الخميس، 4 أبريل 2024

مقتطفات من دروس التفسير - الربع الثاني والثالث من سورة البقرة-

 الربع الثاني:
 سنجد فيه حديث عن قصة آدم عليه السلام. وأهمية هذه القصة والمقاصد الكلية التي ستذكر داخل هذه القصة هي:
علاقة الإنسان بمنظومة الخلق من حولنا، عندنا من المكلفين الملائكة والشياطين، ومن المخلوقات السماء والأرض، فهذه المنظومة كلها والعلاقات بينها بينتها لي قصة آدم في هذه السورة.
وتبين من خلالها فهم طبيعة النفس الإنسانية من حيث تحقيق مقصد العبودية لله سبحانه وتعالى بعد أن كان قال قبلها (اعبدوا ربكم) كيف حقق آدم وذريته العبودية، وشرحت لنا ماهية طبيعة هذا الإنسان كيف يحقق هذه العبودية فيتبين لي مسألة الطاعة والمعصية والتوبة وتأثير الشياطين وعلاقتهم بالإنسان، كله كان داخل هذا الربع الذي تحدث لي عن قصة آدم.
وامتاز ورود هذه القصة داخل سورة البقرة بمصطلح لم يتكرر، فقصة آدم تكررت يمكن حوالي سبع مرات في القرآن لكن في هذه السورة تميزت بمصطلح لم يتكرر في غيرها الذي هو مصطلح الخلافة (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) وسنرى فيما بعد تأثير هذه الكلمة على مقصد السورة.

الربع الثالث:
 سيبدأ الحديث عن بني إسرائيل تقريبا من آية (40) إلى آية (123) وهي التي ذكرنا أنها تشكل حوالي ثلث السورة فيمتد إلى مقاطع ليست بالقصيرة، وحتى إذا ابتدأت الأحكام الشرعية سنجد فيما بعد أنه سيعود الحديث عن بني إسرائيل، ومعلوم أن أسلوب القرآن ليس كالأسلوب البشري الذي هو إذا أتى الموضوع يستجمع كل أطرافه ثم يغادره ولا يرجع إليه مرة أخرى، لا، ليس الأسلوب القرآني كذلك، وهذا طبعا يعني أمر يطول ذكره في الحديث عن أسلوب القرآن في عرض الموضوعات له حديث طويل ليس هذا وقت ذكره.
نرجع هنا إلى الآيات التي ذكرنا أنها نزلت في بني إسرائيل وأخذت هذا القسط الوافر في سورة البقرة، سنربطه بأحوال النزول أو بتاريخ النزول الذي هو بداية العهد المدني.
بداية العهد المدني سنجد أنه تشتد الحاجة فيه إلى الحديث عن بني إسرائيل، لماذا تشتد الحاجة له؟
● نحن نعرف أن من ضمن فوائد نزول القرآن منجما أنه على حسب الأحداث والوقائع، وما يناسب الظرف الزماني، ما الذي يناسبه فتأتي الآيات إما تحُل إشكال، أو تُجيب عن سؤال، أو تمهّد لموضوع أو ما إلى ذلك، هذا معروف في أحوال تاريخ النزول.
● نرجع نقول إن هذه السورة يطول الحديث فيها عن اليهود، وتشتد الحاجة إلى هذا الأمر لسببين:
السبب الأول: أن اليهود كانوا يسكنون المدينة والرسول صلى وسلم حديث عهد بالمدينة فطبيعي أنه ما دام انه الآن سيُساكنهم وأصبح قريب منهم سيبتدئ تبليغ الدعوة، نحن نعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما دعا الناس كلهم في وقت واحد، ظروف المرحلة تقتضي أنه يبتدئ أولا بقر يش ثم بعد ذلك بدأ الانتشار للدعوة، وآخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم امتد إلى تبوك، لكن لم يبتدأ أولا من تبوك، ولم يبدأ اولا باليهود، وإنما ابتدأ بالمشركين وهذا أمر طبيعي في مسائل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لكن طالما أنه هاجر إلى المدينة، إذا سيتوجه بالدعوة إلى اليهود، فهذا الأمر من أحوال النزول أنه يحتاج إلى استيضاح طبيعة اليهود، وما الذي يمكن أن يواجهه الرسول صلى الله عليه وسلم منهم فكان فيما ذُكر في هذه السورة يحمل في طياته تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في حال أعرضوا عن اتباعك لأنها كانت تتحدث عن إعراضهم عن موسى، أو تلكؤهم في اتباع موسى، و(سمعنا وعصينا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق