الاثنين، 25 أبريل 2016

فضل المسارعة في الأعمال الصالحة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه .
وصلنا نحن وإياكم مشاهدي الكرام الى قول الله عز وجل :
{ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
 وهذه الآيات كانت استطراداً في ثنايا الحديث عن غزوة أُحد وفي مقدمة الحديث عنها ، قد بيّنا في حلقات ماضية أن الحديث عن غزوة أحد استغرق قرابة ستين آية من سورة آل عمران بدأ من قول الله عز وجل : { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ثم جاءت الآيات بعد ذلك بقول الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً } إلى أن قال : { وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ } 
وقد لفت انتباهنا الدكتور مساعد في الحلقة الماضية أو في ختامها إلى أنه بعد أن جاء التخويف بعد آيات الربا { وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } جاء الإطماع وفي هذه الآية بشكل واضح وظاهر في قول الله عز وجل : { وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }.
لعلنا نبدأ بكم الدكتور مساعد في الحديث عن قوله : { وَسَارِعُوا } .
بسم الله الرحمن الرحيم
نلاحظ في القرآن لفظ المسارعة جاء في المسارعة بالخيرات { وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ } وكذلك المسابقة { سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } المسارعة هنا في قوله { وَسَارِعُوا } جاء على المُفاعلة للدلالة على التتابع في المسارعة لأن مادة فاعَل أحياناً تدل على التتابع وأحيانًا تدل على التقابل، تقول : سافر الرجل لا يلزم منه المقابلة وإنما التتابع في العمل نفسه. فقوله :{ وَسَارِعُوا } كأنها إشارة على التتابع في المسارعة في الأعمال التي تُوصل إلى مغفرة الله سبحان وتعالى ولذلك قال : { وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} وأيضاً سارعوا إلى { َجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضِ } هذه الجنة لما تكلّم عن النار التي أُعدت للكافرين جاء بالمقابل إلى الجنة التي أُعدّت للمتقين ولذلك قال هناك : { أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } وقال : { أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } وكُرر -كما ذكرتم في اللقاء السابق- لفظ التقوى وجعلنا هنا الآن لأهل التقوى الذين من صفاتهم أنهم يتقون الله سبحانه وتعالى ويتقون النار أيضاً .
قال : { جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضِ } هذه تكلم عنها المفسرون واطنبوا الحديث عنها:
/ بعضهم يقول : إذا كان هذا عرضها فما هو طولها لأن المعروف عادة أن الطول أكبر من العرض وأطول من العرض فقالوا بمثل هذا .
/ وبعضهم يقول : إذا كانت هذه الجنة عرضها السماوات والأرض فأين هي أولاً ثم أين النار مع أن عندنا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهَا أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ يُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ ) يدل على أنه إذا كان عرش الرحمن وهو أوسع المخلوقات دونه الجنة فهي أوسع من السماوات ومن الأرض قطعاً.

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري:
 ولذلك الجواب على من قال إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض فأين النار ؟
 نقول : وهل ليس لله عز وجل إلا السماوات والأرض!! الله عز وجل ملكوته عظيم جدا وإنما أراد الله عز وجل أن يبين لنا أو يُقرِّب لنا هذه الحقيقة وهي اتساع الجنة ولكن لا يعني ذلك أنه ليس لله إلا السماوات والأرض كما يتوهم البعض.

د. مساعد الطيار:
بعض المفسرين أشار إلى أن العرب عادة تضرب بالسماوات والأرض على الكيان الأكبر والأعظم والسعة فإذا كان هذا موجود فإنه يمكن أن نقول في هذا الجانب .

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري:
في قولكم د. مساعد : { وَسَارِعُوا } كأنك قلت إلى المتابعة ألا ترى أيضاً إلى المُفاعلة المُنافسة؟ المفاعلة قال : { وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } وأن المسارع هو الذي كل ما رأى أحداً قد سلك هذا الطريق يبذل جهده حتى يسبقه فهي تتضمن هذا المعنى الذي هو المتابعة وتتضمن أيضاً معنى أن لا يسبقك أحد إلى الله سبحانه وتعالى.
 وهذا المعنى أيضاً رائع جداً وهو وارد وهو المعنى الغالب أو الظاهر.

د. عبدالرحمن معاضة الشهري:
 { وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } كأن الناس كلهم يتسابقون إليها ويتنافسون عليها فينبغي عليك إن كنت حريصاً أن تُسارع وتُبادر والنبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة يقول [بادروا .. بادروا] (بادروا بالأعمال) كأنك يعني انتهز الفرصة .

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري:
هذه الحقيقة أنا عندي فيها وقفة بما أنه الدكتور قال انتهز الفرصة أقول : كثيراً ما تفتح أبواب الخير للإنسان فيتباطأ الإنسان أول الأمر ثم يندم، وأيضا تفوته الفرصة ولذلك حين يفتح لك باب للخير اغتنم الفرصة وابدأ، يأتيك العون من الله سبحانه وتعالى أحياناً -مثلاً- يُقال : يا أخوان -مثلاً- مشروع خيري من أراد أن يساهم فيه فيقول واحد : أفكر فيه ، هو قال أفكر فيه خلاص انتهى الموضوع سبحان الله ما يدري إلا وقد نُسي وقد ذهب هذا الأمر عليه لكن لو قال في تلك اللحظة : هذه خمسة ريال ..هذه عشرة ريالات ما يدري إلا ويُفتح له باب آخر من الخير وتكون هذه -سبحان الله- بوابة الخير له، وهذا هو التمثيل الحقيقي والتطبيقي الواقعي لقوله : { وَسَارِعُوا } كلما فُتح باب من الخير ضع شيء فيه ولو قليل، قيل : يا أخي استغفر الله -استعفر الله- ، اذكر الله -قل لا إله إلا الله-، صلِ على النبي -اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد- هذه مسارعة، يا أخواني قرِّبوا .. قدِموا .. افعلوا كذا ..، ابدأ ولا تتوانا إلا إذا كان الأمر يحتاج إلى خِيرة ولا تدري عنه هل هو من الخير أو ليس من الخير فهنا التريث يكون محموداً، أما إذا ثبت لديك أنه شيء من الخير وأنه مقطوع به فلا تتردد في عمله .

د. مساعد الطيار:
 ولهذا يخاف العبد المؤمن من عدم مسارعته أن يكون فيه شبَهٌ من المنافقين لما قال الله سبحانه وتعالى عنهم : { فَثَبَّطَهُمْ } فالتثبيط عن الخيرات -نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يجعلنا من أهل هذه الصفة- التثبيط عن الخيرات
[قال:{ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ }فنحن نخشى من هذا.]
والعبد يجب أن يخشى من هذه لو فتح باب وخير وسُدَّ عنك اعرف أن عندك خللا .. معصية .. خبيئة.

د. عبدالرحمن معاضة الشهري:
 لكن لاحظوا في الآية أنه قال : { وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } ولم يقل وسارعوا إلى الأعمال الصالحة وإنما قال : سارعوا إلى ما أنتم متحققون من أن ثمرته هي المغفرة ومن أن ثمرته هي الجنة ، وأنت في الإسلام عندك وضوح تام بما هي الأعمال الصالحة التي ينبغي عليك أن تسارع إليها يعني مثلاً : 
/ المسارعة إلى الصلاة عند النداء أو قبل النداء هذه من المسارعة إلى مغفرة فهذه لا تحتاج أنك تستخير ولا تحتاج أنك تشاور نفسك. / الله سبحانه وتعالى قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ } هذا ما سارع  لأن القتال والجهاد في سبيل الله هذا ما يحتاج إلى خيرة ،هذا من الأمور التي كان يتسابق فيها الصحابة بل بعض الصحابة كان يقترِع هو وابنه لازم واحد يجلس فالأب يريد أن يخرج فأصرّ الابن قال : لا أنا أريد أن أخرج وأنت تبقى مع أهلك فأقرع بينهما، مما يدل على أنهم يعرفون معنى المسارعة أنك بادر أنت في الفرصة هذه.
 بل بعض الصحابة خرج وهو جنب لما سمع منادي الجهاد خرج في ليلة عرسه.
 هذا من المسارعة، وهذا يظهر أن الصحابة فهموا هذا الأمر فهماً واضحاً في حياتهم ولذلك كانوا يبادرون ، انظر مثلاً ما كان يحصل بين الأنصار وبين قبائل الأنصار الأوس والخزرج من المسابقة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم بحيث إذا فاز هؤلاء بشيء أولئك يقع في نفوسهم يغارون، لا يغارون منهم لأنهم يرون من هؤلاء مثلاً أنهم فازوا بسمعة أو جاه الدنيا أو النبي صلى الله عليه وسلم سيعطيهم معطيات لا، كيف ينالون هذا الخير ونحن قاعدون قصرنا فكانوا يسارعون إلى هذا الأمر .

د. مساعد الطيار:
 إذا تكرمت الدكتور عبد الرحمن أشار لمسألة أرى أنها مهمة نقع بها كثيراً في قضية المسارعة، أحياناً يكون عندنا اجتماعات، أحياناً حتى يكون عندنا درس علمي فيؤذِّن لصلاة -مثلاً- الظهر فسبحان الله لا أدري ما الذي أصابنا إلا أننا نكمل الصلاة ندخل أحيانا وقد فاتنا ركعة، أو أحياناً قد يفوتك بسبب أنك تحتاج إلى وضوء فأنا أقول المفترض فينا نحن أنه يكون عندنا شيء من الجد أنه -مثلا- قبل عشر دقائق من الصلاة ننتهي ويستعد الناس للصلاة يكون هذا ديدن، أما إذا استمرينا على هذا الأسلوب هذا أنا والله أعتبره نوع من 
-الحقيقة- التثبيط وأنه عدم معرفة الأولويات، نتكلم على الأولويات والأولويات .

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري:
( لو يعلم الناس مافي النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ) انظر فضل المسارعة.

د. عبدالرحمن معاضة الشهري:
ولكن الواقع الآن خلاف ذلك الواقع الآن نؤذن -أنا مجرب هذا- نؤذن ونُقيم الصلاة وليس وراء الإمام إلا اثنين .. ثلاثة ثم يأتي الناس..
------------------------------------------------------
بينات 1430 / تدبر سورة آل عمران بداية من الآية 133

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق