الخميس، 19 يونيو 2014

الحلقــ السابعة عشرــة / ريب المنون





الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق اﻹنسان من طين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
 أما بعد أيها المباركون درسنا لهذا المساء المبارك: (ريب المنون).
 وهذا وارد في سورة الطور قال أصدق القائلين: { فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} وحتى -إن شاء الله تعالى- تفقه أيها المؤمن هذه اﻵيات نقول:
 قريش كانوا أهل الحرم دورهم -بيوتهم- حول الكعبة، علّقوا عليها أصنامهم، شرِبوا الخمور ويأكل قويهم ضعيفهم، وتحزبوا وتنافسوا في المجد وكادوا يقتتلون عليه، حادثة الفيل جعلت لهم مقاما ومكانا وحرمة عند الناس فإذا ارتحلوا إلى الشام أو إلى اليمن ﻻ يتعرض لهم أحد ويُقال لهم هؤلاء أهل حرم الله.
هم على هذا الحال وُلد خاتم اﻷنبياء وسيد المرسلين -عليه الصلاة والسلام- فنشأ بين أعينهم يرونه، لم يأتهم من قرية أو بلد بعيد فمنذ أن وُلد وهم يبصرون حاله، الله -عز وجل- يقول {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، حفظ الله هذا النبي الخاتم مما كانت عليه قريش فلم يقف يوما على صنم يعبده، ولم يأتِ مجلس خمر يشربه، ولا أندية قمار يلعبها، ما عرف منه الناس إﻻ اﻻستقامة ويومئذ لم يكن هناك رسول ولا نبي وﻻ كتاب وﻻ دين وﻻ مساجد وﻻ بِيَع ولا مواطن صلوات، لم يكن إلا ما ذكرناه في اﻷول فنشأ بين أعينهم.
 لما دنا من اﻷربعين حُبب إليه أن يتحنث الليالي ذوات العدد فكتب الله له أن يتحنث في الغار، ثم بُعِث فنزل إلى قومه يدعوهم إلى الله {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214] ويتلو عليهم القرآن الذى أنزله الله عليه. بُهت القوم، لم يجدوا بدا من أن يتهموه ونسوا حقيقة مثل وهج الشمس أنهم يعلمون حاله قبل أن يقول أنه نبي فلا سبيل لهم إلى أن يخالفوا أربعين عاماً وهم يرون حياته بين أعينهم ومع ذلك رموه بأنه كاهن وبأنه مجنون وبأنه شاعر وبأنه ساحر وغير ذلك مما حرره ودوّنه ونقله القرآن.
 يقول رب العزة في هذه اﻵيات (فَذَكِّرْ) واﻷمر في القرآن على ضربين:
-إما يأتي ابتداء وهو اﻷصل. -وإما يأتي استئنافا وهذا منه. والمعنى: لما نزل قول الله -عز وجل- لنبيه (فَذَكِّرْ) هل كان النبي -عليه الصلاة والسلام- حينها يذكر أو لا يذكر؟ كان يذكر من قبل لكن المراد استمر مثل قول الله -عز وجل- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ) [النساء:136] أي ابقوا على إيمانكم وامضوا عليه ولا ترتدوا. فهذا منه. وإلا فنبينا -عليه الصلاة والسلام- منذ أن قال الله له ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ) وهو قائم بالنذارة. فقول الله -عز وجل- له هاهنا في الطور (فَذَكِّرْ) أي استمر في التذكير، وهذا تثبيت من الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام-.
 (فَذَكِّرْ فَمَا) هذه نافية (فَمَا أَنْتَ) أيها النبي الخاتم والحبيب المُقرب والعبد المُجتبى والرسول المُرتضى (فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) أي بفضل الله عليك ونعمته عليك وأعظمها النبوة (بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُون) فما أثبته كفار قريش زورا من الذي رده؟ رب العالمين. فأخبر -جل وعلا- أن هذا النبي الخاتم يتقلب في نعم الله وأعظمها النبوة.
 (فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) عليك، أبعد بعض المفسرين -عفا الله عنا وعنهم- وقالوا: إن الباء باء قسم فالمعنى عندهم: فما أنت ونعمة ربك، كأنه قسم، كأنه حلف. لكن هذا يستقيم في غير هذه اﻵية لكن في هذه اﻵية ﻻ يستقيم أن تكون الباء هنا باء قسم. واضح. وإن قال بها اﻷكابر. لكن جماهير أهل العلم على اﻷول.
 (فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ) ممن يدّعون عِلم الغيب ويأتون به على هيئة أسجاع قصيرة (وَلَا مَجْنُون). لكن تلحظ -هذا ظاهر- أن اﻵية ليس فيها ما يثبت، يعني لا توجد أدلة، لا توجد قرائن. مثلا: أنت اﻵن تريد أن تُدافع عن أحد الناس فتقول هذا ليس كذا وﻻ كذا والدليل....، تأتي بأدلة. هنا الله -جل وعلا- نفى عن نبيه أنه كاهن ونفى عن نبيه أنه مجنون لكنه لم يأتِ بقرائن، لم يأتِ بدليل لماذا؟ ﻷن حاله ﷺ التي يعرفها المشركون عنه كفى بها دليلا على أنه ليس بكاهن ولا مجنون والمعنى: نحن لا ندافع عن شخص غائب عن أعينكم بل أنتم تعرفون مقامه واستقامته وصِدقه وأمانته ونُبله -صلوات الله وسلامه عليه- فلم يكن في اﻵيات شيء مُصاحب في تبرير الدفاع عنه. (فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُون) وقد كان بعضهم قد رماه بالكهنة، وبعضهم رماه بالجنون.
 وقال الله بعد ذلك (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون) اﻵن ريب المنون: حوادث الدهر المهلكة. وكلمة "ريب" في القرآن ترددت كثيرا ربنا يقول (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) وآيات أُخر. قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-: " كل كلمة "ريب" في القرآن بمعنى شك إلا في سورة الطور" وإنما ريب المنون حوادث الدهر المهلكة.
 القرآن ينقل لنا ما قالته قريش عن النبي ينقله كما هو فإن كان في الكلام نقص فنسبته إلى قائله اﻷول ﻷن هذا الكلام ﻻ يستقيم، لماذا لا يستقيم؟ هم يقولون كاهن مجنون أو شاعر نتربص به ريب المنون. مفهوم كلامهم أن المنون لا تأتي إلا الشعراء مع أن المنون يأتي الكهنة ويأتي المجانين لكن هم من فرط حقدهم أصبحوا حتى ﻻ يقولون قولا مستقيما فنقل الله ما قالوا كما هو والقائلون (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون) ينسب إلى بني عبد الدار وهؤﻻء كانوا شديدي العداء للنبي الله -عليه الصلاة والسلام- وهم الذين هجاهم حسان بقوله: وعبد الدار سادتها اﻹيماء. في همزيته الشهيرة لكن الذي يعنينا هنا (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون) نتربص بمعنى: ننتظر حوادث الدهر المُهلكة التي يمكن أن تُصيبه. قال الله لهم تربصوا، انتظروا فإني معكم من المتربصين والمعنى أني على يقين بنصر الله -عز وجل- لي فأنا أنتظر وأنتم تنتظرون ونرى من الذي سينصره إلهُه. أنا سينصرني ربي العلي اﻷعلى الذي لا رب غيره ولا إله سواه، وأنتم الذين تأملون من هذه اﻵلهة التي لا تضر ولا تنفع ولا تسمع أن تنصركم.
 (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون*قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَالْمُتَرَبِّصِينَ) يبقى سؤال لغوي: قلنا أن القرآن نزل بلسان عربي مُبين وقد وردت كلمة ريب المنون من قبل نزول القرآن بمعنى حوادث الدهر. جاءت على لسان اﻷعشى -شاعر جاهلي معروف- قال في معلقته:
 أأن رأت رجلا أعشى أضرّ به **ريبُ المنون ودهر مُفنِد خَبِل.
يتكلم عن معشوقته قال: "أأن رأت رجلا" أي زهدها في أن رأت رجلا أعشى أضر به **ريب المنون ودهر مفند خبل. وهذا اﻷعشى يقولون أنه في الجاهلية جاء إلى رجل اسمه ذي فائش الحميري، وهذا كان ملك بمعنى ملك فمدحه اﻷعشى وقال له في بيت شهير: "والشعر حيثما جعل" فقال صدقت وأعطاه مئة ناقة ثم أعطاه كرشا مدبوغة مملؤة عنبرا وقال له "إياك أن تغلب عليها" ما معنى "إياك أن تغلب عليها"؟ يعني لا يأتي أحد يخدعك فيشتريها منك بثمن بخس. فأخذها اﻷعشى ومضى بها إلى السوق فاشتراها منه أحد الناس بثلاثمائة ناقة حمراء. اﻵن أضحى اﻷعشى لا يدري ما يصنع بها فهو يحتاج من يحميها، سينهبها السُّراق -فُجار العرب- فمرّ على رجل يُقال له علقمة العامري -أظنه أسلم بعد ذلك- وكان من أجواد العرب وأقواهم. هذا علقمة له غريم اسمه عامر بن الطفيل الذي قتل بعد ذلك في زمن النبي ﷺ، هذان الرجلان كان بينهما ما يسمى بين العرب نِفار، ما معنى نفار؟ يأتي اثنان فيتنافسان على المجد فالناس يتحاشون أن يقولون هذا أفضل خوفا من كليهما، أصلا لو كان أحدهما ضعيف لم يصبحا فرسي رهان. فجاء إلى علقمة وقال له: أريدك أن تجيرني. اﻵن اﻷعشى يبحث عن إجارة خوفا من ضياع النياق، فقال له: أجيرك من اﻷحمر واﻷسود -يعني من كل أحد- قال اﻷعشى: ومن الموت؟ قال له: أما من الموت فلا. تركه وذهب إلى خصمه عامر بن الطفيل قال: أريدك أن تجيرني، قال: أجيرك من اﻷحمر واﻷسود، قال: ومن الموت؟ قال عامر: ومن الموت. اﻵن اﻷعشى تنبه هو يسأل فلما أُجيب تنبه قال: كيف تجيرني من الموت؟ قال إذا مِتَّ وأنت في جواري وديتُك، أي دفعت ديتك. قَبِلْ. قال علقمة: لو علِمت أنا هذا مقصوده ﻷجرته. إن كانت القضية أني أدفع ديته إذا مات فاﻷمر سهل، لكن فاتت على علقمة وفاتت على اﻷعشى وقبِلها عامر فلما قبِلَها عامر حكى اﻷعشى شعرا -والشعر يسري بين الناس- أن عامرا أفضل من علقمة وقد شاع في الناس جُود علقمة. يعني فيه شيء لا يستطيع أحد أن يرده. يأتي إنسان مثلا ويجثو على ركبتيه ويأتي بميكرفون ويقول كان حاتم الطائي بخيلا. يرجمه الناس، لا أحد يصدق، اﻵن بعد ألف وأربعمائة سنة اﻵن أن حاتم الطائي كان بخيلا. أو يأتي إنسان يقول إن عنترة كان جبانا ﻷن هذا أمر شاع ما عاد يقبل الرد.
 فعلقمة كان شائعا أنه كان جوادا فقال اﻷعشى يهجو علقمة:
تبيتون في المشتى ملأ بطونكم ** وجيرانكم غرثى يبتن خمائصا.
 يعني جوعى. وقد كذب كذبة عظيمة في بيته هذا ﻷن الرجل كان معروف بأنه جواد العرب. فأهدر علقمة دمه. فلما أهدر دمه كل يبحث عن رضى علقمة، أوتي به إلى علقمة فعفى عنه وقال لو صنعت به شيئا لا يغسل شِعرَه إلا شِعرُه، ما قاله في من هجاء لا يغسله إلا أن يقول أبياتا يمدحني. وقد فعل اﻷعشى هذا وأطلقه. موضع الشاهد من هذا كله قضية أن اﻷعشى قال كلمة ريب المنون في معلقته.
 ثم قُدِّر أن عامر بن الطفيل تُصيبه اﻷنفة ويأتي للنبي ﷺ في الخبر المشهور ويقول ﻷملأنها عليك -يعني المدينة- خيلا جُردا وشبابا مُردا، قال ﷺ اللهم اكفني عامرا بما شئت فأصابته غدة في رقبته ومات في بيت امرأة من بني سلول. وهو بعد هذا المجد الذي كان فيه عند العرب وتصيبه غُدة، هذه الغدة كانت تظهر في البعير -أهانه الله- فلما نام عند المرأة أخذ يتجرع على نفسه ندما فيقول: غدة كغدة البعير وموت في بيت سلوليه. يعني اجتمعت عليه مصيبتان فمات. أما علقمة فالمشهور عند أهل السير واﻷخبار -على ما أعلم- أنه أسلم وحسن إسلامه. واﻷعشى كذلك حاول أن يُسلم لكن قريشا ردته ثم مات في الطريق ومات على شركه.
الذي نريد أن نصل إليه قول الله -عز وجل- (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون* قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَالْمُتَرَبِّصِينَ) قلنا إن ريب المنون هو حوادث الدهر لكن ليس المقصود من قول الله -عز وجل- على لسان نبيه ( قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَالْمُتَرَبِّصِينَ) أنني لن أموت، محال أن يكون هذا مقصد الرسول ﷺ. النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي بعث بالشرع وأعلم أنه سيموت لا محالة (إنك ميت وإنهم ميتون) لكن المراد: اﻹخبار أن نصر الله -عز وجل- آتٍ وأن فرج الله -عز وجل- قريب وأن تلكم الآلهة لا تنفع ولا تضر شيئا. إذا قُدِر لنا نتحدث بإيجاز بما أننا تكلمنا عن ريب المنون عن وفاته ﷺ:
 الموت حق وربنا يقول (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) واﻷنبياء أعلى الناس مقاما ونبينا ﷺ أعلاهم بلا شك، ولم تُفجع الدنيا بأحد كمثل وفاته ﷺ لكنني أقف أمام -عاجلا- أمام ثلاث مواقف في وفاته لا أريد أن أسردها سردا:
 أولا: كتب الله أن الشيء إذا علا أن يظهر الله ضعفه فالله يقول عن نبيه (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ) ومع ذلك لما سأله أسامة أن يدعو له عجز أن يرفع صوته بالدعاء وهو أكرم وأشرف الخلق على الله.
 اﻷمر الثاني: في وفاته ﷺ: كان مُحبا لفاطمة حبا عظيما ولا يزال بعضنا -إلى اليوم- لم يعرف قدر فاطمة عند رسول الله ﷺ ولا أشك لحظة ولا مثقال ذرة أن النبي ﷺ يحب أحداً من الخلق أكثر من فاطمة، وقد بشرها ﷺ أنها أول أهله لُحوقا به، وأنها سيدة نساء أهل الجنة، ومنها كان السبطان الحسن والحسين -رضوان الله تعالى عليهما- فلما أخبرها أنه سيموت في مرضه هذا بكت، ولما أخبرها أنها أول أهله لُحوقا به فرحت. مع أن -يا إخوة- كانت في السادسة والعشرين وهو يقول لها أنتِ أول أهلي لحوقا بي. أقل ما تفهم أن موتها قريب. وأنت لو جئت ﻷشد الناس صلابة وأخبرته أن موته قريب يصيبه شيء من الحَزن، وهذه في السادسة والعشرين ويقول لها أنتِ أول أهلي لحوقا بي فسُرّت ﻷنها تعرف أنها ستلحق بأبيها -صلوات الله وسلامه عليه-.
 والموقف الثالث: أنه -عليه الصلاة والسلام- قال وقد خيّرهُ المَلَك ما بين الخُلد في الدنيا ثم الجنة وما بين لقاء الله ثم الجنة قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها سمعته يقول: "مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا". اللهم اجعلنا منهم ومعهم. وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق