الخميس، 4 أبريل 2024

ما مدى الخيرية في قوله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر)

 الآية لم تقل ليلة القدر كألف شهر إنما قالت (خير من ألف شهر) كلمة (خير) ما مدى الخيرية؟
هل تساوي الألف؟ وإلا مليون ضعف ألف، وإلا مليار ضعف الألف؟ مفتوحة، هذه واحدة.

الثانية: هل الألف مقصودة في ذاتها؟
أقول وبالله التوفيق:
بحثت في الآية الحقيقة، فذُهلت..
الألف لقب من ألقاب الأعداد الصحابة لما بيكون يعرفوا أعلى منه. وهنا مهمة نفهمها، اللفظ يُفهم على فهم الصحابة للفظ، لما يقول النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال (ليؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) نحن نفهم (أقرؤهم) أكثرهم قراءة. فلو طبقناه على الواقع سنقدم القارئ المتقن المحترف على الفقيه، الصحابة لا.. فهموا أقرأ القوم أفقههم فقدموا الفقيه على القارئ، فقوله (يؤم القوم اقرؤهم) في اصطلاح الصحابة أفقههم وأفهمهم للمقروء لأنه يستطيع أن يتصرف إذا وقع خطأ الفقيه، لكن القارئ الذي لا يُحسن الأحكام سيضيع المصلين، إذا اللفظ يفهم على فهم الصحابة.
ما معنى الألف هنا؟
أكبر عدد يعرفونه، ولذلك الصحابة لم يكن عندهم لا مليون ولا مليار  ولا دي شيليون، فكانوا يقيسون الأمور كلها بالألف، وهذا ما صرحوا به قالو ثروة عبد الرحمن بن عوف: كان عنده من الإبل ألف ألف، لم يقولوا مليون، وكان عنده من الغنم ألفي ألف يعني اثنين مليون، لم يصرح بلفظة مليون، فكان القياس بالألف، بل ثبت في الحديث أن أحد الصحابة كان يقال له ابن أوس هوأعرابي بسيط من الصحابة كان جالسا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم والنبي يحدث صحابته عن نبوءة ستقع، فقال صلى الله عليه وسلم (ستفتحون الحيرة) الحيرة هي العراق، ثم ذكر وقعت عين صلى الله عليه وسلم قال (ستفتحون الحيرة وستأتي الشيماء بنت ملك الحيرة بمروطها السود على بغلتها السمراء)، ابن أوس الصحابي البسيط الأعرابي هذا يقينه بالله ويقينه بكلام الرسول عجيب، لما سمع هذا الحديث انبرى من بين الصحابة وقال: يا رسول الله إن فتح الله علينا الحيرة تكون الشيماء من قسمي؟ يعني تكون نصيبي من الغنيمة؟ فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا ابن أوس هي لك) هذه نبوءة وبشرى، بل بشائر لابن أوس أنه سيعيش وأنه سيدرك فتح العراق، وأنه سيظفر بالشيماء وقد كان. وقع هذا في خلافة عمر، فُتحت الحيرة في خلافة عمر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنين، وكان ابن أوس أحد المقاتلين، ورحى المعركة دائرة وابن أوس عينه دائرة يبحث عن الشيماء حتى رأى امرأة بمروط سود على بغلة سمراء فجرى وراءها قال أنت الشيماء؟ قالت: أنا الشيماء، قال صدق الله وصدق رسوله وسجد الله شاكرا، وأخذ بخطاب بغلتها وانطلق إلى قائد الجيش قال: هذه قسمي. قال: من أعطاها لك قبل قسمة الغنائم؟ قال أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم -الصحابة يسمع رسول الله الكل يتوقف يسلم- رسول الله؟ قال: نعم. قال: ما نمنعك عطيته لكن قسمة الغنائم ليست حقي بل حق أمير المؤمنين عمر، قال وأنا مع الغنائم إلى عمر لن أترك الشيماء، وانطلق إلى عمر، فلما وصل المدينة انطلق على عمر والشيماء معه قال: يا أمير المؤمنين هذه الشيماء قسمي من غنائم الحيرة، قال: من أعطاها لك يا ابن أوس قبل قسمة الغنائم؟ قال: يا أمير المؤمنين أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. عمر وقف ومن يمنع عطية رسول الله. قال: يا ابن أوس - يستوثق فقط - من يشهد لك؟ قال فلان وفلان، فشهد الصحابيان، قال: هي لك.
بكى عمر، قال: هنيئا لك عطية رسول الله لك، من يمنعك عطية رسول الله لك؟ عمر بكى.. النبوءة تقع في زمن عمر !! في خلافة عمر!! هذه تهز كيان عمر، وتهز كيان الصحابة، هذه الحقائق التي وقعت لهم وعاشوها تزيدهم يقينا على يقينهم، وإيمانا على إيمانهم، وخشية لربهم.
فالصحابة أرادوا أن يفطنوا ابن أوس، قالوا: يا ابن أوس إن لها أخا لم يقع في الأسر وإنه لا محالة آتيك ليفتدي أخته، وإن له من المال كنوزا فساله ما شئت سيعطيك. اعتبر هذه صفقة العمر واسأله ما استطعت من المال. وبالفعل ما توقعه الصحابة حدث وجاء أخوها وقال: يا ابن أوس  سلني من مالي ما شئت وأعطيني أختي. فتح لها أبواب خزائن فإذا بن أوس يقول أعطني ألف درهم. تعجب الصحابة، الرجل أعطاه الألف درهم وأخذ أخته وانصرف. قالوا: يا ابن أوس ألم يفتح لك الرجل أبواب خزائنه ويقول لك سلني من  مالي ما شئت لماذا لم تسأل أكثر من ذلك؟ قال: وهل في العدد أكثر من ألف؟ هذا هو الشاهد "وهل في العدد أكثر من ألف؟"
كان الصحابة يفهموا أن الألف أعلى رقم، فلما يقول تعالى ويخاطبهم بهذه العبارة (ليلة القدر خير من ألف شهر) يعني خير من أكبر عدد تعرفونه.
عرفنا المليون خير من  مليون..
عرفنا المليار خير من مليار..
عرفنا ديشليون خير من ديشليون..
إذن الأمر أجلّ وأعظم من تصوراتنا..
ليلة القدر خير من كل هذا. مش تساوي عمر ثلاثة  (***) عام، لا.. تساوي أعمار الخليقة. هذه أعظم ليله خصها الله عز وجل بهذه الخصيصة، وكيف لا وقد بينا أن الله أحدث فيها حدث،كوني فقط، لا، بين النبي صلى الله وسلم بل القرآن نفسه في السورة أن هذه الليلة كل عام يأذن الله بإقامة احتفال كوني فيها. أقول احتفال كوني.
رب العباد يأذن لملائكته من كل مهامهم التي يعملوا فيها في كونه المبثوث الواسع جدا، السماوات والأرض ذرة صغيرة جدا في ملك الرب، يأذن الله بجمع مليارات الملائكة يستمر نزولهم من السماء إلى الأرض في ليلة القدر ليشهدوا من قام هذه الليلة، يشهدوه وليشهدوا له يوم القيامة. وفي هذا يقول تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة) و(تنزّل) للتنجيم يبدأ نزولهم من غروب الشمس إلى أذان الفجر، يستمر النزول الليل كله، أعداد أعداد، أعداد، أعداد. أعداد، لتشهد هذا المشهد، لتشهد من قام لله هذه الليلة (تنزل الملائكة والروح فيها) جبريل أمين وحي السماء. الذي انقطع نزوله عن الأرض بموت النبي صلى الله عليه وسلم يأذن الله له كل عام لينزل في هذه الليلة مع الملائكة فيشهد من صلى لله في هذه الليلة، ومن قام لله في هذا الليلة (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) يأذن الله لهم بهذا النزول الكبير، وهذا الاحتفال الكبير، (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر) ستستمر على هذا النحو إلى أذان الفجر.
هذا الترتيب الرباني العجيب الكبير جدا أذِن الله فيه لتكون ليلة القدر ليلة احتفال كوني، ليلة احتفال رباني يشهدها هذا الجمع الكبير جدا من الملائكة ورب العباد ينظر لملائكته فيها ويغفر فيها لأكبر عدد من المسلمين، وأكبر من عدد من القائمين، بل يغفر فيها ليس ذنبا بل يتفضل في هذه الليلة ليغفر لمن قامها ذنوب العمر كله.
-----------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق