د.محمد بن عبد العزيز الخضيري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه...
سورة الماعون سورة تبين لنا أن من لم يؤمن لا يرجى منه خير
فقال الله عز وجل فيها (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) أي لا يؤمن باليوم الآخر .. لا يؤمن بالجزاء ولا بالحساب .. لا يظن أبداً أنه سيُبعث وأنه سيُلاقي عمله ويُلاقي ربه فإن مثل هذا يتصور منه كل شر حتى أنه يبالغ في الشر فيعتدي على الضعفاء والمساكين كالأيتام وغيرهم فلا يدع بأيديهم شيئاً يعنى لا يكتفي بالرِّزق الذي يأتيه بل إنه يأخذ الرزق الذي بأيدي هؤلاء الضعفاء. قال الله عز وجل:
( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) أي يدفعه دفعاً شديداً عن حقه
(وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) أي لا يحث الناس على إطعام المساكين وعلى القيام بحقوقهم لأنه لا يرى إلا شهوته ولا يُحسّ إلا بنفسه ولا يرجو جزاءً ولا حساباً ولا أجراً ولا ثواباً ولا جنة ولا يخشىٰ ناراً ، هذا ديدن من لا يؤمن بالآخرة.
قال (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) حتى إذا صلى أمثال هؤلاء فإنهم يصلون صلاة صورية شكلية هم مُصلون في ظاهر الأمر لكنهم إما أن يسهو عن الصلاة بأن يفوِتوا أوقاتها أو يسهو عن الصلاة فيدخلون فيها ولا يعرفون مما يقومون به شيئاً لذهاب الخشوع من قلوبهم.
ثم قال
(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ )
حتى لو عملوا عملا فإن هذا العمل يكون مشوبا بالرياء، دائماً يتفاخرون به ويمُنون به على عباد الله ويذكرونه أمام الناس، بنى مسجداً أو صنع معروفاً لأحد من الناس أو قضى حاجة لمحتاج تجده يذكرها في كل ميدان ويتبجح بها مع أن عمله قليل لكنه لا يريد إلا الدنيا وما فيها.
ثم ذكر شيئاً
عجيباً فقال (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) حتى هذاالماعون الذي لا يتضرر الإنسان بإعطائه وإعارته لمن يحتاجه يمنعونه من شدة حرصهم على الدنيا وعدم حِسْبَانِهِم أو اعتبارهم بالآخرة.
وبهذا يتبين أحبتي الكرام أن من أعظم ما يُقيم الحياة ويُصلحها إيمان الناس باليوم الآخر ولذلك يأتي الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر مُقترنين في كثير من المواضع يقول النبي صَلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه،،من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جاره،،من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )
وتأكيد القرآن كثيراً على الإيمان باليوم الآخر لأنه لا يمكن أن يسعد الناس ولا يمكن أن تصلح أحوالهم ولا يمكن أن ينطفئ الشر ولا أن يذهب البلاء إﻻ به ولذلك هو عنوان الصلاح والإصلاح في الأرض. فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعاً ممن يؤمن باليوم الآخر إيماناً حقيقياً حتى كأنه يرى الجنة والنار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق