* أ. نجلاء السبيل
الوصية السابعة :
{ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ
لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ
مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.
أصل التصعير : داء يصيب الإبل فتلوي أعناقها.
قال ابن عباس معلقاً على قول الله تعالى:
{وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} : هو الذي إذا سُلّمَ عليه لوى عنُقه كالمستكبر.
والمقصود أن لقمان ينهى ابنه أن يميل بوجهه عن الناس إذا هم كلموه احتقاراً لهم أو استكباراً عليهم.
وكأنه يقول لابنه طهر نفسك وقلبك من آفةِ الكِبر والعجب والفخر والغرور والخيلاء.
فكل هذه أمراض متلفة للقلب ، إذا استقرت فيه أهلكته ومنعته من تنزّل الرحمات عليه، والكِبر كبيرة من الكبائر ومن أشره من يتكبر على الناس بعلمهِ فهذا لم ينفعه علمه كما قال الإمام الذهبي رحمه الله.
قال صلى الله عيه وسلم :[ ألا أُخبركم بأهل النار ؟ قالوا : بلى قال: كُل عُتُلِّ جَوّاظٍ مستكبر][1].
والعُتل : الجافي الشديد الخصومة.
والجوّاظ : الجموع المنوع وقيل المختال في مشيته.
وقال صلى الله عليه وسلم : [ يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذُل من كل مكان فيُساقون إلى سجنٍ في جهنم يُسمى بُولسَ تعلوهم نار الأنيار يُسقون من عصارة أهل النار طينةِ الخبال][2].
وقد ذكر ابن قدامة - رحمه الله - درجات الكبر[3]:
الأولى : أن يكون الكبر مستقراً في قلبه، فهو يرى نفسه خيراً من غيره إلاّ أنه يجتهد ويتواضع فهذا في
قلبه شجرة الكبر مغروسة إلاّ أنه قد قطع أغصانها.
الثانية: أن يُظهر لك بأفعاله من الترّفع في المجالس والتقدّم على الأقران والإنكارُ على من يقصّر في حقه ،
وتصعير خده للناس كأنه معرض عنهم وقد جهل ما أدب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم حين قال تعالى :[وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ]
الثالثة : أن يُظهر الكبر بلسانه كالمفاخرة ، وتزكية النفس، وحكايات الأحوالِ في معرض المفاخرة لغيره ،
وكذلك التكبر بالنسب.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: [ لينتهينَّ أقوامٌ يفتخرون بآبائهِم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكوننَّ أهونَ على الله من الجُعلِ الذي يُدهده الخُراء بأنفه ..][4].
وقال محمد بن الحسن بن علي : " ما دخل قلب امرئٍ شيء من الكبر قط إلاّ نقص من عقلِه بقدر ما دَخل من ذلك قلَّ أو كثر "[5].
____________________
[1] مسلم (2853).
[2] الترمذي (2492) والبغوي في شرح السنة .
[3] منهاج القاصدين نقلاً عن نضرة النعيم.
[4] رواه أبو داود (5116) وحسنه الألباني.
[5] نضرة النعيم (11/5377).
*إحدى منسوبات جمعية تحفيظ القرآن بمحافظة جدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق