الأربعاء، 8 يوليو 2020

﴿وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ) [آل عمران ١٠٣] / من تفسير ابن القيم

﴿وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَ ٰ⁠نࣰا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ﴾ [آل عمران ١٠٣]

... ومدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله، والاعتصام بحبله، ولا نجاة إلا لمن تمسك بهاتين العصمتين.
/ فأما الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة، والاعتصام به يعصم من الهلكة
 فإن السائر إلى الله كالسائر على طريق نحو مقصده، فهو محتاج إلى هداية الطريق، والسلامة فيها، فلا يصل إلى مقصده إلا بعد حصول هذين الأمرين له، فالدليل كفيل بعصمته من الضلالة، وأن يهديه إلى الطريق، والعدة والقوة والسلاح التي بها تحصل له السلامة من قطاع الطريق وآفاتها.
فالاعتصام بحبل الله يوجب له الهداية واتباع الدليل، والاعتصام بالله يوجب له القوة والعدة والسلاح والمادة التي يستلئم بها في طريقه، ولهذا اختلفت عبارات السلف في الاعتصام بحبل الله، بعد إشارتهم كلهم إلى هذا المعنى.
/ فقال ابن عباس: تمسكوا بدين الله.
/ وقال ابن مسعود: هو الجماعة، وقال: عليكم بالجماعة فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفُرقة.
/ وقال مجاهد وعطاء: بعهد الله.
/ وقال قتادة والسدي وكثير من أهل التفسير: هو القرآن.
/ قال ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ «إن هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، وعصمة من تمسك به، ونجاة من تبعه» وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي ﷺ في القرآن «هو حبل الله المتين، ولا تختلف به الألسن، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء».
/ وقال مقاتل: بأمر الله وطاعته، ولا تفرقوا كما تفرقت اليهود والنصارى.
/ وفي الموطأ من حديث مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال «إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وأن تُناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال» رواه مسلم في الصحيح.*
-------------------------------------------------------------------
*تفسير ابن القيم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق