الأربعاء، 27 يوليو 2011

تفسير سورة الشمس / محاسن التأويل



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا وأشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من أقتفى أثره وأتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
ففي هذا اللقاء المبارك من محاسن التأويل سنشرع معكم في تفسير سورة (والشمس وضحاها ) وهذه السورة المباركة سورة مكية باتفاق ، وهي من أوائل ما أنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم وهي مصدرة بالقسم على نمط أكثر السور المكية كما مر معنا في سورة الضحى وسيمر معنا إن شاء الله تعالى والليل إذا يغشى والفجر وغيرهما من السور التي صدَّرهنَّ الله جل وعلا بالقسم .
قال الله جل ذكره (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) )لاحظ أن الله قال (وَالشَّمْسِ) فهذا قسم بالشمس والواو عاطفة فقوله جل شأنه (وضحاها) هذا قسم آخر أي أقسم الله بالشمس حال كونها مشرقة أو غاربة , يعني سواء كانت ظاهرة أو غير ظاهرة أقسم بها كجُرم وأقسم بها حال خروجها للناس وقت الضحى الذي مر معنا في سورة الضحى فأصبح في هذه الآية وحدها قسمان.
ثم قال الله تعالى (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) هذا قسم واحد لكنه مقيد بقوله (إِذَا تَلاهَا) قال سبحانة (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا *وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا ) ثم قال ( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا ) وقال ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) وهنا تنبه لما سيأتي ,أقسم الله بالشمس وأقسم الله بالقمر حال كونه تالياً للشمس لكن حول كونه تاليا تبينه قرينة (وَضُحَاهَا) والمعنى: يكون تالياً للشمس بالمعنى الصحيح إذا كان مضيئاً , ولا يكون كذلك مكتملاً إلا في الليالي الثلاث ليالي البدر البيض وما بعدها وما قبلها بقليل , لكن لا تُعد الليالي الأولى ليالي المحاق ولا في الليالي الحالكة التي في الأخير لا تعد داخلة في هذا القسم لهذا قال الله تعالى (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) أي خلفها في الضياء, والقمر لا يكون مضيئاً في الليالي الحالكة وإنما هنا الأمر قسم مقيد (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) أي إذا خلفها في الضياء.
(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) طبعاً الشمس هي التي تجلي النهار لكن المقصود من هنا إنه وقعت الشمس عليه فأصبح النهار وهو محل أصبح كأنه قائم بما حل به وهذا مجاز في لغة العرب على خلاف العلماء هل في القرآن مجاز أو لا .
/قال الله (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) هنا قلنا لما قال والشمس هذا قسم بها حال كونها ظاهرة وغير ظاهرة وقلنا وضحاها حال كونها ظاهرة ,حال كونها ظاهرة أناب عنه قوله سبحانه (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) بقي حال كونها غير ظاهرة وهذا أناب عنه قول الله جل وعلا (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) فيصبح جاء القسم بالشمس حال ظهورها وحال مغيبها , وبالقمر حال كونه خلفاً للشمس في ضيائه وحال كونه غير خلفٍ لها في ضيائه في الليالي الحالكة كالمحاق الذي في أول الشهر وفي الليالي الحالكة في التي آخر الشهر ,ويظهر هنا الأمر تجلى.
الليل لن نتحدث عنه كثيراً لأنه سيأتي في سورة خاصة به . لكن الشمس هذه سورتها, الشمس مخلوق من مخلوقات الله , ويقال لها وللقمر تغليباً القمران ومنه قول المتنبي :عدوك مذموماً بكل لسان *** ولو كان من أعداءك القمران
والعرب من جنس كلامها ما يسمى بالتغليب ،والتغليب أن يذكر اثنان بينهما رابط , فيذكران بأحدهما , يثنى أحدهما ويندرج فيه الأخر تبعاً ,إلا أن أسباب التغليب تختلف من حالة إلى حالة فيقولون للشمس والقمر القمران , رغم أن الشمس أكبر لأن القمر عندهم لفظ مذكر والشمس لفظ مؤنث فغلبوا جانب التذكير على جانب التأنيث قال المتنبي:
وما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ *** ولا التذكير فخرٌ للهلال
ولو كل النساء كمن فقدن *** لفضلت النساء على الرجال
والمقصود هذا سبب التغليب.
ويقال للشيخين الجليلين الصحابيين المعروفين أبي بكر وعمر , يقال لهما العمران مع أن الاتفاق على أن أبا بكر أفضل من عمر لكن التغليب هنا ليس في ذاتهما وإنما التغليب لأن اسم أبي بكر مركب واسم عمر مفرد واسم أبو بكر مركب تركيب إضافي ,فثنوا الاسم المفرد لأنه أيسر ولم يثنوا الاسم المركب فقالوا العمران يقصدون بهما الشيخين أبا بكر وعمر قالت الخوارج لعثمان أعطنا سُنة العمرين يعني أصنع بنا صنيع الشيخين أبي بكر وعمر،ويقولون كذلك الحسنان لسبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا ريب أن الحسن والحسين كلاهما مذكر كلاهما اسم مفرد فلجاؤا إلى سبب أخر للتغليب وهو أن الحسن أكبر من الحسين ولم يكن بينهما إلا طهر واحد لفاطمة , فقالوا الحسنان وعلى هذا يقولون المكتان لمكة والمدينة لأن مكة عند الجمهور أفضل من المدينة , هذا سياق. المقصود أقسم الله هنا بالشمس وأقسم الله بالقمرعرّض الله جل وعلا للشمس والقمر أن يزولا زوالاً عارض وزوالاً دائما.
فالزوال العارض يسمى في اللغة الأفصح للقمر كسوف وللشمس خسوف ويجوز أن يقال لهذا هذا ولذاك الأول .
والزوال النهائي يكون عند قيام الساعة قال الله جل وعلا (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)
وقال جل ذكره (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) وقال جل وعلا(وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ) هذا كله ظاهر أنهما مخلوقان من مخلوقات الله سيضمحلان ويذهبان مثلهما مثل سائر المخلوقات. إلا أن الشمس تأتي للناس من المشرق وتغيب في المغرب على هذا درجت سنة الله جل وعلا فيها , وسيأتي يوم تستأذن تحت العرش فلا يأذن العلي الكبير لها , فيقول لها عودي من حيث طلعتي فتطلع على الناس من المغرب فإذا رآها الناس آمنوا قال الله جل وعلا (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)هذه الشمس والقمر ,يقولون أو ثبت شرعاً أن الله حبس الشمس ليوشع بن نون , ويوشع بن نون نبي من أنبياء بني إسرائيل ساس بني إسرائيل بعد موت موسى ,وهارون مات قبل موسى ثم ساسهم موسى من قبل لكنه بقي وحيداً ,فلما مات دخل بهم يوشع بن نون الأرض المقدسة , سنعطيك الآن فريدة في العلم , دخل بهم الأرض المقدسة حارب يوم الأحد وخاف أن يأتي يوم السبت ولم ينتهي وخاف أن تغرب شمس الجمعة ولا حرب .فخاطب الشمس قائلاً إنك مأمورة وأنا مأمور، أقرّ أنه عبد وأنه مخلوق ثم دعا الله فقال اللهم أحبسها علي فحبسها الله عليه بقدرته فتأخر مغيبها فحارب وأنتصر . قلنا الفريدة هنا ! أين الفريدة ؟
الفريدة أن الحرب استمرت سبعة أيام .
في عصرنا هذا حدثت نكسة حزيران عام 76م هذه الحرب أنتصر فيها الصهاينة على بعض دول المحيطة بها , على مصر والأردن وسوريا ,و احتُلت الجولان وسيناء من أرض مصر والضفة الغربية وقطاع غزة ودخل في تلك الحرب دخل فيها اليهود المسجد الأقصى।الشاهد منها حرص اليهود على أن الحرب تستمر ستة أيام ، الإذاعات العربية إذا تكلمت الآن والإعلام المعاصر إذا تكلم عن الحرب يقول نكسة الخامس من حزيران , لكن اليهود الصهاينة إعلامهم إذا تكلم يقولون حرب الأيام الستة ليلبسوها لباساً عقدياً وليربطوا مع جماهيرهم مع من يستمع إليهم من أتباعهم اليهود أن هؤلاء القادة المعاصرين صنعوا ما صنع يوشع بن نون , وأن ما يقال عن الجبارين الذين هم سكان فلسطين الذين حاربهم يوشع بن نون هم الجبارون الذين هم ينعتون المسلمين بهم بأنهم الجبارين , لذلك كانت بعض الأخطاء السياسية لبعض القادة الفلسطينيين المعاصرين يقولون عن دولة فلسطين أرض الجبارين وهذا خطأ لأن هذا يتمناه اليهود أن يقال أنها أرض العمالقة وأرض الجبارين حتى يصبح الحرب حرب عقدية شرعية بحتة , ولهذا يقولون في إعلامهم حرب الأيام الستة .طبعاً الدافع لهذا الحديث كله حديثنا عن قضية الشمس. وقول الله جل وعلا { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا }وهذا كله قسم يتبعه قسم لأمر عظيم سيأتي بعده قال الله بعدها { وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } ، 
السماء في اللغة: كل ما علا وارتفع . قال أمية بن أبي الصلت :
وأرضك كل مكرمة بنتها *** بنو تيم وأنت لها سماء
أي قبة أي عالي أي سقف ،هذه السماء جعل الله جل وعلا لها أبواباً بنص كتابه قال الله جل وعلا { وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا } ولها خزنة يسكنونها قال صلى الله عليه وسلم : (( أطت السماء وحُق لها أن تئط والله ما من موضع أربعة أصابع إلا وملك واضع جبهته [خبر] ساجداً [حال] ساجدا لله تعالى. ))هذه السماء لها أبواب يصعد منها عمل العبد , في مواطن يصعد منها عمل العبد , فالصالحون من الخلق ترفع أعمالهم من أبواب معينة , فيصبح هذا الباب وقف على زيد أو عمر من أهل الصلاح , فإذا مات هذا الرجل أنقطع العمل , فإذا أنقطع العمل ما أصبح يدخل أو يرفع من هذا الباب شيء , فيبكي عليه موضعه من السماء , وهذا معنى قول الله جل وعلا { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ } فطوبى لعبد إذا مات وأنقطع عمله بكى عليه موضعه من السماء وموضعه من الأرض , وما أشقى عبد ـ عياذاً بالله ـ يموت فلا يفقده موضع بالسماء ولا موضع في الأرض أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله وجعلنا ممن يتلبس بالصالحات أينما حل ونزل , هذه السماء .
/ قال الله جل وعلا { وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } الطحو هو نفسه الدحو في قوله جل وعلا { وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } والمعنى بسطها , والأرض مقدم خلقها على خلق السماء قال الله جل وعلا : { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ } وقال جل وعلا { وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } ولم يقل بدأ خلقها , والمقصود من هذا كله أن الأرض والسماء مخلوقتان عظيمتان من مخلوقات الله أقسم الحق تبارك وتعالى بهما في هذا الموطن .
الذي يعنينا :هذا القسم من جنس القسم الأول , القسم بالمخلوقات المتتابع , وكل ما أقسم الله به من شمس وقمر وليل ونهار وسماء وأرض وما يتعلق بهما كلها غير مكلفة , غير عاقلة .

/ ثم قال الله جل وعلا {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } النفس جاءت نكرة , فهل المقصود بها نفس آدم أو نفس بني آدم أو جميع الأنفس ,والأظهر والله أعلم أنفس المكلفين من الجن والأنس , بدليل أن الله قال بعدها { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } ولا يخاطب بهذا إلا المكلف .ما النفس؟ , النفس هي ذات الروح أو هي الروح ذاتها , لكن الإنسان إذا اتصلت روحه بجسده يقال لها نفس , وإذا انفكت النفس عن الجسد وخرجت يقال لها روح , قال صلى الله عليه وسلم في عثمان بن مظعون لما مات كان عيناه مفتوحتين فأغمضهما صلى الله عليه وسلم وقال : (( إن الروح إذا صعُد يتبعه البصر )) وجاء في القرآن { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } فعلمها غيب لا يعلمه إلا الله , لكن الله هنا قال { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } ليبين أن هذه النفس عظيمة الخلق وفيها من الأسرار والأمور والعجائب ما لا يعلمه إلا الله , وقد جاء ذكرها في القرآن مقسمة إلى ثلاثة أقسام : نفس مطمئنة،ونفس أمارة بالسوء،ونفس لوامة , وهذه النفس أسند الله لها الكلام والجدال { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } وأسند الله لها الحسرة { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ } إلى غير ذلك مما مر معنا وسيمر معنا كثيرا ولا حاجة للاستفاضة فيه.
قال سبحانه { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) } يقولون أن الأصل في الإلهام يكون في الخير , ولا يقال في الشر أنه إلهام , والسؤال المطروح هنا: كيف يقال { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا } ؟
والجواب: أن الإلهام هنا إلهام إعلام حتى تجتنب فجورها , بمعنى أن الله جل وعلا ألهم النفس أن فيها فجوراً ومنزعاً للشر يجب أن تجتنبه حتى تعلم ,فإذا علمت أن هناك منزعا للشر فيها وحُذرت منه تكون أقدر على تركه فيكون الحساب قائم على بيّنة وعلى علم .
{ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } قدم الله الفجور هنا على التقوى , والآن سيأتي تسلسل غريب في العرض تسلسل بديع , قدم الله الفجور لأنه لا تحليه إلا بعد التخليه , قدم الله الفجور لأنه لا تحليه للتقوى إلا بعد أن تخلى النفس من الفجور { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا } فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يشرع عيدي الأضحى والفطر منع الأنصار من يوم بُعاث , ثم أتى بالبديل عليه الصلاة والسلام وهو عيدا الفطر والأضحى , نقول { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا } بدأ الله بالفجور قبل فضيلة التقوى حتى يكون التخليه قبل التحليه ثم أتى بالتقوى قال { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } ثم قال وهذا جواب القسم { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } فلما جعل التقوى هي الأخير بدأ الآن بالتزكية حتى تكون ملتصقة بالتقوى كأنها سلسة , بدأ بالفجور لأنه قلنا التخليه ثم ثنى بالتقوى ثم قال بالتزكية حتى تكون التزكية متصلة بالتقوى لأن التزكية لا تتصل بالفجور { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} والسلسلة البديعة لم تنتهي بعد سيأتي بعدها ولنستعجلها ثم نعود , ثم قال { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا } فالطغيان في ثمود مناسب لقوله { وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } فالدسيسة في قوله {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} ترتبط بالسلسلة الآية التي بعدها { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا } فيصبح أول كل آية له وجه بديع في التناسب مع أخر كل آية .
نأتي لمعنى قول الله جل وعلا { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } القرآن نزل أصلاً على أمة عربية , وهذه الأمة العربية لها طباع , البيوت بيوت الكرام تكون في الأماكن العالية , حتى توقد النار فيراها الطالبون , وبيوت اللئام تكون في الخبايا حتى لا يراها المستضيفون , عامل الله جل وعلا النفوس البشرية بمثل أوضاعها الحقيقية في حياتها , فالتزكية الارتفاع , زكى بمعنى نمى , والدسيسة أخفيت الشيء بمعنى دسسته , فقال الله { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } لا يمكن أن ترى إنسان محرم يريد أن يذهب إلى العمرة يستحي أن يخرج بين الناس بإحرامه بل بالعكس لو رآه الناس لجنحوا إليه يدعون له بالتوفيق ويسألونه الدعاء , فهو في موطن شرف لا يريد أن يخفيه , بينما من يذهب إلى حانات الغرب وبارات الشرق ومواطن الفجور المخصوصة يتوارى عنك , فهو يلبس زي الأعاجم زي الكفر يضع الأساور والسلاسل ومعه أغراضه , لكن إن كان فيه شيء من الفطرة ستجده مطأطئ رأسه لا يريد أن يراه أحد , فيأبى الله إلا أن يذل من عصاه , لا يستحي أحد منكم ولا من غيركم من المؤمنين أن يقال أنه رؤي في حرم صلى الله عليه وسلم أو رؤي يطوف حول الكعبة , لكنك تجد أهل المعاصي يدفع أموالاً باهظة لمن وجده في موطن ريبة رجاء أن لا يحدث بها أحد , لأن المعصية تكسره وتذله أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله , هنا الله يقول { قَدْ أَفْلَحَ } فجعل الله جل وعلا الفلاح مرتبطاً بتزكية النفس , وأعظم ما يسمو به الإنسان نفسه
هبطت إليك من المحل الأرفع *** ورقاء ذات تعزز وتمنع
هبطت على كره إليك وربما *** كرهت فراقك وهي ذات توجعِ
والمعنى أن روحك ونفسك لم تخترهي بنفسها هذا الجسد لكنها لما أُحكمت مع هذا الجسد وارتبطت صار بينهما أُلفة وعِشرة , ثم إذا جاء قبض الروح تجد الروح صعبة المخرج كأنها تقول لك إنني قد ألفت هذا الجسد ولا أستطيع الانفكاك عنه , لكن الحق أن الأمر مبني على الإيمان والعمل الصالح , فأعظم ما تُزكى به النفوس أمور من أهمها:1- أن يُعلم أنه لا انفكاك بين الإيمان والعمل الصالح , سيد الأصحاب الصديق رضي الله عنه وأرضاه ( من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر أنا , من تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر أنا , من أطعم منكم اليوم مسكيناً قال أبو بكر أنا , من عاد منكم اليوم مريضاً قال أبو بكر أنا )،أعمالاً صالحة متنوعات في قلب قال عنه صلى الله عليه وسلم لو وضع إيمان أبي بكر في كِفة و إيمان الأمة في كِفة لرجح إيمان أبي بكر رضي الله عنه , والمقصود لا انفكاك بين الإيمان والعمل الصالح .
2- من أسباب تزكية النفوس الرضى بقضاء الله وقدره وهذا من أعظم منازل الإيمان , ويعلو على هذين الأمرين محبة الله جل جلاله , ومحبة الله من أعظم أسباب تزكية النفوس , محبة الله جل وعلا ثم محبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإتباع هدية صلوات الله وسلامه عليه .
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } وقال الله { وَقَدْ خَابَ} أي خسر { دَسَّاهَا } أي أخفاها وجعلها وضيعة بتركه للعمل الصالح , إنتهت هذه الآيات عند قوله سبحانه { وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } والخطاب في الأصل للقرشيين , أمة تحيط بالكعبة , فأراد الله أن يضرب لهم أنموذجاً لمن خاب وخسر فقال لهم{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا } ثمود : قبيلة عربية تسكن شمال الجزيرة , أو بالأحرى كانت تسكن شمال الجزيرة العربية ومواطنهم بالحِجر , قال الله { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ } أي في طريق واضح ظاهر ما تغير شيء , وإلى اليوم هي لبسبيل مقيم , جهة العُلا .
قال الله { كَذَّبَتْ ثَمُودُ } قبيلة عربية عند المؤرخين يسمون عرب بائدة , ويضاف إليهم قوم عاد , هؤلاء عرب بائدة وصالح نبيهم , والله لم يذكره هنا , ذكره في آيات مكية أخرى , لكن هذه الآيات المكية التي بين أيدينا قصار { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا } كذبت من ؟ كذبت الرسول الذي بُعث إليهم , الخطاب الآن توضيحي لأهل مكة ضرب مثل حتى تنقطع الأعذار { بِطَغْوَاهَا }الباء هنا سببية , أي كذبت ثمود بسبب طغيانها , والطغيان تجاوز الحد , قال الله جل وعلا { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا } هذا إجمال , جاء التفصيل { إِذْ انْبَعَثَ } من الذي أنبعث ؟ { أَشْقَاهَا } الهاء في أشقاها عائدة إلى من ؟
عائدة إلى ثمود بحسب تسلسل كلام لكن الحق أنها عائدة إلى الأولين أجمعين , ومعناها أشقى الأمم السابقة كلها , أين الدليل ؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أشقى الأولين عاقر الناقة) وأسمه قُدار بن سالف ويقال له أُحيمر ثمود , كان رجلاً عزيزاً منيعاً في رهطه , هذا الرجل , كانت كل ثمود الكافرون منهم يحدثون أنفسهم بعقر الناقة , قال الله جل وعلا { إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ } قبل أن ينبعث { رَسُولُ اللَّهِ } الذي هو صالح { نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا } منصوبة على التحذير , أي أحذركم ناقة الله, وهذه الناقة جعلها الله جل وعلا آية لقوم ثمود قال سبحانه { وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً } هذا على حذف , حذف ماذا ؟ أصل الآية ( وأتينا ثمود الناقة آية مبصرة ) يعني آية واضحة, وليس المقصود أن الناقة ليست عمياء , وإنما الناقة إذا أطلقت يُراد أنها بصيرة, وإنما المقصود آية مبصرة لهم , هذه الناقة جعل الله لها شِرب يوم محدد وجعل لثمود شِرب يوم آخر , لها شِرب ولكم شِرب يوم , استبطؤا العذاب قال الله جل وعلا { إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا *فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ } فوقع منهم التكذيب مرتين , التكذيب الأول تكذيب بالرسالة كلها , والتكذيب الثاني بأن هددهم بالعقاب وحذرهم أنهم إذا قتلوا الناقة سيأتيهم الوبال قال الله جل وعلا { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا }.
العقر في اللغة : هو جرح البعير في يديه ليبرك حتى يُنحر , قطعاً إن أولئك القوم لم يكونوا ينحروا الناقة نحراً شرعياً , لأنهم لا شرع لهم أصلاً لا إيمان لهم أصلاً حتى ينحروها معقولة يدها اليسرى , وإنما عبر الله بالعقر هنا وأراد النحر للتلازم ما بين الفعلين , بمعنى أنه عقر البعير فلما جثى البعير نحره في وهدته , وقلنا عبر الله بالعقر لأنه تلازم كامل بينه وبين النحر , قال الله جل وعلا { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } طبعاً قال الله فعقروها والمقصود ثمود كلها لأنها كانت راضية بفعل الأشقى منهم , لأنهم كانوا أي ثمود راضين بفعل الأشقى منهم , وإن كان الذي تولى كِبر الأمر تسعة , ومن هؤلاء التسعة خرج هذا أُحيمر ثمود، فعقروها .
قال الله { فَدَمْدَمَ } بمعنى أطبق { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ } تكرار للسبب حتى يُعلم أن الله لا يظلم الناس { بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا } أي سواهم بالأرض كأقوام لا كديار لأن الديار باقية , ثم قال الله قولاً لا يوصف إلا الله به ' فلا يصنع أحد صنيعاً إلا ويرجوا به أحدا أو يخاف به أحدا إلا الله جل وعلا لا يرجوا بصنيعه أحد ولا يخاف جل وعلا أحدا فقال الله { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي عقبى وتبعت ذلك الصنيع لا يمكن لله جل وعلا أن يخافه أو يحسب له أمرا لأنه تبارك وتعالى لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون يُجير ولا يُجار عليه , وكل نعوت الكمال وأوصاف الجمال له تبارك وتعالى دون سواه والنقص إنما على خلقه أجمعين هذا المعنى العام لقوله { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا }.إذا عرف أشقى الأولين دلت السنة في نفس الحديث على أشقى الآخرين , قال صلى الله عليه وسلم يسأل علياً ( أتدري من أشقى الآخرين [ في رواية أنه قال الله ورسوله أعلم ] قال : من يضرب هذه عن هذه أو من يفصل هذه عن هذه وأشار إلى رقبة علي) والذي حاز على هذا هو عبد الرحمن بن ملجم المُرادي الذي قتل علياً , إشترى سيفاً فيما تقول مجمل الروايات ووضعه في إناء فيه سم حتى أن الحديد لفظ السُم , وأحياناً يُزين للإنسان سوء عمله,وأخذ يدعوا الله ويعتقد أنه مجاب وهو مجاب من وجه آخر , قال اللهم أقتل بهذا السيف شر خلقك , ثم عرض لعلي وعلي ذاهب غادٍ إلى صلاة الفجر , فضربه ضربة وكان فاتكاً , ثم حُمل بعد أن أطُبق عليه فلما حُمل سأله علي رضي الله عنه عن الذي صنع وكان في علي بقية من حياة قبل أن يموت , قال إنني اشتريت السيف بكذا وأصلحته بكذا وعرضته على الناس ومازلت أقومه بكذا ثم سألت الله أربعين صباحاً أن يقتل به شر خلقه , ولهذا تفهم أن القضية ما هي قضية أماني ونوايا ، قضية علم , فلما غاب العلم أتكل على أمانيّه ورؤءاه وأمثال ذلك مما وقع فيه وجهله التام , فقال علي رضي الله عنه وأرضاه ما أراك إلا مقتولاً به , ثم قتل بنفس السيف أو قيل أنه قتل بهذا النفس , هذا عبد الرحمن بن ملجم , أختلف الناس فيه , أختلفوا فيه أولاً إلى فريقين , فريق قِلة وهم أتباعه من الخوارج , وهؤلاء كانوا يرون أن هذا الصنيع قربة إلى الله .
يا ضربة مِن تقيٍّ ما أراد بها *** إلا ليبلغَ مِن ذِي العرش رِضواناً
إني لأذكره يوماً فأحسبُه *** أَوفىَ البرية عند الله ميزاناً
هذا قول عمران بن حطان أحد زعماء الخوارج , وعمران هذا كان طالب علم فأراد أن يقنع امرأة من الخوارج أن ترجع عما هي عليه , فأقنعته وغلبته بجمالها فتبعها في مذهبها , لا أريد أن أستطرد نعود إلى الفريق الثاني وهم أهل السنة , اتفقوا على أنه في أعظم درجات الباطل لكنهم اختلفوا هل يكفر بهذا العمل أو لا يكفر , والمشهور والله أعلم أنه لا يكفر , لماذا يؤتى بالقضية يعني كيف عرف أنه يكفر أو لا يكفر , مبني عليها مسألة فقهية , وهو أن الحسن والحسين قتلاه مباشرة , وجه الإشكال أين ؟
أنت طالب علم , وجه الإشكال إنه كان لعليٍ أبناء صغار لم يبلغوا الرشد , فكونهم قتلوه الحسن والحسين قبل أن يبلغ أبناء علي الصغار , لا يحتمل إلا أحد أمرين , قول فقهي وهو أنه لا يُنظر للصغار حتى يرشدوا ،يسقط حقهم وهذا ليس الجمهور عليه , القول ثاني تخريج فعل الحسن والحسين أنهم قتلوه باعتباره كافر فقتله باعتباره كافر لا يلزم منه أن يستشيروا أخوتهم الصغار , واضح.
لكن إذا قتلناه باعتباره مؤمن تبقى المسألة أن الصغار لهم حق , وما قُتل عبد الرحمن بن ملجم دون أن يُنظر في رأي أبناء علي الصغار , قد يقول قائل قطعاً سيقولون لكن هذا أمر لا يبنى عليه مسألة شرعية , والمقصود هذه نوع من الثروة المعرفية التي تزداد حول قول الله جل وعلا { إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } نستفيد من الآية أن الناس منهم من هو أئمة في الخير ومنهم من هو إمام في الشر , لذلك كلمة إمام وحدها لا تدل على فضل حتى تظهر بقرينة قال الله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ }وقال { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا } فكلا الحالين نعت الله المتقدمين منها بأنهم أئمة , لكن من القرائن عرفنا أن أولئك في الخير وأن أولئك في الشر , ولأن تكون ذيلاً في الخير خير من أن تكون إماماً في الباطل , والمقصود أن يتبع الإنسان الخير وأهله أينما كانوا وهذا المعنى الحقيقي لقول الله جل وعلا { إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } كذلك يُفهم من الآية أن الإنسان الذي يجنح إلى الشر غالباً لا يكون فيه تؤُده , يكون فيه محاولة التخلّص من الأمر ولهذا قال الله { انْبَعَثَ } الانبعاث يدل على السرعة لأنه يخشى أن يرجع في الأمر , ما إن زُين له سوء العمل إلا وبادر به حتى يبقى على تمجيد رهطه له ولا يتريث , لكن بالنسبة لك كأخ مؤمن الأمور عندك تنقسم إلى قسمين :
ـ ما ثبت نصا شرعاً فهذا لا يحتاج إلى تؤُدة قال الله جل وعلا على لسان عبده موسى {وعجلت إليك ربي لترضى} وما لم يكن ثابتاً بنص هذا يحتاج الإنسان فيه أن يتبين وأن يتريث وأن يكون في خطواته على تؤدة وعلى مهل في قضية غدوه ورواحه وأين ذهابه ومشيته , هذا مجمل ما من الله به علينا في سورة الشمس , نعود فنجمل ما أردناه من السورة فنقول :
هذه أقسام متتابعة يتبع بعضها بعضا ,كلها ذات شأن عظيم ومعنىً جليل أقسم الله بها لأمر جليل وعظيم من أجله نُصبت الموازين وأقيمت البراهين إلا وهو سوق الجنة وسوق النار المبني على الفلاح والخسران , لهذا قال الله في جواب القسم { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } ثم ذكر الله أمة بادت وأقوام مضوا بُعث لهم نبي كما بُعث لنا نبي أهلكهم الله جل وعلا بسبب طغيانهم , ردوا الآيات وكان في ردهم للآيات بياناً أن الإيمان بيد الله جل وعلا , وأن الآيات لا تغني أصحابها شيئا , ولهذا لما طلب القرشيون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا أراد الله عليه الصلاة والسلام أن يدعوا بذلك فجاءه جبريل وقال له إن الله يُخيرك في أنه إذا أظهر لهم الصفا ذهبا ولم يؤمنوا أن يطبق عليهم الأخشبين , وإن شئت أرجأنا أمرهم لعل الله أن يخرج منهم ذرية صالحة , فأختار صلى الله عليه وسلم الأمر الآخر , وهذه كانت سنة ماضية في الأنبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم قال الله { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا } .
هذا ما تيسر إراده وما تهيأ إعداده حول سورة الشمس , وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى وألبسنا الله وإياكم لباسي العافية والتقوى وصلى الله محمد وعلى آله والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق