الأربعاء، 9 فبراير 2022

سر تسمية سورة العلق بالعلق وعلاقته بمضامين السورة..

 هذه السوره تُركز على أعظم قضية تتعلق بالإنسان وهي أنه عُلْقة، لابد أن يتعلق ، وليس له أن يتعلق في تلبية حاجته إلا بربه وبكتاب الله عز وجل الذي هو وحي الله تعالى.
هذا الإنسان الذي خُلق من علق يعني أنه عُلقة في جدار الرحم.. لاحظوا هذا المعنى اللطيف أن الله جعل هذا الإنسان من أصل خلقه يتعلق ، لا يغتني بنفسه ، لا يستطيع ولا يمكن أن يستغني بنفسه في حياته، لابد له من عُلقة في حاجاته ، وأعظمها إيمانه وعقيدته ، لذلك إذا علّق نفسه بغير الله فشل في حياته وهو خاسر في الدنيا والآخرة .
لذلك الله عز وجل أراد في هذه السورة أن يُبين حقيقة هذا الإنسان وأنه لابد أن يتعلق بربه وبوحي ربه لهذا قال (اقرا باسم ربك الذي خلق) اقرأ متعلقا بسم الله ، أي لابد أن يكون علمك بالله ومعرفتك بالله توصلك إلى الله تعالى. هذه أعظم عُلقة يتعلقها الإنسان. 

والعجيب أن هذه السورة كلها مبنية -والله اعلم- على هذا المعنى :
/ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) يعني مُتعلَّق انتماؤك ومعرفتك وعلمك يجب أن يكون لله.

/ ( خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) فهو في أصل خلقه عُلقة في الرحم.

/ ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)  ما دمت متعلقا بالله في قراءتك ، وقراءتُك تُوصلك بالله فاعلم أن الله سيكافؤك بعظيم كرمه ومزيد فضله ، ثم الذي علّم بالقلم لابد أن يكون تعلُّمه بوسيلة ، والله جعل القلم وسيلة.

/ (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) وهذا يدل على أن العلم لابد أن يكون من الله تعالى ، فالعبد محتاج إلى الله ومتعلق بالله في تعليمه.

ثم يأتي القسم الثاني من السورة بشيء عجيب وهو حال الإنسان حينما لا يتعلق بربه قال:
/(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ) يعني أنه إذا رأى أنه استغنى عن ربه وترك هذه العُلقة بينه وبين الله طغى وتكبر ورأى نفسه.

/ (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ ) هو لا يمكن أن يستغني ولكن رأى نفسه أنه استغنى ، فما أسوأ الإنسان حين يظن نفسه أنه استغنى عن الله ، وما أعظم الإنسان حين يتعلق بربه ويكون أمره كله متعلق بالله تعالى إيمانا وعملا ، وأعظم طريق للتعلق بالله عز وجل هو الوحي ، أن تتعلق بوحيه و يكون لديك ارتباط به (واعتصموا بحبل الله جميعا).
والعجيب أنه في آخر السورة يقول الله تعالى:
/ (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ۩) ولاشك أن السجود هو أعظم علاقة مع الله ، وأقرب علاقه مع الله ، ولذلك ذكر الله في آخر هذه السورة أعظم حال يتعلق فيها الإنسان بربه ويقترب منه وهي السجود.
فابتُدئت بالقراءة وانتهت بالعبادة ، وكلا الأمرين أساس في التعلق بالله عز وجل.
فمن أراد أن يتعلق بالله فعليه بالوحي ، وعليه بالعبادة والقرآن وعليه بالصلاة فإن هذين الأمرين هما عماد التعلّق بالله تعالى. 
نحتاج ونحن نقرأ سورة العلق أن نستحضر الأمر لنعلم علما يقينيا أنه لا سبيل لنا في هذه الحياة إلا بالتعلق بالله عِلما وعملا.
------------------------------------------
المصدر : ينابيع الهدى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق