الأحد، 14 ديسمبر 2014

من هدايات سورة الضحى

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
 سورة الضحى سورة تتحدث عن نِعم الله عزوجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم خصوصاً أنها نزلت بعد أن قذفت إحدى المُشركات رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها (ما أرى ربك إلا قد هجرك أو أبغضك أو قلاك) فًأنزل الله عزوجل هذه السورة رداً على زعمها وافترائها الباطل وطمأن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه في المحل الأعلى من القُرب والحظوة عند ربه سبحانه وتعالى لذلك قال:
(وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
 ثم بعد ذلك ذكرت السورة نِعما أنعم الله بها على محمد صلى الله عليه وسلم وقابلت هذه النِعم بما ينبغي من رسول الله من شُكره وهذا يعطينا أن كل نعمة ينعم الله بها عليك ينبغي لك أن تبحث عن سبيل لشكر تلك النعمة من جنس ذلك العطاء.
 انظروا معي إخوتي الكرام قوله سبحانه وتعالى (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) أي قد وجدك يتيما فآواك
  (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) أي وجدك غيرعالِمٍ بهذا الوحي ولا عارف بهذا الدين فهداك اليه .
(وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) عائلا أي فقيرا ذاعيال فأغناك الله عز وجل أول الأمر بعمّك ثم بعد ذلك بزوجك خديجة رضي الله تعالى عنها وأرضاها ثم بما أفاء الله عزوجل عليك من النِعم.
 ثم بيّن له سبيل الشُّكر فقال (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) ألم يجدك يتيما فآواك إذا ينبغي لك إذا وجدت يتيما ألا تقهره وأن تُكرِمه وترعاه ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بالأيتام ولهم عنده حظوة عظيمة ومكانة رفيعة حتى قال (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) .
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) سبحان الله هذه من بلاغة القرآن قال السائل ولم يقل وأما الفقير من أجل أن تشتمل على شكر نعمتين لأن قال في الآيات التى ذكر بها بالنعم قال (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) هذا من ناحية العلم (وَوَجَدَكَ عَائِلًا ) هذا من ناحية المال ، فقوله وأما السائل يشمل هذا وهذا فإذا جاءك طالب العلم فلا تنهر، وإذا جاءك طالب المال فأعطه ولا تنهره، ويدخل في هذا صاحب الحاجة عموما وكل سائل فانظر كيف جاء بكلمة السائل ولم يذكر الفقير ولم يذكر الجاهل ليبين كيف تُشكر تلك النعمة وتُشكر تلك النعمة بأقصر عبارة.
 ثم قال ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) هذا فيما يتعلق بحديث الإنسان عن نِعم الله عليه لأن هذا من أعظم ألوان الشكر أن تتحدث بنعمة الله عليك فإذا سُئلت عن صحتك أو عن حالك تقول: أنا بخير الحمد لله، أنا في سعة، أنا في رحمة وفضل من الله سبحانه وتعالى، ولا تكن كذلك الذين يجحدون نعمة الله فهم دائماً يتشكون ويتسخطون ويتذمرون من قدرِ الله ودائما يرون أنفسهم في المحل الأسفل وفي المحل الأدنى. أسأل الله أن يوزعنا وإياكم جميعا شُكر نِعمه وصلى الله وسلم على محمد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق