الأحد، 30 نوفمبر 2014

من هدايات سورة الفجر

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..
 هذه السورة الكريمة ذكر الله عزوجل فيها عواقب الأمم المكذبة برسل الله ثم ذكر بعدها أفعالهم، وإنما ذكر تلك الأفعال والصفات ليحذرها المؤمنون لئلا يصيبهم ما أصاب مَن قبلهم فالله عزوجل بعد أن ذكر قوله (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)) ذكر تلك الخصال مُبينا أنها كانت سبب لنزول العقوبة بأولئك الأقوام فقال (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16))
هاتان الآيتان اشتملاتا على عقيدة فاسدة لأؤلئك الكفار وهو أنهم يقيسون حالهم في الدنيا فيعتبرون به في مقامهم عند الله عزوجل يجعلونه وسيلة لمعرفة مقامهم عند الله جل وعلا فهم يقولون إذا كان الله قد بسط لنا في الرزق فهذا دليل على أن الله راضٍ عنا وإذا ضيّق علينا في الرزق فهذا دليل على أن الله ساخط علينا والحقيقة أن الدنيا لا تساوى عند الله جناح بعوضة فيكف تكون محلا لمعرفة قدر المؤمن والمرضي عنه والكافر والمسخُوط عليه هذه عقيدة جاهلية وأنبياء الله كثيرٌ منهم كانو فقراء والصالحون من عباد الله والعلماء الربانيون كثيرٌ منهم هم في جانب المحرومين من مُتع الدنيا ولذاتها وإنما يُعجِّل الله بهذه اللذات غالبا لأؤلئك الكفار الذين لاحظ لهم في الآخرة.
 وهذه العقيدة إنما ذُكرت لتحذير المؤمنين منها فلا يظنن مُؤمن أنه إذا ضُيق عليه أو ابتُلي بأمراض أو حصل له شئ من البلاء أن ذلك دليل على سخط الله عزوجل عليه وعدم رضاه عنه.
الأمر الثاني: جاءت هذه الآيات لبيان عمل من أعمالهم الضالة وهو السطو على أموال الأيتام وقهرهم ما بأيديهم وذالك لعدم وجود من يدافع عنهم وكانت هذه عادة في الجاهلية من العادات السيئة والقبيحة فجاء الاسلام بتعظيم أمر الأيتام حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنه كهاتين ).
الأمر الثالث: (وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) أي لا يحُضّ بعضكم بعضا على إطعام المسكين الذي بلغ المسكنة والذل بسبب قلة ذات اليد. إذا فالتحاضّ على طعام المسكين وإطعام المسكين من صفات المؤمنين التي أوجب الله سبحانه وتعالى أوجبها على عباده المؤمنين.
الأمر الرابع: (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا) يعني تُسارعون إلى أكل الميراث ولا تدعون منه شيئا للضعفاء والمساكين والإناث.
الأمر الخامس: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) أنكم تؤثرون هذا المال حتى تجعلونه هو المحور في حياتكم فمن أجله تبذلون الغالي والنفيس وتظلمون العباد وتتركون ما أمر الله عزوجل.
  بعد أن ذكر هذه الخصال ذكَّر بالعقوبة في الآخرة فقال (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)) إلخ ما هنالك من الوعيد العظيم لمن كذّب وعمِل هذه الأعمال الفاسدة. نسال الله العافية والسلامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق