الاثنين، 24 نوفمبر 2014

من هدايات سورة الطارق

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري


هذه السورة الكريمة فيها بيان عناية الله سبحانه وتعالى بعباده حيث ذكرأن كل نفس من هذه النفوس قد جعل الله عز وجل عليها من يحفظها وهذا من إكرام الله عز وجل لعبده وإقامته الحجة عليه ولذلك قال بعدها
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ *إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) 
فربنا سبحانه وتعالى يُبين لنا أنه قادرعلى أن يعيدنا بعد موتنا وأننا سنُبعث بعد أن نفنى وأن ذلك ليس عزيزا على الله ولا مُمتنعا عليه بل هو أيسر ما يكون عليه سبحانه وتعالى.
/ ثم قال الله سبحانه وتعالى (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) أي تُختبر سرائر الناس فكل سريرة أوقعتها في قلبك وأكننتها في صدرك وأخفيتها على الناس فالله سبحانه وتعالى يُبديها ويُظهرها، وهذا يُخيف المرء ألّا يُسرّ أمرا غير الشيء الذي يظهرمنه من الدّين والإيمان ونحو ذلك فإن من الناس -والعياذ بالله- من يتظاهرأمام الناس بالدّين ويتظاهربأنه من المُصلين وهو يكره الدّين ويكره المُصلين ولكن لمصالح عاجله وآنيّه يفعل مثل هذا الفعل المشين فليحذرالمسلم من يوم يبعث فيه الناس فتُبلى سرائرهم أي تختبر وتُمتحن .
وهكذا في سائرالأمور والأعمال على الإنسان أن يكون صادقا في الظاهر والباطن واعلموعباد الله أن الإنسان قد يقول كلاما صدقا ولكن في باطنه لا يؤمن به فيكون من الكاذبين قال الله عزوجل (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) هؤلاء المنافقون شهدوا لرسولنا صلى الله عليه وسلم بالرسالة ومع ذلك شهد الله عليهم بالكذب لأن ما قالوه بألسنتهم لم يُطابق ما في قلوبهم. وعليه فعلى المسلم أن يتفحص ما في قلبه.
 ثم اعلموا عباد الله أن قوله (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) أن هذه القلوب محلٌ لكثير من الأعمال، بل أجلّ الأعمال وأعظمها بدأ من الإيمان كُله محله القلب فعلى الإنسان أن يفحص قلبه وأن ينظرإلى ما في هذا القلب من حسد..من كِبر..من رياء.. من عُجب، كذلك يفحص ما في قلبه من إخلاص وإيمان وتوكل وصدق ويقين وغيرذلك من أعمال القلوب لأن هذه القلوب ستُبتلى وتُختبرعند الله سبحانه وتعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى ما في قلوبكم وأعمالكم) فالقلب وعمله هو محل نظر الرب سبحانه وتعالى فعلى الإنسان أن ينتبه له وأن يُوليه عناية عظيمة وأن يحذرمن أن ينجرف وراء الظواهر ويدع هذه البواطن والخفايا والأسرارالتي لا يطّلع إليها الا الرب سبحانه وتعالى. والله الموفق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق