السبت، 18 يوليو 2020

مما يستفاد من قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ ..) [الأحزاب:٥٣]


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ...) [الأحزاب:٥٣] 

يستفاد من هذه الآية الكريمة: 

/ مشروعية إجابة الدعوة؛ لقوله: ﴿وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا﴾ .

/ ويستفاد منها دخول الإنسان المدعو وإن لم يؤذن له إذا وجد الباب على هيئة تدل على الإذن لأنه قال: ﴿إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا﴾، ولم يقل: إذا دُعِيتم فأجيبوا، والدخول أخص، وعلى هذا فإذا كنتُ مدعُوًّا وأحضرت إلى الباب فلي أن أدخل إذا علمنا بالقرينة أن الباب قد وضع موضع الإذن كما لو كان مفتوحًا.

/ تحريم التطفل لأن الطفيليَّ عادته أنه ينتظر متى يُقَدَّم الطعام فإذا قُدِّم الطعام استأذن أو هجم هجومًا بدون استئذان؛ لأنه قبل أن ينضج الطعام ويقدم يمكن يدخل ثم يقال له: اخرج، لكن بعد أن يقدم الطعام لا بد أن يأكل.

/ أن مَن دخل بيوت النبي ﷺ بدعوة ثم طَعِم، فإنه لا يجلس للحديث؛ لقوله: ﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾، وهذا فوق قوله: ﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا﴾؛ لأن ذلك أمر، أما هذا فنهيٌ، يُنْهَى أن يبقى هؤلاء المدعوُّون مستأنسين للحديث بعد فراغهم من الطعام.

ويستفاد من الآية: أن هذا الحكم إنما يكون في حال تَأَذِّي صاحب البيت؛ لقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾، أما إذا كان لا يتأذى به بل يُسَرُّ به، بل قد يكون بطلبه إذا فرغوا من الطعام قال: انتظروا، اجلسوا، نستأنس، نتحدث جائز ولا بأس به؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا وُجِدَت العلة وُجِدَ المعلول، وإذا انتفت العلة انتفى المعلول.

ويستفاد من الآية الكريمة: أن النبي ﷺ كغيره من البشر يتأذى كما يتأذى غيره؛ لقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾ لكنه يختلف عن غيره بقوة صبره وتحمُّلِه ﷺ بخلاف غيره من البشر فإنه لا يصبر ولا يتحمل كما يتحمل النبي ﷺ؛ ولهذا كان الرسول يتأذى من بقائهم مستأنسين للحديث ولا ينهاهم حتى نهاهم الله عز وجل.

 ويستفاد من الآية الكريمة: عناية الله عز وجل بنبيه ﷺ وذلك بالدفاع عن كل ما يؤذيه لقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾.

ويستفاد منه: كمال حياء الرسول عليه الصلاة والسلام وكرمه؛ لقوله: ﴿فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾، وإنما كان يستحيي لشدة حيائه، فإنه كما وُصِفَ «أحيا من العذراء في خدرها» ، «والحياء من الإيمان» كما ثبت به الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهو أيضًا دليل على كرمه؛ لأن الكريم يستحيي أن يخجل أضيافه بقوله: اخرجوا، أو يخجلهم بالتبرُّم منهم، والتَّكَرُّه لتصرفهم؛ فلهذا كان الرسول ﷺ يعاملهم وكأنه مسرور منهم حتى بَيَّن الله تعالى ذلك للصحابة.

ويستفاد من الآية الكريمة: أن القرآن شاملٌ لكل شيء حتى أدب الدخول والجلوس والطعام وما أشبه ذلك قد بيَّنَه القرآن فيكون في ذلك إيضاحٌ لقوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل ٨٩].

ويستفاد من الآية الكريمة: وصف الله تعالى بالحياء لقوله ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾
وجه الدلالة أنه لو كان الله تعالى لا يوصف بالحياء ما صح أن يُنْفَى عنه الحياء في حال من الأحوال دون الحال الأخرى، وعلى هذا فيكون الآية دليل على أن الله تعالى موصوف بالحياء، ولكن حياء الله تعالى ليس كحياء الإنسان؛ لأن الله يقول في كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى ١١].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق