قال تعالى :
/ (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)
/ (وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
/ (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)
وقع في القرآن الإشارة إلى الكتاب باسم البعيد في قوله (ذلك الكتاب) وباسم الإشارة القريب في قوله (وهذا كتاب أنزلناه مبارك)
وأما القرآن فلم يقع في آياته الإشارة إليه إلا باسم الإشارة (هذا) ولم تقع الإشارة إليه باسم البعيد (ذلك).
ووجه التفريق بينهما:
أن الكتاب اسم للوحي النازل على محمد باعتبار:
١- كونه بعيدا مكتوبا في اللوح المحفوظ.
فقوله تعالى : (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) هو إشارة للقرآن حال كونه مكتوبا في صحف اللوح المحفوظ ، قال الله تعالى (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) ، وقال تعالى ( كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) فهؤلاء الآيات في سورة البينة وسورة عبس لا تتعلقان بصحف القرآن الذي بين أيدينا وإنما تتعلقان بصحف اللوح المحفوظ الذي كُتب فيه القرآن وهو الذي يرجع إليه الضمير في قوله تعالى ( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أي تلك الصحف في اللوح المحفوظ التي كُتب فيها القرآن الكريم.
٢- وباعتبار كونه مكتوبا في المصاحف.
/ وأما القرآن فإنه اسم له باعتبار كونه مقروء متلوا نسمعه بيننا.
وقد ذكر الإمام مالك في موطئه أن قوله تعالى (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أشبه شيء به الآيات التي ذكرناها من سورة عبس (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) ، فالكتاب والقرآن وإن كانا اسمين للوحي النازل من كلام الله على محمد صلى الله عليه فإن متعلقهما مختلف ، فإن القرآن عُدّ مقروء متلوا لكونه بيننا ، وأما الكتاب فعُدّ كتابا لأنه مكتوب في صحف اللوح المحفوظ ومكتوب في المصاحف.
----‐-----------------------
شرح مقدمة السعدي للشيخ صالح العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق