الثلاثاء، 15 يوليو 2014

الوقفــ الثالثة ـــة من جـ (٣٠) / في سورة الضحى والإخلاص والمعوذات


هذه الوقفة الثالثة من الجزء الثلاثين ومن لوازِمها أنها آخر الوقفات في هذه اللقاءات رزقنا الله وإياكم العُمر المديد والعمل الصالح.
 نبدأ بسورة الضُحى قال أصدق القائلين (وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) أقسم الله بالضحى وهو ينصرِف إلى الضحوة من النهار ليس للنهار كُله، وقال بعض العُلماء: أن المُراد بالضُحى النهار كُله وحُجتُهم المُقابلة لأنَّ الله قابل الضُحى بالليل فقالوا لمًّا قابله الله بالليل دلَّ على أنَّ الضُحى هو النهارُ كُله. لكِنَّ الحقَّ أن الضُحى هو الوقت المعروف وهو وقتٌ شرع الله فيه جلائِل الأعمال: فصلاةُ العيد ضُحى، والنحر ضُحى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- طاف طواف الإفاضةِ ضُحى، ورمى جمرةَ العقَبةِ قبلهُ ضُحى، أي بعدَ طلوع الشمس.
 مُناسبة السورة سببُ نزولها إنقطاع الوحي عنه صلى الله عليه وسلم حتى زعم كُفار قُريش أنَّ الله قَلاه أي هجرهُ وتَرَكهُ فجاءت السورةُ تُنبه هؤلاء وتُوضح جليل مقامه وشريف قدْرِه -صلى الله عليه وسلم- فأقسَمَ الله لا بِه لكِن لهُ لم يُقسِم الله هُنا بِه صلى الله عليه وسلم لكِن أقسَم لهُ قال (وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
 فمن قال بالتكبير في هذه السورة وما يليلها أخَذَهُ من باب أنَّ هذه السورة لمَّا نزَلت كان فيه التكبير بأنَّ الله جلَّ وعلا قطَعَ الوحي وفُتوره لنزُول هذه السورة على ما زعمَ القُرشيون جهلاً وعِناداً أنًّ الله جلَّ وعلا تخلَّى عن نبيه فقال الله جلَّ وعلا 
(وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) ودَّعَ في اللُغة: هذا الفِعل يأتي على ضربين: ودَّعَ بمعنى شَيَّعَ كمن يكون ضيفاً فتُودِعهُ تُشيِّعُه إلى دابتِه.
 َووَدَعَ تقُولُ لأخيك دع عنك هذا أي أُترك عنكَ هذا. والمعنيانِ مُتقارِبان والمقصُود أنَّ الله ما ترَكَ نبيَّهُ قط بل هُو هاديه وناصِرُه.
(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) القِلى الهُجران (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
  ثُم قال لهُ (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى)  بيَّنَ لهُ مع ذلك أنَّك في أول مراحِل الدعوة اليوم فلا يكُن لكَ همٌّ تنشُده أعظم من الآخرة، ولكِنَّهُ حتى لا يُفهم أنَّ قول الله جلَّ وعلا 
(وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى) أنَّ ليس لهُ نصيب ولا حظّْ ولا عُلو في الدُنيا قطَعها الله بقوله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) فهذا وعدٌ من الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم أنَّ الله سوفَ يُعطيه وأنَّهُ صلى الله عليه وسلم سوف يرضى بِعطاء ربِّه.
 والآن تأمَّل كيف ربَّى الله نبيَّه لمَّا قال لهُ (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) قَنُعت نفسُه فبعدَ ذلك لمًّا قصَّ عليه ما أعطى النبيِّن وما أعطى المُرسَلين مما سيأتي في القُرآن المكِّي والمدني لا تتعلَّق صلى الله عليه وسلم بشيءٍ من تلك الأُعطيات لأنَّهُ أخذ الوعدَ من الأول كمن يملِك مئةَ ألف وعِندَهُ خِلاَّن لهُ فلو أعطى أحدهُم من المِئةِ تسعةً وتسعين ولم يبقَ إلا ألف لا يُعقل أنَّ من قبضَ التسعة والتسعين سينظُر كم سيُعطي صاحب المال من بقي لن يتشوف إلى شيء، فقبلَ أن يقول لهُ ما أعطى الأنبياء وما أعطى المُرسلين قال لهُ (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى). ثمَّ ذكَّرهُ بِنِعمٍ قد سلفت وأيَّامٍ قد خلت قالَ لهُ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) وهُو صلى الله عليه وسلَّم لم تكتحِل عيناه برؤيةِ أبيه وماتت أُمه وإن كان لا يتعلق بموت الأُم يُتم لأنَّ اليتيم في بني آدم من فقدَ أباهُ قبل البُلوغ، واليتيمُ في الدواب من فقد أُمَّه، واليتيمُ في الطيرِ من فقد أُمه وأباه فقال له ُ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) وقد آواهُ الله جلًّ وعلا بأن أعطف عليه جدَّهُ ثمَّ عمَّه حتى كلأهُ ووالاه إلى أن مات رغمَ بقائه على الشرك، وقال أحدُ العُلماء وهو قولٌ مرجوح إنَّ يتيم هُنا بمعنى مُنفرِد عن قومِك. يعني لا تُشبهُ أقرانك فاصطفيناك بالنبوة والرسالة. وهذا اللُغة تأباه ومنه أخذ شوقي قوله:
 ذُكِرت باليُتم في القُرآن تكرِمةً ** وقيمةُ اللؤلؤ المكنونِ في اليُتَمِ
 لكِنَّ آخِر السورة يرُد هذا المعنى كما سيأتي (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى*وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) ضلَّ في القُرآن تأتي على ثلاثةِ أضرُب:
- ضلَّ بمعنى اضمحل وتلاشى وانتهى ومنه قول الله (وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ).
- وتأتي ضلَّ بمعنى الكُفر (وَلَا الضَّالِّينَ).
- وتأتي ضلَّ بمعنى التحيُّر والوقوف وهو صلى الله عليه وسلم كان يعرف -يعلم- أنَّ قومه على الباطِل لكِن لا يدري أين الحق قال لهُ ربه (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيْمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). ثم قال له (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ) أي فقيراً (فَأَغْنَىٰ) وقد عاشَ صلى الله عليه وسلم أوضاع الحياة كُلها فأكل حتى شبِع، وجاع حتى جعلَ على بطنِه الحَجَر، لأنَّهُ حتى يتأسَّى به الخلق جميعاً لابُد أن يرى أوضاع الخلقِ جميعاً صلوات الله وسلامه عليه فقال لهُ ربه (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ).
 ثُمَّ قال لهُ (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) ففهِمنا أنَّ هذا الرد على صدرِ السورة أنَّ اليتيم الأول والمقصودُ بها من فقدَ أباه (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) والقَهَر يكون بالقول والفِعل. واليتيمُ دون البلوغ فيسهُل قهرهُ بأذى القول وأذى الفِعل.
 ثم قال لهُ (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) إذا قُلنا إنَّ ضلَّ هو المُتحيِّر فالسائِلُ هُنا ليس السائِل عن مال ليسَ الذي يطلُبُ مالاً وإنما الذي يطلُب علماً لأنَّ قبلها (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) مُتحيراً تحتاجُ إلى نُور علم فأعطيناك نور عِلم فإذا جاءك من يسألُك نور علم فلا تنهَرهُ.
 وبعضُ العُلماء يقول: إنَّ المقصودَ السائِل المعروف.
 والصوابُ عِندي: أنَّ المقصود بها عُموم من يسأل إن كان عِلماً أو مالاً.
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) حدِّث بنِعمةِ ربِّك لا بِعملك فكُن ذاكِراً لله شاكِراً في كُل آنٍ وحين فذلك هو التحديث بنِعمةِ رب العالمين جلَّ جلالُه.
 وقد ذكرً لي بعضُ الفُضلاء مرَّة أنَّ شاباً مات سِنُّه تقريباً ثلاثاً وثلاثين يعني في سِنٍ يُؤمَّلُ فيها الحياة فمرِضَ حتى أثخنَهُ المرض فقال ذات يومٍ لِعُوَّادِه -من يزورونه- قال أُشهِدُكم أنني أموت وأنا راضٍ عن ربي رغمَ ما هو فيه.
 فعِندما يذكُر الله جلَّ وعلا أحدٌ من أهل الابتلاء ويُحدِّث بنعمةِ الله عليه على ما هو فيه هذا من التحديث بنعمةِ الله الذي أمرَ الله جلَّ وعلا بِه قال الله جلَّ وعلا (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
 خُتم هذا الجُزء والقرآن كُله بثلاثِ سورٍ مُتتابِعات:
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) 
من قرأها عشرَ مرَّات بنى الله لهُ بيتاً في الجنَّة، والله أحد في كُل شيء لا كُفؤ لهُ ولا نِد ولا شبيه ولا وزير ولا نظير وهو في غِنى أن تكون لهُ صاحِبة أو أن يكون لهُ ولد
 (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) تصْمَدُ إليه الخلائق، تلجأ إليه شاءت أم أبت (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) الكافِر يستنكِف يستكبر أن يسجُد لله طوعاً ماذا يقع ؟! يسجُد ظِلُّه لله وإن كُنا لا نُدرك كيفية سجود الظل لله لكِنَّ الله أثبته في كِتابه.
(اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) لا أحد أعظمُ من الله ولا أحد نِدٌ لله فلا أحد أعظمُ منه ولا أحد نِدٌ له جلَّ شأنه وهذا من تعريف الله عبادهُ نفسه بنفسه ولا يُمكن لأحد أن يُثني على الله بأعظم مما أثنى الله جل وعلا به على نفسه (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ *قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) لو كان لله نِد لاضطربت السماوات والأرض قال الله (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) والله جلَّ وعلا غني أن يكون له ولد ولن تجِد قولاً تثني به على الله أعظم من ثناء الله على الله فمِثلُ هذه الآيات تُتلى ولا تُفسَّر لأنَّ الله تبارك وتعالى أثنى بها على ذاته العليَّة.
 ثُمَّ خُتِم المُصحف الذي جمعهُ الصحابة بعد وفاة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، هذا القُرآن الذي تكفل الله بحفظه خُتِم بالمعوذتين (قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) في حديث عُقبة ابن عامِر (قال صلى الله عليه وسلم يا عُقبة ما تعوذ مُتعوِذٌ بُمثلِهما) فهُنَّ المُعوذاتُ حقاً يتلوها المؤمن وهو يعلم أنَّ الله جل وعلا أنزلها لِتُتلى ويُتعبد بها ويُتعوذ بها الله تبارك وتعالى وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزُولها يدعُ غيرها يدَعُ ما سِواها.
 قال فيها ربُنا (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ) هذا عموم
(وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) الليل إذا أظلم لأنَّهُ مظنَّة الضُر
( وَمِن شَرِّ النَّفَّـثَـتِ فِى الْعُقَدِ) هذا تخصيص السواحِر والساحِرات وما يقعُ منهُنَّ 
(وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) جاء مُقيَّداً، لِمَ جاء مُقيَّداً؟ كُلُ جسدٍ رُكِب فيه الحسد لكِنَّ المؤمن الكريم يكتُمه واللئيمُ يُظهِره، وإلا كُل أحدٍ رُكِب جسدُه على الحسد لكِن يحصُل مُجاهدة للنفس في إذهابه وهو بين الأقران أخطر.
 السورة الأخيرة (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) فهُو ربهم
 (مَلِكِ النَّاسِ) هُم عبيدُه يملِكُهم
 (إِلَهِ النَّاسِ) شاءوا أم أبو ليس لهُم إله غيره
(مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) يخنُس إذا ذُكر الله ويوسوس إذا ابتعد المؤمن عن ذكر الله (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) هناك شياطين جِن وهُناك شياطين إنس ولا يقي من شرِّهما إلا الله تبارك وتعالى والتعوذ بهاتين المُعوذتين وقول المؤمن (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) بدأتا بالربوبية لِماذا بدأتا بالربوبية؟ لأنَّك تتيقَّن أن الله جل وعلا مالِكٌ لكُل أحد، مُهيمنٌ على كُل أحد، قاهِرٌ لكُل أحد فلمَّا تعلم أنَّ ربك جلَّ شأنُه هو مالِكٌ لكُل أحد يكون ملاذُك به أقوى واتِكالُك عليه أعظم وأجلّْ. هذا ما دلَّت عليه هاتين السورتين المُباركتين التي إتفق الصحابة على أن يجعلوها في خاتِمةِ المُصحف.
 نصِل بهذا إلى أمر: القُرآن لمَّا كان ينزِل كان صلى الله عليه وسلم يقول اجعلوا آية كذا في مكان كذا وآية كذا في مكان كذا وكان هُناك صحابة شَرُفوا بكتابة الوحي فمات رسول الله ولم يُجمع المُصحف يعني مجمُوع في الصُدور لكن لم يُكتب فأول من سمّى القُرآن مُصحفاٍ على الصحيح أبو بكر وجمعهُ لمَّا حصل ما حصل من قتلِ القُرآء في اليمامة، ثمَّ جمعه عُثمان رضي الله عنه الجمع الثاني واتخذ مُصحفاً عندهُ عُرف بالمُصحف الإمام، فما بينَ دِفَّتي المُصحف اليوم هو كلامُ الله حقيقة تنزَّل به خيرُ الملائكة جِبريل على قلب خير الرُسل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في خير ليلة هي ليلة القدر في خير شهرٍ هو شهر رمضان. وهذا الذِكر بهذه المكانة يعقِل المؤمن معها أنه السبيل الأقوم والطريق الأجلّ إلى رضوان الله (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) والله جل وعلا يقول عن كتابه (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وكُل أحد بحسب تدبُره للقرآن تبقى هناك آيات تُؤثر في قلبه ومِنها قول الله في الزُمر (لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) هذه الآية من أعظم آيات القُرآن -فيما نحسَب- أثراً في القلوب على أنَّ أعظم آيةٍ فيه هي آيةُ الكُرسي، وأعظمُ سورة فيه هي سورة الفاتِحة، وأطول آية فيه هي آية الدَّين، وأرجى آية فيه هي (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
اللهم إنَّا نسألك بأحبِّ أسمائك إليك وأقربها زُلفى لديك وبأنَّك أنت الله لا إله إلا أنت القريب المُجيب السميع العليم اللهم اجعلنا وقد ختمنا تدبُر كتابك من المقبولين رزقني الله وإياكُم من وعده وجنَّبني الله وإياكُم من وعيده .
-----------------------------------------
تم بحمد الله ومنته وفضله تفريغ حلقات مع القرآن (١) للشيخ صالح المغامسي
مع الشكر الجزيل لكل من ساهم في تفريغ الحلقات جعله الله ثقيلا في موازين حسناتهن.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق