الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

الحلقـ الثالثة ـــة / كيف نجعل سورة البقرة حياة




بدأت أنا وإياك نقرأ في أوساط سورة البقرة فإذ بالله -عز وجل- يقول وهو يُعلمنا كيف نعيش حياتنا ، وهذا هو الذي أُريد أن أُذكّرك به دائماً اجعل القرآن حياة .
الآيات التي تقرأ هُنا لابد وأن تنبض بالحياة بالنسبة لك تقول لي كيف أضرب لك بعض الأمثلة ، أنت تقرأ في سورة البقرة وترتل في آياتها وإذ بك تقول (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) ترتل الآيات (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) حينما تتأمل في حياتك أنت وتتأمل في جزاء أن تذكُر ربك -جل وعلا- قف هُنا لا تستعجل (فَاذْكُرُونِي) الله يأمر يا عبدي ، يا أمتي اذكروني، ما الجزاء؟ قال (أَذْكُرْكُمْ) ، سبحان الله تأمل هذا الجزاء العظيم من الله -عز وجل- ،  وأضرب لكم أمثلة بشيء من أمور الدنيا حتى تتصور القضية بشكلها الكامل.
 لو أن ملكاً من ملوك الأرض ، عندنا خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- إذا نحن ذكرناه قلنا والله أثنينا عليه بثناء مُعيَّن هذا الثناء بلغ هذا الملك من ملوك الأرض بلغه فأثنى على هذا المواطن أنَّه ذكره وأنَّه أثنى عليه في مجلس عامٍ أو خاص ، لو كان هكذا يحصُل بمعنى أنه إذا أثنينا على عبدٍ من العبيد وهو له منزلة وجاه بلغه مُباشرة هذا لذِكر الذي له قصيدة ثناء خُطبه ماذا سنفعل أليس سنذكر هذا الملك ذكراً كثيراً في مجالسنا تُثني عليه لأن الكلام سيبلُغه هنا ، طيب تعالوا إلى الآية أحبتي الذي يقول هُنا (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) هو رب الأرباب -جل وعلا- ، ليس ملِكٌ من ملوك الدنيا لا يملك لنا موتاً ولا حياةً ولا رزقاً ولا عافية ولا شيئاً من أمورنا ، وإنما ملكٌ -جل وعلا- يملك هدايتنا وضلالنا ، يملك إعزازنا وإكرامنا ، يملك إذلالنا وإهانتنا ، يملك كل ما لدينا كل ما يتعلق بدنيانا أو أُخرانا (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) إذا ذكرنا الله قلنا : سبحان الله الحمد لله لا إله إلا الله الله أكبر ، ذكرنا الله -عز وجل- في ملأ خير ممن ذكرناه فيهم اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ يا الله، لو جعلنا هذه حياة والله ستحيا قلوبنا ، ستحيا ألسنتنا ، ستحيا مجالسُنا ، ستحيا مساجدُنا ، ستحيا بيُوتنا ، لأنَّنا استشعرنا أنَّا إذا ذكرنا الله ذكرنا الله . أتدرون بأي شيء أقرأ من سورة البقرة ؟ تعالوا لنجعل هذه الآيات حياة لنا :
الله -عز وجل- يقول في أوائل هذه السورة (وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) كيف نجعل مثل هذه الآية حياة لنا؟ لا نلبس الحق بالباطل.
 أحياناً نحن نعرف الحق ولكن نكتم الحق لأجل هوى في أنفسنا ، أُعطي مثال في حياتنا : بعض الفتيات تلبس في المناسبات ملابس فاضحة ، أحياناً تُظهر بطنها ، أحياناً تُظهر ظهرها ، أحياناً ما فوق فخِذها في المناسبات وتحضر أمام النِساء ثم تقول هُناك من أهل العِلم من أفتى بأن عورة المرأة ما بين السُرة إلى الرُكبة ، سبحان الله أنتي -والله وأُقسم على هذا- أنك تعلمين أنه لا يجوز لكِ أن تُظهري أمثال هذا ، أنتي تعلمين أن هذا من العيب ، من قلَّة الحياء ، من عدم المُروءة ، كيف ببنت حييت ، عفيفة طاهرة تقبل لنفسها أن تظهر أمام الناس وقد كشفت عن فَخِذيها ، كشفت عن بطنها ، كشفت عن ظهرها ، لا تلبسي الحق بالباطل ، تأملي في هذه الحياة واجعلي هذه الآية حياة لكِ في كل أحوالك ، حينما نقرأ في قول الله -جل وعلا- بعد هذه مباشرة ونحن نستمع إلى الله يقول لنا (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)، أتجلس يا فلان ، أتجلسين يا فلانه تُعلمون الناس الخير وأنتم أبعد من يمتثل لهذا الخير تأمر الناس بحسن الخلق وأنت سيء الخُلق ، تأمر الناس بالصدقة وأنت شحيح ما تُنفق ، تأمر الناس بالخشوع في الصلاة وأنت لا تخشع في صلاتك (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ) ، نجعل هذه الآية حياة لنا ، كل واحد منَّا يحاسب نفسه عليها .
نأتي إلى قول الله -عز وجل- (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) والله إنِّي لأعرف من شباب هذا الزمان من إذا أشكل عليه أمر أصبحت عنده قضية مقلقة ما يستطيع أن يتجاوزها ليس عنده حلول لها ماذا يفعل ؟! والله يخرج من المكان الذي هو فيه يذهب إلى أي مكانٍ خالٍ في مسجد ، في غرفة ، ثم يصف الله أكبر يصلي ركعتين يقول لنفسه قد قال الله (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) أريد أن أستعين بهذه الصلاة لتفريج الكُربة ، أريد أن أستعين بهذه الصلاة لِشفاء المريض ، أُريد أن أستعين بهذه الصلاة لقضاء الدَّيْن ،  أُريد أن أستعين بهذه الصلاة لإصلاح الدين والدُنيا (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) .
 نحن الآن نستمع إلى سورة البقرة نُريد أن نجعلها حياة تعال أخي سلَّمك الله وانظر إلى مثل هذه الآية كيف تُعالج قضية مهمة جداً في حياة كل مسلم . نحن كثيراً ما نُعاني أنَّنا نعمل لأجل الدُنيا الواحد منا يذهب إلى شُغله يذهب إلى عمله من هنا وهناك بل أحياناً نعمل أعمال الآخرة من أجل الدنيا ، لِما يُسمى بالرياء، أحياناً بالعُجب ، أحياناً بالشرك الأصغر أيَّا كان ، فجاءت سورة البقرة بمثلٍ عجيبٍ لعلاج هذه المشكلة في قلوب الناس ، يا أخي نحن أحياناً نعمل خمسين وأربعين أو أقل من ذلك أو أكثر ثم يكون هذا العمل كُله من أجل الدنيا فإذا جاءت الآخرة تريد حسنات لا شيء لمَ ؟! لأن النية كانت ليست للآخرة وإنما هي للدنيا فأراد الرب سبحانه وتعالى أن يُعالج هذه القضية بمثلٍ عظيم فقال في محكم هذه السورة (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) واحد منَّا عنده مزرعة فيها نخيل وفيها أعناب وفيها الأنهار تجري من تحتها أموره طيبة ومن أفضل ما يكون ثم يقول سبحانه وتعالى (جْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)  كل ما يُريده من هذه الحديقة -المزرعة- يُحصِّل عليه كما أن الواحد منا حينما يعمل يشتغل الراتب بعشرة آلاف بعشرين ألف لمَّا يفتح محل للتجارة يُحصِّل خيراً ورزقاً من هذا العمل الذي عمله ثم يقول -جل وعلا- (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء)  لمَّا أصبح كبيراً في سنه شاخ وله ذُرية صِغار ليس له أولاد كبار في هذه المرحلة من عمره قال الله -عز وجل- (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) في هذه المرحلة التي هو أحوج ما يكون إلى هذا الرزق إلى هذه المزرعة ، إلى هذه الثمار من أجل أن يُطعم صغاره وأطفاله الذين تحت يده في هذا الموطن ماذا جرى له؟ نزلت صاعقة من السماء ، إعصار احترقت المزرعة كلها من أولها إلى آخرها لا يستطيع أن يزرع بنفسه قد شاخ صِغاره ، ينتظرونه ينظرون إلى عينية ينظرون إلى يديه يُريدون منه شيئاً لكن لايستطيع أن يُقدم لهم أي شيء سبحان الله هذا المثل لمن ضربه الله -عز وجل- لذاك الذي يكُد في الدنيا  ، لذاك الذي يعمل من أجل هذه الحياة ونسي الأخرة لمَّا يقدُم على ربه في يوم القيامة في شِدة ضعفه (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) هذا الرياء ، وتلك النِية من أجل الدنيا فقط ، إعصار أصاب تلك الأعمال فما أبقى منها شيء في أشد حاجته إليها ذهبت واحترقت أيود أحدكم أن يكون كذلك لا ، هذا هو المثل الذي ضربه الله -عز وجل- للمُرائي في الدُنيا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق