كنتُ أعمل مُعلمة لمرحلة الروضة والتمهيدي، وبدأتُ بعدها بخمسِ
سنواتٍ أعتني بمعاني القرآن الكريم، وأتدبرُ قصار السور، وأربطُ الآياتِ بواقعي
وواقع تلميذاتي، واستعملتُ مفاتيحَ التدبرِ العشرة الواردة في كتاب د.خالد بن عبدالكريم اللاحم؛ فوجدت الفارق كبيرًا في نفسي وصغيراتي…
كنت أقرأ السورة في المنزل لنفسي وبترتيل وتمهل، مع الرجوع إلى ما تيسر من
كتب التفسير؛ فوجدتُ الأثرَ ينعكسُ بلا تكلف عليِّ وعلى صغاري، وها هم قد
تعايشوا مع الآيات وانفعلوا بمدلولاتها، وقد لمستُ التغيير في نفسي وشخصيتي
بهدوء أعصابي وراحة بالي في بيتي ومع أولادي وبناتي داخل الحلقة وخارجها، كما
لمست السكينة والهدوء والصبر على الأطفال، فلم يعد يعتدي بعضهم على بعض
كما كانوا سابقًا.
لقد كانت أعمارُهم ما بين الرابعة والسادسة، وكنت أظن أن إدراكهم لمفهوم
التدبر وتأثُّرهم به أمرٌ صعبٌ وبعيدُ المنال، ولكني فوجئت بأنهم يستوعبون
ويتجاوبون بشكل كبير جدًا، كما تحسن وضع القراءة داخل الحلقة، وتحسن
الانضباط، وزاد ثبات الحفظ، وكنت أظن أن القراءة بصوت عالٍ – كما اعتدنا -
تساعد على الحفظ، فلاحظتُ العكسَ: أن القراءة بترتيل وتَرَسُّلٍ تجعل الطالبات
أكثر تفاعلا مع الحفظ، فأين كنتُ من هذا الخير منذ زمن بعيد!؟.
ولا أنسى أن أوصي أَخَوَاتي المعلمات أولا بالإخلاص لله، وأدعوهن إلى الصبر
والاحتساب في العمل، وأذكِّرهن أنه لابد من بذل الجهد في ربط الآيات بالواقع،
ومراعاة أن الصغار لديهمُ القدرة على استيعاب أشياء لم يكن من الممكن استيعابها
فيما سبق، وكلما صَدَقَ القصدُ وبَذَلَ الإنسانُ كل ما في وسعه جاء الحصادُ وفيرًا بإذن الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق