض ولذلك جاءت الآيات فيها دقة عجيبة حتى من الدقة -التي ستأتي- ذكر العلماء في قوله تعالى : ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ ) قال العلماء لم يُذكَر العم والخال ذُكِرَ الأب و الجد - أقصد الأب و إن علا طبعاً - والأبناء والإخوان فذكر العلماء فائدة قالوا : المذكورين في هذه الآية كلهم هم وأبناؤهم كلهم مِمن يجوز أن تراهم المرأة لكن الذين أبناؤهم لا يجوز أن تراهم المرأة ما ذكرهم كالخال ابن الخال ما تشوفه المرأة ابن العم ما تشوفه فلذلك ما ذكرهم حتى لا يراها ويصفها لابنه عَرَضاً فتحدث فتنة. هذه استنباطات بعض العلماء. يعني من الدقة ذكرها العلماء في هذه السورة كله حماية للمرأة .. حماية للرجل .. حماية للعفة سورة سُور كما بيَّنا ، فالقضية هنا يا إخوان موضوع وسائل الاختلاط الشاهد أن السورة ركزت على أي وسيلة يمكن تؤدي إلى الفتنة إلى الاختلاط تمنعها قاعدة سد الذرائع من أعظم قواعد الشريعة التي ذكرها العلماء موجودة في سورة النور ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ) سد ذريعة (مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) الآن مثلاً نقول بعض الأحكام يأتيك -مع كل أسف- البعض وإن طالب علم ويُبيّنه تبييناً باردا خلاص المرأة في جانب والرجل في جانب، طيب ألم يقل هذا في أمور أخرى ورأينا الاختلاط على عواهنه، ألم تأتي وعود وأنه سيكون التزام الشريعة فيها ولن يقع اختلاط وأصبح أمام أعيننا ظاهراً بيِّناً ؟ لما وقع الدمج ماذا حدث ؟ كم سمعنا من الوعود وأنه لن يقع الاختلاط أبداً ولن يتحقق حتى بعضهم يقول : على رقبتي إن وقع ، والآن انظروا ماذا يحدث، في مراكز كشفية .. في جامعات أين هذه الوعود ؟ ثم مرة أخرى نعود والبعض يقول : لا بضوابط الشريعة ، هل التُزِمت ضوابط الشريعة في مسائل مضت حتى تُلتَزَم في الباقي؟ ألا يكفينا ما مضى دليلاً لنستدل به على الواقع ؟ لماذا نُخدَع ؟ عمر رضي الله عنه يقول : لست بالخُبّ ولا الخُب يخدعني . مجرد تطبيق الشريعة نظرياً وأنت ترى مقابل ذلك أماكن أخرى لم تطبق فيها الشريعة، ترى الاختلاط جهاراً عياناً ، فكيف تأمن في المستقبل أن لا يقع الاختلاط؟! ألم تأتِ وعود سابقة والأنظمة صريحة بمنع الإختلاط وكلام المسؤولين صريح -وهو واقع- طيب مادام كذلك كيف نعود مرةً أخرى!! أنكون بهذه البساطة **** هذا لو سلمنا جدلاً في أصل الموضوع، فيجب أن يكون طالب العلم من اليقظة وبُعد النظر ونقيس من الحاضر على الغائب وخاصة التماثل مادام فيه تماثل فطبيعي أن يقع الآخر ولا يُحترَم مجرد أن يصدر الأمر بعد أن يصدر الأمر بعد أن يصدر القرار بعدها كيف يُنفَذ ؟ من ينفذه ؟ من يلتزم به ؟ أنظروا الواقع الآن في مرافق كثيرة جداً في أحوال في شركات في مؤسسات على قدمٍ و ساق مسابقة فيما يتعلق في المرأة وسفور المرأة والعلماء استنبطوا في هذه السورة قال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) بينما في سورة المائدة قال : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) قال : لأن أكثر من يسرق هو الرجل فقدمه هناك أما في الزنا فالمرأة أكثر إغراءً من الرجل فقدمها هنا بزينتها وجمالها. وهذا ما رأيناه الآن ونراه في أماكن كثيرة جداً فالحكم الشرعي عندما يصدر لا يُنظر كمجرد مسألة دون النظر إلى الواقع الذي تعيشه ولذلك ذكر شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية أن من شروط المُفتي معرفة الحكم الشرعي و فهم الواقع - هذا كلام ابن القيم ليس كلامي - فهم الواقع، لا يكفي مجرد فهم الحكم الشرعي دون النظر إلى الواقع فالواقع إذا كان يدل على أنه لن يُلتزَم بهذا الحكم الشرعي فلماذا إذاً ندافع عنه ونستميت في الدفاع عنه ؟ فهذا في الحقيقة يؤدي إلى مصائب لا تخفى فنسأل الله السلامة.
 جاءت سورة النور تعالج هذا الأمر معالجة دقيقة وتسد الذرائع سداً دقيقاً حتى في تحديد حركة العين وفي حركة القدم وهناك من الصحفيين من يسخر من قاعدة سد الذرائع، نعم قاعدة سد الذرائع موجودة في كل مكان، الآن الدفاع المدني في الحجّ قالوا من أجل حماية الناس وخوفاً من وقوع حرائق يشترطون شروطاً كثيرة خوفاًمن وقوع حرائق - وهذا من سد الذرائع -  وهذا صحيح طبعاً طيب المستشفيات تجد شروط العلاج من باب سد الذرائع ، لماذا حلال سد الذرائع في كل شؤون الحياة وحرام في شؤون الشريعة ؟!لماذا يسخر بعض الإعلاميين من الشرع في قضايا سد الذرائع ومن العلماء في قاعدة سد الذرائع بينما يرونه عادي .. طبيعي في أمور المدنية الأخرى ؟ سبحان الله ( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) حكم باطل والله حكم ظلم فلا نُخدَع يا إخوان ودعونا من النقاش الذي لا قيمة له ومن الاستخفاف بالعقول ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ) لا ، يجب أن نكون فعلاً أن ننظر نظرة بعيدة لمآلات الأحكام. سورة النور نور تحدد لنا هذا المسار فمن ذلك التزام النساء بالحشمة.. عدم التبرج .. التنديد من بقاء الرجال والنساء في المجتمع بدون زواج أيضاً ، حتى من أفضل أنواع الاستثمار ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) بدل ما تستثمر في جوانب أخرى ماديا استثمر في الزواج ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) بعضهم تقول له : ليش ما تتزوج ؟ يقول : ماعندي فلوس . هذا وعد الله ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) الآن لو تُعلِن للناس أنه يوجد فرصة استثمارية تسابقوا إليها حتى بعضها ولو ربا -والعياذ بالله- طيب هذه فرصة اسثمارية في الزواج ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ ) وعد الله أن ( يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) هذا حكم ووعد الله كُله من أجل الحشمة وعدم وجود العنوسة عند الرجال والنساء ، البنات الآن تعدين الأربعين والثلاثين لم يتزوجن، أبناؤنا تعدوا الثلاثين لم يتزوجوا ما هذا أيها الإخوة ؟! بينما عند طوائف أخرى -اسمحوا لي و لو تعديت دقيقة أو دقيقتين- يحدثني أحد رؤساء المحاكم بنفسه في منطقة يقطن بها بعض الطوائف يقول : دخل عليَّ شاب ليس عليه غترة عمره ستة عشر عاماً فأعطاني ورقة زوجة تشكو زوجها يقول : فحسبت أن أمه تشكو والده فقلت : أين والدك ؟ قال : ليش ؟ قلت : الآن معي هذه أمك تشكو والدك ؟ قال : لا، هذه زوجتي تشكوني أنا ، فقلت : زوجتك ؟ قال : يعني أيش فيها ، قلت : أين هي ؟ قال : عند الباب ، قلت أدخلها ، قال : فلما دخلت قلت : أنت تشكين زوجك ؟ قالت : نعم ، قلت : ليش ؟ قالت : متزوج عليَّ زوجة ثانية ، يقول قلت له : أنت متزوج زوجة ثانية ؟ قال : حرام يا شيخ ؟ قلت : لا مو حرام بس أنا أتأكد ، قال : أيوة متزوج ، قلت : بالله وش شغلك ؟ قال : أكرِب نخل - فلاح يشتغل بالنخل- يقول : المقصود بعد قليل -قاضي يريد أن يحل المشكلة- قلت : لعله يرضيك وتسكتين قالت : كيف يرضيني ؟ قلت يعطيك فلوس، يقول في ذهني خمسة آلآف .. عشرة آلآف ، قالت : ما يطيع ، قال : ما لك شغل أنا قاضي ألزمه كم تبغين ؟ قالت تبي خمسمائة ريال ، خمسمائة ريال الله أكبر ، يقول : قلت أعطها خمسمائة ريال ، قال : ليش يا شيخ أعطيها خمسمائة ريال ؟ أنا فاعل حرام ؟ قال : يا رجال أنت بس اعطيها خمسمائة ريال، قال: بشرط اكتب عليها شرط ما تعارضني في أي زواج . يقول كتب عهد وشرط ووضع الخمسمائة ريال وراح .
 بينما تلاحظ أبناء السُّنة...
 يحدثني قاضي آخر في منطقة أخرى يقول : دخل عليَّ شاب عمره يا إخوان ثلاثين سنة والله يا إخوان يقول ثلاثين سنة والله في بطاقة عائلته ثلاثين ولداً كلهم أولاده متزوج من أربع، وعندنا أولادنا بلغوا الثلاثين يقول أكوِّن نفسي ، ليش ما تتزوج ؟ أكون نفسي ، البنات بدأن يقولن هذا الكلام تكوِّن نفسها هذه السورة تقول ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) من أجل الحشمة والعفاف والرضا.
 وأخيراً : -لأني أطلت عليكم أيها الإخوة- تجد فيها تحرير العبيد والإماء -كما مرَّ معنا- ستئذانه للبيت وهو دقيق سبحان الله
 توثيق لروابط المحبة والألفة في الإطعام والمجتمع
 تمييز المؤمنين المخلصين من المنافقين المفسدين في المجتمع، لابد من التمييز بين هؤلاء ليس بالأبدان ولكن في الفكر وفي الواقع هذه السورة تحقق هذا المعنى فنعرف من هو المنافق حتى نكون على يقظة منهم ومن كتاباتهم وإن تلبّس -المنافق هو الذي يُظهِر الإسلام ويبطن الكفر- طبعاً نحن لا نحكم على كل إنسان بكفر اعتقادي قد يكون كفر عملي ومرة أخرى عوارض الأهلية ولا نتعجل في أحكام الكفر ، أحكام الكفر ليست سهلة .
هذه السورة أيها الإخوة سورة محكمة سورة عظيمة فيها ناسخ لعدد من الآيات نأتي إن شاء الله في تفاصيل ذلك ابتداءً من الأسبوع القادم هي سورة النور هي سُور في الحقيقة هي الحصن والعفاف فعلينا أن نتعلمها وأن نعلِّمها أبناءنا ونساءنا وأن نلتزم بأحكامها . أسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وبطن ولا تنسوا إخوانكم المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها من الدعاء، ادعوا لإخوانكم في سوريا ،ادعوا لإخوانكم في كل مكان في العراق .. في فلسطين .. وفي اليمن ، ادعوا لهم في أفغانستان، ادعوا للمأسورين في كل مكان لعل الله يفرج عنا وعنهم ، ادعوا لأخوانكم ولأنفسكم ولوالديكم فالدعوة لها أثرٌ عظيمٌ جداً ولا يبخل بها إلا بخيل وهي أمرها يسير وأثرها عظيم .
 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وصلي اللهم على محمد والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق