الأحد، 15 يناير 2017

مقومات الترتيل وعلاقته بالتدبر/ الشيخ ناصر القطامي

  
بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله وأصلي وأسلم على نبيه ومصطفاه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد..
 فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته وأسأل الله ذا الجلال والإكرام العظيم المنان الذي يسر هذا اللقاء أن يجعله مباركاً وأن ييسر على ألسنتنا وأن يُجري عليها ما ينفعنا الله به في تدبر آيات هذا القرآن العظيم .
 فيما مضى من الحديث كان يعني موطِئاً لما سأتحدث عنه.
 علاقة القرآن أو الترتيل بالتدبر علاقة طردية لأن الترتيل هو عبارة عن الوسيلة التي تُوصل هذا المعنى، فتدبر القرآن هو الغاية والترتيل هو الوسيلة دعنا ننطلق من هذا المفهوم إذا عرفنا وتيقنا أن الترتيل هو الوسيلة التي ستوصلنا إلى هذا المعنى أو دعونا نقول بعبارة أكثر تحريراً هي من الطرق المُوصلة لتدبر القرآن لأن الطُرق الموصلة لتدبر القرآن قد تكون متعددة منها الترتيل ومنها الاستنباط ، منها التأمل ، منها ترداد الآية ، وهذا ما سأعرضه سريعاً في ثنايا هذه الورقة.
 إذاً ترتيل القرآن هو من الوسائل الموصلة لتدبر القرآن العظيم ولذا حرر السلف هذا المعنى وناقشوه وذكروا في ثنايا كتبهم ومسائلهم هل الأفضل قراءة القرآن بالتدبر أم بالترتيل - يعني بكثرة القراءة - فذهب بعضهم إلى فضل قراءة القرآن يعني أن يكون قراءته كثيرة فيختم ، يعني الأفضل عدد الختمات أم الأفضل أن يتدبر ولو قلّ عدد الختمات أو عدد القراءة؟
فرجح كثير منهم أن قراءة القرآن بتدبر أعظم وأعلى درجة، وقراءة القرآن - يعني كثرة قراءة القرآن وكثرة الختمات - هي أكثر عددا في الأجر ، وشبهوا الأول بمن تصدق بجوهرة ثمينة أو أعتق عبداً ، وشبهوا الآخر - الذي يُكثر الختمات والتلاوة - بمن تصدق بمال كثير. فالسلف أيضاً كانوا يعتنون بمثل هذا المعنى ولذا .. لأن ورقتي وقتها أقل بكثير الحقيقة أن الأوراق الأخرى بحكم قرب الأذان سأختصر جداً.
 دعونا نجعل مفاتيح علاقة الترتيل بالتدبر في ثلاثة مفاتيح :
 الأول : في التأسي ، وما المقصود بالتأسي؟
 هو أن تنظر فيمن مضى قبلك {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } انظر تأمل مثلاً في هدي النبي عليه الصلاة والسلام ، في هدي صحابته الكرام ، في هدي سلف هذه الأمة العِظام.
 تعال مثلاً إلى هدي النبي عليه الصلاة والسلام في قراءة القرآن ستجد أن من معالِمه في قراءته صلى الله عليه وسلم مثلاً الترديد ، كان يقوم ليلة كاملة بآية يرددها يقول الله : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أحياناً مع جمال الترتيل مع التأمل في الترتيل واستعظام شأن هذه الوسيلة يظهر لك معنى لا يظهر لك حال القراءة العادية وجرب هذا، كيف؟ إقرأ آية مرة .. مرتين .. ثلاث دون ترتيل ثم اقرأها مرة تلو المرة بترتيل وحسّن فيها صوتك وتعبّد الله جل وعلا في تحسين صوتك بها ستجد أن بعض المعاني تظهر لك قد لا تظهر لك في حال القراءة العادية.
  كان عليه الصلاة والسلام من هديه -مثلاً- أنه يقرأ أنه يُقطع الآي يقف على رؤوس الآية يقرأ مثلاً {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } المعنى الذي ظهر لك الآن يختلف عن المعنى الآخر لو قرأتُها بالشكل التالي {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } إذا وقفت على رؤوس الآي ستجد أن نفسك -يعني- متشوقة لما بعد الآية الأخرى ، تجد أن هناك أيضا ًمساحة للتأمل ، تجد أن نفسك أيضاً ليست مستعجلة أصبح فقط همها الختمة أو همها -مثلاً- أن يختم السورة أو أن يختم القرآن كاملاً .. كلا، فهذه الوسيلة تجعل هذا من القلب لديه هدفاً كبيراً وهو أن ليس الهدف فقط أن يختم لا .. الهدف أنه يعي ويفهم ويتدبر.
   كان من هديه عليه الصلاة والسلام مثلاً أنه يرتل السورة حتى تكون أطول مِما هي عليه يعني (قل هو الله أحد) أنت تقرأها ربما في نصف دقيقة، كان من هدي حبيبك صلى الله عليه وسلم أنه يطيل قراءة السورة أو قراءة الآية حتى تكون أطول مِما هي أطول عليه، طبعاً هذا قد يكون أحياناً في خلوات الإنسان، في قيامه لليل لكن من أمّ المسلمين فيعني جاء في مواضع أخرى من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان يقول : من أمّ الناس أنه يخفف فليس بالضرورة أن هديه عليه الصلاة والسلام في قراءة القرآن يطبق أيضاً كله في الصلوات، مثلاً في قضية ترداد الآية كان عليه الصلاة والسلام يقوم ليلة كاملة بآية لكن هل يُعقَل أن يأتي إمام ويصلي بالناس مثلاً من الساعة الثامنة حتى العاشرة ويقرأ بهم آية يرددها الله -يعني الله يعين الوزارة عليه هذا- نحن حتى قرر كثير من أهل العلم أن ذلك جاء في صلاة النافلة، وقال بعضهم أن ما ثبت في النافلة ثبت في الفرض إلا بدليل على خلاف في هذه المسألة.
   كان أيضاً من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يمد الآي يمُدّ -كما تقول أم سلمة- بـ بسم الله يمد بـ (الرحمن) ويمُد بـ (الرحيم) وهذا أيضاً ظاهر في قراءته عليه الصلاة والسلام حيث أنه يعطي أيضاً مساحة لتأمل الآية { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } بخلاف لو قرأتُها مثلاً { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ } ، ألا يجوز هذا؟ بلى يجوز لكنه كان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يمُدّ حتى يعطي مساحة للعقل في التأمل والتفكر وأن تقع هذه الآية موقعها في قلب الإنسان.
   أيضاً كان من هديه عليه الصلاة والسلام بل كان من هدي السلف الذين فهموا وتخرجوا من هذه المدرسة ما رواه أو ذكره الإمام ابن الجوزي في صِفة الصفوة عن قراءة الفضيل بن عياض -والله عجيبة يا جماعة- كان يقول "كانت قراءة الفضيل شهية بطيئة مترسلة حزينة" انظر الأربع أوصاف حزينة .. شهية .. بطيئة .. مترسلة كأنما يخاطب إنساناً { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } مترسلة بطيئة شهية ، كيف يعني شهية؟ تشتهي أن تستمع إلى أكثر من ذلك كأنما يخاطب إنساناً، وأنت تستمع إلى قراءة الفضيل -مثلاً- تجد كأنما يُخاطِبك أنت ، كأنما هذه الآية نزلت من أجلك وهذا معنى من معاني إذا سمعت { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرِّع لها سمعك فإنها أمر تؤمر به أو نهي تُنهى عنه، لماذا أنا أصلي مثلاً أو أستمع للشيخ المنشاوي فيقع مني موقعاً غريباً مع أن صوته ليس - يعني في مقومات أصحاب علم الأداة- ليس بذاك الصوت الجميل جداً ويأتي بعضه أجمل منه صوتاً وقد لا يوصل الرسالة لك مثل فلان أو فلان ، العبرة دائماً بآلية خروج هذه الآية خروج هذه القراءة ، الآن في علم الأداء دائماً ما يتحدثون يعني إذا أردت هذا يتحدث في علم الإنشاد أو حتى في علم اليوم -الموسيقى- يتحدثون عن جانب مهم أكبر من جانب الأداء أو جانب التعلم يعني ممكن إنسان يأتيك ويتعلم الموسيقى -مثلاً- على أصولها باحترافية لكنه لا ينجح تسألهم لماذا ؟ قالوا : ليس لديه إحساس ، إحساس وهو يغني أو يؤدي هذا، نحن اليوم بالمصطلح الشرعي نُعبِّر عنه بالخشوع بخضوع القلب، حينما يخرج القرآن من قلب خاشع لا تسأل بعد ذلك عن جمال صوت أو حسن ترتيل أو فن في الأداء أو علم بمقامات كلا والله ستجد أن الآية تقع منك موقعاً وتؤثر في قلبك ربما دمعت عينك وأعقب ذلك عملاً بعد ذلك ، ولذا دائماً لا تربط حسن الترتيل بجمال الصوت ولكن أربطه بفقه وجمال المعاني وتجد كثير من الناس .. دائماً أشبه بالشيخ الخليفي -رحمه الله- لم يكن ذا صوت جميل جداً لكن لماذا كانت القلوب تبكي؟ والعيون تدمع؟ نحسبه أنه كان يقرأ بقلب خاشع ، ولذا تأمل وتأسى في هدي نبيك عليه الصلاة والسلام حتى في قراءتك مع نفسك ، تعبّد الله بحسن صوتك ( ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن ) ( زينوا القرآن بأصواتكم ) (حسنوا القرآن بأصواتكم ) ( أحسن الناس صوتاً من إذا سمعته يقرأ حسبته يخشى الله ) استحضر هذه المعاني وأنت تقرأ، نحن اليوم حتى في خلواتنا لا نُحسِّن قراءتنا هل غاب عن أذهاننا أن الله جل وعلا يستمع إلينا حال قراءتنا، حتى خلواتنا بل يفرح جل في علاه. إذاً هذه معاني يجب أن تكون ظاهرة.
 إذاً المعنى الأول أو المفتاح الأول في علاقة القرآن بالتدبر هو التأسي.
 المفتاح الثاني : في الترديد وهذا معنى ظاهر جداً حينما تردد آية تكررها تتأمل في معانيها العجيب أنه يظهر لك معنى لم يظهر لك المرة الأولى وفي الثالثة يظهر لك معنى لم يظهر في الثانية وهكذا دواليك، لكن إن أعقب أو سبق ذلك تطهير للقلب، اتباع لسنة النبي عليه الصلاة والسلام، إخلاص في عمل الإنسان -يعني إخلاص في قراءته في تدبره- ستجد أن الله عز وجل يفتح عليك من هذه المعاني ما لا يفتحه على عالم أحياناً -وهذا ظاهر- نجالس أحياناً بعض طلبة العلم الصغار فيثير الله عز وجل على لسانه بمعاني جليلة عظيمة القدر رفيعة المنزلة يستغرب منها حتى أحياناً كبار طلبة العلم أو حتى أحياناً بعض المفسرين فلذا لا تستهن بإصلاح قلبك وتطهير فؤادك واتباع سنة نبيك عليه الصلاة والسلام في هذه العبادة العظيمة.
 المفتاح الثالث : ألا وهو التفاعل ، ما المقصود بالتفاعل؟ أن تجعل هذه الآية التي تقرأها كأنما نزلت من أجلك ، أن تستشعر أن هذه الآية أو أن تُخاطب بها نفسك ، دائماً ما أُسأل أحياناً كيف أُجمِّل صوتي بالقراءة أو كيف أجعل تلاوتي خاشعة؟ ويعقبها دائما سؤال كيف أُأثر في الناس؟ أنا حقيقة أتضايق من هذا السؤال، بمجرد أن تقول كيف أُأثر بالناس أعرف أن عندك مشكلة لأن مفتاح التأثير بالناس أن تتأثر أنت أولاً إذاً ، إذا أردت أن يخشع من خلفك كنت إماماً -مثلاً- أو قارئ لكتاب الله فاستشعر أنت هذه المعاني اقرأها بقلبك لا تقرأها بلسانك إقرأ لمن أمامك لله الواحد الأحد سبحانه وتعالى لا تسجلب قلوب العباد وعاطفتهم بقراءتك كلا فقلوبهم ليست بأيديهم قلوبهم بيد الله فإذا قرأت قراءة خالصة لوجه الله رضي الله عنك وأرضى عنك الناس وطرح لك القبول في الأرض فلا تُتعِب نفسك تحاول أن تستجلب قلوب الناس ورضاهم وثناءهم ومدحهم كلا ، والله هم لا يملكون قلوبهم لا يملكون القبول أو حبك أو الثناء على قراءتك ربما بألسنتهم ربما ، لكن دائماً توجّه بقلبك إلى الله سبحانه وتعالى واجعل دائماً على لسانك "اللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً" تذكَّر المعاني العظيمة في عِظم شأن قارئ القرآن وأيضاً في خطورة التلاعب بهذه العبادة العظيمة، تذكر أن قارئ القرآن يقال له يوم القيامة إقرأ و ارقَ ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها إذاً هو في أرقى المنازل فلو صار عنده دخن في النية أصبح -والعياذ بالله- في أدنى المراتب (أول من تسعر بهم النار ثلاثة) وذكر منهم ورجل تعلّم العلم وقرأ القرآن إلخ الحديث.
 إذاً القرآن -كما سمعتُ من أحد مشايخي مرة- قال : "القرآن يا بني ما فيش لعب إما يوديك فوق أو ينزلك تحت فأنت خليك ماخذ بالك" كما يقولون وليس هناك مجال -والعياذ بالله- لوجود دَخَن في النية أو حتى أحياناً في طلب الدنيا بقراءة القرآن أو التلاعب أو طلب الجاه أو المنصب أو ثناء الناس كلا ، فكلام الله أجلّ من ذلك ، استشعر هذه المعاني وهذا من معاني التطهير أن الله عز وجل لم يجعل القرآن في صدرك إلا اصطفاء لك واختيارا لك {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } تذكّر إن هذه نعمة ، هذا فضل ، هذه رحمة { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } تذكّر هذه المعاني استشعرها دائماً في قلبك صدقني ستجد أن كثيراً من المعاني التي ربما أصبحَت عادات لديك ستنقلب إلى عبادات ، ستنقلب إلى تعبّد وأنت تستشعرها ، حتى في ذهابك أنت اليوم أيها الإمام صليت بالناس يعني تقرأ من أطرف المقاطع التي أنت تحفظها كلا، استشعر أن هؤلاء المصلون ما جاءوا إلا لسماع موعظة - موعظة القرآن- أنت الآن تُحيي قلوبهم لا تقل آمين ثم تبدأ تفكر ماذا اقرأ .. ماذا اقرأ ؟ أنت - سامحني - لم تستعد لهذه المرحلة ، أنت لست مهيأً لأن تكون في أعلى درجات صاحب هذه الرسالة لأن الله قادر أن يسلب منك الصوت ويعطيه غيرك،
 لم أعطاني الله الصوت الحسن؟ لم أعطاني الله حسن القراءة؟ لم أعطاني الله حفظ القرآن؟ فقط حتى أكون إماماً عادياً ، فقط حتى أحفظ القرآن في سنوات ثم أبقى لا أُعلِّمه .. لا أُرتله .. لا أُسجِّله بصوتي { فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }.
   أختم بفائدة : قد لا يكون المتدبر صاحب علم أو صاحب تجربة ولكنك أنت يا صاحب الصوت يا من أنعم الله عليك بجمال الترتيل حتى ولو قلّ ذلك في عينك ربما أوصلت معانٍ بصوتك وبخشوع قلبك لا يستطيع الإنسان مهما قرأ عددا من التفاسير أو لو هو نفسه قرأ القرآن مثلاً مرة أو مرتين قد لا يجد هذا المعنى فأنت قد تُوصلها بصوتك ، بحُسن أدائك ، وخشوع ترتيلك ، ولذا هنا يأتي سؤال ما هي المفاتيح لتحسين الصوت ؟ يعني كيف أكون صاحب صوت جميل ؟
 أولاً : كل إناء بما فيه ينضح يعني صعب أحياناً يأتي واحد تسمع صوته فيخرج الجن مثلاً من أنحاء القاعة ويقول أريد أن يكون صوتي جميلا ، هذا مستحيل، لكن نحن نتحدث عن إنسان عنده خامة عنده قاعدة يحتاج إلى تطوير.
 المفتاح الأول : كثرة السماع ، دائماً استمع إلى كبار القُراء وحاكِهم في قراءتهم لا تحاول دائماً أن يشغلك أمر واحد - وهو كثيرا ما يشغل كثير من المبتدئين - وهو كيف أكوِّن صوتاً مُستقلاً؟ الصوت ياجماعة لا يأتِ ابتداءً ، ليس هناك قارئ أصلاً ابتدأ في قراءته وهكذا صار له صوت مستقل فالغالب أنه غالباً يحاكي، يحاكي القارئ الفلاني يحاكي الشيخ الفلاني حتى شيئاً فشيئاً يستقل بصوت مستقل.
 طيب من أُقلِّد؟ دائماً قلِد أقرب الناس إلى صوتك ، إلى طبقة صوتك ليس بالضرورة أن تُقلد من تُعجب بصوته ، فقد تُعجب -مثلاً- بقراءة الشيخ السديس وأنت طبقة صوتك طبقة متدنية طبقة هادئة ، لا يُناسب.
 طيب كيف أعرف طبقة صوتي أنها تناسب كذا أو ماهي الطبقة المناسبة؟ دائماً الطبقة المناسبة التي تتحدث بها، أنا الآن لو أتكلم بصوت عالي وأقول "أنتم يا من في القاعة" تشعر أن صوتي هذا غير مناسب لأنه ليس صوتي الحقيقي، فلذا يجب علي أن أقرأ ، أن أرتل القرآن بطبقة صوتي التي أتحدث بها ، أنت صوتك عالي ما ينفع أن تقرأ بطبقة متدنية .. واضح.
 المفتاح الثاني : لأن يكون لك صوت مستقل أو أن يكون لك حُسن ترتيل المحاكاة والدُربة ، وأفضل ما يُعينك على هذا الإمامة، وجدت أن الإمامة هي المصنع الحقيقي لحُسن الترتيل قد تكون صاحب صوت جميل لكن أحياناً ليس هناك دُربة، تقرأ من رمضان إلى رمضان، يقرأ أحياناً في المدرسة، يقرأ في كذا ، غالباً لا يتطور هذا الصوت وهذا طبعاً في أنحاء شتى من جوانب الحياة في الرياضة، في العلم، في الخَطَابة، في -أحياناً- حتى في حُسن الإلقاء إلى غير ذلك.
 أسأل الله عز وجل أن يجعل فيما قلناه بركة لنا فيما سمعناه وقلناه اعتذر عن التقصير للتو الحقيقة وصلت من سفر أسأل الله لي ولكم مزيد من عونه وتوفيقه وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق