قال تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)
سؤال : أريد أن تفسروها وتجلوها لنا حتى يرتفع الإشكال كيف تقشعر قلوبهم وكيف تلين بعد ذلك وكيف يمكن لنا أن نبلغ تلك المرحلة عند سماعنا لكتاب الله؟
د. حاتم: الآية قائمة في صفات المؤمنين فالله يقول في القرآن (كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) والمتشابه المقصود منه أنه يشبه بعضه بعضاً في الحُسن وفي الإحكام وليس كلفظ المتشابه التي ورد في سورة آل عمران الذي قد يكون فيه شيء من المشتبهات التي قد يصعب فهم معانيها لعموم الناس ، لكن هنا المقصود أنه يشابه بعضه بعضاً في الحُسن وفي الإحكام ، "مثاني" من حيث الترديد والتكرار الذي يتكرر ويتردد فيه ، المؤمن إذا سمع لهذا القرآن قال (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) المؤمن إذا سمع الموعظة وسمع النصيحة وسمع كلام الله تنتابه شيء من الرهبة مما يُسبب قشعريرة في الجلد ، والقشعريرة التي تحصل هي الاضطراب الذي يحصل في الجلد من خوفه من الله وهذا الوجل الذي يحصل في قلب هذا الإنسان فينتقل من القلب إلى الجلد ، فإذا ظهر على الجلد يعني أصبح فيه شيء من القشعريرة -يقيناً هو مرتبط بما هو داخل القلب- والإنسان يجد هذا الشيء في غير القرآن إذا حصل له موقف فيه رهبة من أول وهلة يشعر بشيء في الجلد من تغير بعدها إذا هدأ يسكن. فالله -عز وجل- قال (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) بعدها ، بعد ما يسمع ويطمئن (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ) يعني تنقلب الجلود التي اقشعرت إلى لين وهدوء وسكينة فيها ولا يعني هذا النواحي الحسية فقط ، هو لاشك الجلد يتأثر وهو مرتبط بالداخل كما أن ظاهر الإنسان يرتبط بداخل الإنسان، فإذا فعل الإنسان المعصية تظهر، الإنسان الذي يقوم الليل يجدون على وجهه نوراً ، صاحب المعاصي يظهر على وجهه -والعياذ بالله- كآبة واسوداداً كما يحصل يوم القيامة سوف يأتي معنا أنه تسود وجوههم. فما يفعل الإنسان في الدنيا يظهر عليه.
هذه الآية عندما تقشعر جلودهم (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) فيها نقطة ، الآن الله -عز وجل- قال تقشعر منه جلود ثم ذكر في اللين قال (تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ) لم يذكر القلوب في الأول وإنما اكتفى بالجلود ، الجواب عن هذا : عندما ذكر الله (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) تضطرب الجلود ويقيناً لن تضطرب إلا بما داخل النفوس لكن يوم تلين الجلود قد تلين بسبب النسيان والانشغال والإلتهاء عن هذه الموعظة فنص الله على أن حتى القلوب أنها تلين الجلود ليس بسبب الاعراض والانشغال والإلتهاء إنما تلين الجلود وتلين القلوب من ذكر الله.
--------------------------------------------------------
مصدر التفريغ (بترف يسير) :
http://www.tafsir.net/vb/tafsir27605/#ixzz2RSSVBzfK
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق