الأربعاء، 8 يوليو 2020

( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ) [آل عمران:١٥٣]

قال تعالى: ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [آل عمران:١٥٣] 
  يذكّرهم تعالى حالهم في وقت انهزامهم عن القتال ويعاتبهم على ذلك فقال:
 / { إِذْ تُصْعِدُونَ } أي: تجدّون في الهرب.
 / { وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ } أي: لا يلوي أحد منكم على أحد، ولا ينظر إليه، بل ليس لكم هم إلا الفرار والنجاء عن القتال. 
 / { وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ } أي: مما يلي القوم يقول: "إليَّ عباد الله" فلم تلتفتوا إليه، ولا عرجتم عليه، فالفرار نفسه موجب للوم، ودعوة الرسول الموجبة لتقديمه على النفس، أعظم لوما بتخلفكم عنها. 
 / { فَأَثَابَكُمْ } أي: جازاكم على فعلكم. 
 / { غَمًّا بِغَمٍّ } أي: غما يتبع غما :
 ▪️ غمّ بفوات النصر وفوات الغنيمة
 ▪️ وغمّ بانهزامكم
 ▪️ وغمّ أنساكم كل غم، وهو سماعكم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قُتل.
  ولكن الله -بلطفه وحسن نظره لعباده- جعل اجتماع هذه الأمور لعباده المؤمنين خيرا لهم فقال: { لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } من النصر والظفر { وَلَا مَا أَصَابَكُمْ } من الهزيمة والقتل والجراح إذا تحققتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُقتل هانت عليكم تلك المصيبات، واغتبطتم بوجوده المُسلي عن كل مصيبة ومحنة. فلله ما في ضمن البلايا والمِحن من الأسرار والحكم، وكل هذا صادر عن علمه وكمال خبرته بأعمالكم، وظواهركم وبواطنكم، ولهذا قال: { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }. 
 * تفسير السعدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق