الاثنين، 5 يناير 2015

من هدايات سورة الزلزلة

د. محمد بن عبد العزيز الخضيري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه...
سورة الزلزلة تحدثت عن يوم القيامة فهي تتحدث عن الزلزال العظيم الذي سيحدث في ذلك اليوم المهول وأن الأرض تُزلزل زلزالها العظيم المهول الذي تشيب له النواصي وتضطرب له القلوب وتخشع قال (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) أي أخرجت الأرض ما في جوفها من الموتى ومافي جوفها من المال ومافي جوفها من الكنوز .
(وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا) من شدة ما يصيبه من الهول يقول مالها؟ ما الذي أصابها؟  يقول الله عز وجل (يَوْمَئِذٍ) أي في ذلك اليوم (تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) تخبر بما عمل عليها.
وهنا نقف ويقف كل واحد منا مع نفسه ماذا عمل على هذه الأرض التى يعيش عليها؟
 أنت في غرفتك .. في مكتبك .. في سيارتك .. على مركوبك أيّا كان ذلك، ماذا تريد أن يتحدث عنك ذلك في يوم القيامة، سيشهد عليك ويُدلى باعترافات لا يمكن لك أن تُكذبه لأنه لا يحمل إلا الحقيقة، فماذا أنت قائل؟
ماذا يمكنك أن تعتذر عند الله عز وجل إذا أخبرت الأرض التى كنت عليها بأنك كنت تعصي الله فوقها؟
ماذا تملك عِندها؟
 إن على كل واحد منا أن يستعد من الآن لأن يكون له حظ من عبادة في كل أرض تطؤها قدمه، ولذلك كان الصالحون من عباد الله يحرصون على ألا يُخلُو مكانا يحِلُّون فيه من عبادة يتعبدون الله عز وجل فيها أو بها ويذكرونه جل وعلا بها.
 فإذا دخلت غرفة أو فندقاً أو مكان ما أو روضة من الرياض أو حديقة صلي فيها ركعتين .. اقرأ فيها آية .. اذكر فيها ربك .. اعمل فيها خيراً ليشهد لك يوم القيامة ويُدلى باعترافات تسُرك وتفخر بها في ذلك اليوم الذي لا ينفع الإنسان فيها إلا عمله الصالح.
/ ثم قال (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) أي أن الناس في يوم القيامة يأتون من جهات مختلفة ليُشاهدوا ما عملوه في الدنيا وليرَوه مُجسما ومُجسداً أمام أعينهم فأنت ترى إلى صلاتك .. صومك .. زكاتك .. حجك .. قيامك .. ذِكرك لله .. إيمانك به .. بِرُك لوالديك .. صلتك لأرحامك .. أمرك بالمعروف .. نهيك عن المنكر .. بذلُك للمال .. إطعامُك للفقراء .. صِلتك للأيتام وإكرامُك لهم، وترى أيضاً في المقابل كل معصية عصيت الله بها، ترى عملك فيسُرّك عملك الصالح ويسوؤك عملك السئ وكل عملٍ من عملك فهو محسوب بدقة سواءً كان ذلك من حركات القلب ومن خفقاته وخواطره وما يجول فيه أو كان ذلك من حركة اللسان (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) أو كان ذلك من حركة الجوارح كل ذلك يُجسد لك ويكون أمامك ولذلك على الانسان أن يحذر.
 وقد خُتمت السورة بهاتين الآيتين المُحذِرتين لكل واحد منا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
فكل من عمل مثقال الذرة، ومثقال الذرة شئٌ قليل لا يمكن أن يُحِسّ به الإنسان، لو أنك وضعت الذرة في كفك ما شعرت بشئ قد وقع عليها -المقصود النملة أو الذرة الشئ الصغير من خلق الله عز وجل كالذرة من الرمل أو غير ذلك لو وضعتها في يدك لم تُحِس فيها أصلاً هذا ستراه يوم القيامة وسيبدو لك عيانًا فكيف مماهو أعلى من الذرة "سبحان الله ،وسبحان الله وبحمده" هذه فوق الذرة بكثير، من قال سبحان الله وبحمده غُرست له نخلة في الجنة.
 فهنا ينبغي للإنسان أن يتذكر وألا يستهين بأي عمل يُقدِمه إن كان خيراً أوكان شراً. إن كان خيراً أن يستكثر منه، وإن كان شراً أن يرعوي عنه وألّا يحتقره، والنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن المُحقرَات قال (إياكم والمحقرَات فإنهن يجتمعن على الرجل فيُهلِكنه) أي كما تجتمع الأشياء الصغيرة والحاجات الخفيفة لو أن النار سرت فيها لأحرقت قصراً بأكمله أو بيتاً بأكمله وهكذا المسلم لا يحقِر شيئا من عمل الخير أن يُقدمه ولا شيئا من عمل الشر أن يتركه .
أسال الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم ممن يسارعون في الخيرات ويقيمون الصلاة ويأدون ما أمر الله سبحانه وتعالى لأن يُأدى وصلى الله وبارك على سيدنا محمد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق