الأربعاء، 13 يناير 2016

الحلقــ الثالثة والعشرون ـــة/ حبل الوريد


 .... وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شعار ودثار أهل التقوى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين..
فهذا لقاء مبارك متجدد إن شاء الله مع برنامجنا مع القرآن في عامه الخامس نسأل الله عز وجل أن يزيدنا وإياكم هدى وسداد وتوفيقاً . عنوان لقاء اليوم (حبل الوريد) مضاف ومضاف إليه وهذه إضافة بيانية لأنها من إضافة الأعم إلى الأخص ونظيرها في لغة العرب

شجر الأراك فالشجر عام والأراك خاص، وكذلك حبل الوريد الحبل عام والوريد خاص وقد ورد هذا في سورة (ق) قال رب العزة : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } إلخ الآيات لكن بعض هذه الآيات تعرضنا لها العام الماضي لكن أنا أقول إذا تعرضت للآية في العام الماضي أتعرض لها من وجه ونتعرض لها هذا العام من وجه آخر ويبقى القرآن غنيا ً مليئاً يمكن أن تفسر الآية بطرائق مختلفة هذا كلام رب العزة ليس ككلام آحاد الناس تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً .
 ربنا يقول : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ } جمهور أهل العلم على أن المراد بالإنسان : جنس الإنسان وذهب بعض أهل العلم - وهذا رأي مرجوح جداً ضعيف - على أن المراد بالإنسان آدم فعندهم قول الله جل وعلا : { وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } قالوا : ما كان في وسوسة آدم لما وسوس إليه الشيطان أن يأكل من الشجرة أين في الجنة ، لكن هذا بعيد والأصل إبقاء الآية على ظاهرها في بيان عظيم علم ربنا تبارك اسمه وجل ثناؤه، فخلق الإنسان إنما الخالق هو الله ولا خالق غيره { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } النفوس فيها خطرات لها حاجات عندها رغبات ثمة أشياء تخاف منها ثمة أشياء تأمل فيها فلا يعلم الخطرات ولا يقضي الحاجات ولا يمحو السيئات إلا الله لأنه خالق ذلك كله.
/ قال ربنا : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد } هذه أيها المبارك { أَقْرَبُ } اسم ماذا؟ اسم تفضيل يعني ليس القُرب هنا مثل قُرب حبل الوريد بل أقرب قال ربنا : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد } لكن هذا القُرب قُرب بماذا ؟ 
/ ذهب الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره إلى أن المراد هنا قرب الله بملائكتة فهو يقول معنى قول الله عز وجل { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد} أي إن الملائكة أقرب إلى هذا العبد، إلى هذا الإنسان من حبل الوريد واحتجّ على صحة قوله بقول الله عز وجل بعد { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } مع الاتفاق على أن المراد بالمُتلقيان هم الملائكة  - طبعاً أنا رفعتها لأنها حكاية عن الآية - واضح.
/ وذهب بعض أهل العلم - وهذا أميل إليه - قاله البغوي في معالم التنزيل والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وغيرهما ومن أهل العلم والبقاعي في نظم الدرر كلهم قالوا : "أن القرب هنا قُرب عِلم وشُهود" قرب علم ماذا ؟ قرب علم وشهود ، قالوا - وهذا من أبلغ الإجابات - قالوا : إن الله قال : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد } لأن حبل الوريد أجزاؤه..أبعاضه يحجِب بعضها بعضاً وعِلم الله لا يحجِبه شيء لهذا قال الله : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد } ثم قال : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَان } الملكان { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ }.
{ قَعِيدٌ } هذه على وزن فعيل ، وزن فعيل يأتي بمعنى فاعل ويأتي في بعض أحواله بمعنى مُفاعِل والأولى هنا حمله على الأقل لماذا؟ لأنه لو قلنا إن (قعيد) على فعيل مُراد بها فاعل يصبح ما معنى قعيد؟ قاعد والقاعد ضد القائم وليس المقصود الإخبار عن الملكين أنه قاعد أو قائم هذا ليس مقصود، ما المقصود ؟ المقصود: الإخبار عن مُلازمة المَلَك لبني آدم، فهنا قعيد على وزن مُفِاعل بمعنى مُقاعِد بمعنى مُلازم لبني آدم .. واضح ؟ مُلازم لبني آدم. وهذا حتى أنت تقوله ويقوله أي أحد في حياتكم العامية يعني ماذا أريد كيف أضرب لكم مثلاً بسيطاً دون أن أخرج عن الفصحى .
 لو فرضنا أن أباك مثلاً خاف من أحد ممن يعمل أن يفِر فقال لك : أقعد عند هذا أحرسه ، أبوك لا يريد أن تجلس جالس ولا يريد منك أن تكون قائماً لا يهم تكون جالساً تكون قائماً المهم تكون ماذا ؟ ملازماً ، فكلمة أقعد هنا ليس معناها الجلوس وليست المقصود أن تقوم أو تجلس إنما المقصود الملازمة .. واضح ؟ حتى أنت عندما يريد إنسان منك أن تخرج وتريد أن تخبره بثقلك عليه تقول : أنا لست ذاهباً أنا قاعد هنا، قاعد هنا ربما تكون واقفاً إنما تريد أن تُخبِر عن ملازمتك واضح. أنا قربتها مع أنني والله أفر من العامية ولا أحبها لكن جبراْ حتى يصل المعنى للمتلقي .
 قال هنا جل وعلا : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ } أي مُلازم كل أحد منهما من الملكين لهذا العبد مُلازمة تكتب مع اختلاف بين العلماء حُرر في دروس سبقت هل يكتبون كل شيء أم يكتبون مافيه ثواب وعقاب ؟ بكلٍ قال العلماء وليس المقام مقام ترجيح .
 / ثم قال جل وعلا : { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } المراد بالسكرة: ما يحول بين الرجل وبين عقله. ولها ثلاثة أسباب : أشهرها وأظهرها وأبينها -عافانا الله وإياكم- الشراب فإن الشراب يجعل الإنسان يسكر فيحول بينه وبين كمال عقله .. واضح ؟ وهذا معروف .
والأمر الآخر : الغضب فإن الرجل يبلغ به حدة الغضب حتى لا يدري ماذا يفعل لا يعقل ماذا يفعل وهذا مشاهد.
والحالة الثالثة : -أعاذنا الله وإياكم- العشق ولهذا قال الدمشقي الخليع قال :
 أنّا يفيق من به سُكر هوى وسُكر مُدامَة ** أنا يفيق من به سكران
 يتكلم عن أحد الناس يقول هو أصلاً يعشق ويشرب خمراً فاجتمع فيه سكران سكر الهوى وسكر الشراب فقال : أنّا يفيق، وهذا البيت لو قرأت لابن القيم يستشهد به كثيراً، المقصود: أن هذه الثلاثة تأتي بالسُكر الذي معناه الإقفال { إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا } قُفِّلت عميت سُدت .. واضح ؟ فالإنسان عند مرض الموت يكاد يذهل لأن الله سمّى الموت في القرآن مصيبة { فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ } ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( اللهم إن للموت سكرات فاعني على سكرات الموت ) هذا تفسير إيماني.
/ نأتي للغة قلنا إن الله يقول وعنوان الحلقة { حَبْلِ الْوَرِيدِ } هو أصلا يوجد قلب - سلّم الله قلوبنا وقلوبكم - هذا القلب ينطلق منه عرق في الجسم كله لكن هذا العرق كلما يمُر على مكان له اسم لكن حياة الناس قدرياً خلقياً مرتبطة بهذا العرق فهو في القلب يسمى الوتين ربنا يقول : { لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ }فهو في القلب يسمى الوتين، إذا وصل إلى العُنق يُسمّى الوريد، إذا جاء على الظهر يسمى الأبهر، إذا جاء في الذراع يسمى الأكحل، إذا جاء في الفخذ يسمى النّسَا، وإذا جاء في البطن يسمى الحالب، وإذا جاء في اليد هنا جهة الخنصر يسمى الأسيلم .. واضح ؟ أعيد بالمقلوب إذا جاء في اليد في الأصبع يسمى أسيلِم إذا جاء في الفخذ النسا لذلك يقول لا تحط همزة يقول الناس عرق النساء قلها هكذا (عرق النسا) بدون همز، إذا جاء في اليد - عافانا الله وإياكم - يسمى أكحل، هو نفسه العرق إذا مرّ على الظهر يُسمى أبهر إن مر على الرقبة يُسمى وريد وإن كان في تجويف القلب يسمى وتيد ، وجعل الله جل وعلا الدماء تمر بهم هذا الدم إذا خرج والعرب - في سعة لغتهم - حتى الدم نفسه تُفرِّق في تسميته فإذا الدم -عافانا الله وإياكم- خرج من القلب رجل طعن في قلبه وخرج الدم يُسمون هذا الدم مُهجة ما دام خارج من القلب، لكن لو قُدر أن الدم - هذه قطعاً تعرفونها - لو قُدّر أن الدم خرج من الأنف يُسمى رُعاف، لكن لو أتينا لأحد وحجمناه فهذا الدم الذي يخرج مع الحجامة يسمى صفيد يسمى صفيد.
 الآن أُعيد: إذا كان الدم خرج من الحجامة يسمى صفِيد، إن خرج من الأنف فهو رُعاف، فإن خرج من القلب نفسه فهو مُهجة .. واضح ؟ طبعاً يوجد أشياء عديدة لكن المقام مسجد لا تستطيع أن تزيد على هذا الحد وتُفصِّل أكثر أدباً مع الناس أدباً مع المتلقي حرمة لبيوت الله ثمة أشياء ولو كنت تعلمُها ليس كل ما يُعلم يقال وأهم ما ينبغي لمن يتصدر منكم للعلم أن يحفظ بيوت الله عن الهزل فليست بيوت الله ولا كراسي العلم مجال للنكات ولا مجال لأي أمر آخر ، من كَتَب الله له أن يرقى مِنبراً أو يجلس على كرسي أو يتصدر في محراب لا ينبغي أن يكون همُّه إلا شيء واحد أن يخرج الناس وقد ازداد تعظيمهم لربهم لأن هذا بيته فليس لك حق أن تحدثهم عن غيره إلا أن تحدثهم عن غيره مما يغلب على الظن أنه يُعينهم على أن يعرفوا ربهم، أما أن تكون بيوت الله للحديث عن أشياء لا تدعوا إلى الله البتة فهذا ليس مكانه بيوت الله، قل ما تريد في أي مكان في أي محفل ويأتيك من يرغب قولك لكن هذه قال عنها رب العزة : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ } مع أن البيع والتجارة من أعظم الحلال لكن قال : { رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} .
نعود للآية قلنا والله جل وعلا يقول : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } وحررنا المعاني اللغوية في الباب.
 قلنا إن الإضافة هنا إضافة عام إلى خاص، بعض أهل العلم ينكر هذه الإضافة لكن الصواب إبقاءها وبعض أهل العلم كذلك ويُنقل هذا حتى عن الأئمة يقول : لما تأتي لهذا الأكحل وتأتي للنسا لا تقل عِرق وإنما قل الأكحل مباشرة وقل النَسا مباشرة هذا قاله الأصمعي. لكن بعض أئمة كابن السكيت وغيره من كبار الأئمة المشهود لهم يقولون كلامه غير صحيح وإنما نُقِل عن العرب أنهم يقولون عِرق النسا وقد مرّ معكم ربما في تفسير قول الله عز وجل : { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أن نبي الله يعقوب اشتكى هذا العرق النسا فنذر - على بعض الروايات - إن شفاه الله أن يُحِّرم على نفسه أحب الطعام إليه فحرّم على نفسه ألبان الإبل ولحومها ولذلك اليهود لا تأكل لحوم الأبل تبعاً ليعقوب، المراد أن هذا المرض شائع منذ قديم.
/ نعود للآية في أصلها قال ربنا : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}
النافخ في الصور إسرافيل، وأحياناً الإبهام يزيد الأمر جلالة وقدسية والله لم يذكر إسرافيل أنه ينفخ كلها تأتي بصيغة البناء لِمَا لم يُسمى فاعله { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ } قال ربنا بعد { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } هذه كلها أمور في قضية قيام الساعة بقي أمر أنبه له للأئمة إذا أذنوا لي : سورة (ق) كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأها في المجامع لكن الموت حقيقة لا يُعلم أن أحد جادل فيها يعني لا يوجد أحد كافر أو مؤمن أو مُلحد قال : لا يوجد موت ، مستحيل لا يوجد أحد قال هذا الكلام، فأنت لما تأتي تتكلم في حقيقة كل الناس مُعترفة فيها ما يحتاج تصرخ لأن متى ترفع صوتك ؟ إذا كان الذي أمامك غير مُقتنع فأنت ترفع صوتك تحاول أن تُقنِعه، لكن لما يكون هو مُسلِّم وأنت مُسلِّم لا مجال لرفع الصوت ، القرآن واعظ في نفسه لا يحتاج لمن يقرأ آية { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } أن يصرخ ويُعلي صوته ويكررها مراراً فإن الناس -وإن بعضهم- تجاوب معك إنما يتجاوب للأصوات التي يسمعها لا لأثر القرآن في نفسه وهذه أمثالها - وأخواتنا يرينني ويسمعنني - أحياناً بعض الأئمة وهذا يحصل في الحرمين، تأتي المرأة والمرأة أضعف خلق الله يأتيها خواتها [سحر شعوذة أنت فيكِ جني أنت فيكِ عين] فتذهب إلى الحرم فيأتي مشايخنا الكبار حفظهم الله السديس الشريم ماهر الثبيتي وغيرهم ويقرؤون آيات فيها سحر { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ } { فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } { فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } هذه من الكلمات التي سمعتها تصرخ فيأتي من حولها يقولون ثقي أنكِ فيكِ شيء وهو الأمر لأنه مسبوق بكلِم وأجواء طريقة قراءة الإمام ساعدت على هذا وإلا القرآن الله يقول : { وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا }.
كما أن الإنسان إذا تلا القرآن لابد أن يتخير الآيات التي يقرأها في الموضع المناسب لها، فعندما تقرأه لتريد أن تُكمله اقرأه كله، عندما تريد أن تقوم الليل لك أن تقرأه كله، لكن عندما تقرأ على ناس تتوخى الآيات التي تناسب الحال التي هم فيها حتى يقبل الناس أكثر كلام ربهم . هذا والعلم عند الله وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق