الخميس، 29 أغسطس 2019

  (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) معاني التكبير في القرآن الكريم



قال الشيخ : معنى (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) أي عظمه بالتوحيد ، ذلك أن التكبير جاء في القرآن وله خمسة موارد :
١- تكبير الله تعالى في ربوبيته :
يعني اعتقاد أنه أكبر من كل شيء يُرى أو يُتوهم أو يُتصور أنه موجود، هو أكبر من كل شيء في ربوبيته ، في ملكه ، في تصريفه لأمره ، في خلقه ، في رزقه ، في إحيائه ، في إماتته ... إلى آخر معاني الربوبية . هذا الأول .قال جل وعلا :
(وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِیرَۢا) [سورة الإسراء ١١١] إذا قوله هنا (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) يدخل فيه اعتقاد أن الله جل وعلا أكبر من كل شيء في مقتضيات ربوبيته.

                    ✿•┈┈┈┈┈┈•✿




٢- أن الله جل وعلا أكبر من كل شيء في استحقاقه الإلهية والعبادة وحده دونما سواه. فإن العبادة صُرفت لغير الله وهو جل وعلا أكبر وأعظم وأجل من كل هذه الآلهة التي صُرفت لها أنواع من العبادة.
                ✿•┈┈┈┈┈┈•✿

٣- اعتقاد - كما قال (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) - أن ربك أكبر من كل شيء في: أسمائه وصفاته ، فإنه في أسمائه أكبر من كل ذوي الأسماء ، الأشياء لها أسماء لكن أسماء الله جل وعلا أكبر من ذلك.
 أكبر يرجع الكبر هنا لأي شيء ؟
 لما فيها من الحُسن ، والبهاء ، والعظمة ، والجلال ، والجمال ، ونحو ذلك. وكذلك في الصفات فصفاته عُلا كما قال جل وعلا (وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ)[سورة الروم 27] وقال جل وعلا (وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ) [سورة النحل 60] يعني له الاسم الأعلى ، وله النعت الأعلى.
 وقال جل وعلا (وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ) [سورة الإخلاص 4] ، وقال جل وعلا (هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِیࣰّا) [سورة مريم 65] ونحو ذلك ، فهو جل وعلا أكبر من كل شيء في أسمائه وصفاته.

               ✿•┈┈┈┈┈┈•✿

٤- كذلك قوله : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) يعني في قضائه وقدره الكوني:
فالله جل وعلا في قضائه وقدره الكوني أكبر ، يعني أن قضاءه وقدره له فيه الحكمة البالغة ، وأما ما يقضيه ويُقدِّره العباد لأنفسهم ، يقدر الأمر بنفسه ، ويفعل الأمر لنفسه فإن هذا يناسب نقص العبد ، والله جل وعلا في قضائه وقدره بما يُحدثه في كونه فهو أكبر .

                  ✿•┈┈┈┈┈┈•✿

٥- الأخير تكبير الله جل وعلا في شرعه وأمره :
يعني اعتقاد الله أكبر فيما أمر به ونهى ، وفيما أنزله من هذا القرآن العظيم ، أكبر وأعظم من كل ما يشرعه العباد ، أو يحكم به العباد ، أو يأمر العباد به وينهون عنه.
قال : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) تدخل فيها هذه الخمسة.
ولهذا صارت هذه الكلمة: ( اللـــه أكبـــر ) من شعارات المسلمين العظيمة ، يدخلون في الصلاة بها ، ويرددونها في الصلاة ، وهي من الأوامر التي جاءت للنبي عليه الصلاة والسلام قال تعالى له : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ).
إذا لحظت هذه المعاني الخمسة وكل واحدة منها لها أدلة كثيرة من القرآن ، تدبّر وأنت تقرأ القرآن ، الآيات التي فيها ذكر تكبير الله تجد أن بعضها فيه ذكر الربوبية ، وبعض الآيات فيه ذكر الألوهية ، وبعضها فيه ذكر الأسماء والصفات ، وبعضها فيه ذكر قضاء الله الكوني -أفعال الله جل وعلا - ، وبعضها فيه شرع الله جل وعلا ، إذا اجتمعت هذه الخمس رأيت أن هذا التفسير من أحسن وأعظم ما يكون.
إذا اجتمعت هذه الخمس في الفهم ، قال: "(وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) أي عظمه بالتوحيد" لأن معاني التكبير هي معاني التعظيم ، وتلك المتعلقات هي التوحيد بأنواعه ، فصار تفسير الشيخ هنا بقوله:
"(وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ) أي عظمه بالتوحيد" وهو من التفاسير المنقولة عن السلف ، أنه صار ههنا اختيارا مناسبا ملائما واضح الدلالة .
---------------------------------------------------           
*شرح كتاب الأصول الثلاثة للشيخ صالح آل الشيخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق